الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/08/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطولية النيابية و صحة الاجرة عليها

على كل فصلنا القول في بحث النيابة ومر بنا معاني التعبدي و التوصلي و قلنا نقتصر و نلملم البحث لكن هناك نكات صناعية مهمة مر بنا ان النيابة و القربة ومعنى النيابة في مقابل التوصلي ومعنى النيابة ان ينبعث في القربة من شخص الامر في مقابل ان ينبعث من امر آخر ومر بنا ايضا ان معنى العبادية بمعنى عدم النيابة في مقابل النيابة اعم من النيابة وعدم النيابة مر ان التعبدي بمعنى المباشرة او اعم من المباشرة و التسبيب ذكرنا اربع او خمس معاني ومر ايضا بمعنى القصدي و التوصلي خمس او ست معاني

هناك معنى سابع غير ما مر بنا امس وهوما يتبناه السيد اليزدي ره وهذي المعاني ليست ترف فكري فقط بل هي معاني واقعية ابتلائية مثلا بيت الله الحرام والحرم المكي لا يجوز لاحد دخوله الا محرما لماذا؟ لان تحية المسجد الحرام هي بان تاتي بالنسك كما يستحب للمساجد اذا دخلت ان تصلي صلاة التحية فتحية مسجد الحرام ايضا ان تاتي اما بعمرة او حج عن نفسك او عن غيرك واجبة او مستحبة، فتحية المسجد الحرام تكليفا لازم، نعم ربما الانسان يعصي فهذا بحث آخر. و هذه التحية توصلية بالمعنى الثاني لا بالمعنى الاول و تعبدي بالمعنى الثالث انت لازم ان تاتي به لا ان تنوب مثلا انت تريد ان تدخل المسجد الحرام فتقول لصديقك ائت بعمرة نيابة على اساس يجوز لي ان ادخل المكة المكرمة او المسجد الحرام فان هذا لا يصح بل لابد ان تاتي به بنفسك وهذه تعبدية بالمعنى الثالث و ليست تعبدية بالمعنى الثاني. -وهذه بحوث انصافا ليست عبط بل محل ابتلاء في الابواب الفقهية في المعاني و الاقسام وفيها نكات- .

وهكذا في الاغسال سابقا فتوى العلامة الحلي و المحقق الحلي و علماء الحلة و الشهيدين و غيرهم على ان قصد الوضوء تقصد ذي المقدمة او المقدمة وان لم تقصد ذي المقدمة وضوئك باطل اعد الصلاة في فتاوى كثيرة لكم قرن من الاعلام باعادة الصلاة لمن توضا قبل الصلاة ان لم يمكن تصوير امر لذي اللمقدمة لكن اذا امكن تصور امر لذي المقدمة فيمكن وان عبادية الوضوء ناشئة من الامر بذي المقدمة بالصلاة و غيرها فعلل و تفعلل فتنقيح تلك الحيثيات اي المعاني الخمسة او الستة او الان السابعة تنقيح هذه الامور انصافا محل ابتلاء لان اي امر ياتيك لاحظ الحيثيات المتعددة فيه سيما اذا كان الفعل عباديا مثلا صلاة التحية للمسجد عادي نعم لو صليت فيه صلاة فريضة تسقط عنك صلاة التحية لان المراد طبيعي الصلاة ان توتى بها في المسجد تحية له سواء وقعت مستحبا او وقعت فريضة فانها تسقط طبعا يكون اداءا حينئذ ولا يكون امتثالا.

كما ان من آداب زيارة المعصوم صلوات الله عليه كما هو الموجود في كامل الزيارات و كذا مصباح المتهجد من آداب المعصوم عليه السلام هي الصلاة عنده عليه السلام فانها من آداب الزيارة للمعصوم عليه السلام سواء كان الاداء نافلة يومية او نافلة مبتداءة او فريضة يومية ايا ما كان بالتالي هو كصلاة التحية للمسجد. -فالمقصود اذن ان تلك النكات في باب الاوامر العبادية ست حيثيات ليست عبط جزاف بل لها ثمرة مهمة-.

الان مثلا صوم يوم النصف من شهر شعبان مستحب هل يتادى الاستحباب بقضاء واحب هل يتاتى بقضاء واجب معين عن الميت؟ نعم يتاتى لان طبيعته ليست التعبدي بالمعنى الثاني بل طبيعته التعبدي بالمعنى الاول ومثل الاعتكاف هل يشترط ان يكون الصوم منبعثا من الامر الاعتكافي؟ لا، لانه لوكان كذا ففي شهر رمضان كيف يتم الاعتكاف؟ فاذن هذه النكات لازم ان نلتفت اليها مهمة تثمر كونه امر عبادي لا يعني انه عبادي بقول مطلق بالمعاني الستة قد يكون عباديا بالمعنى الاول فقط.

و من ثم قال السيد الخويي ره – حسب تقريره - ان الهدي في الحج اصل طبيعة الهدي ليست فعلا تعبديا بالمعنى الخامس او السادس لان الهدي تقديم قربان يتقرب به الى الله لكن الذبح في الهدي اعم من كونه تسبيبيا او مباشرة ولذا تقول ذبحث كذا عشرة اضاحي في عيد الاضحى فليس هو يباشر بالذبح بل هو امره ، اصلا طبيعة الذبح هو فعل اعم من التسبيب والمباشروكذا التحليق هو لم يحلق نفسه بيده بل امرالحلاق ان يحلقه فحلقه فقال انا حلقت راسي او شاربي فان طبيعة عنوان الحلق ليست تعبديا بالمعنى السادس او الخامس اي اعم من التسبيب .

وهذا البيان من السيد الخويي ره لا باس به في الهدي لو كنا نحن و هذا البيان ومن ثم التقصير و الحلق في الحج ايضا كذالك اي ليس على الحلاق ان ينوي القربة لكن الذي يامره بالحلق هو لابد ان ينوي لانه فعل تسبيبي

(اقول)هذا صحيح لو لا ان الادلة الواردة في خصوص الهدي عبر فيها بـ(عن) و كلمة (عن ) نيابة على كل هذا بحث في محله وان الروايات الخاصة دالة على النيابة في الذابح وان الذابح يقوم نيابة عن المذبوح عنه و في النيابة لابد ان يقصد النائب القربة و المنوب عنه ايضا لابد ان يقصد القربة، كلاهما يقصدان.

اجمالا البحث له ثمرات ولاباس ان نذكر المعنى الساب..

المعنى السابع الذي يذكره السيد اليزدي ره معنى تعليقي بمعنى انت تنوي صيام النصف من شعبان و تنوي بانه يوم قضاء في ذمتك او عندك صوم استيجاري فتنويه لكن يمكنك ان تنويه بنية اخرى تعليقية –وليست فعلية- لان الصوم الواحد مايمكن ان تنويه قضاء و نافلة معا و لكن تنويه قضاء عن نفسك او نيابة صيام استيجاري او اي شيء آخر فتنويه قضاء و لكن تنوي نية آخرى تعليقية كما لو قلت لو لم يكن في ذمتي امر اجاري او امر بالقضاء لفوت صيام علي لاتيت بالصيام في هذا اليوم – اي نصف شهر شعبان- نظرا لعظم ثوابه هنا تثاب ثوابين ثواب قضاء استيجاري او قضاء عن نفسك وما فاتك من شهر رمضان وايضا تثاب ثواب النافلة .

هذا المعنى السابع يمكن تصويره بتصوير اختبوطي اكثر فان هذا التصوير اذا صورناه ستنحل جملة من مسائل الحج و العمرة كما لو كان شخصا مستطيعا للحج و لم يعلم انه مستطيعا للحج لكن استضافه جماعه- مع انه عليه ديون- بناءا على عدم تحقق الاستطاعة بذلك او حج متسكعا هو عنده مال لكن لم يلتفت ان هذا المال يكفيه للحج فنوى نية الحج الندبي عن نفسه فهل يقع عن حجة الاسلام؟ نعم يقع مع انه نواه نافله و لم ينوه حجة الاسلام ذهب الاكثر الى انه يجزي لكن كيف يتم تصويره؟ له هناك صور آخرى ف خلل الحج او العمرة كما لو نوى نافلة مفردة ثم علم انه مستطيع فالحق بها حجة التمتع فهل تقع عنه حجة الاسلام؟ مع انه نواها مفردة كما لو قال اني ادخل في شوال و بما انه عندي ذهاب و اياب خارج مكة فهذه انويها مفردة الى ان يدخل ذي القعدة و ذي الحجة فيكون دخولي بعمرة التمتع ثم صادف ان هذه العمرة المفردة التي دخل بها في شوال و لم يخرج من مكة فهل يمكن ان يلحق بها حجة التمتع و يقع عنه حجة التمتع؟ نعم يمكن لنصوص وردت – ولا اريد ان ادخل في التفاصيل-

هناك تصوير للطبيعة السابعة تصوير اكثر شمولية و يفيد صناعيا في ابواب عديدة وهو ان ما عرف عند الاعلام و المشهور ان الامر الندبي مباين للامر الوجوبي قد فيه مسامحة يعني نقول ان الامر الندبي في العبادات و غيرها له شمولية لان الامر الندبي بمعنى المشروعية الراجحة و هذه المشروعية الراجحة يعني الاستحباب لا نفسره برجحان بشرط لا اي بشرط عدم اللزوم كما سياتي في الاوامر ليس الامر الندبي يعني الطلب بشرط عدم اللزوم نعم لو فسرنا الندب بهذا يكون مباين للوجوب

اما اذا فسرنا الندب بمعنى مطلق الرجحان سواء كان لزومي او غير لزومي اعم ندب بمعنى الاخص او الندب هو معنى الاعم هذا باب واسع يفتح علاجات صناعية لابوا كثيرة وان معنى الندب يعني المشروعية الراجحة كما نقول ان الرجحان جنس للواجب و الندب احد معاني الندب هو هذا الجنس و الرجحان يعني مشروع راجح سواء كان لزومي او ندبي بمعنى الاخص فانت لما تنوي الرجحان تلقائيا انت نويت الواجب ايضا لان الرجحان جنس للواجب فهناك ندبية موجودة في الروايات و بيانات الوحي و تقنين الاحكام ندبية بمعنى مطلق الرجحان الشامل للندب الاخص و الوجوب فبهذا اللحاظ اي اللا بشرط هو جنس للواجب و ندّ له لا انه مباين فتلقائيا الواجب مستحب و زيادة مستحب بالمعنى الاعم و راجح بالمعنى الاعم بناءا على ها صيام قضاء في يوم النصف من شعبان انك تلقائيا نويت الرجحان الندب العام و الثواب يكون عليه فالصيام الماخوذ في الاعتكاف هو صيام عام سواء صيام راجح او صيام لزومي او صيام قضائي اصالة عن نفسك او غيرك هو الصيام المشروع الراجح الشامل للاقسام وهذه نقطة لطيفة فان الصيام الماخوذ في الاعتكاف اي صيام؟

الراجح الشامل لكل الصيام و الثواب على النصف من شعبان هو هذا و التحية الماخوذة في دخول المكة المكرمة او الحرم المكي او مسجد بيت الله الحرام هو هذا . صلاة الزيارة ليست خاصة بالنافلة المبتداءة- وان لم ارد ان افتح باب الكسل – لكن لو صليت الواجبة واهديت ثوابها – طبعا ثواب الفريضة اعظم من ثواب النافلة- ومنصوص عندنا يستحب اهداء الفريضة للمعصومين عليهم السلام ولا ينحصر في وقت الزيارة بل يستحب اهداء ثواب الفريضة للمعصومين عليهم السلام لنصوص وردت في باب الحج.

نعم في شهر رمضان فيه تعبدية و توصلية بمعنى ثامن فيه تعبدية حتى يوم الشك وهذا المعنى ذكروه في الفقه بمعنى ان هذا الظرف الزماني لا يقبل الا صيام شهر رمضان اصالة عن نفسك انبعاثا عن امر .. هذا من انواع التعبدي يجمع التعبديات كلها ها المعنى الثامي للتعبدي في شعر رمضان او يوم الشك و شهر رمضان اشد من يوم الشك لفتوى متسالمة عند الكل و النصوص بانه لا يقبل ان تاتي في شهر رمضان بصيام مستحب و لا تمتثل صيام شهر رمضان فانه لا يمكن و لا يصح او تاتي بصيام استيجاري او صيام قضاء السنوات السابقة فانه لا يصح بل لابد ان تاتي به حصرا بنية شهر رمضان مبنعثا من امر فعلي لهذه السنة لشهر رمضان و تؤدي هذا بل حتى لو كنت في السفر – فانه لا يشرع الصيام في السفر لكن اذا تنذر صيام نافلة او تنذر قضاء فانه لا يقع فان شهر رمضان سفرا او حضرا بيئة قابلة فقط و فقط للامر الفعلي لشهر رمضان فهذا التعبدي بالمعنى المشدد لابد ان تنبعث منه و تاتي به قربي وان تاتي انت بنفسك لا بغيرك وهكذا و يوم الشك مثل هذا الا انه بدرجة اخف اذا صار فيه ترديدا لا يصح لنص ورد انه اذا نويت شهررمضان في يوم الشك لا يصح واما اذا نويت غير شهر رمضان كقضاء او مستحب فانه يقع عكس ذلك وهو تعبد خاص في يوم الشك اذا لم يثبت الهلال و كان يوم الشك آخر شعبان لا يسوغ لك ان تنويه شهر رمضان ولو ثبت كان في الواقع انه من شهر رمضان واقعا كما لو ثبت بالبينة او ..لان قصد شهر رمضان لا يصح الا مع العلم بالهلال فان العلم له دور موضوعي ثبوتي لا على نحو الطريقية بل على نحو الصفتية .

على كل هذه جملة من انحاء النيابة فالان لنستثمر هذا البحث الذي مر بنا في المقام وهو الاجرة على العباديات النيابية و استثماره هو ان الاجارة هل تتلون بالعبادة ام لا ؟ استثماره هنا نلاحظ بوضوح ان النيابة طولية مع العبادة كما ان قصد الامر في القربة طولية مع القربة كما ان قصد الامر في طول القربى كذالك النيابة طولية و كذلك الاجارة على النيابة ايضا طولية وكون الطولية موجودة في البين هذا لا كلام فيه فاذن ليست عرضية بل طولية وهذ الذي نريده في الاجرة على العبادات فانحلت المسالة وان قصد الاجرة من الضمائم المباحة و ليست من الضمائم نعم المحرمة الضميمة المحرمة طولية كانت ام عرضية ففيها اشكال اما الضميمة المباحة اذا كانت طولية لا اشكال فيها

يبقى هذا الكلام هل تتلون النيابية بالعبادة و الاجارة بالعبادة ام لا؟ النذر يتلون بالعبادة ام لا؟ جملة من الاعلام كالنائيني ره واقاضياء ره و غيرهما اصروا اذا كانت طولية لا يتلون بالعبادة اما اذا كانت عرضية يتلون بالعبادة

الصحيح انه یتلون بالعبادة مطلقا سواء كان طوليا او عرضيا كونه طولي شيء لانه يدعو الى العبادة فيصير تلقائيا عبادي و الراد من العبادي هو العبادي بالمعنى الاول لا العبادي بالمعنى الثاني اذا تريد عبادي بالمعنى الاول طبعا متعلقه قربي اما عبادي اذا اردتم بالمعنى الثاني؟ لا ليس من الضروري طبعا او في لامر الاجاري العبادي بالمعنى الثاني، لا . الان العبادي بالمعنى الثاني او الثالث او .. الاخوة لازم يدونوها والا التعرض الى تشعباتها طول بها المقام

اذن النذر الذي يتعلق بالعبادة كونه عبادي بالمعنى الاول طبعا هو عبادي بالمعنى الاول وليس عبادي بالمعنى الثاني وكذالك الاجارة العبادية اما المعنى الثاني و الثالث هذا بحث آخر

هذا تمام الكلام في الاجرة على العبادات و لا وسوسة فيها بهذا اللحاظ و نلخصه على اساس ننتقل في الجلسة القادمة في الاجرة على غير العبادات

والحاصل ان الاجرة على العبادات انه داعي مباح اضف الى ذلك الادلة المتواترة الواردة انه تصلي صلاة لدفع اللاء سواء مصلحة دنيوية فضلا عن المصلحة الاخروية و تعلق النذر بهذه الامور فهذه جملة من الادلة الدالة على صحة تعلق الامر الاجاري بالعبادة النيابية و غير النيابية

هذا تمام الكلام اذا بقي شي للاستدراك سنذكره و لكن سندخل على الاجرة على غير العبادات .