الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/08/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التعبدي والتوصلي والنيابة

كنا في مبحث النيابة و التحقيق في مبحث النيابة مفيد لكي يتبين ان قصد القربة الموجود في النيابة غير مخدوش بقصد الاجرة و نيتها اعتبار الضمائم المباحة هل هي عرضية او هي طولية من هذا الباب التدقيق في هذا الجانب امر مهم .

كما مر ان اخذ الاجرة على الواجبات قسم منها اخذ الاجرة على العبادات و قسم منها على الواجبات التوصلية الكلام الكلام او اخذ الاجرة على الامور التي امر بها الشارع مجانيا الكلام الكلام وهي قواعد عديدة الا انها دمجت في عنوان واحد والا فهي قواعد في ابواب متعددة و لا زلنا نحن في اخذ الاجرة على العبادات و بحث النيابة

لتوضيح ان النيابة عبادية او ليست عبادية والامر الاجاري عبادي او ليس بعبادي طبعا من الواضح ان الامر بالايجاري توصلي وهذا لا كلام فيه عند الاعلام وانه امر توصلي كما ان الامر في جميع العقود المالية و غير المالية امر توصلي وليس عبادي طبعا مر بنا ان العبادي شأن والقصدي شأن آخر القصدي أعم من العبادي غالبا المعاملات قصدية وهذا لا يعني انها عبادية اذا صارت المعاملات عبادية ربما يكون تتبدل هدية الى صدقة او وقف و تترتب عليها احكام معاملية خاصة فاذن النيابة توصلية او عبادية ؟ الكلام في هذا المطلب والاجارة توصلية كما عن بعض الاعلام وان كانت قصدية ومر ان القصدي ليس على درجة واحدة قصد مركز و قصد غير مركز شبيه البحوث التي بحثوها –هذه ابحاث مفصلية نخاعية في الابواب الفقهية دور القصد في الافعال درجة القصد في الافعال بحث صعب معقد و معركة أراء عند الاعلام ما الفرق بين قتل شبه العمد و العمد مثلا ما الفرق بين قتل الخطاء و القتل الذي ليس بخطا مع ان القتل حصل الا انه ليس مسؤل عنه ولا يضمن شيئا لا دية ولا قصاص بل هو قسم رابع ذكروه في الديات افرض اتت ريح وعصفت بالسيارة و قتلت السيارة شخصا آخر هنا لا هو قتل خطا ولا هو عمد ولا شبه عمد لان الفعل ليس بفعله وانما وقع الفعل بسيارته التي يقتنيها الانسان او الذي فيها الانسان على شخص آخر لكن الذي فعل الفعل هو من؟... او مثلا اتت ريح و ضربت السيارة وتلك السيارة ضربت آخرمثلا فلا حظ اسناد الضمان – هذا البحث ليس خاص بالديات او القصاص- بل في مطلق الضمانات المالية مرتبط بالقصد و درجات القصد فان بحث القصد ودوره في الافعال بحث حساس معقد بانواع و انماط في الابواب ولذالك الاصوليون في بحث التعبدي و التوصلي قالوا ان النية لها ثلاث اركان ان لم يكن لها رابع وكلها قصدية -لا نري ان ندخل فيه- هذا اذا كانت كلها قصدية العمل المتوجه اليه المقصود قصدي فعل القصد قصدي الداعي الذي يتحرك منه نحو العمل قصدي اجمالا المهم ان القصد دوره مهم في الافعال و الابواب ودرجة القصد ايضا مهمة

ذكر الاعلام هذا المطلب وهو في باب الحيازة قالوا الحيازة قصدية لكن لا يشترط فيها مثل القصد الذي يشترط في المعاملات فان ادنى درجات القصد الارتكازي كاف بينما هذه الدرجة من القصد في انشاء البيع و انشاء المعاملات غير كاف انظر الى درجة القصد فهي ايضا مهمة تارة القصد لابد منه لكن باي درجة؟

على كل هذه البحوث مهمة صناعية مثمرة هنا لناتي الى الاجارة امر توصلي ولا كلام فيه بين الاعلام لكنه قصدي وح ما هو النزاع في المقام عندهم في الامر الاجاري ؟ النزاع في ان الاجارة عندما تتعلق بالعبادة و النيابة تتلون بلون عبادي ام لا؟ هذا هنا الكلام وما الثمرة؟ ستاتي الثمرة. هل تصير عبادية ام لا؟ اذن لا كلام لهم في انها في ذاتها توصلية قصدية لكن هل تنقل الى عبادية بتعلقها ؟ هذا الكلام الذي ذكره الاعلام بعينه اختلف فيه الاعلام في النذر وانه هل هو عبادي او هو توصلي ؟ اما قصدي فانه قصدي لا محالة كالنذر و اليمين و العهد ثم اذا كان توصلي قصدي و تعلق العبادة هل يتلون بالعبادة و يئول صيرورة الى عبادي او يبقى توصلي النذر و اخواه . معركة اراء بين الاعلام له ثمار معركة اراء بين النائيني و العراقي و الكمباني .

العبادي ايضا كما مر بنا في بحث التعبدي و التوصلي عند الاصوليين – انظر انك اذا تريد ان تحلل مفردة تحتاج الى برقي، درنفيس، اسبانة، الى ان تحلل المكينة بتمامها على اساس ان تصير المكينة للسيارة قوية – العبادة في العبادات اليس مثلا الصلاة عبادة الوضوء عبادة الغسل عبادة التيمم عبادة غسل الميت عبادة الصيام عبادة الزكاة الخمس الجهاد عبادة وكذا الامر بالمعروف و النهي عن المنكر حيث ادرجه مشهور طبقات الفقهاء في العبادات، المتاخرون اسشكلوا في انه ما الدليل على ان الامر بالمعروف انه عبادة و كذا الخمس فانه وان ارتضوه بانه عبادة الا ان تخريجه الفني صعب، -انا لا اريد ان ادخل في التفاصيل بل انما اريد ابين ان البحث حساس جاري في الابواب المختلفة- وكذا الجهاد فانه كيف يكون عبادة هل تقصد كونه في سبيل الله؟ فانه تلقائيا في سبيل الله والا من اهل المدينة الذي جاء و جاهد في الاحد وجاهد جهاد الابطال فقالوا لرسول الله صلى الله عليه واله فلان يلفظ انفاسه الاخيرة فقال صلى الله عليه واله الى النار قالوا يار رسول الله جاهد جهاد الابطال فقال اذهبوا واستطلعوا منه فذهبوا ولما وجدوه قالوا له بارك الله فيك يا فلان هنيئا لك الجنة فقال اي جنة و اي نار انا لا اقاتل معكم لاجل الجنة او النار انا ذهبت لأجل حماية سعفات المدينة انظر الى هذا التوجه فاذن لم يكن قتاله في سبيل الله

الان افترض انت موجود في بلد اجنبي و بين اجنبي و اجنبي صار حربا نوويا او غيره ... انت كمسلم ومؤمن لماذا تحارب ؟ نعم لو الجؤوك البعثيون الى الحرب لا تقصد القتال ل اذهب الى مكان آخر كما فعل ذلك المؤمنون في حرب البعثية والا المؤمنون لا ناقة كانت لهم ولا جمل . فاذا صار حربا فانك حتى لو الجاك شخص منهم في جهة ومكان معين فلا يلزم ان تنوي ان تدافع عن النظام اليورو وانما تنوي الدفاع عن نفسك فالقصد في الجهاد و المواجهة العسكرية ما تقصد؟ يسال يونس بن عبد الرحمن الفقيه الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام رواية صحيحة السند و افتى بها جميع الفقهاء في باب الجهاد سال ولو سؤال فرضي علمي لكن محل ابتلاء للمؤمنين فسال باني اكون في ثغر من ثغر المسلمين اي مرابط في حدود مع الدول المعادية فربما يهجمون عل تلك المدينة في زمن العباسيين اخوض معهم؟ اي مع الدولة العباسية في الجهاد قال الامام الرضا عليه السلام لا قال اذا لم اخوض في الحرب يستولي الكفار على المدينة و يقلبوها فقال اذا وصل الى هذا الحد انتجاهد بنية ابقاء الاسلام لان في دروس الاسلام دروس لذكر محمد صلى الله عليه واله واللطيف ان الامام الرضا عليه السلام في هذا الحديث يجعل الغاية من الاسلام هو ذكر محمد صلى الله عليه واله لا العكس اي ذكر النبي صلى الله عليه واله لاجل بقاء الاسلام لا الاسلام لاجل النبي صلى الله عليه واله ﴿فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا في‌ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْليما﴾[1] . فان الاسلام مقدمة الى طاعة النبي صلى الله عليه واله و طاعة النبي صلى الله عليه واله مقدمة لطاعة الله سبحانه.

المهم ففي هذه الصحيح ليونس بن عبد الرحمن يبين الامام عليه السلام انك لما تحارب لا تحارب لاجل الكيان العباسي كيان العاسي ثم ماذا الانسان يذب لاجل الدم؟ بل كيان الاسلام الذي بناه سيد الانبياء نعم ابذل نفسك فيه

فالمقصود الجهاد كيف هو قصدي؟ قصدي و عبادي؟ باي معني؟ وكثير من عبادات اخرى مثل ما مر بنا من ان كثير من الاعلام اعتبروا ان النذر عبادة هل العبادية في الصلاة و ما دونها بدرجة واحدة؟ لا لكنها عبادية فنفس العبادية بمعناها المعروف و هو قصد الامر لها درجات شدة و ضعف مع انه معنى واحد الا ان فيه في الدرجات وهذا هو الذي يدفع الاعتراضات و الاشكاليات على بعض الاواب كيف انها عادية كالامر بالمعروف و النهي عن المنكر، علاوة على ذلك ،

نبدا حيث انتهينا امس

انتيهينا امس ان التعبدي و التوصلي عند الاعلام في باب التعدي و التوصلي الذي ذكروه في علم الاصول له عدة اصطلاحات لا يهمنا كلها خمس اصطلاح لا اقل اثنين منهما

الثاني من معنى التعبدي –يعني هناك تعبدي بمعنى المعهود وهو قصد الامر وقصد كذا و داعي القربي ولكن هذا التعبدي قد لايكون تعبدي بالمعنى الثاني بالمعنى الاخص هذا تعبدي بالمعنى الاعم بالمعنى الاخص ليس تعبدى التعبدي و التوصلي بالمعنى الاخص: لشرح هذا الاصطلاح وهو اصطلاح ليس باصطلاح جزاف خاض فيه الاصوليون والفقهاء بل اصطلاح يعني حقيقي محل ابتلاء في الابواب الفقهية هذا الاصطلاح يج ان نلتفت الى اصطلاح الامتثال و الاداء،

ماهو الفرق بين امتثال الامر او اداء الامر ؟ الاداء بالدقة في علم الكلام او علم الاصول او علم الفقه يختلف عن الامتثال فان كل امتثال اداء و ليس كل اداء امتثال الفرق يقولن في الاداء كما في علم الكلام يسقط العقوبة لكن الاداء لا يستحق به الانسان مادام اداءا فقط لا يستحق ه الثواب فالاداء المتمحض في الادائية مسقط للعقوبة و ليس موجب للثواب الثواب موقوف ومرهون ومعلق على الامتثال والامتثال ان تاتي و تطيع الامر و تاتي بالعمل الماموربه بداعي هذا وبالتالي يصير قربي

اذن الثواب لا يعطى عليه الانسان الا اذا ... مثلا السيد اليزدي في الاغسال اذا عليك اغسال غسل الجمعة و الجنابة و مس الميت و الزيارة و نصف شعبان اجتمعت عليه في يوم واحد لكن انت نويت غسل الجنابة فقط يكون الغسل اداء لجميع الاغسال و امتثال لغسل الجنابة لانك نويت غسل الجناة فقط من دون ان يكون امتثال لتك الاوامر للاغسال الاخرى بل حصل اداء لتك الاغسال من غسل الجمعة او مس الميت او الزيارة او الحيض او جنابة سابقة عن الحيث او بعد طهر من الحيض فبالتالي اذن اذا قصد المكلف تلك كل الاوامر سيكون امتثال لها كلها اذا قصد بعضها سيكون امتثال لعضها و اداء للعض الاخر و الاداء يعني لم ينبعث من الامر الذي اتاه من غسل الزيارة الا انه اداه ففرق بين الاداء و الامتثال

سوال: هنا غسل الجنابة لما نوى و لم ينو غسل الجمعة و لا غسل الزيارة الامر بغسل الزيارة امر عبادي و ليس توصلي فكيف صار اداء له اذن يمكن ان يتصور امر عبادي مع ذلك توصلي بالمعنى الثاني اي تاتي بالعمل العبادي لكنه غير منعث من الامر الخاص بالامر فيتادى الغرض فهنا لاحظوا غسل الجنابة اتى به بقصده ونواه هنا ماذا حصل ؟ هو اتى به عباديا وماذا؟ الزيادة على ذلك ماذا ؟ انبعث من خصوص الامر الذي اتاه من الجنابة بينما في غسل الزيارة او غسل الجمعة او غسل نصف شعبان اتى به عباديا الا ان هذه العبادية لم تتولد من الامر.

اذن العبادية لها معنين

المعنى الاول قصد قربى وهو المعنى المعهود.

المعنى الثاني ان قصد القربة قد انبعثت من شخص الامر فهذا تعبدي بالمعنى الاخص و تعبدي مغلض.

هنا بين الاصوليين و الفقهاء اختلاف هل الاصل الاولي في الاوامر العبادية بالمعنى الاول وهو المعنى المعهود ان يتعلق بفعل يجب ان يؤتى به بقصد القرى المعنى الثاني ان ياتي بالفعل بقصد القربى المنبعث من خصوص شخص الامر هل الاصل الاولي في الاوامر العبادية بالمعنى الاول ان تكون عبادية بالمعنى الثاني ؟ هل الاصل الاولي كيف في بحث العبادية في المعنى الاول قالوا الاصل الاولي هل انها توصلية او عبادية و بحثوا في هذا البحث وانه يجري الاطلاق؟ قالوا الاصل الاولي ان تكون توصلي بالمعنى الاول و الذذي لا يجري الاطلاق يقول مجمل الاحتياط يقتضي التعبدية و على ما ببالي صاحب الكفاية يذهب الى التعبدية يا ترى الترديد في التعبدية و التوصلية بالمعنى الثاني الاصل الاولي اللفظي و العملي ما شئت فعبر يقتضي التوصلية بالمعنى الثاني او التعبدية بالمعنى الثاني اختلاف بين الاعلام.

المعنى الثالث للتعبدي و التوصلي –مادام له ربط بالكلام ولا اريد ان اتوسع- ان تاتي انت ايها المكلف بشخصك لا بالنيابة توصلي يعني يمكن ان تاتي به بنفسك او تستنيب فانه ما ينافي التعبدي بالمعنى الاول.

المعنى الرابع – وله صلة ايضا- التعبدي ان تاتي به مباشرة و بشخصك في قبال ان تاتي به بالتسبيب تقول فلان قصر في شعري فلان احلق لي فلان اذبح عني الهدي بالتسبيب السيد الخويي ره و اكثر تلامذته يبنون على ان الهدي تسبيبي كاف و ليس نيابة، الذابح غير النيابة بل من باب التسبيب فيكفي ان نفس الامر ان يقصد قصد القربة ولا يحتاج للذابح ان يقصد قصد القربة ينما هناك جماعة من الاعلام منهم السيد الخميني و لعل السيد الكلبايكاني و هو الصحيح ان الامر نوي القربة و الذابح يجب ان يكون مؤمنا – في خصوص الحج- و ينوي القربة . المعنى الثالث نيابي و غير نيابي و المعنى الرابع تسبيبي و غير تسبيبي . هذه معاني اربعة.

يا ترى الاصل في الاوامر تعبدية بكل المعاني الاربعة او ببعضها او ماذا؟ بعضهم استدل بقاعدة – وليس باصالة الاطلاق او غيرها- يعني في التسبيبي اذا واحد امرته فسبب و قصر شعري اما اذا واحد قصر غفلة اي اتى احد صديقه من دون ان يامره فقصر غفلة فانه لا يكفي لانه ليس فيه تسبيب او قال اني ذبحت عنك سواء ارت ام لا فانه لايجزي عن هدي حج التمتع نعم يقع صدقة بل يجب ان يكون امر صدر من نفس الحاج- هذه المعاني الاربعة ليس بالضروري يستدل لها بالاطلاق او البراءة او الاشتغال بل قد يستدل لها بالايات وان الاصل الاولي هو التعبدي .

المهم تحليل هذه النقاط امر مهم على اساس ان نوضح ما خاض فيه الاعلام هنا لان النيابة مشوبة او غير مشوبة قصد الاجرة ام لا؟


[1] سورة النساء، الآية 65.