الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/08/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الوجوب و مالية الشيء

(وجه آخر للشيخ جعفر كاشف الغطاء ره وصياغاته المختلفة)

احد الوجوه التي ذكرها الشيخ جعفر كاشف الغطاء وربما ذكره آخرون ايضا قبله او بعده ان الالزام الذي في الوجوب و هو القاهرية او التحتم اللزوم الالزامي فبالتالي المكلف بالوجوب هو مقهور واذا كان مقهورا فهذا ينافي مالية العمل او اخذ العوض المالي على العمل مادام هو مقهورا هذا الوجه اذن هنا تنافي بين الوجوب و مالية العمل الوجه الذي سبق التنافي بين الوجوب و ملكية العمل هنا التنافي بين الوجوب و مالية العمل العمل اذا كان واجبا فينافي المالية هذا مبحث قاعدة فقهية مهمة في كل المعاملات هل اللزوم و الالزام و الوجوب ينافي المالية ام لا؟ مبحث مالي معاملي سيال عام مهم في نفسه مثل المبحث الذي مر امس وهو يستحق ان يكون رسالة مستقلة لانه قاعدة فقهية محل ابتلاء مهم جدا لو تقرر سيما شبكة الابواب لو يتوسع فيها مبحث فقهي و عقائدي وهذا المبحث ايضا في نفسه مهم وهو ان الالزام ينافي المالية ام لا لانه قاعدة هل الشارع اذا الزم عملا يعدم ماليته ام لا

طبعا هذا الوجه و هذه القاعدة ان تمت او لم تتم فقد بينت بوجوه عديدة سنتعرض لها يعني الاسدلال الذي يستدل به الاعلام بصياغات و بيناتات مختلفة لكنه يرجع الى هذه النقطة او النقطة التي مرت التنافي بين الوجوب و الملكية فهذا الوجه بين بعدة وجوه

الصياغة الاولى او الوجه الاول

ان المعاملة اجارة او غير اجارة المعاوضية المعاملية على ما هو واجب و دفع العوض و المال بازاءه لغو محض لانه واجب عليه وملزم به فكيف يبذل له عوض مالي لانه اولا و آخرا هو ملزم و مقهور بتعبير كاشف الغطاء فانه لما كان ملزما بالعمل فبغاية ماذا يبذل العوض؟ فانه لغو محض والمراد من اللغوية المحضة اللغوية في الاعواض اي العوضين اي لا مالية لها عند العقلاء لان العقلاء لما يبذلون مالا ازاء شيء بلحاظ ان له منفعة والا لو كان لغوا محضا فلماذا يبذلون له مالا بل لا معنى لبذل المال قباله فهنا نقطة اخرى لمنشا انعدام المالية

الصياغة الثانية او الوجه الثاني

البعض استدل بصياغة اخرى قال بذل العوض امام الشيء الالزامي معاملة سفهية مقصودهم من المعاملة السفهية الان المعاملة السفهية هناك مبحث كلي و لا يختص بالاجارة فقط بل كل العقود و المعاوضات السفهية باطلة او صحيحة هذا مبحث فرق بين المعاوضة السفهية و معاوضة السفيه فان السفيه طرف المتعاقدين او كليهما اما السفهية قد يكون رشيدا لكن نفس المعاملة غير رشيدة كما – اجلكم الله – في المراقص يدفع شدة او شدتين رقص ماجن لراقص ثم ماذا ؟ هذا بذل سفهي فالمعاملة السفهية صحيحة ام لا؟ هذا مبحث معاملي كلي .

هنا لما يقولون المعاوضة السفهية ما هو منشا سفه المعاوضة؟ باعتبار ان هذا الملكف فعله ليس لهوي ماجن بل فعل واجب فلماذا يكون سفهيا؟لانه بالتالي اولا و آخرا ملزم به فانت تبذل مالا لما هو مفروغ في الرتبة السابقة انه ملزم به فلماذا يبذل المال بازائه فيكون بذل سفهي

 

الصياغة الثالثة او الوجه الثالث

-طبعا ذكر في كلمات الاعلام بعنوان وجوه الا انها ليست بوجوه بل هي صياغات مختلفة للمنافات بين الوجوب و المالية –تقريبه ان يقال ان هذا ليس بمال عرفا اي مادام هو واجب على المكلف فلا مالية له عرفا هذه معاوضة غير مالية بل مجاملية تشويقية التشويق شي، مجاملة شيء، محاببة تهادي شيء، و المعاوضة شيء آخر يقولون هذه في الحقيقية ليست بمعاوضة بل انت اردت ان تهدي اليه شيئا سميتها معاوضة تريد تشويقه والا فهي ليست بمعاوضة فهذه هدية ابتدائية و جائزة وليست معاوضة و الجائزة احد اسماء الهدية و هي تشويق على شيء ولكنها ليست معاوضة فالاحرى ان نقول انها هدية وليست معاوضة لانها ليست مالا عرفا و الهدية والجائزة على شيء ليس بالضرورة ان يكون لذالك الشيء عوض و مالية ففرق بين الجائزة و الهدية و بين ان يكون عوض و المعاوضة المالية هذا بالاحرى ليست معاوضة مالية و عوض مالية انما هو اشبه بالجائزة للتحفيز على الواجب فان التحفيز على الواجب و الجائزة شيء آخر

نقطة صناعية هنا لاباس بالالتفات اليها ما الفرق بين الهبة المعاوضية و البيع؟ الشيخ الانصاري ره في اول مبحث البيع في تعريف ماهية اليع قال هناك فرق بين البيع و الاجارة و بين البيع و معاوضات كثيرة منها الفرق بين البيع و الهدية المعاوضية فان في الهدية المعوضية فيها معاوضة احد الفروغ الاساسية بين الهبة المعاوضية و بين البيع ان التقابل في الهبة المعاوضية بين التمليكين و ليس بين المملوكين مثلا الارض مملوكة و عوض واجعل في مقابلها مال فهنا التقابل بين المالين و العوضين و المملوكين و تارة انا اجري التقابل بين التمليكين يعني في مقابل اني املكك شيء انت تملكني شيء ففي الهبة المعاوضية التقابل بين التمليكين بين الفعلين لا بين طرف الفعل هذا فرق جوهري اساسي يجب ان يدقق الانسان في المعاوضا فان الهبة المعاوضية ايضا معاوضة لكن معاوضة بين ماذا وماذا و في البيع ايضا معاوضة لكن معاوضة بين المالين

ولو ما اريد ان اتوسع هذا مبحث جدا مهم يتصل بالشروط لكن لا اريد ان اتوسع فقط هذا الفهرست الذي ذكره الاعلام الفرق بين التقابل بين التمليكين و بين المملوكين فان بينهما بون شاسع احد الامور المعقدة جدا اذكر لكم فهرسيا لا تفصيلا في الشروط هذه العقدة الشرط ضميمة للمالين او يدخل على خط التمليكين فانها عقدة عقداء و نتركها

نرجع اذن في الهبة المعوضية التقابل بين التمليكين و ليس بين المالكين و ربط هذا بالمبحث هنا فان في الهدية قد تهدي شيئا ليس له مالية و مع ذلك تكون هبة معاوضية يعني لانه الزوجة مثلا تنازلت عن حقوقها غير المالية في المقابل ان يهديها الزوج مالا هذا لا مانع منه و ليس اكلا للمال بالباطل لان المفروض ان المال لم يبذل في مقابل العمل بل بذل مقابل تملك ومر بنا الان تارة تقابل بين العملين او بين الشيئين و تارة تقابل بين تمليك الشيئين اذا كان التقابل بين تمليك الشيئين لا يشترط في الشيء ان يكون له مالية وليس اكلا للمال بالباطل اذا كان التقابل بل المال لشئ لا مالية له في العرف يقال اكل للمال بالباطل لان هذا ليس من المالية العرفية اما اذا كان التقابل ليس مع الشيء نفسه كي يقال ان له مالية او ليس له مالية بل التقابل مع التمليك، تمليك مقابل تمليك لا مانع من ذلك او المال مقابل التمليك لا مقابل الشيء نفسه ما المانع من ذلك ؟

هذا المطلب مهم ولابد ان نلتفت الى ان التقابل في المعاوضات الهبة المعاوضية معاوضة و البيع ايضا معاوضة ما الفرق بينهما في البيع التقابل بين الشيئين و في الهبة المعاوضية التقابل بين الفعلين

فحاصل الصياغت هو ان اشكال التنافي بين الوجوب والمالية قائم على تلك النقطة و هي انه اذا كان الشيء واجبا بذل المال في مقابله لغو او سفه اوقل انه لا مالية له عرفا لنفترض انه لا مالية له فاذا كان بذل المال تجاهه فيه اشكال اما اذا كان بذل المال تجاه التمليك لا اشكال له ولذا في بعض الموارد يجدون هذا التخريج كحيلة شرعية وهو ان التعاوض ليس على شيئين بل التعاوض على التمليكين او الفعلين اي فعل التمليك

اجمالا هذه الوجوه التي ذكرت في بيان هذا المطلب التنافي بين الوجوب و المالية

مناقشة الوجوه

هنا الاعلام في نقد هذه الوجوه ذكروا هذا المطلب قالوا نعم اذا كان التنافي بين الحرمة و المالية هذا صحيح اما بين الوجوب و المالية فيه تنافي؟ لماذا فيه تنافي اذا حرم الله شيئا فقد حرم ثمنه هذا موجود في حديث تحف العقول و فعلا قواعد تحف العقول موجودة في ها الحديث فاذا حرم الله شيئا حرم ثمنه لكن من قال اذا اوجب الله شيئا حرم ثمنه؟ لماذا؟ هناك تدافع بين ان الله عزوجل يقرر مالية الشيء و يحرمه اذا حرم الله شيئا حرم ثمنه اما اذا اوجب الله شيئا فلم حرم ثمنه باي وجه؟ و هنا بذل الثمن و المالية و الرغبة فيه عقلائية ولو بدواعي مالية لانه ليس المفروض انه تعبدي بل اعم من التعبدي و توصلي فاذا اوجب الله شيئا لم الترغيب له بالمالية متناقضة ابدا ليس بمتناقضة

هنا نقطة مهمة ذكرها السيد الخويي ره و الاعلام وليست مختصة بالسيد الخويي لكن من الضروري التركيز عليها ايضا صناعية كلها قواعد صناعية هذه النقطة هي اثارها بقوة هنا السيد الخويي ره و آخرين لكن السد الخويي بشكل اكثر قال الاجرة او المعاوضة هنا تقع على الطبيعة الواجبة تارة تقع الاجرة على الطبيعة الفردية شبيه الفتاوى الموجودة اذا كان الغسّال الذي يجهز الميت بالكفن ياخذ الاجرة على اصل الغسل و الكفن قد يكون فيها اشكال اما اذا اخذها على الخصوصيات و العناية الخاص في الكفن اصل الكفن واجب ولكن مراعات المستحبات ليس بواجب يويعبر عنها بالطبيعة الفردية في التكفين او الطبيعة الفردية الكاملة في الغسل او الدفن او اللحد او ... هذه المكملات و المقبلات الاعتناء الكامل بالواجب فانه ليس بواجب هذه كلها طبيعة فردية اذا وقعت الاجارة على ذلك لا مانع منه لان معقد الاجارة يختلف عن ماهو واجب فان ماهو واجب شيء و ماهو محط الاجارة والعقد شيء آخر فاذا قيل ان هذا ليس بواجب هذا ليس بمجاز بل هذا حقيقة

هنا نقطة لطيفة جدا مهمة يذكرها السيد الخويي ره هنا و في استفتاء باللغة الفارسية و مصدرها موجود عندي وهو استفتاء حول الشعائر الحسينية و انه قد تتعرض الشعائر لبعض المنافيات للشرع في بعض الاليات و بعض الاساليب ماذا نصنع؟ هناك السيد الخويي ره بيّن بانّ الشعائر عندما يقال هذا مستحب او ذاك مستحب هل يعني المقصود الطبيعة الفردية الزيار مستحبة الطبيعة الفردية اما الطبيعة النوعية او الطبيعة الماهوية كجنس عالي هذه ليست مستحبة بل هذه من اركان الدين و يستدل السيد الخويي ره في هذا الاستفتاء على ان شعائر الحسينية من اركان الدين باربعة وجوه و يقول لا تغفلون لاجل بعض المنافيات الكذائية هل تريد ان تزلزل اصل الدين؟

المهم يشدد السيد الخويي ره في الاستفتاء على عدم توهين او تضعيف او تقليل او تصغيراو تخفيف الشعائر الحسينية بها حفظ الدين يستدل باربع او خمس وجوه على ان الطبيعة النوعية او الطبيعة الجنسية الموجودة في الشعائر في بعض الاليات تلك الطبيعة ركنية من اركان الدين فتوى الفقهاء بان الزيارة مستحبة مرادهم الطبيعة الفردية الزمانية في هذا الزمن و بهذه الطريقة هذا مستحب لا ان اصل الترويج مرقد سيد الشهداء او اصل الارتباط بسيد الشهداء علیه السلام مستحب بل هذا ركن الدين و هذه النقطة مهمة وان فتاوى عمالقة الفقهاء لابد ان نتريث في تفسيرها و تحليلها مع ان السيد الخويي ره يصرح هنا و كلامه غير مختص به بل المشهور ايضا قالوا ان الدفن اصله واجب لكن كيفية الدفن الكاملة غير واجبة فيوخذ عليها اجرة و عوض باعتبار انها مستحبة فعندما يقال هذا الدفن او الغسل و هذه الطريقة من تجهيز الميت مستحبة المقصود الطبيعة الفردية لا اصل الطبيعة وهذا امر شائع في كلمات الفقهاء هنا يبينه السيد الخويي ره. البعض یقول الزيارة مستحبة و الحجاب واجب لا يا اخي هذا خطا الزيارة اصل الدين و الحجاب فرع الدين فلا قياس بينهما اصل الزيارة ركن الدين لانها ولاية بل هي حتى اعظم من الصلاة لان الصلاة ايضا من ركن الدين الا انه ياتي في المرحلة اللاحقة. اقصد يجب ان لا نخلط سيما اهل الفضيلة لا تفوت عنهم هذه المطالب في بحث الطبيعة الفردية. هنا صرح الاعلام راجعوا هنا كلام السيد الخويي ره في اخذ الاجرة على الواجبات ويقول هذه المقدمة لازم ننبه عليها بحث الطبيعة الفردية شيء و بحث الطبيعة النوعية او الطبيعة الجنسية شيء آخر كون الطبيعة النوعية محكومة بحكم يغاير الطبيعة الفردية لا يعني وحدة الحكمين بل حكمين مختلفين لكن مع ذلك..

هذه نقطة مهمة تفيدنا في بحوث كثيرة ولذالك السيد المحسن الحكيم في المستمسك و يعضده كلام السيد الخويي ره ايضا في الشهادة الثالثة من باب المثال في الاذان نعم في بعد هي مستحبة لكن في طبيعة هي واجبة لانها شعيرة المذهب لاصل المذهب شبيه كلام المشهور في الشهادة لثالثة وانها من احكام الايمان فان احكام الايمان ليس فيها امر مستحب بل احكام الايمان ليست واجبة بوجوب فروع بل واجبة بوجوب اركان الدين واصول الدين بوجوب مشدد ومغلض و ليست بوجوب فروع الدين.

نقاط مهمة لابد من الالتفات اليها كما نبه اليها لسيد الخويي ره و هو الفرق بين الطبيعة الفردية و بين الطبيعة الواجبة على كل هذا البحث لانه حساس التنافي بين الوجوب و المالية نؤجله الى شوال بمشيئة الله بعد التعطيل نكمله .