الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/10/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الولاية الالهية و نظام الملكية

مر بنا ان الولاية لله تعالى او لرسوله و قربى الرسول صلى الله عليه واله الان الكلام ولاية الله وهي تتنزل و تتجلى في ولاية الرسول و ولاية قربى الرسول

الولاية منها ولاية تشريعية وتنفيذية و قضائية و سياسية تنفيذية وولاية في اصعدة كثيرة فهنا مثلا في سورة الانفال او سورة الحشر تبين السورتان ان الفيء و الانفال ليس ملكا للمسلمين في الفيء ﴿فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ﴾[1] يعني ليس ملكا لكم الذي لم يقاتل عليه ﴿فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى‌ مَنْ يَشاءُ﴾ سواء الاراضي او غيرها .

كذالك الانفال في القراءة الصحيحة ﴿يَسْئَلُونَكَ الْأَنْفال﴾[2] اي يطلبونك قل الانفال لله و للرسول فاتقوا .. اي ليست ملكا لكم .

فهنا (اللام) اي ملكية هذه؟ ملك التدبير ملك السياسة ملك التنفيذ الملكية المالية؟ . الان مثلا حتى في ملك الانفال احياء الموات في الثروات الطبيعية او المعادن التي يتملكها الانسان فيجب عله فيها الخمس وهذه الثمرات الطبيعية فولايتها لله وللرسول و لذي القربى من باب الانفال او ..ذكرنا ذلك في باب الخمس . من احيا ارضا فهي له هذا الاحياء الذي هو سبب الملكية او من استخرج معدنا او من سبق الى ما لم يسبق اليه المسلمون فهو احق به هذا التمليك او التخصيص ليس بخارج عن حيطة و ولاية الله و للرسول و لذي القربى وانما هم اذنوا بهذا التملك بالملكية الخاصة بنحو محدود لذلك عندنا الاراضي المحياة ليوطن المؤمن نفسه على انه اذا ظهر الصاحب ربما تؤخذ منه[3] لماذا لانها كها انفال وليست من قبل الاراضي المفتوحة عنوة ملك للمسلمين و هذا الاذن و الرخصة من الله و رسوله و اولي الامر هذاالاذن ليس اذن و تمليك مطلق من ثم حتى المساجد التي اوقفها الملاك بملكية فردية هذه المساجد لا يزيد الفرع عن الاصل الواقف نفسه كم هي ملكيته محدودة فهل يعقل ان يكن وقفه ازيد من ملكيته؟

لا يعقل؛ لان الوقف هو تصدق بما هو ملك اذا كان ملكه محدود فكيف يصير التصدق لا محدود؟ ملكية ازيد من الملكية فلا يصير الفرع ازيد من الاصل . هذا مسجد الى ان يرث الله ومن عليها ليست كل الاوقاف .

هكذا هناك جدل علمي وهو انه اذا كان الانسان يملك ارض خمسين سنة هل يجوز ان يقفها ام لا السيد اليزدي يقول يجوز البقية يقولون لا يجوز لان الوقف انه يطلق رقبة العين ابد الابدين فلماذا يذهب السيد اليزدي الى ذلك ؟ يقول لا تتعجبون فانه اولا حتى الارض المفتوحة عنوة فانه ليست ملكه يملك حق السرقفلية اي حق الانتفاع فلا يعني انه يملك رقبة العين فكيف يقفون المساجد مع ان هناك سيرة جارية في المساجد التي اوقفت مساجد كذلك في احياء الموات بناء على نظرية مدرسة اهل البيت في احياء الموات بالدقة ليست ملكية لرقبة العين بل ملكية حق اختصاص و سبق ان تعرضنا اجمالا في بحث المكاسب المحرمة هذه نفس القاعدة مهمة فقهية قانونية وهي ان الملكية و الحق الماهية الجنسية لهما شيء واحد وهي السلطنة اذا صارت خيوط السلطنة اكثر تكون ملكية وان قلت تكون حقا و بالتالي الملك يشتد و يضعف اذا اشتد يسمى ولاية ﴿وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ عَلى‌ كُلِّ شَيْ‌ءٍ قَدير﴾[4] و هناك ﴿لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْض﴾[5] ‌ ما الفرق بين هذين التعبرين؟ ملك وولاية و ماشابه ذلك. فرق بين لله السموات و الارض و بين ان تقول لله ملك السموات . الملك شيء مخلوق غير السموات و الارض وهذا الملك مملوك .

لله ملك السموات هنا الاضافة للملك و ليست للسموات و الارض الله يملك الملك مالك الملك وهذه طبقات في درجات الاضافة ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى﴾[6] يعني نفس الاسماء المدعوة من قبلكم و المناداة و التي تنادى من قبلكم هي مملوكة لله . بعض الظرائف في التعبير القرآني لا يلتفت اليها الا باللغة العقلية المجهرية . مثلا هناك لغة في القرآن قد تسمى لغة الاشارة الا انها عقلية مثلا يقول ﴿فَسُبْحانَ الَّذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْ‌ءٍ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُون﴾[7] الملكوت بيد الله و نفس يد الله مملوكة لله فان يد الله مسيطر على ملكوت السموات والارض . بيده مضاف الى ضمير هو. ﴿أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُون﴾[8] ‌.. هناك ضرائف دقيقة في القرآن عجيبة غريبة الاضافات لها طبقات و مراتب . ﴿وَ لِلَّهِ ميراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْض﴾[9] . هنا ايضا نفس الكلام الميراث هو مملكوت غير السموات و الارض طبقات. سبح اسم ربك تارة سبح لله هنا ايضا طبقات ودرجات

نرجع الى ان السيد اليزدي –هذه مباحث مشتركة بين الابواب- ان الوقف يجوز فيما اذا استاجر عينا عشرين سنة هل يجوزوقفها السيد اليزدي يقول يجوز في ملحقات العروة الوثقى- غير العروة الوثقى في جزئين -مكتوب عليها الثاني والثالث كانما الاول و الثاني القسم الاول الذي فيه المضاربة و النكاح و الطهارة و التقليد هناك اثنين و ثلاثة في ملحقات العروة فيه قضاء شهادات و اوقاف ووصايا وهو كتاب دسم للسيد اليزدي لم يعلق عليه الاعلام الا القليل اكثرهم علقوا من الاجتهاد و التقليد الى نصفها او كاملها لكن كل الجزؤ الاول و الثاني هو القسم الاول و آخره النكاح و ما وراءه يعبرون عنه ملحقات العروة فيه الوكالة و الوصاية و الاوقاف و بحوث مهمة بل يطعمها بالاستدلال هناك السيد اليزدي يذهب الى ان الوقف اذا استاجر مكان سبعين سنة او تسعين سنة و وقفه مسجدا يقول يجوز ذلك مثلا احد الشواهد التي يقوم بها السيد اليزدي مثلا لو كان هناك عمارة لك منها شقه يقول السيد اليزدي انه يجوز ان تقفها مسجدا حتى لو كانت في الطابق الخامس او السادس فعند السيد اليزدي نوع من مرونة في الوقف في المسجدية فضلا عن باقي انواع الوقف منطلق السيد اليزدي – هنا بحوث حساسة في ابواب الفقه ملكية و ولاية و حتى في العقائد – منطلق السيد اليزدي انه يقول ارني في ابواب الفقه مصادر الملك ارني الملكية المطلقة لا تجد ذلك مع ان السيرة جارية على انه وقف مسجد هذا مؤشر الى ان المسجدية و الوقف هي بمقدار ما للواقف من ملك . عروق البحث واسسه في هذا البحث الملكية و الاجرة على الواجبات الواجب ملك لله ام لا في معنى الملك ما هو معنى الملك فانها مفردة كالدم الشرياني في ابواب المعاملات كلها ما هو معنى الملك؟

سبق ان ذكرنا للاخوان شيخ جعفر كاشف الغطاء رحمة الله عليه يميز بين المشعر الالهي و بين الوقف يقول المشعر الالهي الواقف هو الله وهو لا يتبدل الى ان يرث الله السموات و الارض منى و مزدلفة عرفة و حرم المكي و حرم المدني طبعا حرم المدني شعره النبي اما الحرم المكي شعر ه الله و بمعنى شعره الله ﴿في‌ بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَع﴾[10] و بتعبير كاشف الغطاء تشعير من الله لمراقد النبي و اهل بيته في روايات الفريقين هذه البيوت ليست المساجد بل هي اعظم ولذا ﴿وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهيمَ مُصَلًّى﴾[11] ‌ تطبيق لبيوت اذن الله صغرى و كبرى .

حسب بيان شيخ جعفر كاشف الغطاء لان الله له ملك السموات و الارض عندما يشعر شئا غير ما نحن نوقف فليس لاحد ان يبدله فان مراقد النبي و اهل بيته ليس لاحد ان يبدلها هذا من الدين و ليس من الشريعة حتى تكون قابلة للنسخ انظر الى بحث المشعرية و الوقفية كيف تنبع من بحث الملكية نقطة لطيفة .

و انظر الى هذا البحث كيف هو سيال في الابواب الفقهية وحتى الابواب الكلامية و العقائدية لماذا مدرسة اهل البيت لا تعتبر البيعة او العقد الاجتماعي او انتخاب الصناديق او الانتخابات بعبارة عصرية و لم تعتبره مولد للشرعية و لا يعطي صلاحية الولاية للمبايع او المنتخب نفس النقطة مرت بنا . اذا كانت الافراد هم لا يملكون الشان العام كيف يملكون الشخص الاخر المنتخب ثبت العرش ثم انقش هم الافراد لا يملكون الشان العام فان الشان العام يملكه الله و رسوله و قربى الرسول بنص القرآن فالبيعة للرسول او لله ليست هي التي اوجدت حاكمية الله و لا حاكمية الرسول و لا حاكمية امير المؤمنين و فاطمة او الحسن و الحسن المملك لا يملك فكيف يملّك هل انا املك الشان العام كي املكه الله ؟ او ملكية الله في الشان العام متوقفة على سلطنتي واي سلطنة لي و اي حدودها؟ بل العكس هو ان ما لدي من السلطة مملوكة تكوينا و تشريعا لله لا اني املك السلطنة لله و بشكل محدود واذا كان محدود كيف يطلع اللا محدود من المحدود ؟ الشأن العام كيف يطلع الشأن الخاص؟ فالبيعة او العقد الاجتماعي لا مشرعة و لا موجب للصلاحية بل هي عبارة عن نوع من تغليظ العهد و الوفاء بما هو مشروع في نفسه كالنذر و العهد و اليمين فانها موضوعه الشيء المشروع لا ان النذر او القسم يشرّع انت لاحظ في منطق المدرسة المادية او الالحادية هل الفرد يملك كل شيء فاذا كان يملك كل شيء فلماذا يحدد الفرد في صلاحياته امام الحق العام ؟ فان حريته و ملكيته تحدد . فاذا لم يمكن للمشرع المادي ان يفرض ان الفرد مالك مطلق كيف يكون مالك مطلق ؟ فان الحق العام ملك لكل الافراد ليس له ان يملكه لكل شيء فان هذا لا يمكن فان الحق العام ليس ملك للافراد كيف يملكه الافراد ؟

وهذه نظرية قانونية مهمة هل من اسباب الملك هو العقد؟ السنوري في الكتاب القانون الوضعي ان احد اسباب تولد الملك بحث اساسي في كتب البيع والاجارة و كل ابواب المعاملات ما هي مصادر الملك او مصادر الحق اي المناشئ بحث اكاديمي طويل لا اريد الخوض فيه

نرجع الى اصل المطلب وهو ان في موارد وجود الولاية لله تعالى و للرسول و القربى بالتبع قد يملك الشارع الله و الرسول وذوي القربى اولي الامر قد يملكون الافراد من احيا ارضا فهي له من حاز ملك من سبق الى مالم يسبقه احد فهو اولى به فيجعلون اسباب . وهذا بحث اثاره المحققين و المحشين للمكاسب الميرزا علي الايرواني و الناييني و الكمباني و الاخوند الحيازة ليست في عرض البيع و يسثمروا منه فقهيا و قانونيا في ابواب فقهية كثيرة ان البيع او الارث او الاجارة ليست من اسباب الملك الاولية بل البيع مثل البيعة نفس الكلام فان البيع و البيعان لابد في رتبة سابقة لديك ملك محدود او غير محدود بعد ذلك تقدم على البيع لا ان البيع بنفسه في العوضين و طرفي العوض لهم ملكية للعوضين مبيع و ثمن بعد ذلك كل ينقله الى الاخر مبادلة مال بمال اذن نفس البيع في نفسه لا يشرع الملك فان البيع و الاجارة و غيرهما هذه المعاملات تجري اطوار على الملك لا انها بالدقة مولدة و وليدة اساسية للملك بخلاف الحيازة و بخلاف السبق و الاحياء للارضين .

اذن هناك اسباب اساسية و هناك اسباب طولية اذا قيل ان البيع من الاسباب بلحاظ الطول لا بلحاظ الاساس من ثم ان البيعة نوع من البيع انت افرض ان الفرد عنده الملك و الحق في الشان العام بعد ذلك تقول هو ينتخب او يبايع او ان الامة تختار . كيف لها ان تختار؟ وهل لها في الرتبة السابقة الشانية العامة؟ اذن الحاكمية في الاصل لله كفلسفة قانونية .

المنظر الغربي جعل البيعة و العقد الاجتماعي هو السبب الاولي وهذا خطا انت ابحث عن السبب الاولي فان الله هو السبب الاولي الخالق و المخلوق العقد سبب طولي متاخر كيف تجعله من الحق او من مصادر الالزام و الالتزام –ان كان بحث الالزام و الالتزام بحث آخر- فمن الاشياء الموجودة في القانون الاكاديمي الوضعي في بحث المعاملات مصادر الالزام و الالتزام و هناك مصادر الحق و الملك .

هنا الفقهاء في باب المكاسب و المعاملات فرقوا بين الاسباب الاولية و الاسباب الثانويةو الطولية اللاحقة وهذا البحث يؤثر في بحث الفقه السياسي و في بحث القضاء مثلا في باب القضاء -حتى ترى كيف مبحث واحد يؤثر في ابواب عديدة- هناك قاضي منصوب من قبل الامام عليه السلام وهناك قاضي للتحكيم -حكّم في دين الله هم حكموا في دين الله ثم يلصقونه بامير المؤمنين فانه دجل ما فوقه دجل- من اين يكتسب القاضي للتحكيم صلاحية القضاء بحث جدلي شديد في باب القضاء .


[1] سورة الحشر، الآية 6.
[2] سورة الانفال، الآية 1.
[3] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج4، ص145.. مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَبَلِ يَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ رَجُلٍ أَخَذَ أَرْضاً مَوَاتاً تَرَكَهَا أَهْلُهَا فَعَمَرَهَا وَ أَكْرَى أَنْهَارَهَا وَ بَنَى فِيهَا بُيُوتاً وَ غَرَسَ فِيهَا نَخْلًا وَ شَجَراً قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ مَنْ أَحْيَا أَرْضاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَهِيَ لَهُ وَ عَلَيْهِ طَسْقُهَا يُؤَدِّيهِ إِلَى الْإِمَامِ فِي حَالِ الْهُدْنَةِ فَإِذَا ظَهَرَ الْقَائِمُ ع فَلْيُوَطِّنْ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ
[4] سورة آل عمران، الآية 189.
[5] سورة البقرة، الآية 284.
[6] سورة الاسراء، الآية 110.
[7] سورة الیس، الآية 83.
[8] سورة الیس، الآية 71.
[9] سورة آل عمران، الآية 180.
[10] سورة النور، الآية 36.
[11] سورة البقرة، الآية 125.