الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/08/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مانعية وجوب العمل للإجارة

وصل بنا الكلام للاجرة على الواجبات الى منافات الاجرة مع وجوب الواجب بغض النظر عن كونه عبادة او ليس بعبادة بحث العبادي تقريبا استوفينا زواياه

فكون العمل واجبا شرعا قبل الاجارة هذا ينافي الاستئجار عليه فاي عمل واجب على الاجير قبل الاجارة؟ فقالوا انه لا يصح الاجارة عليه اذا كان واجبا مطلقا سواء كان الواجب عينيا اوكفائيا او توصلي فكونه واجب لا يسوغ الاجرة و الاستئجار عليه لماذا؟

طبعا هذا مبحث صناعي فقهي يتطرق اليه الفقهاء في جملة من الابواب وقد ذكرت هناك عدة وجوه في ان العمل اذا كان واجبا على الاجير فلا يسوغ عقد الاجارة عليه

طبعا هذا المبحث في مكاسب المحرمة قد ذكر في الاجارة نفس هذا المبحث وكذا ذكر في النذر وان النذر هل يتعلق بالواجب ام بالمندوب ام بالمباح؟ هذا المبحث الى حد ما بحثه الفقهاء في مبحث الشروط في العقود وان المؤمنون عند شروطئهم بل المسلمون ايضا عند شروطهم –لعل في لفظ بعض الرايات هكذا- وان الشرط هل يوجب بما هو واجب ام يوجب بما ليس بواجب كالنذر واخويه او قل الشروط او مبحث الاجارة فهناك عناصر مشتركة بين هذه الابواب في هذا المبحث

العنصر الاول ان الوجوب الذي في الاجارة او الاجارة انما يتعلق بما هو مال و عمل الحر مثلا قبل العقد عليه ليس بمال ولكن هذا الاشكال قديم قد اجيب عنه في ابواب عديدة والاشكال هو ان عمل الحر ليس بمال –طبعا هناك فرق بين عمل العبد و عمل الحر فان عمل الحر فانه يصبح مالا بعد العقد عليه بخلاف عمل العبد او عمل الدابة او .المركب . فان منفعتها موجودة بنفسها ففرق بين عمل العبد و عمل الحر فان عمل العبد انما يكون مالا بالعقد .على اي تقدير فعمل الحر يكون مالا بالعقد و ليس من الضروري ان يكون متعلق الاجارة او متعلق المعاوضة عموما ليس من الضروري ان يكون متعلق المعاوضة مالا قبل المعاوضة بل يصح ان يكون متعلق المعاوضة مال بالمعاوضة الان كيف يكون تخريجه هذا يذكرونه في باب البيع باعتبار ان المتعلق متقدم رتبة و ليس من الضروري ان يكون المتعلق و الموضوع و متقدم زمنا بل يكفي ان يكون متقدم رتبة في نفس زمن المعاملة يتحقق الموضوع و مالية العمل و هذا مبحث طويل و عريض وليس المجال الدخول فيه فالضروري في توفر موضوع المعاملات في زمن المعاملة وليس من الضروري ان يكون فيه قبلية زمانية على المعاملة بل يكفي فيه قبلية رتبية وهنا في نفس الزمن المعاوضة يتحقق الموضوع علي اية حال هذا مبحث يطول كلام الاعلام فيه

زاوية اخرى من هذا المبحث في عمل الحر يعقد عليه الاجارة ان يكون مقدورا واذا كان واجبا فليس بمقدور لان القدرة عبارة امكان الاتيان بشيء و امكان تركه بينما الواجب لابد منه و اذا كان لابد منه فليس للمكلف الاجير الخيار قبل عقد الاجارة فالاجارة تقع على عمل غير مقدور

هذا الاشكال اجيب عنه طبعا مبحث اخذ القدرة في العمل في مبحث الاجارة مبحث حساس جدا و فيه فروعات كثيرة من الاجارة طبعا حتى بقية المعاملات اجمالا ايضا هكذا بالتالي ما هو المراد من القدرة في الاجارة قالوا اذا كان العمل منهي عنه قبل الاجارة و تارة يكون العمل قبل الاجارة او اي معاملة غير منهي عنه اذا كان منهيا عنه قبل الاجارة لاتصح الاجارة على العمل المنهي عنه لسلب الشارع قدرة المكلف عليه لانه نهاه عنه فاذا نهاه كيف يعقد الاجارة عليه مع ان القدرة التكوينية موجودة الا ان القدرة الشرعية غير موجودة وعلى كل نفس هذا البحث ايضا هل لعدم القدرة او لشيء آخر

وهذا بحث ولج فيه الفقهاء وبحثوا ان العمل المنهي عنه لا تصح فيه الاجارة هل هو لعدم القدرة او لعدم المالية ؟ او لاجتماع الامر و النهي او لواردية النهي على الامر

المهم هذا مبحث لطيف اثاروه في بحث الاجارة انا لا اريد ان اخوض فيه بل نقتصر على زاوية المرتبطة بلب البحث وان كان مبحث النهي في الاجارة بحث لطيف

على كل الوجوه المذكورة في فالعمل المني عنه لا تتعلق به الاجارة او البيع او هذا بالنسبة الى المنهي عنه اما بالنسبة الى المامور به لا تاتي هذه الاشكالات لا سلب القدرة و لا سلب المالية ولا واردية النهي على الامر بل بلعكس فان الاجارة ستوكد الامر السابق المتعلق بالعمل قبل الاجارة و التاكيد لا مانع منع كالنذر او الشرط اذا تعلق بامر واجب ولا مانع من ذلك

فلاحظ ان القدرة التكوينية المرادة هنا في باب الاجارة اي قدرة ؟ كون العمل لابد منه هذا معناه سلب القدرة فالقدرة التي تبحث في باب الاجارة او اي معاوضة اي قدرة؟ لان القدرة انواع قدرة شرعية قدرة عقلية و.. والا كيف يتعلق الوجوب به فانه معناه انه مقدور تكوينا من جهة القدرة التكوينية نعم من جهة القدرة الشرعية فانه محتم عليه او بعبارة اخرى قد يكون الامر الاجاري اوكد من الامر الاول غير الاجاري غير المالي بالتالي تاكد الاحكام او الاوامر والواجبات مع بعضها البعض لا مانع منه لانه لا ينافي القدرة هذا المقدار ايضا لم يتم

مانع آخر ذكر في تعلق الاجارة في الواجبات –طبعا هذه موانع تصاغات بصياغت مختلفة و الا فالمانع واحد – ان المانع هو ان الشارع عندما يوجب عملا في ذمة المكلف يعني يملكه الشارع و هذا مبحث صناعي مهم في ابواب الفقه كلها اذا تم او لم يتم او فيه التفصيل .. هل الشارع اذا اوجب على الملكلف تكليفا هل يستلزم حكما وضعيا ام لا اما الحكم الوضعي هو مالكية الشارع اذا لم ياذن العمل مبحث حساس فاذا استلزم مالكية العمل للشارع فالمملوك للغير لا يملك فاذا كان مملوكا للشارع كيف يتملك المستاجر فان المملوك للغير لا يملك لغير المالك .. هذا المبحث هنا البحث فيه هو ان الحكم التكليفي هل يستلزم الحكم الوضعي ام لا نفس المبحث اثير في النذر و اخويه العهد و القسم فانه في النذر و اخويه هل النذر اذا تعلق بعمل هل يملكه الشارع واذا ملكه الشارع لا يستطيع المكلف الناذر ان يملكه غير الشارع فان السيد و مشهور الفقهاء القدماء يتبنون في النذر – دققوا ليس كلامنا في النذر نفس الكلام الذي مر بنا الان الكلام الاول الذي مر بنا في مطلق الوجوب التكليفي و الحكم الوضعي الان في النذر بين خصوص النذر و اخويه و لله علي كذا و متعلقه و الملكية الواقعية .

جماعة من الاعلام كالسيد المحسن الحكيم ره التزم بذلك وهو الصحيح، في باب النذر هكذا نعم هل هو ملك ام حق هذا بحث آخر في باب النذر خصوص باب النذر و اخويه يستلزم الحق و هو شبيه الملكية ولو ضعيفة هذا باب آخر الباب الثالث الذي مر بنا الشروط في العقود المؤمنون او المسلمون عند شروطهم كما لو قلت ابيعك هذا بهذا بشرط ان تخيط لي بكذا فالوجوب التكليفي في الشرط –لا في النذرواخويه – واذا الله سهل –ان شالله بعد بحث المكاسب المحرمة بدل ما ندخل في البيع او الخيارات سندخل في باب الشروط لانها قواعد عامة في العقود وهذا هو الاهم وهو بحث معقد و صعب جدا كل الفقهاء الاسود قالوا نحن عجزنا في بحث الشروط – فالوجوب الذي في الشروط – من مباحث المسائل الامتناحنية للفقهاء لتشخيص الاعلمية و فيها بحوث معقدة لم تحلحل الى الان (كبحث حقيقة الشرط وانه) اي شيء الشرط ؟ فانه لغز فقهي قانوني معقد ماهو الشرط فان نفس الشرط شيء معقد اختلف فيه الاعلام باقوال عديدة عجيبة غريبة؛

فالوجوب التكليفي في الشروط هل يحدث ملكية وضعية للمشروط له او حق وضعي كما يقول السيد اليزدي و هو الصحيح ملكية صغيرة فهل الوجوب في الشروط- و الشرط يطلق حتى على البيعة فان البيعة لله و رسوله و لامير المؤمنين في غدير خم و للائمة و للامام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه الشريف المهم البيعة شرط، فالشرط هل يحدث ملكية للمشروط له؟ السيد الخويي ره لم يقبل ذلك وكذا لم يقبل ذلك في النذرايضا بينما السيد الحكيم ره في كلا الموضعين قال بان هناك حق وضعي وهو الصحيح و عليه مشهور القدماء هنا في المقام – ليس مبحثنا في الشروط و لا في النذر و اخويه – بل بحثنا في الان في مطلق الوجوب لا المتلون بالشرط و لا المتلون بالنذر في الوجوب هل يحدث ملكية ام لا ؟

جعفر كاشف الغطاء ره يميل الى ان الوجوب يتنتج من ملكية العمل لله عز وجل و جماعة من الاعلام الكبار الفحول التزموا بهذا فالاعمال غير الواجبة مستحبة او مكروهة باقية ملكيتها على المكلف العامل الحر اما اذا وصلت الى درجة الوجوب فحينئذ قد تملكها الشارع يعني ما يعطي المكلف الخيار فيها خصها بنفسه وهذا مبحث شبيه مبحث فقهي الاوامر الذي يبحث في الاصول وهو ان الوجوب التكليفي يستلزم الوجوب الوضعي اي الملكية ام لا؟ وهو مبحث حساس و البحث فيه كما مر يختلف عن بحث النذر و اخويه وعن الشروط المومنون عند شروطهم لان النذر و اخويه و الشروط يمتاز بخصوصيات ماهوية خاصة بين البابين الان كلامنا في مطلق الوجوب ما هو التقريب بان الوجوب يستلزم الوضعية وان الوجوب يستلزم الملكية لان الملكية مفادها حكم وضعي ذكرت هناك شواهد و ادلة لهذه القاعدة ان تمت فانها قاعدة وليست مبحث لخصوص اخذ الاجرة في الواجبات فانها قاعدة بغض النظر عن قاعدة اخذ الاجرة في الواجبات فان القاعدة تجري في موارد كثيرة فما هو الدليل عليها؟

احد الادلة و الشواهد عليها كما مر قالوا كما عن شيخ جعفر كاشف الغطاء و غيره من الاعلام لان الوجوب تخصيص العمل لله الوجوب لابدية حتمية بتية فان احد معاني الوجوب التكليفي هي البتية و الحتمية و اللابدية والضرورية وهذا معناه التخصيص و التخصيص معناه الملكية و الحق فبالتالي هذا المعنى للتكليف مطوي فيه معنى ماهوي وضعي لو تم. مر في مبحث الاصل اليوم ان الاعلام عنهم مبحث اصولي اوامر و نواهي من مبحث الاوامر الى قريب مبحث النواهي كله مبحث تحليلي دقي لغوي عقلي لمعنى الوجوب مع ان مباحث طويلة عريضة مقدمة الواجب الضد و الترتب و اقسام الوجوب كما ان مبحث النواهي الى مبحث قبل المفاهيم كله تحليل حول مادة النهي و حكم النهي التكليفي و اجتماع الامر و النهي او النهي يقتضي الفساد نهي تكليفي يقتضي معنى وضعي وهو الفساد فليس من المستنكر ان معنى التكليفي قد ينطوي على معنى وضعي

طبعا من دون تبجح لكنها حقيقة وهي ان الحوزات العلمية الاثنى عشرية متقدمة على العالم كله في تحليل الاحكام القانونية نتيجة تراكم جهود علماء امامية اثنى عشر قرنا وجرت موازنة بين اكبر اكاديمية قانونية في (سولبور) مع ما هو موجود في علم اصول في الحوزات الشيعية في النجف و قم و الحوزات العلمية اصلا قطرة في حوض ولا اريد ان ابالغ المباحث الموجودة حول الوجوب و الحكم التكليفي و الوضعي في الحوزة العلمية غير موجودة في اكاديميات القانون في العالم لكن للاسف نحن لا زلنا نسوغ و ننشر هذه الانتجاتات العظيمة للاعلامنا الكبار ترجمة للغات العالم بل حتى ترجمة عربية قانونية للدول العربية ما حصل بصراحة لانه يحتاج الى ترجمة قانونية يعني اذا يتم انشاء مركز قانوني ترجماني -من قبل الوقف الشيعة او العتبات - للنتاج تراث الحوزة القانوني الشرعي لو يتم شيء عظيم جدا .

وانا ذكرت لكثير من الجهات العليا للحوزة منذ ربما قريب ثلاثين سنة الى الان عملا لو تم صدقوني الدول الاسلامية او العربية او البشرية متعطشة لذلك لانه انجاز اثنى عشر قرنا ولا نقول ان نتاج علمائنا وحي منزل الا انه نتاج عظيم جدا نعم و الجامعات الاصفهان اثبتوا ان ترجمة كتاب الشرايع الى الفرنسية قبل تدوين القانون الفرنسي بعقود و كثير من امثلة القانون الفرنسي ماخوذة من كتاب الشرايع للمحقق الحلي و هذا بحث طويل خاض فيه جامعة الاصفهان و غيرها و هذا ليس بتبجح لكن للاسف لم يترجم بلغة القانون سواء بلغة عربية او فارسية او انجليسية وانا وصلت هذه الفكرة الى الجهات العليا الحوزوية الا انه يحتاج الى مشروع ضخم و مركز كبير وجهات عديدة لكن جدا مثمر.

ان القانون الجعفري كتب بايدي علماء النجف و غيرهم اربع مرات: 1- الثورة الدستورية التي حصلت في طهران اشرف عليها علماء النجف كتب القانون المدني و الجنائي على ايدي علمائنا الكبار و بالذات علماء النجف من النائيني و الاخوند الذين كانوا يذهبون الى المشروطة 2- ثم كتب القانون الجعفري مرة اخرى بعد الحرب العالمية الثانية 3- ثم مرة ثالثة ايضا بانتصار الجمهورية الاسلامية شارك الفقهاءشيخ مرتضى الحائري و لطف الله الصافي و كثير من فقهاء النجف و قم 4- وكتب مرة رابعة ايضا. فقانون جعفري يكتب بايدي فقهاء اربع مرات يا اخي فانه ثروة عظيمة و الذي كتبه هؤلاء الفقهاء عبارة عن تراث اثنى عشر قرنا انا اقول هذا الشيء لست بصدد ان اقول انا محقق ابدا بل انا مجرد مراسل علمي خبري علمي انقل لكم من قام بعدة جهات عظيمة حتى قامت بالموازنة بين (سولبور) التي تعتبر ام القانون الان في الاكاديمية مع ما هو موجود في القانون الجعفري عندنا تفوق و انجازات كثير لكن ينقصنا نقص كبير وهو عدم ترجمان بلغة قانونية فهذه دعوى لاستحداث مركز قانوني في النجف الاشرف مدينة العلم و القيام بهذه الترجمة و هذا نوع من نشر نور اهل البيت عليهم السلام فان نورهم له صياغات و اختم بهذه الكلمة كذلك انجازعلماء الامامية الاثنى عشرية الجعفرية في مبحث الالفاظ فاق الفسلفات الالسنية التي يتبجح بها الاخرون الان فائق لهم بمراتب من الجهود و القرون وهذا مبحث آخرطبعا لا ربط له بالقانون بل يرتبط بالفلسفات الالسنية لكن يرتبط به ضمنا باعتبار نفس النكتة و نفس المطلب .