الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/06/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العملة الإلكترونية و النظام المالي

الزاوية الثانية: وهي الجهة المعتبرة للعملة الالكترونية اي الجهة التي تصدر الاعتبار.

الاشكال الذي يسجل على العملات الالكترونية المتداولة دوليا الان: انه ليس هناك جهة تتبنى اعتبار تلك العملات اربع او خمس عشر او اقل هذا ملخص الاشكال

شرح الاشكال: -هناك دول الان تعلن باننا سنستخدم في السنة الفلانية المستقبلية عملة الكترونية في بلدنا هذا بحث اخر- لكن الى الان لم يقع في حدود تتبعي و احصائي بان هناك دولة تبنت اعتبار عملة الالكترونية . ولا نخلط بين الاعتبار و بين ان جملة من الدول رخصت في تداول المعاملات بالعملة الالكترونية فان هذا لا ربط له بذاك المطلب، فان تجويز التعامل في العملات الالكترونية في بعض الدول امر واعتبار الجهة المصدرة للعملة الالكترونية امر آخر

فالاشكال الموجود في العملات الالكترونية الى الان ليس اشكالا دائميا بل هو اشكال مادامي اي مادام انه ليس هناك جهة تتبنى على عاتقها الاعتبار الاشكال يكون موجودا

توضيح هذا الاشكال ضمن عدة ابعاد وهي ابعاد نفيسة في النظام المالي

البعد الاول: ما معنى بان هناك -في عالم المال- جهة تتبنى اعتبار المالية للشيء؟ ولماذا؟

ذكر الخبراء في بحوث المال بان الماهية التكوينية مالية صفة تكوينية و ليست صفة اعتبارية وان الشي له منافع يرغب فيه البشر فعندما يرغب فيه البشر يميل اليه و يبذلون العوض بازائه وهذا يعبر عنه بالمالية وهي صفة تكوينية .

اما المالية الاعتبارية فتختلف سنخا عن المالية التكوينية ولابد من الخوض في شرحها و انه ما معنى المالية الاعتبارية ؟

مر بنا انه قد يكون شيء تكون له مالية تكوينية ومع ذلك تكون له مالية اعتبارية

هناك زاوية لابد من اقحامها في البحث وهي: مالية الاشياء سواء تكوينية او اعتبارية قد تكون بسبب منافع ذاتية للشيء اي تكوينية وقد تكون مالية الشيء بسبب وساطة الشيء في التبديل المالي

شرح المطلب ضمن مثال: قالوا ان النقد ماليته من اين تكون ؟ مثلا الذهب المسكوك -وهو غير الذهب المصوغ- ماليته الاعتبارية من اين اتت له؟ ما هي مالية المسكوك و المضروب سكة؟ قالوا هذه المالية للمسكوك مالية وساطته في التبادل المالي مثل الورق النقدي فان ماليته من جهة الوساطة في التبادل المالي يعني الناس في القديم لما كان احدهم يريد ان يقدم نتاجه من الزراعة كالشاي و الحنطة و..في قبال شيء يرى انه لم يستطع ان يقدمه لكونه عنده حاجات لسلع اخرى فماذا يصنع؟ بعبارة اخرى: كان البشر في القديم يتقايضون اي يعطي رزا و ياخذ شعير يعطي سكرا و ياخذ البسة سلعة بسلة لكن هذا صعب لانه قد يكون صاحب السلعة لا يريد تلك السلعة لاختلاف الرغبات فماذا يصنع؟

هنا جاء دور الوسيط اي النقد المالي وهو يختزن المالية للسلع في نفسه و يستطيع ان يبادل به و يعاوض به اي سلعة من السلع لان المالية المحضة متمحضة في وجودها في النقد المالي بخلاف الذهب غير المسكوك ماليته التكوينية غير متمحضة في المالية لانه ذهب ومال اي صفة من صفاته انه مال كالرز ان صفة من صفاته انه مال اما النقد يقولون هو نوع من تجرد و تمحض المالية في النقد ولو اعتبارا فالعقلاء احتاجوا في المجتمع المدني -لان الانسان مدني الطبع بهذا المعنى لا المدنية في مقابل الدين- في التبادل المعيشي الى وسيط والى النقد فكان دور النقد هي الوساطة المالية و التمحض المالي فبدل ان يخزن ماليته في نفس السلة او في سلعة اخرى او في بنك فانه يخزن ماليته في نفس السيولية النقدية ولذلك علم المال و علم مالية المال و نظام المالي بالدقة يتتبع المال و المالية تتبعا مجهريا و انها كيف يكون احوالها و شؤنها و حركاتها وهذه نكته مهمه في باب المعاملات و سر تشخيص صفة المالية عن الموصوف بالمالية اذن النقد المالي كسيولة اختزن المالية الاعتبارية و دوره و ماليته من جهة دوره في وساطة الماليات

بعد آخر في النقد المالي اوالمالية الاعتبارية

يقولون بان النقد المالي الاعتباري ولو ورقيا فانه في بدء صدوره لابد ان يكون له غطاء مالي تكويني اي ان هذا النقد المال الاعتباري في بدء انوجاده و صدوره و استمراره لابد له من غطاء و سند مالي تكويني و المراد من الغطاء هو السند و الاسناد اي كانما يعادله الغطاء بشيء له مالية تكوينية

طبعا هذا في البدء هكذا لكن توسعوا شيئا فشيئا الى المالية الاعتبارية الا انها لابد ان تنتهي الى المالية التكوينية مثلا اول ما صدروا النقد الورقي جعلوا غطاءه الذهب و بعد ذلك في سنة كذا قالوا لنجعل غطاءه مطلق الناتج القوم الوطني الناتج الخام المصنع و شبهه اوغيره كالخدمات كما لو كان هناك بلد لم تكن فيه ثروات الا ان خدماته كثيره فانها مالية تكوينية ثم بعد ذلك عمموه الى بعد ثالث فقالوا ربما يكون هناك بلد له عملة خاصة الا ان غطاءها عملة نقدية لدولة اخرى غنية قوية العملة جدا كما ادعوا ان سبب ثبات بعض العملات في جملة من الدول النفطية انها جعلت الدولار غطاء و سندا لها

اذن يمكن ان يكون الغطاء مالية اعتبارية ممزوجة بمالية تكوينية او مالية اعتبارية محضة الا انها لابد ان الى المالية التكوينية ضرورة انتهاء كل ما بالعرض الى ما بالذات فيعتبرون ان المالية الاعتبارية كالعرض فلابد ان ينتهي الى المالية التكوينية

هذه التوضيحات ماخوذة من خبراء المال ويحتاجها الفقية في موضوعات المالية طرا و الحذاقة فيها مثمرة جدا و ليس البحث فيها ترف بل هو مثمر و مفيد ... مثلا السيد الخويي ره و من تبعه من تلامذته فرّق بين البنك الحكومي و المشترك و البنك الاهلي مع ان هذه التفرقة على مبنى السيد الخويي ره و مباني تلامذته، لا اساس لها في عالم المال والسبب في ذلك يحتاج الى بحث آخر. والمقصود من بيان هذه النكات الالتفات الى نكات نظام المالي وهو امر مهم لانه ياتيك هذا البحث في البيع و الاجارة و غيرها اي بحث المال و ماليته و .. وهو بحث في نفسه مهم و موضوعه سرياني مشترك في نظام المال.

مثلا مما انتهى اليه فهمنا القاصر ان الفضة ليست معيارا في الدية لا في دية العمد و لا شبهه لان المالية فقدت نفسها في الفضة و الان فقدت ماليتها و ليست هي الاصل في الدية و ليس الحلتين الباذختين وان كانت لا زالت تقارب مأة بعير أو ماتين بقرة او الف شاة او الف مثقال شرعي ذهب فاذا تدقق في المالية ترى ان الفضة معيار الان ام لا؟ لان الموضوع مال معدل قياسي وسطي متساوي ولا معنى بأن تكون المالية لشي في بعض(مصاديقها) صاعدة و في بعضها نازلة فليس من المعقول في المعيار المالي ان تصنف الدية من السقف الاعلى و سقف ادنى لان المالية هي معيار وسطي و مقياس لا يتبدل فهي تعرض على البعير و البقر و الشاة و الذهب

وبالجملة: فهم المال و المالية في كل ابواب المعاملات او الاحكام او الايقاعات امر امهم وانه ما معنى المالية مثلا مهر فاطمة الصديقة البضعة الطاهر البتول عليها السلام خمس ماة درهم اي درهم ؟ هل هذا الدرهم ؟ لا بل خمس درهم الذي كان عشرة دراهم تعادل مثقال ذهب يعني خمسين دينار ذهب الان و لا ابني على خمسماة فضة الان بل خمسماة فضة التي كانت تعادل خمسين مثقال شرعي ذهب لا الصيرفي وليس بصحيح ان نقول مهرها خمسين هي على مقياس الفضة الان

سريانية موضوع المالية في الابواب الاخرى

مثال اخر: ان اللقطة التي يجب الاعلان فيها يجب ان لا تقل عن درهم ... ماهو المراد من الدرهم ؟ هل درهم الان الفضة الان ؟ كلا، بل الدرهم فضة الذي كان سابقا عشر مثقال الذهب فان كان دون عشر مثقال الذهب لا يجب فيه التعريف لان المالية للفضة في زمن النص هي الموضوع و هذه موجودة كما هي موجودة في الفضة والذهب ز هذا كله يرجع الى تشخيص و تدقيق معنى المالية كصفة و هو بحث وسيع مهم و لا اقول لابد ان يتخصص فيه لكن هو كالرجوع الى علماء اهل اللغة فالرجوع الى اليهم مقدمة و آلية للاستنباط كذلك البحث في النظام المالي للمالية شيء مهم ومثمر و ليس بامر عبطي

نرجع الي بحث الغطاء المالية الاعتبارية لابد لها من غطاء مالية تكوينية او مالية اعتبارية قبلها و هي تترامى الى ان تصل الى المالية التكوينية ومر بنا ان المالية الاعتبارية قد تكون لوساطة النقد لان نفس الوساطة و التوسيط هي فائدة بنفسها ولك ان تقول انها اي الوساطة فائدة تكوينية

ما هو الفرق بين التجار عن الزراع وعن اصحاب الصنائع و اصحاب الفنون و المهارات ؟

هنا نقطة لطيفة ماهوية في باب المعاملات الفرق ان التاجر الذي جعل الله تسعين بالماءة البركة و الرزق في التجارة عشرة بالماءة في غيرة وان كان الزراع هم كنوز الله في الارض كما في الروايات و اصحاب الدوائر ايضا نفس الشيء لكن لماذا التجار لهم هذه المكانة ؟ ما هو دور التاجر فانه ليس بزارع و لا صانع ولا صاحب مهارة ولا.. دوره الوساطة هي نوع خدمة من الخدمات الان هو يستغل الوساطة بشكل فاحش بحث آخر لكن نفس الوساطة خدمة كذالك الحال في الحقيقة في النقد فان وساطته بين السلع المالية التكوينية نفس وساطته خدمة تكوينية وان صاحبت و تقارنت باعتباريات و قد يكون النقد واسطة لوسائط كالنقود لبيع العملات مع معضهم لبعض فان تلك الوسائط تعاوض بعضها عن بعض و هذا يسمى تضخم

مثال اذكره كي يستشعر الاخوان اهمية بحث المالية في الاموال باب المعاملات و النظام المالي و مر ان التركيزعلى الفقه النظمي اعظم من للتركيز على الفقه المسائل المفردة ذلك البعد يعطي الانسان اخطبوبطية في الفقه ..

(التضخم المالي)

من الامور الحساسة الابتلائية قضية تضخم النقد اي تنزل قيمته او تضخم الفضة سقطت ماليتها وتهبط من مستواهها فانها كانت تساوي عشرة مثاقيل من الذهب الا انها هبطت بشكل فاحش بحث التضخم بحث معقد موضوعا و حكما طبعا بالنسبة الى الفقه يهمه بحث الحكم في التضخم هل هو مضمون اصعد انزل من الاشياء المهمة مهر قبل سبعين سنة من الزوجين كان كذا الان كيف ؟ سد الدين باي شيء؟

هذه المباحث و مبحث التضخم في الديون او في المعملات او في المهور بحث التضخم احدى العناصر الاساسية في بحث المالية اذن بحث المالية لا نظن انه بحث سهل بل هو بحث مهم وحساس انواعه و اقسامه و الرجوع الى الكتب المختصة مفيد جدا بدرجة الاطلاع الثقافي و ليس من الضروري بدرجة التخصص بل لابد للانسان من المتابعة فانها تثري الانسان حول المال و الماليات .

 

نرجع الى ان المالية الاعتبارية لابد ان يكون وارءها و غطاءها و سندها مالية تكوينية اما مباشرة او بوسائط وقد تكون ماليتها بسبب وساطتها في التحويل و التنقل كما مر بنا

يقع الكلام في ان بدء المالية كيف يحدث و كيف يبقى؟ فانه بحث في مشخصات مالية المال

و بعبارة اخرى ماهو الفرق بين الصكوك النقدية عن النقد ؟ لماذا لا يمسى مالا و تسمى النقد مالا؟

السندات التي تصدرها الحكومات هل هي صكوك او هي نقد ؟

غالبا الدول او الشركات تصدر سندات مالية ما هي السندات المالية ما هو الفرق بين الامور الثلاثة؟

هذا يوضح لنا كيف تبدء جهة المالية الاعتبارية و كيف تستمر و هذا بحث لابد ان نركز عليه في الجلسة اللاحقة.