الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/07/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اقسام الظنون في نظام الحجج

مر بنا ان بحث القيافة نموذج لبحوث عديدة حول الظنون غير المعتبرة و انه هناك ظنون معتبرة في الشبهات الموضوعية اعتبرها الشارع وامر باعتمدها و لو في قبالها ظنون اخرى كثيرة غيرمعتبرة

مر بنا تقسيم رباعي او خماسي لهذه الظنون امس وبقي بعض الشيء نذكرها في الفوارق بين الظنون غيرالمعتبرة و الظنون المنهي عنها كثير من اهل الفضل غفلة او سطحية يمزجون بين الظن غير المعتبر و الظن المنهي عنه الظن المنهي عنه كالقياس او السحر او قول الجن و الشياطين مثلا هذه الظنون منهي عنها ليس فقط منهي عنها بل كما قال صاحب الكفاية فانه منهي عنها حتى لو ارت ان ترجح رواية بها فهي منهي عنها وكذا لو اردت ان تجبر السند بها او توهن السند والطريق او تريد ان تحصل منها الطمينان بل اذا استحصل منها الجزم والقطع ايضا منهي عنها لانها ظنون منهي عنها الشيخ الانصاري ره في بحث القطع يذكر في القطع الحاصل من الاحكام العقلية يقول بحجية العقل و لكن يقول ان في اجمال او تفاصيل العقائد الاستبداد بالعقل البشري من دون التعلم العقل البشري بالوحي حتى لو حصل للعقل القطع او الجزم وكان على ظلال لا يعذر فيه الانسان بل يقول هناك ادلة تدل على ان الضلال و الغواية العقائدية ولو حصلت بدرجة القطع اما للتقصير في المقدمات بالاستبداد بالعقل البشري دون الاسترشاد بالوحي لا يعذر فيه الانسان ولا يكون عذرا عن هلاكه بل عن خلوده في النار هذا كلام الشيخ الانصاري ره في تنبيهات القطع

فمراد الشيخ الانصاري الاعتماد على ما صورته القطع -او اليقين صورة- ولكن واقعه ظني عقلي يستقل فيه العقل البشري عن الارشاد بالوحي في الامور العقائدية و العقدية لا يكون عذرا عن الهلاك بل و لا عن الخلود في النار

فالمقصود ان بعض الظنون المنهي عنها هنا الشيخ الانصاري ره يقول العقل في العقليات ليس هو المنهي عنها بل التفرد بها و الاستبداد بها دون التعلم و الاسترشاد من الشارع فهذا نهي عن البحث العقلي المستبد الدكتاروي لا انه نهي عن بحث العقل وهذا كلام الشيخ الانصاري ره وهو اعظم فائدة من الجزء الثاني من الكفاية

هنا الشيخ الانصاري ره يذكر لنا نموذج في الظنون المنهي عنها ليس منهي عنها بقول مطلق بل منهي عنها اذا استفرد بها و هذه حالة من حالات النهي و صيغ من صيغه وهذه المواد جدا مهمة و ان اقسام الظنون نهيا او نفيا الفرق بين النهي و النفي النفي انه لا دليل على اعتبارها لكن ليس منهي عنها ومر بنا مرارا ان هذه النقاط لو لم يدقق فيها الباحث واكارثاه سواء في علم الرجال او الفقه او التفسير فلا تكن شامي عامي .

فنفي الدليل عن اعتبار الظن ليس نهي الدليل عن الظن فلا يجعلها من القسم الاخير اما النفي يعني لا دليل على اعتباره ومر بنا ان الظنون غير المعتبرة اذا تراكمت و وصلت الى الاطمينان، الاعلام يبنون على اعتبارها كالقول اللغوي فانه ليس منهي عنه بل منفي عنه لعدم وجود دليل على اعتباره بخلاف السحر و قول الشياطين وقول العراف و... تلك ظنون منهي عنها حتى لو حصل له اطمينان او جزم لا يعذر الانسان بها فهناك فارق صناعي

ومن ثم المؤاخذة على منهج السيد الخويي ره ان القواعد الرجالية وان لم تكن معتبرة كل منها على مفردة وانه لا دليل على اعتبارها لم تكن منهي عنها و حينيذ فمع التراكم يصبح اطمينان بوثاقة الرجل و ان لم ينص النجاشي او الطوسي او الكشي او العقيقي او الغضائري او البرقي او اي احد من الرجاليين على اعتباره فهناك فرق بين الظنون غير المنهي عنها و بين الظنون المنهي عنها

السيد الخويي ره يعتبر هذه القرائن كالصفر مع ان الظنون غير المنهي عنها الشارع ليست صفرا بل دائما المشهور حتى النجاشي و حتى الغضائري هذه الظنون يحسبون لها الحساب و كم النسبة فيها كي اذا تراكمت و حصل منها الاطمينان يؤخذ بها و هذا بحث صميمي و هيكل مهيمن على كل ابواب الحجج اذا لم يتقنه يتخبط في كل العلوم الدينية يا اخي المنهي عنه صفر على الشمال لا غير المنهي عنه

لاحظ الشيخ الانصاري ره في الظنون العقلية الاستفراد بها منهي عنه لا ذات الظن العقلي و استعمال آلية العقل منها عنه بل استفراده منهي عنه اي لابد ان يسترشد من الوحي

ما الفرق بين ارشادية الوحي و بين مولوية الوحي و هذا بحث صناعي في الحجج فمن يكون قيما على تراث الحديث اا لم يلتفت الى هذا الاصطلاح

على كل هنا الشيخ الانصاري ره يقول يسترشد الوحي ما معنى يسترشد الوحي؟ هذا بحث صناعي ذكره الشيخ الانصاري ره في مبحث تنبيهات القطع او القطع الناتج من العقل و معنى هذا التنبيه في القطع يعني مبحث حول حجية الدليل العقلي الشيخ يقول حجية الدليل العقيل في الجملة في العقائد في المبدا كالتوحيد و النبوة صحيح اما تفاصيل العقائد العقل استفراده هذا كلام الشيخ و لا اريد ان احمل رايه على الجميع بل نريد ان نفهم مبناه بغض النظر عن صحته و.. لانا في مبحث عدم حجية القيافة وهذا باب من ابواب المكاسب المحرمة و باب من ابواب آليات الحياة التعايشية ما معنى الظنون و اقسامها و انواعها لكي يكون البحث في هذه القواعد الظاهرية في الشبهات الظنية الشبهات الموضوعية بحث هرج و مرج نحن ناخذ بالظاهر و ناخذ بالشهرة لكن الضوابط ماهي؟ يجب صناعية ان نفكك صناعيا بين هذا القسم هنا الشيخ الانصاري ره يقول لزوما سواء عبرت لزوم عقلي او شرعي يجب ان يسترشد العقل في العقائد من الوحي كما ان الدليل الدال على ضرورة الوحي في الفروع هو بعينه يدل على ضرورة الوحي في العقائد بل العقائد اخطر من الفروع ما هو الدليل على ضرورة النبوة و الرسالة و الامامة اليس هي الهداية؟ العقل بنفسه لا يهتدي نفس هذا يقول به الشيخ الانصاري ره في العقائد بل الضرورة قائمة عليه وادلة عقلية وحيانية عقلية او عقلية بشرية قائمة على ضرورة الاسترشاد بالوحي

ما الفرق بين استرشاد الوحي للزوم استرشاد الوحي و بين مولوية الوحي ؟ اذا هذه الابجديات الصناعية لم يدقق فيها يصير البحث هرج ومرج و الخطورة في الهرج و المرج شديدة

نظير هذا البحث في الظنون الفقهاء كافة الاصوليين و الاخباريين قالوا القاعدة في الظنون او الاخبار غير المعتبرة يحرم ردها عندنا قاعدة مستفضية وارده عن الشارع يحرم رد الخبر الضعيف و ليس معنى ذلك اعتباره

ما هو الفرق بين ان الخبر الضعيف ليس معتبر لكن يحرم رده؟ كصناعة علمية اصولية مر علينا اصول الفقه و المعالم و الحلقات و الكفاية و الرسائل و هذه قضايا ليست بسهلة لكن لابد من التوقف عنها

ما هو الفرق الصناعي بين حرمة الرد للخبر الضعيف و بين انه ليس بمعتبر؟ بخلاف القسم الاخير من الظنون التي هي منهي عنها حيث ان ردها جائز اما هذه الظنون غير المعتبرة واقصد الاخبار غير المعتبرة فقط ردها يحرم وليس المراد كل الظنون غير المعتبر والا رد قول اللغوي لا مانع فيه نعم رده من غير عيب قد يكون كذبا

فلماذا يحرم رد الاخبار الضعيفة؟ وكأنّ الكثير في زماننا غافل عن حرمة رد الخبر الضعيف و الحرمة هنا من الكبائر و ليست من الصغائر وهي متعلقة بالعمل العلمي و المرتبط بالعلم

على كل نرجع الى السوال الاول ما هو معنى لزوم استرشاد الوحي و فرقه عن مولوية الوحي ؟ لزوم استرشاد الوحي اطرح هذا السوال لان فيه الجواب هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته و يزكيهم و يعلمهم (لا يامرهم و لا يحكم عليهم) فما الفرق بين يحكموك و يعلمهم؟ ما الفرق بين يعلمهم الكتاب و الحكمة و بين يامرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر يعلمهم هنا ارشاد و هذا الارشاد من الوضائف الكبرى للنبي و أله و هذا غير المولوية غير فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك و غير انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا و الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة وهو علي بن ابي طالب عليه السلام و اولاده عليهم السلام

فما الفرق بين الولاية حاكمية النبي او اوصياء النبي و حتى في الباري تعالى بين ولاية الله و حاكمية الله و بين كونهما معلم هادي مرشد ما الفرق ؟

اذن هنا نقطة مهمة في باب الارشاد ربما يتبادر في خاطرنا (لأول وهلة) ان معنى الارشاد ليس فيه لزوم. ومن قال(ليس فيه لزوم) ؟ وليكن ليس فيه لزوم شرعي الا ان فيه لزوما عقليا. هناك تعبير عند الاصوليين موجود وهو ان حكم الارشاد بلحاظ المرشد اليه . نفس الامر الارشادي ليس فيه مولويه و لا الزام لكن المرشد اليه اذا كان حكمه الزامه انت ملزم به الان مثلا طفل فان قوله ليس بمعتبر و ليس حجة فاذا كان هناك موضوع فلاني كما لو قال هذا خمر مثلا او هنا تنجس المسجد او هنا شخص مظلوم في حالة احتمال ان يقتل قول الصبي ليس حجة لكن المرشد اليه اذا واحد انتبه لقوله ليس له ان يقول اني لم انتبه هنا منجزية قول الصبي او قل غير الصبي كالفاسق فان قوله ليس له حجة مولوية لكن كارشاد و منبه و موجب للالتفات ان الملتفت اليه ليس للانسان ان لا يلتفت اليه . الانسان الذي لا يلتفت يقول انا جاهل مركب غافل، وهذا ليس من الحقيقة(اي ليس بصحيح). و لما يكون ملتفت و متنبه و متثبت يجب ان يكون الملتفت اليه و المرشد اليه فيه حكم الزامي ام لا ؟

شبيه الرؤية فانها ليست بحجة لكن يقول الاعلام انها ارشاد و منبه ان كانت صادقة –نعم قد تكون غير صادقة- فهي ارشاد فلما تلاحظ مضمون الرؤية تتنبه الى ان هناك حكم الزامي ام لا؟ لان طبيعة الامور الارشادية (هي منبهه).

افترض واحد قال مكاشفة – مكاشفة غير المعصوم ليست بحجة كما مر- لكن تصلح ان تكون للارشاد ؟ نعم لا لاجل دور هذا صاحب الكرامة و صاحب التشرف هذا ليس له دور انت انظر الى المضمون و المرشد اليه ان تتثبت باليات احراز اخرى هل هي موجودة ام لا؟مطابقة لمحكمات الكتاب و السنة تاخذ به لا لاجل القول بحجية الصبي او الرؤية فان هذه الظنون منهي عنها فانها ظنون غير معتبرة و ثمرتها تصور وليست ثمرتها تصديق بخلاف الظنون المنهي عنها فان التصور لها منهي عنها كقول الساحر او الكهانة او القياس لانها تسبب ضبابية في ادراك الحقيقة فان الرجوع الى منقول الجن و الشياطين والعراف وما شابه ذلك فان التصور فيها ايضا موضوع مرضي فيها لانها تسبب ضبابية و ظلامية و هذا فارق مهم اساسي بين القسم الاخير للظن المنهي عنه و القسم غير المعتبر

فلاحظ كلام الشيخ الانصاري ره حيث يقول ان لزوم الاسترشاد ان يكون الشارع معلم و المعلم ان تتبع العلم لا ان تتبع المعلم و المعلوم هو الحقيقة من هذا الباب اللزوم ياتي و هذا بحث واسع النطاق يعني بعبارة اخرى الارشاد في في الظنون غير المعتبرة هذا الارشاد او الاوامراو الارشادات غير المعتبرة لكن بلحاظ المرشد اليه اذا حصل العلم بالياته يكون العلم حجة للمرشد اليه .

فهذه جملة الكلام في القيافة و القيافة ليست من القسم الاخير وانما هي من القسم الثالث يعني الظنون غير المعتبرة

غدا نذكر تتمة لهذه التتمات.