الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/07/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العملة الالكترونية و جهات عديدة

كان الكلام في تبادل العملات الالكترونية ولها زوايا عديدة في البحث

(نقطة صناعية)

طبعا هناك نكتة صناعية و هي ان المسالة الواحدة قد تكون لها زوايا وحيثيات عديدة وتنقيح حيثية من حيثياتها لا يغني عن لزوم تنقيح بقية الحيثيات -يعني استتمام تنقيح حيثية من الحيثيات لا يكفي- لان هذا الموضوع تكتنفه حيثيات عديدة و ربما في بعض الموارد تطرد فيه بعض الحيثيات و في موارد تطرد فيه بعض الحيثيات الاخرى و هلم جرا... و هذا ياتي في كل العلوم، فتنقيح الموضوع من حيثيات مختلفة مهم جدا.

ولذا في بيع العملات الالكترونية في الوضع الراهن -لا المستقبلي- هو انه ليس هناك جهة رسمية او دولة معينة تتبنى مالية و غطاء احدى العملات الالكترونية، نعم بعد ما تتبناها هذا بحث آخر سياتي.

وايضامر بنا في الزاوية الاولى ان العملات الالكترونية ليست ورق نقدي و ليست سيولة نقدية من قبيل عين خارجية مالية بل هي من قبيل المالية في الذمم كما في الحسابات البنكية

وعلى اي تقدير فلابد من الالتفات الى الزوايا العديدة و الحيثيات العديدة وانها كيف تتم في تنقيح الحكم ومرت بنا الزاوية الثانية وان عدم وجود غطاء متعهد من قبل راعي معين للعملة الالكترونية يؤدي الى المجازفة فلا ضمانة لماليتها او لمستوى درجة المالية يمكن التلاعب بها بعوامل عديدة و يمكن نصفها (وسقوطها)من راس بين ليلة و ضحهاها وحينئذ تطالب من؟ تلاحق قانونيا من ؟ حينما يتفشى خبر الاعراض عن هذه العملة تماما تتبخر. مع انه لو كانت عملة ورقية وهناك متعهد من قبل لجنة معينة فحينئذ تطالب، ولا تلعب كما تريد، نعم تفي عملا شيء، و تفي قانونا شيء آخر فالوفاء بالعقود و العهود يحتاج الى قوة و التزام.

(نقطة اخرى: كلامنا في التظير لا التنفيذ)

ثم اعلم ان هنا ليس كلامنا في التنفيذ في بحث المعاملات و آليات التنفيذ و القبض و الاقباض بل كلامنا عل مستوى التنظيرمن الجهة التقنينية لذالك نعزل مرحلة التطبيق عن مرحلة التنير او مرحلة التعاقد و الانشاء عن مرحلة التنفيذ و ان كان في باب المعاملات ايضا عندنا للتنفيذ مراتب و تطبيق و عرف معرفنة و الان لا نرى بحاجة ماسة ضرورية لشرح هذه المطالب لكن عندما يحين بالمبحث الصميمي لهذه المراحل الحكم الورقي في المعاملات بحث اكثر تعقيدا من مراحل الحكم التكليفي لكن اذا آن اوانه و كانت الحاجة متوقفة عليه نخوض فيه ان شاالله . ولا يخفى ان هذا البحث من اصول القانون و فرق مراحل الحكم التكليفي عن مراحل الحكم الوضعي لاسيما في المعاملات ما هو الفرق؟

على اي حال بعض قد يشكل على بعض القوانين او الاحكام الشرعية باشكالات تطبيقية تنفيذية وهذا ليس من انكار انه في التطبيق له شجون و شئون لابد ان تراعى لكن هذا لا ربط له بالتنظير كثير يخلط بين باب التنظير و باب التطبيق مع انهما شيئان شبيه ما يقال ان القانون لا يحمي المغفل وهذا المبحث اي مراحل الحكم في المعاملات و الايقات الا انه بحث حساس و الكثير يحصل لهم الخلط بين تلك المراحل و احكامها و شؤنها

 

اذن هذه الزاوية الثانية في العملات الالكترونية وهي عدم وجود متعهد معتبر خاص للعملات الالكترونية بيع مجازفة هل هذا فقط؟ ام ان هناك حيثية ثالثة اخرى و زاوية ثالثة مندكة في الزاوية الثانية؟

 

اعيد الكلام لك نفرز بين الزوايا: الزاوية الاولى ان العملة ليست عين خارجية وانما هي اعتبار كلي في الذمة كودايع البنوك الزاوية الثانية انه لانه ليس هناك معتبر خاص متعهد بها تكون مجازفة بين الربح و الخسارة وهي ماهية القمار و قبل ان لا ننتقل الى الزاوية الثالثة والرابعة في هذه الزاوية الثانية سبق ان استخلصنا و استنتجنا ان القمار ليس محصور في آلات القمار القمار ماهيته المقامرة و الخطر و الغرر و الغرور ماشئت فعبر و ليس منحصر في الات القمار او الالعاب القمارية مثلا الان تعليق بيع او تمليك معين على تعليفة في هذه الحرب العسكرية ان انتصر الطرف الاول لك كذا و ان انتصر الطرف الثاني فلي. فان هذا الربح و الخسارة معلق على غير مضمون مع انه ليس لعبة قمارية فان القمار كماهية لا يعتمد على اللعب او القرعة او على اللعبة القمارية او لعبة من الالعاب هذه آلية و سبب للقمار المسبب هو المدار في القمار والمسبب انه ماهية مجازفية، لان الربح و الخسارة غير مضمون فيها هذه هي ماهية القمار سواء انيطت بلعبة قمارية و بقرعة و غيرها وبهدف مستقبلي من غير معلوم الوقوع و اللا وقوع، فان كل مجازفة مخاطرة ومغامرة في التمليك و التملك في الاموال يسيرا كان او خطيرا فانها ماهية قمارية وهذه نقطة مهمة جدا و لا يظنن ظان بان ماهية القمار ماذا ؟ اصلا كل التطويل في بحث القمار لاجل ان نصل الى هذه الضابطة واننا لا نظن ان الماهي القمارية يعني عبارة عن لعبة قمارية فالقمار ليس فقط هذا او لعبة معينة من اللعب سبق و مراهنة.. لبل هو كل مخاطرة في التمليك و التملك غير معلوم الحال تكون المجازفة فيه. هذه هي الضابطة سواء انيطت بالقرعة او اللعب او القضا و القدر او .. بحيث يكون غير مضمون و مجازفي، هذا هو المهم في بحث القمار .

اعيد بيان هذا المطلب لاحظوا: ان المعاملات الصحيحة كالبيع و الاجارة و هناك بيوعات فاسدة و اجارات فاسدة مذكورة في البيع و الاجارة او صلح و.. عندنا عقود صحيحة، بعض العقود فاسدة برمتها كالقمار و المعاوضة الربوية فلابد من اتقان ضابطتها لانها لم تنقح في باب مستقل بل طرحت في المكاسب المحرمة -في مقابل المكاسب المحللة وهي تبدا من البيع الى الهبة و الوصية- المكاسب المحرمة يعني ان هناك ماهيات برمتها فاسدة كالقمار وكالامور المحرمة و المنافع المحرمة و هذه الماهيات المحرمة يجب ان نضبط معيارها و ميزانها و لا نتخيل انها ضمن مصاديق معينة و افراد واصناف معينة بل يجب ان نتقن ماهيتها الكلية ولذا مر بنا ان القمار او المعاملات لا تدور مدار الالفاظ وانما تدور مدار القصد وهو المعنى و ليس مدارها الالفاظ كلفز عربي او انكليسي او فارسي او كردي الا يقولون بان المعاملات امضائية معناه ان الالفاظ الاليات هي اسباب لان الاخرس قد ينشا باشارة او المعاطات في جملة من العقود الممضاة و صحيحة عقلائيا او شرعيا او هلم جرا و كذا في الماهية لان ضبط الماهية مهم من البحوث المهمة جدا في المعاملات ضبط الماهية العقلية امر مهم لانها ليست اجزاء خارجية بل عبارة جنس و جنس الجنس و الفصل و فصل الفصل، فالضبط الماهوي العقلي التحليلي للمعاملات امر في غاية الاهمية في المعاملات اصلا زبدة هذا التطويل واحدى الغايا الهامة و الزبدة لهذا البسط و الاطالة في بحث القمار هو ان نلتفت الى ان الماهيته العقلية لا تنحصر بعدد خاص بل المدار هي الماهية فربما تخترع ماهيات جديدة لكن فيها ماهيات سرطانية عند الشارع.

اذن ماهية القمار كما مر بنا (قاف) مغلوبة من (الغين) من المغامرة و المخاطرة والمجازفة و هذا موجود في العملة الالكترونية و سنبين ان شاالله ان جملة من المعاملات البورصات الكثيرة هي آليات حديثة للقمار نعم اسمها في العرف الدولي و البشري بورصات التجارة والشركات العملاقة لكنها في الحقيقة تحايل للوصول الى الماهية المحرمة نعم هم اعتبروها غير القمار لكن هذا مجرد مسرحية وهمية اذن البحث الصناعي يدور مدار الماهية فان (العقود تابعة للقصود) لا للالفاظ و الاليات و المراد من (القصود) هي الماهيات. اذن هنا ماهية الجزاف المخاطرة موجودة بوضوح .

(اندكاك الماهيات)

نعم قد تكون هناك ماهيات محرمة تندك بعضها في بعض و تنطوي بعضها في بعض وهذا امر غير ممتنع مثلا الدم النجس له درجة من النجاسة و اذا كان الدم دم حيض نجاسته ترتفع و اذا كان هناك دم خنزير او لعق الخنزير او لعق الفار صحيح ان النجاسة نجاسة الا ان النجاسات اذا تعددت تندك بعضها في بعض كذلك الحال في الحقيقة في المعاملات فان هذه الماهية محرمة و مندكة فيها ماهية محرمة ثانية و ربما ثالثة و ربما اربعة و هذا امر ممكن كعقد التامين فان بعض انواعه محرمة – الكثير منه من الماهيات المصححة و المحللة- ومر بنا ان العقود المستحدثة غالبة هي مركبة فيجب على المستنبط تحليل و تفكيك ماهياتها المتعددة كي يصل الى ميزان الصحة و الفساد في تلك الماهية المستحدثة المركبة المستجدة و هكذا في الماهيات المحرمة فهناك تندك فيها ماهيات محرمة اخرى

الزاوية الثالثة: ان العملات الالكترونية من باب اكل المال بالباطل و هذه قاعدة مهمة قرآنية في المعاملات و اختلف في معنى الاية والصحيح الذي نبني عليه بان هذه الاية الكريمة ان كل الاقول صحيحة و ليس قول واحد لان الاية تتحمل هذه الابعاد و الزوايا كلها و لسنا الان في صدد معنى الاية و مفادها احدى المعاني التي ذكرت للاية الشريفة هي ان المعاملات التمويهية المعاملات التحايلية نفس الاحتيال يعني ليس هناك عوض موجود في البين اصلا او ليس هناك معوض في البين فاما ان لا عوض مع وجود المعوض او العكس وانما المتعاقد -اما المشتري او البايع- يريد ان يتحايل على الطرف الاخر و يموه عليه فيعبر عنه بالتمويه او تمويه تحايلي

و هذه غدة سرطانية مهمة ركز عليها الوحي وبين الغدد السرطانية الاخرى وهي الغدة السرطانية المسماة بالتحايل و التمويه و هذه التي يلف و يدور البشر في استحداث آليات جديدة تنتهي به الى هذه الماهية و الغدد السرطانية المحرمة

فان احدى القواعد الخطيرة المحرمة التي تضر بنظام الاقتصاد البشري و المجتمعي و الاسري و الفردي هي قضية التحايل في المعاملات النصب و الاحتيال و التمويه و الاكل المال بالباطل سرقة مهيبة لكنها مهيبة بالتحايل تحت عنوان الحيلة يموه الطرف المحتال على الطرف الاخر انه العوض موجودا الا انه ليس موجودا واقعها بل هو مموه كالذهب المموه

فهذه هي الضابطة الماهوية لقاعدة التحريم لاكل المال الناس بالباطل لا تاكلوا اموالكم بينكم بلباطل اي بالحيلة بالنصب و السرقة و الاحتيال الا ان تكون تجارة حقيقية عن تراض فالضابطة انه اذا فقد احد العوضين و كان وجوده سراب وهمي فانها ضابطة التمويه و احتيال و نصب

هنا في المعاملات الالكترونية هذه الضابطة موجودة لان نفس العملة الالكترونية عندما لا يكون هناك متعهد رسمي اين ماليتها؟ و اين الغطاء؟ وهم في وهم

فآلية وهمية لخلط نظام معاملي وهمي احد طرفيه عوض ححقيقي و الطرف الاخر وهمي لتبرير جملة من السياسيات المالية و السياسيات الاقتصاديات و جملة من الهروب من النظام القانون الاقتصادي سواء في دولة واحدة او مجتمع الدولي للهروب و المعروف فلسفة احداث العملات الالكترونية الموجود الان – ولس كلامنا في المستقبل- سر استحداثها مع انها ليس لها جهة رسمية معتبرة سر استحداثها لاجل الخروج و الهروب عن انظمة الاقتصاد المقننة سواء في كل دولة بحسبها او بلحاظ المجتمع الدولي سوق السوداء بعبارة اخرى و سوق الظلامية

فهذه زاوية اخرى في بطلان المعاملات الالكترونية الموجودة الان و لا تقول ان هناك دولة عظمة للاقتصاد ستتبنى رسميا مع ذلك هناك دولة وسطى ليس كلامنا فيه ولذا مر بنا ان بعض الشركات الموجودة الان عندها عملات الكترونية للتداول في نطاق محدود و تتبناها رسميا و هذه العملات الالكترونية للشركات المحدودة في البيئات المختلفة لللتداول المحدود هذه العملة الالكترونية ياتي فيها المحذور في الزاوية الثانية ولا الثالثة بل يبقى فيها المحذور في الزاوية الاولة وهو الدين في الذمة و هذا ليس باطل مطلقا بل لو صارمعاوضة بيع الدين بالدين فهو باطل و الا لا مانع منه . واما الزاوية الثانية وانه قمار وهذا لا تاتي فيما اذا تبنته جهة معينة

فالعملات الالكترونية التي تصدرها شركات خاصة مالية او غير مالية في التداول المحدود لا ياتي فيها محذور الزاوية الثانية لما مر في بيان الوجه و لا ياتي فيها الزاوية الثالية وهي كونها تحايل بل هناك جهة تعتبرها و لها غطاء كما في بعض الشركات للالعاب العالمية العسكرية و.. اذا تصدت العملات الالكترونية لاجل منافع في نفس اللعبة منافع معقولة و لها مالية فحينئذ لا مانع منها من جهة الزاوية الثانية و الثالثة .

فهذه ثلاث زوايا... و للبحث تتمات .