الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/10/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ضرورة ترجمة الفقه للقانون الوضعي

مر بنا ان هذه القاعدة اخذ الاجرة على الواجبات هي عنوان انتزاعي متصيد من قواعد عديدة لجهة اشتراك بينها والا القواعد المذكورة في هذه القاعدة قواعد مستقلة ولكل منها شئون خاصة بها ومرت بنا جملة من القواعد بلغتها العصرية استقلال القوة القضائية و السلطة التشريعة و استقلال انجزته ثورة سيد الشهداء عن السلطة السياسية و مر بنا ان الامام امير المؤمنين عندما ينصب مالك الاشتر واليا لمصر فلو هو بلحاظ مصر لكنه يريد ان يدمج ا السلطات الثلاثة فيه لا لان يكون نظام الحكم في مصر و غيره في تلك البقعة و الخطة ان تكون مدمجة بل بلعكس في عهد الامام لمالك الاشتر يشير الامام لفصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية وشعبها ووزاراتها عن السلطة الفتيا و ما شابه ذلك لكن كرأس الهرم السلطان يكون ملك الاشتر و يكون فوق الدولة المركزية و هذه الهندسة موجودة في زمن امير المؤمنين لمالك الاشتر.

الكلام يقع هنا يعني نوع من باب التشريح استقلال السلطات وما شابه ذلك يقع البحث هناك تنظير عند المذاهب الاخرى الاسلامية ان الفقهاء لهم سلطة تشريعية وهم بمثابة مستشارون مع ولي الامر لانهم عندهم من يتقلد السلطة يعبر عنه ولي الامر ويكون ظل الله في الارض شبيه الشئون التي نحن نضعها للامام المعصوم عليه السلام هم يضعونها للحاكم و لو قد حكم بالقوة والغلبة . هذا هو منهجهم ومن ثم هم اذا ارادوا ان يخرجوا عن طاعة الحاكم وايجاد تغيير حسب بنية مذاهبهم ولو انا لست في صدد بيان الفقه السياسي ولكن لاجل بيان قضية استقلال السلطة كيف يتم تصويرها عندهم او عندنا. فعندهم لو ارادوا ان يخرجوا عن طاعة الحاكم لابد في الرتبة السابقة ان يكفر الحاكم و يخرجه عن الدين كي يتمرد عليه .

كما ان المتصدي للخلافة الاول عندما اراد ان يحار ب المسلمين اولا حكم عليهم بالرد ثم قاتلهم لانه لا يدري ما هو حكم السماء فيهم ولذلك اعترف الشافعي و غيره لولا علي بن ابي طالب عليه السلام لما عرفنا حكم البغاة و حكم البغاة انك لا تحكم عليه بالردة ومع ذلك تقاتله .

فالحقيبة خالية عند الصحابة بخلاف امير المؤمنين عليه السلام فان نظام الدين كله بيده . فما كفر حتى لما الخوارج اعترضوا عليه و تمردوا سياسيا وان لم يتمردوا عسكريا يتمردون في الولاء السياسي لعلي ابن ابي طالب عليه السلام لم يكفرهم ولم يستبح حرمتهم بينما المتصدي الاول للخلافة او الثاني او الثالث عندهم ان من يعترض عليه او يخالفه او ينتقده او يخرج عن الولاء السياسي لابد ان يسحق او .. بينما امير المؤمين عليه السلام وضع حدا فقال مالم يشهروا في وجوهنا السلاح لهم ما لنا و عليهم ما علينا منطق آخر اين نظام التشريع من علي بن ابيطالب عليه السلام من نظام الثلاثة فليس عندهم هندسة تشريع ابدا في كيفية الحكم .

بغض النظر عن هذا فان هناك امور العظيمة تدل على معاجز علمية في الفقه السياسي عند امير المؤمنين علي بن ابي طالب فهم عندهم سواء الناس تجاه الحاكم او الحاكم تجاه الناس احدهما يخرج الاخر من الملة او الدين والى الان هم كذلك سببه ان خارطة الحكم عندهم مشوشة في الامامة و القيادة في الفقه السياسي . ونحن لسنا في صدد هذا البحث ولو هو سياتينا في الباقة الاخير من المكاسب المحرمة فانها ذات اغصان و شعب كلها في الفقه السياسي نحتاجها هناك لكن اجمالا هو هذا. عندنا ان ولي الامر الفقهاء اصابع ايادي طبعا لو كان ولي الامر معصوم فالفقهاء طاقم و سواعد جهاز من اجهزة الامام المعصوم او من اجهة الدولة الالهية. اما اذ ا كان الحاكم ليس بمعصوم ما هو دور بقية الفقهاء؟ هم عندهم ان الفقهاء طاقم مستشارين ليس لهم حقا وانما حقهم ان يفت المفتي في دائرة الفقه الفردي اما في دائرة الفقه السياسي او الاجتماعي او القضائي او في كل شان عام فليس لابن باز حق الفتيا هذا حسب كلامهم و اعترافهم ولا ادري كيف يعبر لجنة الافتاء عنه بالمفتي عام و اللجنة الفتيا عندهم من باب الاقتراح المشوري حسب كلامهم والا الفتيا في الشان العام من حق الحاكم و ليس من حق الفقهاء . اقصد هذا النظام الذي يرسمون و لا اريد ان ادخل في التفاصيل من اين اتى الحاكم بهذه المشروعية؟ يقولون من البيعة اي التعاقد الاجتماعي . نقول الان الدمقراطية ايضا هي كذالك فانها ايضا صندوق انتخابات وبيعة و عقد اجتماعي فان البيعة بآلية العصرية هي صندوق الاقتراح او صندوق الانتخاب وعندنا في مدرسة اهل البيت ان البيعة او الانتخاب ليس مولد للصلاحية ولا مولد للولاية و لا مولد لصلاحية التشريع وانما دور البيعة مجرد توثيق و تغليظ لما هو مقرر تعهد بما هو مقرر . وهذا اختلاف في الفقه السياسي بين مدرسة الامامية و بين مدرسة الاخرين .

وصلنا الى بحث المحمة الدستورية وانها كيف تحفظ استقلالها المحكمة الدستورية شبيه ولي الامر تندمج السلطة التشريع مع سلطة التنفيذ مع سلطة القضاء فاستغلالها اكثر خطورة لان المحكمة الدستورية الان في النظام القانوني الوضعي البشري هي اخطر و اعلى رتبة تشريعية و اعلى رتبة قضائية و اعلى رتبة تنفيذية فمن ثم استغلالها اخطر واخطر فان الدول البشرية الان كلها مثلا رئيس دولة عمة تقود حرب مع جارتها خرطة النظام ماهي؟ هل هي الكل في الكل او السلطة اين ؟ هل هي مجرد شكلية؟ بحث مهم . كيف تستغل السلطات داخل جهاز النظام عن بعضها البعض الى الان هذه الجدلية القانونية لم تحل حتى بالنسبة الى بعض الدول العظمى . بعض الدول الاخرى او اكثر الدول يقولون ان الدول العميقة هي التي تتحكم كالدول الراسمالية او الشركات الاخطبوطية العميقة هي التي تتحكم يعني نرجع الى اخذ الاموال باجرة واخذ الاجرة على الواجبات يعني السلطة المالية هي الدولة العميقة و الا البحث ليس في اخذ الاجرة بل قضية استغلال جملة من مواقع الدينية او السياسية او الاجتماعية او العبادية عن ابتزاز المال اصل البحث هو هذا.

انا ذكرت هذا المطلب اجمالا لكي ابين ان هذه الاقوال من علمائنا الاعلام بلغة عصرية هكذا يمكن ان تترجم ومن الضروري جدا بل من الواجبات العينية العلمية ان في كل بحث سيما البحوث غيرالعبادية بل حتى في العبادية في كل بحث اللازم علينا ان نترجمه بلغة قانون عصري لماذا هو من اللازم العيني؟ اولا لكي نطلع على المقارنة بين القانون العقلائي الوضعي و قانون الشرعي وهذه المقارنة تؤثر بحسب بحوث دور العقلاء وليس كلامنا فيه لانه ذكر في علم الاصول و علم الكلام وعلم الفقه . هذه ضرورة .

الضرورة الثانية لتغطية الشرع لكي تبقى المسائل الشرعية في الخزانة و الذاكرة ولا ياكل عليها الدهر بل لكي يلتزم بها الانسان في سلوكه في البعد الشان العام اذا تعاطى مع موقعية عامة بالتالي لاجل هذا فاذا لم نستطيع ان نترجم الفقه التقليدي او لم نقارنه بالفقه القانون العصري اذن جمدنا الفقه الشرعي عن العمل و عطلناه عن الالتزام و التطبيق و مشيدا لما عطل من احكام [1] . يعني عدم فهم الترجمات باب خطير . فاذن من يوميات الفقهي يجب ان تكون هذه وظيفة من وظائف العلمية الضرورية جدا الترجمة و المقارنة .

فهنا اما من القانون الوضعي نبحث في القانون التقليدي والفقه التقليدي اين هو او العكس ننطلق من الفقه التقليدي نقول مقارنه في القانون الوضعي اين هو؟ فهو ضروري جدا طبعا هذا الكلام ياتي في علم الكلام ايضا لان هذه العقيدة الحقة السماوية اذا اردنا ان ننشرها بين البشر لابد ان نعرف البشر يتكلم باي لغة و ليس المراد من اللغة لغة لسانية بل اي لغة ثقافية يفهما البشر ثقافة اي علم لان العلم لغة فكرية وليس لغة سمعية كما ان الحاسوب يبرمج بلغة او جهاز معين من الاجهزة الذكية الصناعي يتكلم بلغة معينة كذلك العقل و الفكر ايضا يتكلم بثقافة فثقافة البشر يجب ان نعرفها فهذه ويفة واجبة علمية يومية حتى في درس علم الكلام لان المفروض من الحوزات العلمية مدرس علم الكلام اذا لم يكن في المقارنة هذا نقص في تدريسه لانه لا يبصر المعلومة بل يحصرها و يجمدها فانه نوع من التعطيل المعارف عن الايصال الى عموم الفهم بل حتى هذا المنهج اي منهج الترجمان ايضا ياتي في الاخلاق فان علم الاخلاق -بغض النظر عن اراء الشارع له نظرياته و اطروحاته الخاصة في علم الاخلاق وعلم الروح هذا صحيح لكن البشر بالتالي له تجارب روحية و اخلاق الاسرية و الاخلاق النسائية و الاخلاق الاجتماعية و البيئية و قد مدح الوحي ان التجارب عقل مستفاد فيجب الاستفادة منه كذلك مقارنة الاخلاق الوحيانية بلغة تقليدية مع التجارب العلوم الروحية العصرية امر ضروري نوع من التفعيل ايضا الى توصيات وآداب و قيم الدين الحنيف في باب الاداب و القضايا الروحية . وتعرضنا الى كثير من الموارد بعضنها ترجع الى طاقات الروح بعضها تسخير الجن فان الشارع هنا يضع اصبعه في موارد عديدة نشاهد و ان بعض الرياضات مئالها الارتباط بالجن فيجب الانسان ان يلتف اليها فان هذه الاشياء حساسة و خطيرة ومن هذا القبيل وانه كيف يميز الانسان بين الكرامة للمتقي العادي و بين الارتباط بالجن و .. هذا باب واسع . المقصود ان العلوم الدينية عموما يجب ان تقارن بالعلوم البشرية المحاذية لها لا اقول ان نصبغ الدين بنتاج بشري والعياذ بالله و لكن بالتالي علوم البشر لغة تصورية مهمة لفهم و برمجة فهم العلوم الدينية او لايصال المعلومة الدينية الى الذهن البشرية عملية المقارنة والترجمة امر مهم والا والعياذ بالله يكتب الباب الفقهي بشكل باب الفقهي بشكل مختزل و خاوي لانا جمدنا لا لان الدين مجمد لكن لما نقتصر على الامثلة و على التقسيمات القديمة و لا نحاول ان نقارنها بالبيئات المعاصرة و العلوم الموجودة لن تتفتق لنا جواهر القواعد الدينية فهذا الامر ضروري جدا و التقصير فيه تقصير في احياء الدين و مسامهمة في انعطال الدين.

نذهب الى القول الاخر و ترجمته العصرية ما ذكره صاحب الرياض حيث فصل بين الواجبات النظامية و الواجبات غير النظامية و المراد من النظامية يعني ما يعتد عليه النظام الاجتماعي السياسي الخدمي العام و النظام الاقتصادي و ما يرتبط بغير النظام .

في هذا القول هناك اصطلاح ذكره صاحب الرياض وجوب توصلي في مقابل وجوب الذاتي ما المراد من هذا الاصطلاح؟

تفسير هذا الاصطلاح: هنا المراد من التوصلي ليس مقابل العبادي بل التوصلي يقول صاحب الكفاية الواجب النفسي التهيئي يعني ملاكه ليس فيه بل في متعلقه و في فعله ملاكه مقدمة لغيره لكن وجوبه ليس غيريا بل وجوبه نفسي لحكمة الشارع انشا وجوبا نفسيا ملاك هذا الوجوب النفسي التهيئ و التوصل مقدمة لواجب آخر يسمونه الواجب النفسي التهيئ او قل كما يقول صاحب الرياض الواجب التوصلي في قبال الواجب النفسي الذاتي و المراد من الذاتي اي الملاك و المصلحة في ذاته مثل حرمة شرب الخمر او وجوب النفقة على الوالدين او الزوجة فانه وجوب ذاتي بخلاف وجوب التعلم لاحكام الشارع لعموم الناس فضلا عن طلبة الدين او العلماء فاحد قولي المشهور ذهبوا الى ان الوجوب نفسي تهيئي لاجل امتثال الاحكام نفسي يعني يعاقب عليه لانه نفسي لكن ملاكه امتثال الاحكام الاخرى فليس غيريا . هنا صاحب الرياض يعبر عنه وجوب نفسي توصلي في قبال النفسي الذاتي .

لاباس ان اذكر فائدة في تقسيمات الواجب فانه بحث معترض الا انه مفيد في ابحاث الفقه و ابحاث علم الاصول . الفقهاء باعتبار انهم قانونيين كل احكام باب المعاملات الشرعية النفسية الموجودة في المعاملات لكن غايتها العبادات فكأنما فلسفة النظم الاجتماعي التعاملي هذفه ليس هو نفسه بل هدفه وصول البشر الى ازالة المعوقات امام عبادة الله يعني حاجيات اليومية للبشر بالتالي هي عراقيل لكن ليست مطلوبة بنفسها حتى حاجيات البدن وانما لاجل العبادات و الحاجيات الروحية . وهو بحث مهم و يفيد في شبهات الحداثويين . ففلسفة المعاملات هي العبادات الغاية فيها لان الانسان يتفرغ لها فان البيع و الشراء و . كلها للوصول الى الفراغ العبادي كما ان فلسفة النكاح او القضاء فلسفتها هي معاملات فالقضاء الذي يسمونه باب الاحكام فلسفته عدم وجود عراقيل او تصادمات في المرور القانوني في الانسابية و الانسياقية القانوينة في المعاملات لكي لا يكون هناك توتر و تشنج و تصادم و نزاع نصب القضاء . فلسفة الابواب الجنائية العقوبات الحدود الديات ايضا هو كذلك يصب في فصل النزاع فهذه اربعة ابواب في الفقه او اربع تقسيمات باب مقدمة لباب الى ان تصل الى العبادات و فلسفة التشريع وهي مهمة لانها من قبيل الغاية كانها تقنين دستوري فوقي لذي الغاية . كما ان طبقات القانون هكذا تصير فليس من العبط ان المحقق الحلي في الشرايع يبدا بالعبادات ثم المعاملات ثم الاحوال الشخصية –كما يعبر عنها في القانون العصري- ثم القضاء ثم ..بحسب المراتب. العبادات ايضا فلسفتها المعارف و العقائد ائدلوجيا بتعبير عصري و اخلاق ثم العبادات ثم .. قوس نزول و قوس صعود و عروج وهذه حقيقية هكذا طبقات التقنين ف الشريعة .

و بمناسبة الواجب التوصلي و الذاتي تكون الابواب هكذا و بهذا المعنى وهي مهمة جدا في بحوث فلسفة التشريع للخارطة في باب حلحلة الشبهات او التسائلات او .. هي هذه الخارطة مهمة جدا تبتدا من العقيدة و خلق روح ثم الا عمال والعبادات و... خارطة صعود و قوس نزول في قوس الصعود الاعمال تؤثر كما ذكرت العقيلة عليها السلام ﴿ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذينَ أَساؤُا السُّواى‌ أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُن﴾[2] لها تداعيات و امواجترتبط بالعقيدة ان كذبوا بايات الله قوس صعود وقوس نزول اصلا انتخاب العقيلة لهذه الاية دليل على العلم الوحياني الجامع لديها عليها السلام و الا فهذه خارطة اسرار الدين و نظم الدين كله. خصوص هذا العلم تشير الى نظم الدين . هذا جملة من شرح كلام صاحب الرياض وانه كيف يفصل بين الواجبات النظامية و غير النظامية و التقسيم في الوجوب.


[1] المزار الكبير، المشهدي، الشيخ أبو عبد الله، ج1، ص665.. وَ مُجَدِّداً لِمَا عُطِّلَ مِنْ أَحْكَامِ كِتَابِكَ، وَ مُشَيِّداً لِمَا وَرَدَ مِنْ أَعْلَامِ دِينِكَ وَ سُنَنِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ،
[2] الروم/السورة30، الآية10.