الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/07/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: جملة من أحكام الظنون غير المعتبرة

بعض المبهمات الاخوه يصرون على البسط الحديث عنها فيما تقدم من تمييز الاحكام ان شاالله نراعي هذا البسط في التوضيح لكن دعونا نقرا بعض الروايات عسى ان نختم المسالة اجمالا وان كانت البحوث الصناعية مهمة جدا وهي حقيقة الاستنباط الفقهي

الرواية اللاحقة يرويها الصدوق ره بسند صحيح عن ابن ابي عمير و هو عن البطائني و هو عن ابي بصير و من الواضح ان هذا قبل انحراف البطائني لان الرواة الامامية الاثنى عشرية رووا عن البطائني قبل انحرافه و بعد انحرافه قاطعوه فاي رواية يرويها الامامي لا سيما الاجلاء و الكبار يرويها عن البطائني فانها قرينة على ان الرواية نقلت عن البطائني و حملت عنه ايام استقامته لا سيما ان البطائني انحرف في آخر حياته وانه بعد ما انحرف بشهادة الامام الكاظم عليه السلام لم يبق كثيرا

لانه كثير الرواية بل سيرة الرواة الكبار الاجلاء سيرتهم روايات البطائني فيما كان الراوي عنه واقفي كالحسن بن سماعة ايضا كانوا لا يطمحون برواياتهم وان لم يعملوا بها بمفردها بل اذا كان هناك شاهد و قرينة

فالمقصود ان سيرة علماء الامامية في زمان الرضا او الجواد او الهادي و الحسن العسكري عليهم السلام و ما بعد ليس على نبذ روايات البطائني و هذه النقطة لطيفة انه اذا سيرة الرواة الاجلاء الثقات النجوم من اصحاب الائمة عليهم السلام تجاه راوي مبنى الوحيد البهبهاني و الميرداماد و مبنى المجلسيين و مبنى كثير من الاعلام سيما افترض رواة الاجلاء النجوم من اصحاب الائمة عليهم السلام يقدمونها على راي النجاشي او الغضائري او الطوسي. و هو الصحيح .

مثل تعبير الشيخ الطوسي ره اجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم استند بسيرة الاصحاب فالانسان اذا استطاع ان يقف على سيرة علماء الطائفة – لا الرواة- هذا بلا ريب اقوى مصدريا من النجاشي و الغضائري وكثيرا ما يرى مخالفات كثيرة و لك ان تكتفي بهذه الظاهرة المدرسة البغدادية عموما -غير مدرسة القمية و الكوفية – تأثرت في الكلام و علم الرجال بطبقات من تلاميذ فضل بن شاذان و هذه المدرسة عندها حدة في المواقف الكلامية و في المواقف الرجالية وهذا ملخص يعني العياشي او الكشي و امثالهم رضوان الله عليهم هم من طبقات تلاميذ فضل بن شاذان و الفضل بن شاذان جليل لكنه حاد الى آخر حياته و ربما صدر منه توقيع الامام الهادي عليه السلام في ذمه لهذا الجانب كان يحادد في نيشابور وكيل الامام الهادي عليه السلام مع انه جليل الا انه بشر والا فالطعون على محمد بن سنان كثير منها صدرت من تلميذه وهو اي الفضل ايضا تلميذ محمد بن سنان مع انه راوي روايات المعارف لكن مشربه مشرب آخر .

اجمالا و لا اريد ان اتوغل في كثير من المباحث الرجالية اولا مدارس الرواة بينها اسطكاكات علمية شديدة موجودة ومما يشهد لذلك رواية معتبرة مضمونها انه كان بعض القميين يكفر يونس بن عبد الرحمن في محضر الامام الرضا عليه السلام فاخفاه خلف الستار ثم بعد ما ذهب بعض القميون – وليس المراد كلهم والا فالصفار مثلا او سعد بن عبد الله ليسا هكذا – فتاذى يونس من كلامهم حتى بكى فقال له الامام عليه السلام ما يضرك اذا كان امامك عنك راضيا موجودة هذه القضايا فان التعاصر داء لا دواء له

فالمدرسة البغدادية متاثرة بتشددات من مدرسة فضل بن شاذان -و هي غير مدرسة الكوفية لان مدرسة الكوفية اوزن و اكثر وسطية - المدرسة القمية بعض خطوطها متشدد و حاد و يندمون على حدتهم و مع ذلك حادين و بعضهم وسطيين

من ثم هذه النقطة المهمة وهي ان سيرة الرواة الاجلاء من اصحاب الائمة عليهم السلام الفقهاء و النجوم اوكد في الاعتماد من طبقات اربع بعدهم او خمس طبقات تاتي الى النجاشي لان هناك وسائط كثيرة الى النجاشي مع ان اولئك معاصرين و مع ذلك تراهم يكثرون الرواية عن هذا الشخص او يكثرون الاعتماد على هذا الكتاب وحينئذ فما هي قيمة قول النجاشي او الغضائري في جنب هذه السيرة؟ لاسيما هو (اي النجاشي) متاثر بمدرسة فضل بن شاذان وعلى كل هذه فائدة في علم الرجال ضعوها نصب عينكم تثبتوا و تحققوا من صحتها لانها اعتمد عليها الوحيد البهبهاني ره استاد بحر العلوم و كاشف الغطاء الميزا القمي و النراقي و غيرهم من الكبار و يعبر عنه المجدد

اما الرواية

وَ فِي الْخِصَالِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: مَنْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه واله قَالَ قُلْتُ: فَالْقِيَافَةُ قَالَ مَا أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ وَ قِيلَ مَا يَقُولُونَ شَيْئاً إِلَّا كَانَ قَرِيباً مِمَّا يَقُولُونَ فَقَالَ الْقِيَافَةُ فَضْلَةٌ مِنَ النُّبُوَّةِ ذَهَبَتْ فِي النَّاسِ حِينَ بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه واله.[1]

فهذه الرواية معتبرة اجمالا وان كان فيها البطائني الملعون

قوله عليه السلام(:مَنْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه واله) يعني الاعتماد على الكاهن و كانما وحي منزل و انه يبين كل الواقعيات فهو حرام و الكهانة نوع من الارتباط بالجن و ما اكثر من يزاوي الغيبيات و هو مرتبط بالجن من حيث يشعر او لا يشعر

قوله عليه السلام (قَالَ قُلْتُ: فَالْقِيَافَةُ قَالَ مَا أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ) و لم يقل مثل ما قال في الكهانه لانهم مرتبطين بالجن

قوله عليه السلام (وَ قِيلَ مَا يَقُولُونَ شَيْئاً إِلَّا كَانَ قَرِيباً مِمَّا يَقُولُونَ) تتمة من قول الامام عليه السلام يعني يريد ان يقول ان كلامهم له نسبة من الصحة لكن لا يعتمد عليه

قوله عليه السلام (فَقَالَ الْقِيَافَةُ فَضْلَةٌ مِنَ النُّبُوَّةِ ذَهَبَتْ فِي النَّاسِ حِينَ بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه واله).

اي: اصلها من النبوة اي من العلوم الوحيانية لكن ليست موجودة بكاملها عند الناس لذا لا يعتمد عليها شبيه علم النجوم اصله من علوم الوحي لكن الاعتماد عليه بما هو موجود عند الناس ليس بصحيح لانه ناقص

الرواية التالية ايضا نقرأها لانها مرتبطة سواء بالقيافة او غيرها من علوم محرمة او غيرها

مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ فِي آخِرِ السَّرَائِرِ نَقْلًا مِنْ كِتَابِ الْمَشِيخَةِ لِلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْهَيْثَمِ قَال‌...

ابن ادريس ينقل عن كتاب المشيخة ونقولات ابن ادريس في المستطرفات عن الكتب التي انتقاها هي عن كتب مشهورة -خلافا لاعتراضات السيد الخويي ره حيث قال بان اسانيد ابن ادريس لتلك الكتب ضعيفة- والشاهد على ذلك ان المحقق الحلي مع الفاصل بينه و بين ادريس لا اقل نصف قرن في كتابه المعتبر في الفائدة الرابعة يجعل المصادر التي ذكرها ابن ادريس منابع و كتب مشيخة اي منابع لكتابه من كتب المشايخ المشهورين المحقق الحلي في المعتبر في المقدمة الرابعة يجعل هذه المنابع اشهر من الكتب الاربعة او بموساواتها فليست هي كتب غير مشهورة و انها تحتاج الى اسانيد وانها احاد بل هي مشهورة يدا بيد و ارساله كثير لذلك من القرائن التي ذكرها الميرزا القمي و المجلسي و غيرهم من الكبار ذكروا فائدة رجالية مهمة حول الكتب المشهورة نقلنا كلامهم مجلدات الرجال

نرجع اجمالا الان الاخوة ايضا يتسائلون في نفس الباب الرواية الاولى تقول فِي حَدِيثِ الْمَنَاهِي‌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص نَهَى عَنْ إِتْيَانِ الْعَرَّافِ وَ قَالَ مَنْ أَتَاهُ وَ صَدَّقَهُ فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى مُحَمَّدٍ ص.

فهل هذا يدرج الرياضات الروحية في القسم الاخير المنهي عنه او ام لا؟

النكتة في البين هذا المطلب وهو ان بعض النواهي عن الظنون غير المعتبرة ليست من قبيل النهي عن القياس ا وعن السحر او عن الكهانة السحر هو في نفسه آلية ادراك محرمة عند الشارع القياس و الاستحسان عبر عنه القياس يمحق الدين واحد يعود نفسه على القياس و الاستحسان فانه يمحق الدين بل حتى طريقة الاستنباط تكون مختلة فيا ترى كل نهي عن الظنون غير المعتبرة من هذا القبيل ام ماذا شبيه سوال سالته عن العلم العيلم السيد أحمد الخوانساري ره انا حتى السطوح العالية امتثالا لنهي السيد الكلبايكاني ما درسنا الفلسفة بعد ما قوي عودنا في الاصول رخصوا الاعلام فدرسناه فانا سالت من ضمن الاعلام العشرة الكبار ان الفلسفة محرمة ام لا؟ قال فيها غث و سمين و فيها افق محبوس بشري لكن يقول السيد احمد الخوانساري ره لم اقف على من يحرمها ذاتا لكنها فيها ما فيها نعم لمن يقوى و عنده قدرة عقلية رياضة يرتاضها من دون ان يحبس نفسه و يعرف ان يميز غثها من سمينها و لا ينقطع عن الوحي و موادها و لا ينقطع عن المدارس الكلامية في الرد عليهم اجمالا لا ضير في ذلك وهذه هي فتوى السيد احمد الخونساري ره يعني مثل ثروة تصورية -كما مر مرارا- فلا ياخذها من المسلمات ولا يحبس نفسه عليها او يصنمها هذا كله انحراف في المنهج

ارجع الى العبارة فبعض النواهي الموجودة حتى النهي عن الصوفية و الانحرافات الموجودة عندهم لكن في قبال ذلك ترى روايات في بصائر الدرجات او غيرها مثلا الامام زين العابدين عليه السلام يسال الى اي شيء وصل عالمكم المقصود العالم في الرياضات الروحية و ليس عالم اصول و فقه فقال يمشي كذا يوم و هذه روايات موجودة مستفيضة فقال الامام زين العابدين عليه السلام هكذذا قدرته ؟ قا لنعن قال عليه السلام عالم المدينة خلال دخولك للبيت قد طوى اثنا عشر الف عالم واحد آخر رجل يمني دخل على الامام الباقر عليه السلام فساله اي شيء يقدر عليه عالمكم قال كذا من القوة الروحية سواء طي الارض او شيء آخر لان طي الارض ليس كما قد يتخيل ضروري ان يكون من الكرامات يعني تقوى او انه معجزة لا طي الارض يتمكن منه بعض المرتاضين ولو كانوا مشركين المعروف من الشيخ البهائي المعروف انه عنده قدرة لطي الارض وكان يلاحق مرتاض هندي بوذي وثني بتوسط طي الارض المقصود طي الارض قدرة روحية او قراءة الخواطر قدرة روحية يصل اليها الانسان ولو كان عابد وثن وهذه القدرات الروحية النالة ليست بمعجزة ولا كرامة وانما يعطيها الله حتى للكافر لما ورد في ما هو مضمونه لاعطين الحكمة لمن زهد في الدنيا ولو كان كافرا فالرياضات الروحية في حين ان يذم الائمة عليهم السلام الصوفية و غيره لكن لا ينكرون اصل الرياضة الروحية هو حتى السحر رياضة روحية الا انها حرام او الرياضات الروحية ينكرون واقعها التكويني لاجل ان فيها سلبيات سلبياتها على حالها لكن ليس انها لا واقع تكويني لها و الا فالرقص محرم لان الصوفية كذا او تلذذ اعوذ بالله بالغلمان و عندهم اعوذ بالله من هذه القضايا و عندهم الموسيقيا كلها حرام في حرام او حتى هذه العربدة كانما هي حالة وجد روحي التي يصفها الامام الهادي عليه السلام كتب كتابا جيدا الحر العاملي في ذم الصوفية اقول هذا الذم على حالة روايات اخرى تقول رياضة روحية موجودة شيء آخر فان خلطهم بالسلبيات لا يعني اصل الرياضة الروحية ليست بموجودة فلا نخلط بين الملفات كما ان ذم الفلسفة لا يعني ان التدبر العقلي مذموم في نفسه هذا شيء آخر نعم الاسلوب والمنهجية و غور الفلاسفة و استغنائهم عن الوحي و الانبياء هذا خطا الاخذ بكلمات الفلاسفة كانها وحي منزل باطل خطا لكن لا يعني ان اصل اللغة العقلية في الشرع مشطب عليها او الرياضة الروحية او القلبية مشطب عليها هذا الافراط و التفريط خطا في خطا امر بين الامرين جادة وسطى شئنا ام ابينا

على اية حال والا التفريط ايضا يزج بالمسير الى المادية الوسخة و عفونتها ليست بالشيء السهل الموازنة بين الغيب و المادة و هذا النهج الوسط نهج النبي صلى الله عليه واله و اهل بيته عليهم السلام والا الرياضات الروحية التي قام بها النبي واهل البيت عليهم السلام لم يقم بها اي مرتاض هندي و لا صوفي و لا .. رياضات شديدة شاقة وليست بالشيء السهل

نرجع الى هذا المطلب فالمهم الان اذن النهي الوارد في جملة من الامور كله من قبيل النهي عن السحر او ماذا؟ لا . جملة من موارد النهي مثل هذا النهي عن الفلسفة او المشرب العقلي او المشرب القلبي الروحي بالدقة هو ليس نهي عن اللغة العقلية بل نهي عن تلك المنهاج المشوبة المختلطة والا في علم الاصول حجية العقل مسلمة عند الاعلام -مع اختلاف في دائرته- حجية الفطرة او الوجدان اوحجية اللغة الحضورية ايضا مسلمة عند الوجدان و استعملها الوحي الى ما شا الله و ليس المجال لذكرها فالمقصود يجب ان نميز بين النواهي و بين بعضها البعض و ليست على وتيرة واحدة مثلا في القيافة الشارع يقول لا تعتمد عليها نفس القيافة محلل الاعتماد عليها خطا ينهى عن الاعتماد عليها لا ان الاطلاع عليها محرم كذا علم الرمل من علوم الانبياء فانه ليس بمحرم وان كان فيه آثار سلبية و انه يوجب الفقر اذا مارسها وكذا علم الجفر فان الاطلاع عليه محلل فانه ليس بمحرم لانه من علوم الانبياء لكن الموجود عند الناس ناقص فينهي عن الشيء كشيء معتبر لا انه ينهي عن اصل الاطلاع عليه ففرق بين تلك الامور يجب الالتفات اليه فالقيافة ليست بحجة

اذكر نقطة و نكملها غدا وهي:

ماذا عن علم الوراثة في علم الجينات (DNA) ؟ هل يعتد عليه ام لا ؟ داخل في القيافة ام لا ؟ هناك جملة من اعلام المعاصرين حفظهم الله قال انه اذا اوجب العلم يؤخذ به يرفع اليد عن قاعدة الفراش اما اذا كان ظن كسبعين او ستين بالماة لا يؤخذ به لماذا؟ التنقيح باي معنى؟ و كيف يتوافق مع علم القيافة ؟ ان شا الله نخوض فيه غدا.

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج17، ص149، أبواب ما يكتسب به، باب26، ح2، ط آل البيت.