الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/08/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:نية العبادات و الدواعي الطولية

كان الكلام في الجهة العبادية في الاجرة على العبادات سواء نيابية او غير نيابية وفي مرحلة كما مر المنافاة الاجرة مع اصل التقرب حيث مر انه ليس هناك تدافع بين الاجرة و اصل التقرب لان اصل التقرب بالتالي يقوم به القلب ليس تحت وطاءة الاجرة

بقي الاشكال الثاني وهو ان الاجرة وان لم تتنافى مع القربة ولكن هناك تنافي بين الاجرة و خلوص التقرب، لان التقرب اصل وجوده غير مرهون بالرغبة في الاجرة ولكن ينافي خلوص التقرب فكيف يكون له خلوص لديه من الشوائب فالبحث في الخلوص اي الخلوص في النية مبحث يختلف عن مبحث اصل النية فاصل نية القربة شئ وبحث اركانها و شرائط صحتها والتي منها الخلوص وعدم الرياء شيء آخر . فعلى اي تقدير في ذاك المبحث الفقهاء قسموا الضمائم و الدواعي المنضمة الى الداعي القربي فقسموه الى قسمين قسم دواعي طولية و قسم دواعي عرضية ومر بنا ضابطة الطولية -وهو ان يكون مما يترتب على التقرب- و ضابطة العرضية -هو يتعلق بالعمل نفسه لا بالعمل بقيد القربة- ومر بنا ان هناك ضمائم مباحة و هناك ضمائم محرمة الضميمة المحرمة سواء كانت عرضية او طولية حتى غير الرياء فيها اشكال اذا كانت ضميمة محرمة سواء رياء او غير رياء فالضميمة المحرمة الطولية او العرضية اشكالها مشكل زيادة الرياء في الضمائم او الدواعي المحرمة ان الرياء حتى لو تعلق بملابسات الصلاة هو كشعلة بخلاف الضمائم المحرمة الاخرى اذاكانت عرضية ومتعلقة بخارج متن الصلاة اما ان يحتف بالصلاة فتلك يعني مثلا ربما يكون لها وجها من الصحة ففرق الرياء كداعي محرم عن بقية الدواعي المحرمة الاخرى هو هذا ان في الرياء تصير سراية فتسري حتى مع متعلقات هامشية لها نحو تعلق و تخصص و خصوصية بفردية الصلاة والا(اي لولا هذه السراية) فليس هناك فرق في الدواعي المحرمة هذا بالنسبة الى الدواعي المحرمة .

واما الدواعي المباحة كاخذ الاجرة في الدواعي المباحة اذا كانت طولية فالمشهور الاكثر غير النادر ذهب الى انها لا توجب بطلان العبادة مطلقا سواء كان الداعي لمتن العلمل او داعي لعوارض عارضة فردية الخصوصيات الفردية للعمل الدواعي الباحة الطولية لا توجب خدشة في العمل نعم هل تنافي كمال العمل هذا بحث آخر لكنها لا تنافي صحة العمل سواء كان الداعي المباح دنيوي كما لو صلى لتوسعة رزقه او ليستر الله عليه في الدنيا و الاخرة او في الدنيا او ليدفع عنه الشر او يجلب له الخير او ليرقه بنين او اولاد كل ذلك لا مانع منه بل وردت روايات في صحته روايات متواترة عديدة وهذا برهان على ان الدواعي المباحة الطولية لا اشكال فيها فلو كان قصد الاجرة داعي طولي لا اشكال فيه لماذا؟ لانه كما مر الان ان هناك روايات متواتر حتى لمصالح واغراض الدنيوية لا مانع فيها بل جملة من العبادات شرعت لغرض دنيوي لانه مادام الامر يمر عبر اليد الالهية و تصرف الهي منه عزوجل لا مانع منه لا ينافعي العبودية نعم العبادة على درجات وهذا صحيح تارة دنيوي هذا اقل حضا الداعي الطولي المباح فانه سائغ الا انه اقل حضا تارة داعي اخروي تارة خوفا من النار هذه عبادة العبيد رغبة الى الجنة هذه عبادة التجار شكرا الى الله او وجدت للعبادة احرى وهذه العبادة ايضا لها درجات لانها خوفا و طمعا او رهبا و رغبا خوف و طمع ما الفرق بين الخوف و الرهب والطمع؟ايا ماكان هذه على درجات حتى العبادة لاجل التقرب ايضا درجة فوق الخوف من النار او الطمع اما العبادة لذاته تعالى لا للخوف و لا الرجاء و لا للرغبة ولا للرهبة بل لوجهه هذه الوجه الله ايضا درجات لوجه الله او لاسم الله درجات حتى الخلوص درجات.

المعروف هكذا التقسيم لكن في روايات او الادلة الاخرى تدل على ان العبادة سواء لغرض دنيوي او اخروي و الاخروي على اقسام مرت بنا الان هه ليست مطلق عبادة الخوف من النار عبادة عبيد المعروف هو هذا لكن الادلة تدل على شيء آخر قضية الجمع بينها و ليست عبادة الطمع في الجنة عبادة التجار بقول مطلق ولا الخوف والرجاء او الرغبة و الرهبة او الوجه اذن كيف؟

المستفاد من مجموع الادلة – ولو المشهور ذهب الى ذلك اي ما مر آنفا – لكن مجموع منظومة الادلة شيء آخر. فان ابن سينا في احدى البحوث في الاشارات حول رياضة العارفين وان اقتبس ماهو معروف(عند الاعلام) من كلام امير المؤمنين عليه السلام ولكن الملاحظ من مجموع الادلة غير ما توهمه العرفاء او مشهور الفقهاء فان الظاهر من الادلة ان الذي فعل لخوف النار ليس الا، فهذه عبادة العبيد او كان المحرك الاقوى له هو الخوف من النار وهذه عبادة العبيد واذا كان المحرك الحصري او القوي الجنة فهذه عبادة التجار او الخوف والرغبة نفس الكلام وكذا التقرب فان الذي يصلي لاجل التقرب هذا ايضا ليس بخالص لان فيه غاية وهو التقرب او الخوف اذا لم يكن سببه الخوف من النار بل الخوف من النار المعنوية يبين في دعاء كميل (فَهَبْنِي يَا إِلَهِي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ وَ رَبِّي صَبَرْتُ عَلَى عَذَابِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلَى فِرَاقِكَ وَ هَبْنِي صَبَرْتُعَلَى‌ حَرِّ نَارِكَ‌ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ إِلَى كَرَامَتِك‌)[1]

فان الفراق نار اخطر و اشد فهذه مراتب اذاكانت هذه المراتب احدها فهذا ينافي الاخلاص بتلك الدرجة اما اذا كان هو يندفع مع كل هذه المراتب و الدرجات والاندفاع الاكبر هو الاندفاع من وجه الله واسماء الله في مناجات الشعبانية ولهم بذكرك وهمتي في روح نجاح اسمائك فانها فوق الخوف و الرجاء فوق الرهبة و الرغبة فضلا عن الجنة و النار فضلا عن التقرب ايضا ..

( وَ أَلْحِقْنِي بِنُورِ عِزِّكَ‌ الْأَبْهَجِ‌ فَأَكُونَ لَكَ عَارِفاً )[2] ( إِلَهِي هَبْ لِي كَمَالَ الِانْقِطَاعِ إِلَيْكَ وَ أَنِرْ أَبْصَارَ قُلُوبِنَا بِضِيَاءِ نَظَرِهَا إِلَيْكَ حَتَّى تَخِرَقَ أَبْصَارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ إِلَى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ وَ تَصِيرَ أَرْوَاحُنَا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِك‌)[3]

هذه مثل عالم الاسماء فانها اعظم من عوالم اخرى لكن المستفاد من الادلة ان المراتب النازلة للانسان ليس عندها قدرة درك مراتب العلياء فتتحرك بالمراتب النازلة يعني الدنيوي يتحرك بحسب الدنيوية و البرزخي يحرك البرزخية الخطاء في الانسان انه لا يفعل طبقاته الفوقية لا ان الخطاء ان يحرك طبقاته النازلة ببنزين و وقود نازلة هذا ليس بخطاء او ليس هو دون الكمال بل طبيعته تتحرك بهذه الطريقة وهذا باب واسع معقد في حالات الكمال بقول مطلق المعصومين عليهم السلام لكن الاهم في الانسان ان طبقاته العلياء يجب ان تكون مفعلة و منشطة و هي لها الدور الاكبر بطبعة وجودها التكويني و طبقتها التكويني هي لها الدور الاكبر اذا نلاحظ في مناجات الشعبانية من اولها الى خرها العتاب على شيء واحد وهو تجميد الطبقات العليا في الانسان وماهي الطبقات العليا ؟ الغفلة شرة السهو عنك يعني عدم تفعيل القلب و العقل و ما فوق العقل و القلب في الانسان لان تلك اذا كانت مفعلة تهيمن على كل طباقات النازلة للانسان فتكون تلك كلها تبع الى تلك الحالة العلياء .. فَتَصِلَ إِلَى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ.. وَ أَلْحِقْنِي بِنُورِ عِزِّكَ‌ الْأَبْهَجِ‌ فَأَكُونَ لَكَ عَارِفاً وهذه هي الغاية كل مناجات الشعبانية من اولها و آخرها ... بل كل مبحث العلم والمعرفة يفعل طبقات الانسان ولا يفعلها مدة قليلة و تعطل هذه المحطة والمولدة للطاقة بعد فترة و تكون مولدات قصيرة هناك مولدات اساسية و مولدات قصيرة المولدة الاساسية المفروض ان تكون للطباقات العليا في لانسان تفعيلها و حس الشوق الانسان اشد الشوق هو الشوق الاسمائي وهو غير الشوق الحيواني و و العقلي و النازل الاخر فاذن ليس هناك ذنب لتحريك الطبقات النازلة للانسان انما الذنب اذا جعل الحصر او المرتبة القوية هي تلك المراتب النازلة او المتوسطة ذهنب بهذا المعنى والا اذا كان التحريك موجود والا هناك رواية احد الاصحاب راى الامام زين العابدين عليه السلام في ليلة وهو في اجمل لباس و ايضا الامام الحسن عليه السلام- ولا انفي بقية الائمة عليهم السلام لكن حسب الموجود في الروايات - كانا يلبسان اجمل لباسهما كانما يزفان الى الاعراس فقال للامام زين العابدين عليه السلام الى اين يابن رسول الله – وهو كان يذهب الى مسجد جده رسول الله صلى الله عله واله - قال اى خطبة حور العين – مع انه كان ذاهبا للصلاة و النوافل- لقوله تعالى ﴿يا بَني‌ آدَمَ خُذُوا زينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾[4] ومن المستحب ان يتزيا بزي انیق و یکون جميل اللباس و العطر عند لقاء الله وهو الصلاة نحن للاسف نعمل بالعكس، فقوله عليه السلام (لخطبة الحور العين) لا ينافي كمال عبادته عليه السلام لان الامام زين العابدين عليه السلام ليس هدفه الاقصى ذلك، نفس التعلميات الموجودة في دعاء الكميل او دعاء ابي حمزة الثمالي تصلح ان تكون دليلا على ان الخوف من النار ليس منبوذا مطلقا او ليس محل عتاب مطلقا نعم اذا اقتصر الانسان عليه هذا خطا لانه حرم نفسه من الكمالات العليا اما اذا فعل المراتب العليا بالعكس و خلاها هي الفاعلة لا انه يخلي المراتب النازلة عنده كلها فاعلة و في رواية عن الامام زين العابدين عليه السلام عجبت ان ابي كيف خلف اولادا لانه كان دائم العبادة فمتى يفرغ هذا قوة النظم و التدبير للامام الحسين عليه السلام بحيث يتعجب الامام زين العابدين عليه السلام متى يفرغ لمقتضيات الجسد الشريف و كيف خلف اولادا .

المقصود ايا ماكان ولذالك سيد الانبياء صلى الله عليه واله و ليس هناك اعظم منه و صلاته بتعبير الامام الصادق عليه السلام اشد بمراتب من عبادة امير المؤمنين عليه السلام مع انه في التورات و الانجيل انه نكاح و هذا لا ينافي ذلك هناك رواية تدل على هذا المطلب ببيان عقلي و معنوي و عرفاني وجود في كفاية الاثر في النص على الائمة الاثني عشر للخزاز الاشعري القمي المعاصر الصديق للصدوق فيما رواه عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام حسب احد كبار اهل المعنى يقول تلك الرواية فيها بيان لانواع من المدارس ما يصطلح عليه اخيرا بالمدارس العرفانية يبينها الامام الصادق عليه السلام

ولكي لا استغرق في البحث كثيرا اقول: ان هذا الدواعي كونها محركة لا تنافي الكمال نعم اذا اقتصر عليها و جعهلها المد الاساسي فح سيكون هبوط في الكمال و ترك الاولى لا انها كونها دواعي مطلقا .

وعلى كل فهناك ادلة كثير تدحض الفهم المشهور المنطلق من كلام امير المؤمنين عليه السلام او من كلام الائمة عليهم السلام فانه ليس المراد، وهذا بحث طويل الذيل لا اخوض فيه الا ان الصحيح هو بهذا المعنى الذي مر بنا بل سبب عظمة سيد الانبياء صلى الله عليه واله على نبي عيسى او على نبي ابراهيم او على موسى ما هو ؟ ان السبب هو ان سيد الانبياء صلى الله عليه واله شمولي لكل الشئون من دون تنافي بين بعضها البعض نبي عيسى حصور لكن ليس هذا كمال مطلق بل هو كمال نسبي بخلاف سيد الانبياء فانه مع كونه نكاّح الا انه يعبد عبادة لا يقوى عليها احد ولذا ورد لم تحرمون طيبات ما احل الله لكم نزلت هذه الاية في جمع من الصحابة حيث قال احدهم ساصوم الدهر كاملا و الاخر قال ساقوم الليل كاملا.. طبعا نسب هذا الجمع في امير المؤمنين عليه السلام انه لا ياكل كذا و لا ينام كذا فقال النبي صلى الله عليه واله ما لاقوام يبتعدون عن سنتي و لكن هناك بينا في مقدمة التفسير ان هذا ليس عتاب لامير المؤمنين عليه السلام لنكتة بينها .

ايا ما كان فالرسول قال اني اكل اللحم و اجوع و اصوم وافطر و انكح و اصلي العظمة في سيد الرسل انه مع انفتاحه على كل تلك المجالات يبقى الانسان كامل متكامل و هذه هي الصعوبة والا فالانسان يعود نفسه على وتيرة واحدة فان هذا ليس بكما و لا تكامل فهذه الادلة و ادلة كثيرة على ان هذه الدواعي ليست نقصا او خلاف الكمال بل هل كمال اذا كانت الجهات العليا مفعلة اما اذا كانت الجهات العليا مفعلة دونها هذا ليس كمالا بل بالعكس لانه انما استطاع ان يفعل جهات العليا الاخرى من دون مشاغبة الجهات المتوسطة المهارة و القوة ان تلك الجهات تكون مفعلة لكن مروضة بالجهات العليا وهذا هو لب القاعدة الصادقية عن الامام الصادق عليه السلام في كتاب كفاية الاثر في النص على الائمة اثني عشر الحث معقد واقول انا ما اشتهر بين فلا سفة الشعية او مفسريهم ليس في محله بل المراد هو ما ذكرناه اذن الدواعي الطولية لا اشكال فيها كما مر اذا كانت مباحة اما الدواعي العرضية ففيها تفصيل ذكرناها و بين الاعلام اختلاف الاكثر على انه اذاكانت الدواعي العرضية سهمها في الداعوية اقل اي ليست هي مؤثرا بل هي مؤثرا ضميمية و ليست بنحو التساوي بل بنحو الضعيف لكن مساهمة، فالاكثر عندهم لا اشكال في الصحة نعم فيه غضاضة في الكمال هذا بحث آخر لكن لا اشكال في الصحة يعني يتوضا ليصلي الداعي الاصلي لكن البرودة في الماء او الماء الساخن ايضا يشتاق اليها لكن هذا داعي ضئيل اما اذا كان تساوي اي كل منهما يستطيع ان يؤثر بنفسه الداعي القربي و الداعي المباح السيد الخوئي يصحح لكن البقية يستشكلون ففي الصغرى نزاع لان كل منهما يؤثر اما اذا كان كل منهما لا يؤثر الا انهما معا يؤثران فالاكثر قالوا بعدم الصحة اي لو انفرد القربي لم يؤثر و لو انفرد الداعي المباح ايضا لم يؤثر اما معا يؤثران فهذا ليس بصحيح فاذن في الداعي القربي صورة متعددة في الصحة الذي محل تسالم الاكثر هو اذا كان الداعي القربي هو المؤثر سبعين او ثمانين بالماءة مثلا و ذاك الداعي القربي مؤثر عشرة بالماءة او عشرين او ثلا ثين بالمأة هنا الاكثر يقولون بالصحة اما خمسين خمسين او كل منهما سبعين سبعين فالاكثر يقول بعدم الصحة اذا اثرا معا اما اذا كان كل منهما بمفرده يؤثر هنا السيد الخويي ره يقول بالصحة اما الكثير يقولون بعدم الصحة و هو الصحيح .

المهم الان عرفنا بحث الداعي العرضي و الداعي الطولي لنرى ان الطمع في الاجرة من اي صنف من الاصناف؟


[1] إقبال الأعمال - ط القديمة، السيد بن طاووس، ج2، ص708.
[2] إقبال الأعمال - ط القديمة، السيد بن طاووس، ج2، ص687.
[3] إقبال الأعمال - ط القديمة، السيد بن طاووس، ج2، ص687.
[4] سورة الاعراف، الآية 31.