الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/05/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - فقه النظام والفقه الفردي - المكاسب المحرمة.

على أية حال جملة من الأخوة طلبوا التركيز على فقه النظم:- وبصراحة الطرف الآخر لأنهم كانت الدول المنتسبة إلى مذهب أهل البيت - عشرات الدول - ولكن على كل التدوين قليل ولعل البعض ذكر احصائية اثنين وسبعين دولة وربما أكثر، وهذا لكل فرق الشيعة وليس خصوص الشيعة الاثنا عشرية، ولكن الطرف الآخر باعتبار أنه أكثر أخذاً للسلطة من ماتن السقيفة وغيره عندهم كتابات بالتالي فيما نعبر عنه بفقه الدولة أو فقه الأحكام السلطانية وإنصافاً عندهم كتابات أكثر، وطبعاً كتابات مقصودي منعزلة عن الفقه المبسوط أما الفقه الموجود لدى علماء الامامية يبحث فيه الفقه الفردي مع المجتمعي مع السياسي مع النظامي والنظم ومع فقه الاخلاق وفقه الروح مع بعضها البعض وهذا لا اقول هو معيب ولكن نظراً لتشابك وترابط البحوث مع بعضها البعض كما في القرآن الكريم، فإنَّ القرآن الكريم استعراضه ليس مجزءاً بل بشكل شبكي مرتبط، فتراه في آية واحدة يتعرض لجملة من أحكام الفقه، وهذا من عظمة القرآن أو في كلمات سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم أو في كلمات أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة، ففي الوحي هذا موجود ولكن في التدوين لو يوفق الباحث نظير ما كتبه الشهيد محمد باقر الصدر في كتابه اقتصادنا، فهي محاولة ومبادرة أو كتابته في البنك اللا ربوي، يعني الانسان المسائل التي ترتبط بالنظام البنكي أو بالنظام المالي أو بالنظام السياسي أو القضائي وإنما قاول بالنظام القضائي ليست أريد فقه القضاء فإنَّ فقه القضاء أمرٌ وفقه إدارة القضاء أمرٌ آخر، وإدارة القضاء ماذا يعني؟ يعني أنه إذا أتاك متنازعان فأنت تبحث من هو المنكر ومن هو المدعي أي البعد الفردي، كلا وإنما القضاء في بلاد مترامية الأطراف ولها مدن عديدة في نظام قضائي كيف يمكن أن يكون؟، وكيف يمكن أن تكون هرمية القضاء وهذا يعبر عنه بالنظام القضائي، وهل هذا موجود في الفقه القضائي؟ نعم إنه موجود في الجواهر ولكن مسائله ليست معزولة وليست متميزة وإنما هي ممزوجة بمسائل أخرى، بعض مسائل نظام القضاء لم تبحث في القضاء وإنما بحث في المكاس بالمحرمة وسيأتي البحث فيها، الكثير من الأبحاث في المكاسب المحرمة مرتبطة بالنظم وليست بالفقه الفردي خلافاً لما يتراءى لا سيما النصف الثاني من المكاس بالمحرمة، فالبحث في الفقه النظمي أو نفقه النظام سواء كان نظام مالي أو النظام الاخلاقي أو النظام الروحي، واتفاقاً أمس كان الحديث عن أحد الاخوة من رجال الدين في المهجر كان يطرح أسئلة حول النظام الروحي والنظام الأخلاقي فهل لدينا نظام أخلاقي أو لا في قبال عرفان البشر وعرفان العرفاء أو أخلاق الفلاسفة، فهل لدينا نظام أخلاقي أو لا؟ البعض يقول ليس لديمنا وراء الفقه شيء، وهذا صحيح ولكن هذا الفقه موجود فيه نظام روحي ونظام أخلاقي، فبدأت أذكر له سواء في الأصول أو في علم الكلام نه يمكننا أن نستخرج النظام الروحي والنظام الأخلاقي، وللأسف لم يدون بشكل متميز مستقل وهذا مما يسبب أن الكثير من المؤمنين ربما يزجون بأنفسهم في مدارس روحية أخرى من غير الامامية وسببها عدم عزل هذا البحث، والحال أن هذا البحث يلتقط من أبواب عديدة من فقهنا، فمثلاً الآن فقه نظام الملل والنحل أو نظام التعامل بين مذاهب المسلمين هل بحثه علماء الامامية؟ نعم بحثوه بامتياز ولكنه متناثر بين الأبواب، فهم لم يبحثوه في باب الحدود أو في باب الجهاد فقط لأنه بحث الملل والنحل يبحثونه في باب الجهاد، وإنما بحثوه في كتاب الطهارة أيضاً وربما بعمق أكثر، فلو أراد شخص أن يرى رؤية الفقه الامامي الجعفري والامامي الاثني عشري بشكل كامل عن كيفية نظام تعامل المذاهب الاسلامية مع بعضها البعض، فإنَّ الكثير من الأجلة الذين تصدوا لمسألة التقريب بنيّات حسنة وجهود مثابرة إلا أنهم كان ينقصهم الإلمام بالأبواب الفقهية ولربما كانت تنقصهم أشياء كثيرة في باب هذا اتعامل، فهذا موجود وهو محل ابتلاء سواء على صعيد المرجعية أو على صعيد المؤمنين أو على صعيد الساسة أو على أصعدة أخرى، وهذا لابد أن يبحث ويجمع وهو أن الفقه الجعفري ما هي رؤيته في التعامل والتعايش بين المذاهب المختلفة وكذلك مع الملل الأخرى، وهذه مسائل متفرقة موجودة كلها ولكن تجمع كي تشكل نظام التعامل مع الملل والنحل في فقه الجعفري الامامي الاثني عشري فإن هذا محل ابتلاء، فلو يبدأ الباحثون بمشاريع تدوين ولا تقل إني لست مجتهداً فإنه ليس بالضرورة أن تكون مجتهداً ولكن بإمكانك تتبع جهود المجتهدين وتدوين فقه نظمي كالنظام المالي أو النظام الأمني وغير ذلك، وحتى النظام الأمني كثير في الفقه وضابطه موجودة ولكن يحتاج إلى تجميع وبلورة وهلم جرا فهذا التدوين إذا تم وخرجت كتب وحتى بالعبارة التقليدية الموجودة لعلمائنا مع الشرح بلغات عصرية إما بالهامش أو بين قوسين حتى تبقى المادة الخام التقليدية على ما هو عليه وأنت تأتي بشرح بالاصطلاح العصري بين قوسين، والكثير من هذه البحوث موجودة، وهذا يساعد كثيراً على توجهنا سيما شئنا أم أبينا المؤمنين لهم كيانات مجتمعية والحوزة العلمية مطالبة بإعطاء رؤى كاملة وليس شتاتاً، فلابد أن يكون بعض الأخوة لديهم هذه المثابرة والانبعاث نحو هذا التدوين بما هو موجود، مثلاً بعض الفضلاء ألفوا موسعة في اجماعات الابواب الفقيهة وهذا جيد، ولكن لو تؤلف موسوعة في النظم أو ينبري كل واحد لنظام مثلاً النظام المالي أو النظام المصرفي ومن المعلوم أن النظام المالي غير النظام المصرفي فيوجد نظام مصرفي ويوجد نظام مالي ويوجد نظام الضرائب، وهل يوجد عندنا نظام الضرائب؟ نعم يوجد عندنا نظام الضرائب ولكن ما هي نكتتها وما هي فكرتها، وحتى الضرائب الجديدة الشيخ جعفر كاشف الغطاء عنده تخريج لها في كشف الغطاء في باب الجهاد والشيخ محمد علي الآراكي عند تخريج آخر لها أضبط من التخريج الذي ذكره الشيخ جعفر كاش فالغطاء، فلاحظ بين أن نقول فقه الحدود وبين نظام الحدود نظام العقوبات الجنائية فإنه يوجد اختلاف بينهما، ما يرتبط بالمجتمع مثل قطع الطريق والافساد في الأرض وموجبات الحدود إذا مسّت الجو العام الاجتماعي أو غير ذلك هذه بحوث كلها مرتبطة بالنظام الاجتماعي وليس بالفقه الفردي، فعلى أي تقدير بإمكانكم فعل ذلك، وحتى مقارنةً مع الفقه الوضعي وفقه المذاهب الأخرى كشيء مقارنة ولو بنحو مختصر وهذا يعطي أفق كبير في تدوين فقه النظم، مثلاً فقه البيئة والحفاظ على البيئة سواء كانت بحوث مرتبطة بالطهارة أو بغيره، أو فقه الثروات والنظام المالي للثروات الطبيعية أو فقه العمران، نعم يوجد عندنا فقه العمران فتوجد عندنا وزارة النفط ووزارة العمران وما شاكل ذلك، فالنظم موجودة وليس شيئاً مستحدثاً وإنما هو شيء موجود منذ قرون في كتبنا الفقهية ولكن يراد لها تمييز وترتيب وتدوين وبلورة وهيكلة، ومما يسهم في قدرة الباحثين على هذا العمل قراءة النظام المالي ولو بتدوين القوانين الوضعية فإنَّ الاطلاع عليه بمقدار معين يكون نافعاً، أو قراءة النظام المصرفي ولو بين كتابات القانون الوضعي أو كتابات مذاهب أخرى، لأنَّ فقه النظام كما مرَّ وفرقه عن الفقه الفردي أو المجتمعي أو السياسي أو الروحي أو الاخلاقي أو البيئي، وحتى فقه المرأة فإنَّ فقه المرأة يعني المرتبط بالنظام النسوي، فإذا لم نشكل كتابة كامل عن رؤية الفقه الجعفري والامي الاثني عشري حول المرأة كنظام كامل فسوف لا نلتفت إلى المراهنات الثقافية أو التحديات الثقافية بيننا وبين مذاهب أخرى سواء كانت اسلامية أو غير إسلامية، فإذاً هذه أمور مهمة، فليس فقط أقول فقه المرأة وأجلب المسائل بشكل سردي وإنما التفت إلى القواعد، فلاحظ أنه في الفقه النظمي القواعد أهم من المسائل التفصيلية، والقواعد له مراتب والمراتب العليا أهم من المراتب الدنيا، فهذه هي الأمور التي ترتبط بالفقه النظمي وهي القواعد الأم أهم من القواعد المواليد، فإنَّ القواعد الأساس هي الأهم في تدوين الفقه النظمي، وهذه نكتة مهمة جداً، يعني نفس الأخوة ليعودوا أنفسهم حينما يدخلون باباً فقهياً ليلتفتوا إلى المسائل الأم في الفصل ما هي، لأنها تؤثر عل مجموع المسائل التفصيلية، فهذه المسائل الأم غالباً مرتبطة بالنظم ولكن التعريف والضابطة التي مرت بنا أمس أنَّ الفقه النظمي دائماً يرتبط بهندسة وتبويب وإدارة وتنظيم المجتمع في بيئة معينة، فهذا موضوع للأحكام، فمثلاً الادارة والنظم والهندسة المالية يسمونه النظام المالي، وطبعاً تعرفون أن النظم على أشكال منها نظم صغيرة ومنها نظم متوسطة ومنها نظم كبيرة وهذا يحاط به حسب قدرة الباحث وذهنه.

وقد طرح أحد الاخوة هذا التساؤل:- وهو أنه ما هو الفرق بين المذهب الاقتصادي والنظام الاقتصادي؟، فلاحظ أنه يوجد عندنا الفقه الفردي والفقه المجتمعي والفقه السياسي، ما الفرق بين الفقه السياسي وفقه النظام السياسي فإنه يوجد اختلاف بينهما، أليست الساسة شيء عام ولكن فقه السياسة يعني مسألة من المائل المرتبطة بفاعليات الدولة والحاكم والحكومة يسمّى بالفقه السياسي، وسنأتي إلى بيان ذلك بالتدريج، ما الفرق بين النظام السياسي وبين الفقه السياسي، والنظام السياسي غير الفقه السياسي ولكن الكثر يخلط في ذلك والحال أنه ليس الفقه السياسي هو النظام السياسي، فالقه السياسي وإن كان عاماً مثلاً ما هو القانون الذي حكم الدولة في سياسة معينة، الساسة فعل الدولة وموق فالدولة وترف الدولة هذا فعل سياسي وليس نظاماً سياسياً فإن النظام السياسي شيء آخر، فلاحظ أنَّ البعض ربما حتى من الكبار يرى أنَّ هذا تشدّق بعبارات ثقافية براقة أدبية لا تسمن ولا تغني من جوع ولكن في الحقيقة هذه العناوين هي صناعة فقهية بامتياز، لأنه في الحقيقة الموضوع الذي تبحثه وتبحث عن محموله هذا الموضوع إما هو فعل الفرد أو فعل الأسرة و فعل المجتمع كظاهرة اجتماعية، ﴿ كذبت ثمود بطغواها إذ انبعث أشقاها فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها فكذوبه فعقروها ﴾[1] فماذا نسب الله تعالى العقر لهم وليس لشخص اذلي عقرها، وهذا غير بحث الأمر بالمعروف والنهي عن النكر؟ لأنَّ بعض الفعال إذا تجري في المجتمع فهذه سوف تكون ظاهرة اجتماعية تنسب لكل المجتمع وليس لواحد منهم، وهذه نكتة مهمة أخرى وهو أنَّ الفعل الاجتماعي شيء والفعل الأسري شيء والفعل السياسي شيء، والفعل السياسي يعني فعل الحكّام السياسيين هذا هو الفقه السياسي أما النظام السياسي ما هو فهو لا ربط له بهذا وإنما هو نظم هذه الأفعال السياسية ونظم الصلاحيات السياسية وكم سلطة لدينا وكم سيطرة لدينا أو وظائف الدولة هل هي ثلاث أو أربع أو خمس أو كم، وكم دولة لدينا في البلاد الواحدة هل توجد دولة أو دول، فهذه بحوث كلها مرتبطة بالنظم ، وهذه موضوعات حقيقة وليست تشدّقات ثقافية أدبية، مثلاً الدولة العميقة وما هو فرقها عن الدولة الرسمية وعن الدولة الظل، فهل في الفقه الجعفري الامامي الاثني عشري أو في علم الكلام رؤية حول هذه البحوث؟ نعم إنها موجودة، وقد يعبر عنها بالعض بأسرار الفقه، ولكن كيف تميز وكيف تبلور وكيف تدون فهذا أمر آخر، فإذاً يوجد فرق بين الفقه السياسي وبين فقه النظام السياسي، فإنَّ النظام السياسي يعني ما هي هيكلة النظام، هل الفقه الجعفري يرى نظاماً سياسياً واحداً لمشروع أهل البيت في الغيبة الكبرى أو يرى نُظماً متعددة، فلاحظ أن فقهاء الشيعة كثيرون مثلاً في إيران شريعتمداري كانت له رؤية والسيد الخميني له رؤية، وكذلك السيد الخوئي له رؤية وغيرهم لهم رؤية، فبالدقة هذه مراتب وأنواع من النظم السياسية، والميرزا النائيني والآخوند بقوة وبامتياز عندهم هذا وتعرفون الثورة الدستورية اليت هي المشروطة وهي قامت قبل مائة عام وقد تقدمت على الثورة الدستورية في مصر بثلاثين عاماً وقد قام بها الآخوند والميرزا النائيني حيث كان زمام الأمور بيدهم وقد كتب الميرزا النائيني كتابه تنزيه الملة وتنبيه الأمة يعني الحكومة الاسلامية.

فالمقصود أنَّ النُظُم أيضاً مختلفة فإنَّ النظام السياسي في رؤيته في الفقه الجعفري ليس نظاماً واحداً، صياغة الثورة الدستورية من الآخوند الخراساني صاحب الكفاية والميرزا النائيني صياغة معينة وصياغة السيد الخميني صياغة معينة، وصياغة السيد الخوئي صاغة معينة، وصياغة شريعتمداري صياغة معينة وصياغة السيد الكلبايكاني صياغة معينة، والشهيد الصدر عنده صياغة أخرى، فلاحظ أنهم كلهم بحثوا في النظم وكل ولكن الرؤى مختلفة، وهذا ليس تناقضاً وإنما هذه مراتب، ففرق بين فقه النظام السياسي وبين الفقه السياسي فإنَّ الفقه السياسي أنك تبحث فعل من أفعال الدولة أو نشاط من أنشطة الدولة أما كنظام فأنت تريد أن تهندس وتبني بناء هيكل وتبويب، ما الفرق بين النظام السياسي والمذهب السياسي، ما الفرق بين النظام الاقتصادي وفقه الاقتصاد والمذهب الاقتصادي، وما المعنى المراد من المذهب الاقتصادي، ولا تقل هذه اصطلاحات ثقافية أدبية صحفية، كلا وإنما هذه بحوث مرتبطة بصميم الفقه يلزم أن نستخرجها من الفقه، وفي الحقيقة المذهب الاقتصادي يراد منه الفلسفات النهائية الغائية التي ينطلق من فقه النظم والفقه السياسي يوفق النظام السياسي هذا يعبر عنه بالمذهب، وهو مثل التعبير بديباجة الدستور، هل في الفقه الجعفري الامامي الاثنا عشري الموجود في الجواهر وكاشف اللثام والمستمسك والتنقيح وجامع المدارك ومنتهى المطلب والمبسوط للشيخ الطوسي - وما أدراك ما المبسوط فإنَّ من أعظم كتب الامامية بمعنى على الاطلاق - فهل هذه الكتب فيها بحث المذهب الاقتصادي والمذهب السياسي والمذهب ...؟ نعم كل هذا موجود سيما الشيخ الطوسي، فهو ينطلق من الغايات النهائية، فالبحث في الغايات النهائية يعبر عن مجموعتها بالمذهب وهي حاكمة ومهيمنة على النظام، فالمذهب الاقتصادي يهيمن على النظام الاقتصادي، ومرَّ بنا مراراً في علم الأصول في الدوريتين السابقتين وهذه الدورة الثالثة أنَّ القانون الوضعي بعينه موجود في القانون الشرعي السماوي إلا أنَّ الأحكام تختلف، فنفس الموضوعات ونفس البحوث بعينها موجودة وإنما على الباحث أن يتنبه فيطلع على ما يبوبونه ثم يأتي ويستقي الحكم الشرعي من رؤية الوحي، فكل هذه موجودة واللغة التصورية واحدة ولكن التصديقات - الأحكام - تختلف فتراهم يحللون شيئاً ويحرمه الشارع أو أنهم يحرمون شيئاً والشارع يحلله، ولكن هذا بحث آخر وإلا فاللغة القانونية هي لغة واحدة نعم توجد اختلافات في الصياغات التصورية وهذا ننفيه ولكن إجمالاً هي واحدة، فإذاً المذهب الاقتصادي والمذهب السياسي والمذهب المالي وغير ذلك هل هو موجود في الفقه الجعفري؟ نعم هو موجود ولكن يجب على الباحث أن يتفطن، وهذه أيضاً كتابات أخرى من المهم الكتابة فيها وهذه ضرورة الآن، فإنَّ كتابة الفقه بشكل مختلط بالتبويب القديم لابد أن يستثمر الآن، نعم من الضروري الحفاظ عليه وحينما اقترح هذا الاقتراح فقد سبق وأن ذكرت قبل قليل أنَّ نفس كلمات الأعلام ونفس استدلالاتهم نأتي بها من دون تغيير حتى يصير واضح أنَّ هذا فقه أصيل تقليدي وليس لصيقاً، إلا أنه عندي دقة في التمييز البلورة بين فقه النظام وبين المذهب الاقتصادي وبين الفقه الاقتصادي وبين فقه الاقتصاد، وهذا يمكن أن يطلع عليه ايضاً من خلال المصادر الوضعية الجديدة من خلال كتابات كثيرة في الانترنيت من أنه ما هو معنى المذهب وما هو معنى النظام وما هو معنى الفقه، فهذه نكات مهمة جداً لو تم تدوينها فسوف تكون نافعة جداً، ولعلمكم الأوساط الأكاديمية والأوساط السياسية والثقافية تتأثر بمدوناتنا في المذهب الاقتصادي أو المذهب الجعفري الروحي، أو في المذهب المالي أو في المذهب المصرفي أكثر لأنهم يرون خطوطاً واضحة لا أنها تفاصيل يضيّعهم ويرون جدارة مذهب أئمة أهل البيت عليهم السلام على كل المذاهب البشرية الأخرى، فهذه المدونات لا تعجزنا بل على الباحث أن يتمرس كي يتطور، وأحد تلاميذ السيد الخوئي وهو الشيخ أبو القاسم الكورجي - يعني من جورجيا - فهو تتلمذ في النجف وهو رجل دين ومعمم وحاز على إجازة الاجتهاد المطلق من السيد الخوئي وكان السيد الخوئي يعتز به وكان السيد الخوئي من الذين يرشحه للمرجعية في النجف إلا أنَّ هذا الشيخ بعدما أجيز في الاجتهاد وكونه رجل دين ومعمم رأى من وظيفته أن يقتحم البيئة الأكاديمية في طهران فخلع العمامة وترك الحوزة وقد تأذى السيد الخوئي عليه كثيراً وهذا معروف عنه ولكن هذا البطل الذي ربما انتقد في البداية ولكن بعد ذلك شيد النظام القانوني في الجامعات الايرانية كلها وصار عميد القانون وأعطى مسحة حوزوية عظيمة في النظام القانوني والأكاديميات القانونية وصار رئيس جامعة طهران، والكل يخضع له حتى الاكاديميين لأنه قدرة كبيرة، فالمقصود أنَّ تدوين النظم وفقه النظم وتدوين الفقه السياسي أو الفقه الروحي مهم جداً والآن يوجد تعطش لذلك، والا، لا تلوم الكثير من الشباب أو شرائح المجتمع على الدخول لفرق باطنية منحرفة لأنا لم نرسم لهم نظاماً رغم أنه موجود في الفقه الجعفري.

ومن باب الشي بالشيء يذكر أنَّ أحد الاخوة قال: - ما معنى سالك وعارف بالله فإنَّ هذه اصطلاحات ما أنزل الله بها من سلطان وجاء لي بكلام أحد الأعلام؟ فقلت له:- إنَّ هذه كلها ألفاظ دع عنك أنه قد اقتبسها وسرقها العرفاء ولكنها كلها موجود في كلمات أهل البيت عليهم السلام والقرآن الكريم مثل ( فمن السالك بي في واضح الطريق )، أصلاً زيارة أمين الله كلها اصطلاحات ليست عرفان بشر ولكنه اصطلاحات عرفان وحياني، مثل ( أعلام القاصدين إليك واضح وسبل الراغبين إليك ... )، وغير ذلك، أو في الدعاء ( وباعدتني ذنوبي عن دار الوصال ) فأمير المؤمنين عليه السلام يتكلم عن أي وصال؟!!، ( وقلبي بحبك متيماً ) فما هو التيم القلبي؟!، أو أنّ الصلاة من دون توجه قلبي لا قيمة لها، فما هو التوجه القلبي، وغير ذلك، فإذا لم نكتب في النظام الروحي فلا نلوم أن تنشأ فرقاً باطنية منحرفة، لأنَّ الحوزة يجب أن تأخذ على عاتقها تدوين النظام الروحي والفقه الروحي، وهذه كلها موجودة، ومن باب الشيء بالشيء يذكر ومن باب التوفيق والالتفات هو أنَّ مجموعة فقهية سهلة أفتى بها الفقهاء وجدتها هي منظومة لعلاجات السعر، مع أنَّ هذا فقه مفتى به ولكن صار تنبه فجمعت من هذا الباب وذاك الباب وذاك الباب وهي مسائل فقهية مندوبة أو مفتى بها وجوبية هي علاج العين والسحر والأمراض الروحية، وهي ذات تأثير عجيب، فإذاً كل شيء موجود في هذا الفقه ولكن بشكل مختلط، ولذلك ذكرت لكم مراراً عن جملة من الأعلام منهم الميرزا جواد التبريزي وغيره من الأعلام وهو أن الكتب الربعة لا تظن أنها كتب فروع فقط وإنما هي فقه أخلاق وفقه عقائد، فكل عقائد الشيعة موجودة في الكتب الأربعة، وكل من ربما يضعف كتاب آخر من الكتب الأربعة لأنه فيه هذه المقامات وهذه المعارف هي بعينها موجودة في الكتب الأربعة ولكنه لم يتلفت إليها سواء كان في العقائد أو في الأخلاق أو في الفروع وفي أمور أخرى وحتى فقه السيرة للأئمة عليهم السلام موجود في الكتب الأربعة لكن من يأتي ويدون، فعلى كل قضية فقه النظم هي خدمة عظيمة للدين ولإحياء الفقه ولإحياء الوحي ولمتطلبات المجتمع، النظام العسكري، النظام الأمني، الفقه العسكري، الفقه الأمني فهذا من ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة﴾[2] ، فأصلاً هذا من الأمور العظيمة في إعداد القوة.

وستأتي تتمة الكلام إن شاء الله تعالى.


[1] السورة شمس، الأية 11.
[2] السورة انفال، الأية 60.