الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/08/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الوجوب و الملك و الولاية

كان الكلام في الاجرة او الاجارة و اخذ الاجرة على الواجب بغض النظر عن كونه تعبدي او توصلي فقد منع المشهور من اخذ الاجرة على الاجبات على تفاصيل بين الاعلام وكنا قد وصلنا الى ها الموضع وهي دعوى شيخ جعفر كاشف الغطاء ره ان الوجوب التكليفي من قبل الشارع للمكلف يعني فيما يعني مالكية الباري تعالى لهذا الفعل الي اوجبه على المكلف و اذا قبل هذه الدعوى فستكون هناك قاعدة فقهية هي ان الايجاب التكليفي للافعال هو تملك تشريعي اعتباري منه تعالى لتلك الافعال و الا المالكية التكوينية له تعالى مفروغ عنها ﴿وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ﴾[1] فانها تكوينا اما تشريعا ما ﴿أَفاءَ اللَّهُ عَلى‌ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‌ فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى﴾[2] فان (لله) هنا ليست ك(لله) في وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فان اللام فيها ملكية تكوينية وهذه اللام تشريعية فان الفيء ثروات الارض تقنينها وتشريعها و النظام التشريع فيها و الحاكمية التشريعية فيها حاكمية قانونية تشريعية تنفيذية هذه في الحقيقة هي لله ﴿وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى﴾[3] هنا اللام للملكية التشريعية الاعتبارية وهذه غير لام الملكية التكوينية فانها موجودة للباري تعالى كما ان الله مالك للجواهرالمخلوقات و العباد كذلك مالك لافعالهم وليس بنحو الجبر بل امر بين الامرين هذه الملكية التكوينية مفروغ منها كلامنا في الملكية التشريعية

سوال1: بما انه بحث صناعي فقهي معاملي و مال نتسائل ما الفرق بين الولاية الاعتبارية على العين و بين ملكية العين شخص له ولاية على العين افترض مثل الواقف او ولي الوقف او ولي او ولي القصر على اموالهم ما الفرق بين الولي على العين سواء ولي وقف او ولي حاكم شرعي او ولي قصر اي ولي وبين المالك هناك فرق ام لا؟ يفيد هذا البحث في بحث الاوقاف و الصدقات و ايضا في باب الحج او باب وصية الميت و غيرها

سوال2:ايضا يمكن طرح سوال ثاني صناعي فقهي له صلة بهذا البحث وهو: هل هناك ما الفرق او هناك عدم الفرق بين الولاية التشريعية و بين الولاية الوضعية على العين ؟ بعبارة اخرى هذا السوال الثاني الولايات بحثها الفقهاء في باب البيع الولايات حتى الاعتبارية ذات انواع وانماط مختلفة كثيرة هل هي ترجع الى سنخ واحد او اسناخ ؟ لما اثارة هذين التسائلين

اما السوال الاول و فرق الولاية و الملكية و السوال الثاني انواع الولايات ولاية تشريعية هي عين .. مثلا لاحظ الولاية التشريعية في الفتوى ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتيكُمْ﴾[4] الحكم و الحكومة واحدة لكن الشعب التشريعية قضائية تنفيذية مع ان الحاكمة و الحكومة واحدة يجمعها معنى ماهوي بمثابة الجنس وكل منها سلطة الان في العلوم الاجتماعية والسياسية و الحديثة تنبهوا ان السلطة ليست ثلاث شعب تنفيذية و قضائية و تشريعية بل التفتوا ان الاعلام سلطة اخرى رابعة واكتشفوا سلطة خامسة و سادسة اصلا السلطة كولاية وحاكمية متشعبة و هذا جدل قانوني حول الاعلام بين كونه سلطة ام ليس بسلطة هذا الجدل يثار في نظم الدول باعتبار ان من صلاحية الاعلام هل هي لانقطاع العام او الخاص ؟ و من له الصلاحية في الانقطاع العام لانها سلطة فلمن توكل؟ فالاعلام سلطة ام هي ليس بسلطة وانما فعالية و نشاط عالي طبيعي فاذا كان سلطة فهي لمن توكل و تسند؟ فاكتشاف السلطات سبحان الله حتى اكتشاف السلطات البشر لا يستيقضوم الى حقيقة السلطات فعلى كل جملة من المباحث الفقهي تجر بالانسان الى العقائد وانه كيف هذا الرجل المغيب من وراء الستار خيوط الادارة بيدة لان السلطات البشر لم يكتشفها كملا فهو في ستار الغيبة يديرها من خيوط لم تكتشف لدى البشر الى الان ولا تظنن ان صناديق الاختراع هي كل شيء و لا الدولة العميقة في تلك الدول هي كل شيئ لا بل هناك خيوط للتحكم في شعوب تلك الدول من حيث لا يشعرون مثلا من باب المثال ولا ادري ان الاخوان يتابعون هذه المباحث ام لا المقصود ليس فقط في البعد السياسي فقط بل المقصود في البعد القانون الفقهي الذي يؤثر على مباحثنا يجب الانسان ان يواكب تلك المباحث مع البيئة العصرية

اثارة قانونية: قالوا بان وباء الكرونا كشف الامر بان انظمة العالم الثالث بل حتى العالم الثاني بل شيء من العالم الاول يدار خيوط الادارة ليس كلها بيد الحكومات لتلك الشعوب بل يدار من قبل المركزية الاخرى فوق مركزية الامم المتحدة قوانين الهجرة و الاقامة صحيح الدول تدعي انها مستقلة و سيادة وطنية لكن بالدقة هناك نظام فرضه آخر هو الذي يتحكم في تلك القوانين

على كل لا اريد ان ادخل في كثير من التفاصيل المصداقية التطبيقية فقط اريد اثير المطلب الكلي و هو ان الولاية و السلطة و الحاكمية ما هو معناه التحليلي العقلائي في البيئة العصرية و غيرها مثلا الفقهاء الامامية اختلفوا في قول الصادق عليه السلام اني جعلته حاكما ما هو مراده عليه السلامية من الحاكمية اي حكومة اي سلطة اي ولاية قضائية وماذا عن الحدود و العقوبات الجنائية وهل العقوبات الجنائية باب الحدود تدخل تحت السلطة القضائية او السلطة التشريعية او السلطة التنفيذية يدخل تحت الوزارة الداخلية او السلطة القضائية حتى الان في القانون الوضعي البشري هناك جدل بان العقوبات الجنائية تابعة للسلطات التفيذية او السلطات القضائية انظر الى تنازع مساحات السلطة و لا يظنن ظان ان هذا تنظير اكاديمي بعيد عن البحث الفقهي لا يا اخي نفس الماهية تبحث في الفقه الشرعي

فنرجع الى المطلب وهو ان الولاية التشريعية في الوجوب التي ذكرها كاشف الغطاء هل هي ولاية ملكية ؟ هل الملكية تختلف عن الولاية التشريعية ام ماذا؟ دعوني اثير لكم هذا البحث لان هذا في ابواب الفقه سواء في الفقه الفردي او الفقه الاسري او الفقه السياسي كله محل ابتلاء علمي

اثيرت قبل اربعين سنة تقريبا و ربما اكثر لكن الاثارة القوية قبل اربعين سنة اثيرت و اهي ان ملكية السيدة فاطمة عليها السلام لفدك اي ملكية ؟ طبعا بحث جدي عقائدي و فقهي . حق فاطمة عليها السلام اي حق هل هو حق فردي او حق ولائي ملكية ولاية او ملكية فردية ؟ كيف يمكن ان نتصور ان النبي صلى الله عليه واله اثرى منبع للدولة النبوية كان فدك لانه اثرى المزارع في الحجاز و هي مزارع فدك من حيث الانتاج و الاثمار و الى الان ماشاالله تنتج وذاك الوقت بالتالي هو منبع مالي كثير كيف يسند هذا من باب ان الرسول(صلى الله عليه واله) و العياذ بالله من قبيل كسرى و قيصر يمنع بنات الملك حاشا للنبي و حاشا للزهرا (عليها السلام)اذن اسناده للزهرا ان الزهراء (عليها السلام) لها ولاية و الولاية و الملكية الولاية اشد و اقوى من الملكية الفردية فان الملكية الفردية بنفخة تنتفي لانه اذا ملك احد الافراد المواطنين عرضت مصلحة عامة للمواطنين لشارع عام يزاع ملكه وان كان يعوض عنه الا انها في مهب الريح اما ملكية الولاية لا تزلزل فملكية فاطمة(عليها السلام) لفدك فان فدك كمصداق و الا فان له كل ثروات الارض كما في سورة الحشر و أية ما ﴿أَفاءَ اللَّهُ عَلى‌ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‌ فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى﴾[5] .

فان الفي يعني ثروات الارض و هناك بحث يثار في محله في النظام المالي و الاقتصادي في الفقه الشرعي (ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‌ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‌ فَلِلَّهِ) ‌ فان اللام هنا غيراللام في (وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ) (وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى) فلا يقول احد ان عنوان اهل البيت عليهم السلام مفسر بزوجات النبي فهنا قربى و اقرب القربى فاطمة عليها السلام و علي (عليه السلام)

اذن بالتالي هنا منح هذا الامر كما ان ملكية الله هنا ليس بملكية تكوينية بل ملكية تشريعية و ملكية ولاية و سلطة و ليست ملكية فردية فما اغتصب من فاطمة عليها السلام ولايتها على الامة كما الذي اغتصب من امير المؤمنين عليه السلام ولايته على الامة فلاحظ كيف تكون الولاية ملكية واشد -و ليست ملكية فردية فقط- بل ملكية تدبير الامور فبالتالي ماهويا الولاية و الملكية ما الفرق بينهما ؟ بحث حساس يسري في ابواب المعاملية و ابواب القضاء و ابواب الفقه السياسي و ابواب صلاحية الفقيه و ابحاث عقائدية و من ثم اضطر الفقهاء في بحث البيع الشيخ الانصاري و محشي المكاسب الفحول اضطروا ان يبحثوا هرم الولاية من الله و نازلا و للاصفهاني و السيد الخويي عبارات عظيمة في ولاية اهل البيت(عليهم السلام) يعني ما ذكره الاصفهاني و السيد الخويي في منطق الجو الموجود الان ان السيد الخويي متطرف هو ليس متطرف بل الجو الموجود الان هو مقصر والا ما بينه السيد الخويي رائع و بديع راجعوا كلام السيد الخويي ره وفاقا لاستاذه المرحوم الاصفهاني في ولاية اهل البيت عليهم السلام

المقصود نرجع الى هذا الكلام وهو ان الولاية و الملكية واحدة او شيئان الملكية انواع او نوع واحد لا باس اتوسع لانه محل ابتلاء في المسائل المستحدثة هناك جدل بين الفقهاء –عمدا انا اوسع في البحث للمناسيبة الواضحة لنفس المكلب- حول الحقوق المستجدة في الساحة المالية حق سرقفلية حق الامتياز الطباعة او غيرها ملكية الامتياز او ملكية براعة الاختراعة فهل هي ملكية او حق؟ هناك بحث من اين ياتي مصنع الحقوق المستجدة و من اين شرعيتها؟

و بعبارة اخرى كما اثير في باب البيع بحث معاملي بل هو بحث وضعي معاملي مالي و معاملي سياسي و معاملي قضئي ما الفرق ين الحق و الملكية؟ او قل ما الفرق بين الحكم و الحق و الملك ؟ هذا من البحوث التي هي مثار جدل بين العلماء و الحمدلله من افتخار مدرسة اهل البيت عليهم السلام كتاب المكاسب للشيخ الانصاري ره و الحواشي للفحول التي على المكاسب كحاشية الاخوند و حاشية السيد اليزدي و حاشية المرحوم الاصفهاني و النائيني و الميرزا على الايرواني و كثير من الفحول و انا لا اذكره تبجحا بل هذا مشهود عند النجفيين الكبار الذين ادركناهم ذكروا هذا المطلب ان دكتور عبد الرزاق السنوري عين مدرسا في بغداد و البصرة لبعض السنين فزار النجف الاشرف باعتبار ان المصريين يهوون اهل اليت عليهم السلام فزار اميرالمؤمنين عليه السلام فالتقى به الشيخ المظفر(ره) و اهدى اليه الطبعة الاولى الحجرية الخطية للشيخ الانصاري ره وبعد فترة صار ايضا لقاءآخر معه فقال: لو كنت اطلعت على كتاب المكاسب للشيخ الانصاري قبل ان اكتب الوسيط في القانون لكنت كتبته بمستوى اعلى بكثير بسبب هذه التدقيقات القانونية لدى علمائكم في كتاب المكاسب .

المقصود ان كتاب المكاسب كتاب مفخرة و الحواشي التي عليه المعروف عند العلماء الذين ادركناهم عند النجفيين انه صقل الصناعة الفقهية للانسان للمباحثة في باب البيع او المكاسب المحرمة او الخيارات او الشروط اربع اقسام في المكاسب و عليها حواشي دسمة جدا و سجالات علمية .

فهناك جدل علمي لدى علماء الاعلام وهو انه ما الفرق بين الحكم -و مقصودهم من الحكم هو التكليفي لا الوضعي و الا الحكم الوضعي هي الملكية والحق هو الحكم الوضعي – و الحق و الملك؟ جدل عريض طويل مثمر دسم بين حواشي الفحول واقعا فحول رضوان الله عليهم و هذا المبحث كما مرالان بنا ليس خاص بالبيع ولا بالمعماملات المالية بل مبحث يشمل النظام السياسي و نظام القضاء بل يشمل البحوث العقائدية فانه محث ماهوي موحد سرياني في الابوب كلها السيد اليزدي ره ومن ثم يبحث الحقوق المستجدة و ما هو مصدر تشريعها هل لكي نجد مشروعة للحقوق المستجدة يلزم علينا التفتيش في الادلة الخاصة نجد لها شبيه ام ان الحقوق المستجدة لها مصنع في الادلة و مصنع توليدي يولد كلما يسستجد من حقوق مصنع واحد او مصنعين او ثلاثة و المراد من المصنع مقتضى القاعدة المهم ان هذا بحث حساس و مهم و معاملي و ليس خاص بالبيع و ليس خاص بالمعاملات المالية بل يشمل المعاملات السياسية و القضائية و العقائدية و هو الفرق بين الحكم التكليفي و..

نفس المطلب الذي يدعيه شيخ جعفر كاشف الغطاء فانه ادعى ان الوجوب التكليفي مفاده وضعي وهو الملكي وحينئذ واذا كان ملكا كيف يملك الاجير ما ملكه الشارع قبل الاجارة يملكه للمستاجرة فانه ملك مالا يملك فنفس البحث يجب التركيز عليه لذلك هنا السيد الخويي ره اعتمد على جواب -وهل هو تام ام لا- قال بان الملكية الله يقصد منها الملكية التكوينة او الملكية الولائية العامة الفوقية التشريعية و هذه لا تنافي الملكية الفردية كي يدعي الشيخ جعفر كاشف الغطاء (ره) تنفي الملكية الفردية بدليل ان الله عزوجل له ولاية تشريعية في الملكية الفردية لانها شرعها الباري تعالى فالملكية الفردية للافراد هي طولية متاخرة عن ولاية الله التشريعية العامة و لا مانع من ذلك فماذكره كاشف الغطاء ليس بتام لانه لا تدافع ولا تنافي بين الولاية العامة لله مع الملكية الفردية ﴿النَّبِيُّ أَوْلى‌ بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِم﴾[6] وكيف لا يكون اولى بالمؤمنين بما ملكت انفسهم ؟ فان الناس مسلطون على اموالهم لان انفسهم مسلطة على اموالهم فاذا كان صلى الله عليه واله ولي النفوس فكيف بما هو تحت ولاية النفوس فهو اولى باموالهم فهذه الولاية لا تتنافى مع الملكية الفردية بحوث رائقة و شائقة و ذائقة و بديعة و فيها ينعام لطيف يستفيد منها في الابواب المختلفة .


[1] سورة آل عمران، الآية 189.
[2] سورة الحشر، الآية 7.
[3] سورة الانفال، الآية 41.
[4] سورة النساء، الآية 176.
[5] سورة الحشر، الآية 7.
[6] سورة الاحزاب، آية 6.