الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/05/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التحدي والخصومة في القمار - المكاسب المحرمة.

مرَّ بنا أنَّ القمار كمسألة وردت فيها لأدلة قد اشتملت على عناوين وماهيات متعددة مختلفة وقد ذكرنا أربع ماهيات لحد الآن الماهية الأولى هي المشارطة المالية المعلقة على أمر غير معلوم الحصول، الماهية الثانية اللعب بآلات القمار أو اللعب المجوني، والماهية الثالثة هي أصل التحدي والمغالة وما شاكل ذلك، والماهية الرابعة هي القرعة فنفس القرعة وتحكيم القرعة كشيء ميزان أصلي لا سيما عدم ربط القرعة به تعالى وإنما بأمور أخرى، فنفس القرعة أخذها مشاحة ميدانية في عمل البشر من دورن ربطها واضافتها إلى الباري تعالى ومن دون التعويل على الموازين فهذه فيها إشكال. فإذاً هذه أربع ماهيات.

ونذكر جملة من الروايات في هذا المجال: - والتي تؤكد ماهية التحدي يعني التغلب بين المؤمنين بداعي نفساني فإنَّ هذا مذموم أو هو محرّم عند الشارع؟، ونحن هنا نركز على هذه الأربع ماهيات لأنَّ لها أدلتها وسنقرأ الروايات الواردة في القمار، فما روي أنه صلى الله عليه وآله: - ( من ترك المراء وهو محق بني له بيتاً في الجنة)، وفي روضة المتقين - وتلك صحيحة عمر بن يزيد - عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله سولم:- ما كاد جبرئيل يأتيني إلا قال يا محمد اتق شحناء الرجال وعداوتهم )، وهذا بالمراء والتحدي وما شابه ذلك، وفي روضة المتقين أيضاً في الصحيح عن الحسن بن الحسن الكندي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( قال جبرئيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم:- إياك وملاحاة الرجال ) يعني منازعتهم، فنفس المنازعة والتحدي لغير غرض راجح أقل ما فيه أنه مذموم ومكروه شديد وقد يصل بالتالي إلى الحرمة مع إثارة البغضاء مع المؤمن أو المؤمنين، وهذه نكتة لطيفة وهي أن زرع البغضاء بين المؤمنين والفتنة فإن الفتنة أشد من القتل يعني أنها محرمة، كما أن الانسان أن يتقي أن يزرع البغضاء مع المؤمنين الآخرين كبغضاء وتحدي وحنق فإن هذا غير جائز أيضاً الآن كم درجة منه كبيرة وكم درجة منه صغيرة فهذا شيء آخر فإنه كلما يشتد يصير أكثر وأكثر، فحينما يقول الله تعالى ﴿ والفتنة أشد من القتل ﴾[1] لأنها تؤدي إلى ما تؤدي والعياذ بالله، وهذا مذكور في المكاس بالمحرّمة وهو أنَّ المراء منه هي من الكبائر فإنه يؤدي إلى المنازعة، فبالتالي المغالبة أو اللعب الذي يصب في هذا الاتجاه يكون حراماً من هذه الجهة، وفي الصحيح عن عنبسه العابد عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( إياكم والخصومة )، فلاحظ بيانات أهل البيت عليهم السلام أنه إذا حصل نزاع بين متنازعين من المؤمنين أو المسلمين أو من البشر عموماً فلا يوصي الدين بأن الانسان يتنازل عن حقه ولكن يوجد فرق بين أن يطالب بحقه وبين أن يخاصم، وما هو الفرق فنحن نظن أنَّ المطالبة هي خصومة، ولكن هذا خطأ، نعم استرجع حقك ولكن من دون خصومة، ولكن كيف يصير هذا؟، طبعاً التقاضي عند الحاكم ليس من الخصومة بمجرد التقاضي ولكن الخصومة هي غير التقاضي والتنازع، أيضاً التنازع غير مطلوب، نعم المطالبة بالحق هي مطلوبة أما التنازع والخصومة ليس مطلوباً وليس براجح ايضاً حتى مع العدو، فيوجد فرق بني الخصومة والمطالبة بالحق فإنه قد يتوهم بأن المطالبة بالحق هي خصومة، وقد يفهم البعض حينما قتول له لا تخاصم يعني لا تطالب بحق، أو تقول له طالب بحقك فيفهم أنه يختصم، وهذا أيضاً غير مراد، فما الفرق بين الخصومة وبين المطالبة بالحق؟، إنه يوجد فرق بينهما لأنه يمكنك أن تسترجع حقك باللين وبذكاء التذبير، فإذاً لا تلازم بين المطالبة بالحق وبين الخصومة، الخصومة يعني إشعال العداء، نعم إذا كان العدو فيلزم أن تتخذه عدواً، يقول القرآن الكريم ﴿ إنَّ الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً ﴾[2] لأنَّ هذا موطن نفسه على العداوة فلابد أقل شيء في المعاداة الحذر، وكما قال الله تعالى عن المنافقين ﴿ هم العدو فاحذرهم ﴾[3] فإنَّ العداوة تتطلب الحذر، فمعنى ﴿ فاتخذوه عدواً ﴾ يعني احذروا ولا تبن على أنه صديق وأمين وإنما احذر منه دائماً، والحذر غير التهمة، ففي العرف مثلاً الآن إذا أتت شركات محاسبية تدقق في فعل وزير أو مدير فنحن مثلاً في عرفنا ونقول إن عرفهم هذا خاطئ، فإذا أتت شركة محاسبية تدقق نقول إنَّ هذا متهم والحال أن التدقيق الحسابي ليس معناه النهمة فإنَّ التهمة شيء والتدقيق الحسابي شيئاً آخر، فمثلاً يقول الشخص أنت تدقق حسابي فهل أنت لا تطمئن لي ولكن التدقيق الحسابي لا ربط له بالاطمئنان لأنَّ التدقيق الحسابي قد يكون لا لخلل في عدالة المدير أو المؤسسة أو العامل أو الموظف وإنما لأجل قصوره في التدبير وخلطه في التدبير، وهذا اشتباه كير يصير الان وهو أنَّ معنى المحاسبة هو التهمة، كلا بل هناك فرق بينهما، فغن التدقيق في المحاسبات أو المراقبات لبس تهمة ولا الوثوق ينفي المحاسبة، بل التدقيق الحسابي والمحاسبات يعني التثبت، ماذا يعني نزول جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله سلم كثيراً مع انه كان يزل عليه في كل عام مرة واحدة ولكن في آخر سنة نزل ثلاث مرات أو مرتين فماذا يعني هذا؟ التدقيق والتثبت مع أنَّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمين الله وحيه، فإذاً التدقيق والتثبت شيء آخر فربما يعاتب عتاب ترك أولى الباري النبي نوح الذي هو من أولي العزم في عدم تدقيقه في العد الالهي، وهذا ترك أولى وليس جهل النبي نوح عليه السلام ولكن ﴿ وفوق كل ذي علم عليم ﴾[4] ، وفعلاً كان عدم التدقيق ترك أولى، فالتدقيق والمحاسبة باب عظيم، مثلاً الآن حينما نقول ﴿ وشاورهم في الأمر ﴾[5] فهل المعصوم يراقب أعوذ بالله تعالى؟ كيف هو يراقب!! إنه يراقب ولكن ليس بمعنى أنك تخوّنه وإنما كما يقول الشيخ المفيد وإنما لأجل أن تنشد انت مع حقائق ومقاصد المعصم فإنك إذا لم تراقب وتدقق فسوف لا تفهم المعصوم بحقيقة فهمه لا أنك تراقب لأنك تخوّن المعصوم عليه السلام، فباب المحاسبة والمراقبة والتثبت أصلاً لا يعني بوجه بمعنى التهمة والطعن ولكنها مهمة لأنه ﴿ وفوق كل ذي علم عليم ﴾، ونحن لا ندعي أن علمنا أُلوهي، كلا لا ندّعي ذلك، فإذاً لا يأنف أحد عن المحاسبة، طبعاً المحاسبة لها طريق مجَّة سيئة فهذا بحث آخر فهيب هكذا ربما يكون لها طابع شيء وإنما توجد محاسبة لينة هادئة، ولكن ليس معنى المحاسبة أنك تتهم الطرف الآخر، فلا إفراط ولا تفريط، فليس معنى المحاسبة أن تعتبره متهماً ويجب أن يطالب بكذا، فإن هذا اسلوب خاطئ، فالمقصود أنه هناك آليات، ونحن نطرح هذه الأمور لأجل أننا إذا لم نلاحظ العلاقة بين ابواب الفقه سوف تصير الأمور مرتبكة، وهذه المسألة ليست على صعيد فردي وأسري وإنما حتى على صعيد سياسي ومجتمعي ومؤسسي فيجب الالتفات إليها، وبعض القضايا الموجودة عند الماديين بغض النظر عن ماديتهم هذه القضية صحيحة، فإنَّ أصل التدقيق والمحاسبة والتثبت لا ينافي الوثاقة للعامل بل ربما تصير خير عون، لأنَّ الانسان ربما يشتبه وينسى ولم يتثبت ولم يدبر فما المانع في ذلك، يعني كلا الطرفين يجب أن لا يكون عندهم نوع تشنج، ولكن في أعرافنا كثيراً أنَّ أصل المحاسبة وأصل التثبت هو تهمة وهذا ليس بصحيح، كما أنَّ أسلوب المحاسبة والتثبت يجب أن لا يكون شنيعاً وممجوجاً، وهو مثل النصيحة فإنه توجد نصيحة هادفة ونصيحة هدّامة، فيوجد ناقد هدام يريد أن يهدم ويوجد ناقد بناء والنقد الهدام يختلف عن النقد البناء.

فالخصومة مذمومة مطلقاً إلا في الحالة الاضطرارية، ومن أحد معاني كظم الغيض عند أهل البيت عليهم السلام تجاه أعداءهم فإنهم يحذرون أعدائهم لأن العدو يمكر بما هو شر ولكن أهل البيت لا يشعلون الخصومة بينهم وبين أعداءهم لأنَّ إشعال العداوة والبغضاء ليس طريقاً لهداية الآخرين، ولذلك ﴿ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ﴾[6] ، وموعظة يعني خفّف نائرة البغضاء والعداوة، وكما يقول أهل البيت عليهم السلام ( رحم الله من حببنا إلى الناس )، ولذلك عندنا ذمّ كثير في باب القضاء فإن في باب القضاء يوجد فرق بين أن يطاب الانسان بحقه وبين أن يخاصم، فهو قد يخاصم ويعادي وسباب وشتم وتهديد فهنا حتى استرجاع الحق يحرق كل منظومة التعامل الانساني والايماني بينه وبين ذاك الطرف فلماذا وبأي مسوّغ وهذا من الخطأ، أو يكون بين الزوج والزوجة أو بين الصديق والصديق أو بين الأخ والأخ وكل هذا خطأ أصلاً نزاعكم في نقطة معينة فلماذا لا تشعلون كل النقاط فإن هذا لا معنى له، ولذلك توجد توصية في الروايات وهي توصية فقهية وأخلاقية وصناعة فقهية عجيبة وهي أنه لا تشدد من شدَّ في الخصومة لا يتجنب الظلم وإنما يقع في ظلم الطرف الآخر مهما يكن، فإنَّ اشعال الخصومة قد يؤدي من نزاع يسير إلى سيلان دماء بين عشرتين مثلاً، ( من بالغ في الخصومة أُثِم ومن قصَّر فيها ظُلم )، وهذا بحث قضائي مرتبط بباب القضاء وببايب الأسرة ومرتبط بالإدارة السياسية ومرتبط ببحوث كثيرة، فهل يصير الانسان مظلوماً؟ كلا لا تصر مظلوماً ولا ظالما بل عليك ان تترك الخصومة لأنك حينما تشعل خصومة والطرف الآخر يشعل خصومة ضجك فبالتالي سوف تصير مغالبة وإذا صارت مغالبة فأحدكم سوف يصير ظالماً والآخر مظلوم، بل عليك أن تخمد الخصومة، فليس معنى الخصومة أن تتنازل عن حقك فإنَّ معناها ليس كذلك وإنما الاصرار على المطالبة بالحق من دون خصومة ومن دون سباب وتحريك وتهييج وتعبئة، والآن البشر تعقلوا فما إن يختلفون على شيء تصعد الحرب العسكرية بينما دول ليست اسلامية حينما يصير بينهم نزاع فهم يسارعون إلى حل الأمر وهذا تعقل وحكمة لن الخصومة ليست مطلوبة في نفها فإن استرجاع الحق شيء والخصومة شيء آخر ولذلك البشر استحدث شيء أوصى به القرآن الكريم وهو علم التفاوض، فعلم التفاوض هو نفسه الحوار الهادئ من دون كلل وملل، الآن علم التفاوض هو تعلم سحري استراتيجي، وهذه هي توصيات الدين وتوصيات أمير المؤمنين ( إياكم والخصومة )، فإياكم والخصومة ليس معناه إياكم والمطالبة بالحق وإنما ( ما ضاع حق وراءه مطالب )، ولكن لا يقول لك حينما تطالب بحقك عليك أن تعادي، وهذا بين المؤمنين ومجموعات وتيارات وأحزاب من المؤمنين أصلاً لماذا التحزب مقيتة، لا أنَّ المجموعات مقيتة كلا بل هذا تشكل لا شيء فيه، وهناك سؤال يطرح وهو أنَّ هذه التشكلات السياسية ممقوتة في الدين؟ نعم هي ممقوتة إذا كانت عداوات تجعل من العداوات ديناً وهذا ممقوت ومذموم في الشارع، وليس ممقوتة إذا كانت من جهة تنظيم الأعمال وإدارة الأمور السياسية والاجتماعية فإنه لا مانع منعا لأنها نوع من التنظيم والادارة، فإذاً المخاصمة ممقوتة أما مطالبة الحق فغير ممقوتة وإنما تكون باللين والحوار والتفاهم، أئمة اهل البيت عليهم السلام يحاولون أن طفئوا العداوة بيمهم وبين أعدائهم كي يبينوا أنَّ الخلاف معهم ليس نفسانياً وإنما نزاع فكري ومنهجي ونزاع في الحقوق، الصديقة عليه السلام هل تكلمت بكلمة فيها شتائم في خطبتها؟ كلا أبداً، فمع أنها استنهضت الأنصار عسكرياً مرتين في خطبتها ولكن مع ذلك لم تثير الشعلة وإنما بطريقة ضغط وكما يقول بالقوة الناعمة، فإذاً باب الخصومة شيء وباب المطالبة بالحق شيء آخر.

( من بالغ في الخصومة أثم ومن قصّر فيها ظلم )، فالخصومة عبارة عن انفلات القوة النفسانية فتصير عداوة، ولذلك المطالبة بالحق شيء والمحاسبة شيء والخصومة شيء آخر، وحتى نحتن في طريقتنا بالمحاسبة لا يعني هذا أن نحكم على الطرف بشيء، فإنَّ المحاسبة شيء والحكم المتسرع شيء آخر، فنحن نظن أنه إذا سُوّغت المحاسبة فلنحكم بسرعة ونحكم بإدانة الطرف، فنحن نخلط بين ملفات عديدة وهذا خطأ، وهذا ما حصل بين موسى والخضر عليهما السلام فإنَّ البني موسى عليه السلام حاسب الخضر عليه السلام ولكنه لم يتهمه، فلاحظ النزاهة الموجودة بنيهما فهو حاسبه من دون تهمة ومن دون طعن والخضر أجابه بكل شفافية وإلا لكان الخضر يستطيع أن يقول لموسى إنك أمرت أن تتبعي من قبل الله تعالى وإنما اجابه بكل رحابة صدر، وإنما تنظيم اداري في المجموعة التي اتفق فيها المعصومّين أن لا يكون الاعتراض أو التساؤل قبل العمل، ﴿ فإن اتبعتن فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا ﴾[7] ولم يقل أنا معصوم وأنت قد أمرت باتباعي وأنا فوق من أن أُسأَل، كلا فهو لم يقل لموسى ذلك، فليس الخضر عليه السلام ىفوق أن يسأل ولا موسى عليه السلام فوق أن يسأل بل هما معصومان، فلاحظ أنَّ عالم المحاسبة شيء وبين الطعن والتهمة شيء فهذه الأمور يجب أن نلتفت إليها.

فإذاً في الروايات أحد ماهيات الرهان هي إشعال القوة النفسانية في القمار ولو من دون مشارطة، فغذا كان اللعب المستخدم لأجل تنشيط الصحة المدنية في المجتمع فذها جيد وأما إذا كانت لأجل إثارة العداوات أو وتفتيت النسيج المجتمعي في المجتمع الواحد أو بين مجتمعات المسلمين على أساس جاهلي فهذه اللعبة محرمة وليست بصحيحة، لأنها تثير الخصومة فسوف لا تكون لعبة رياضية وإنما هي لعبة لأجل بثت قنابل نفسانية موقوتة تنفجر في أي لحظة وزرع أمور سرطانية في نفوس المؤمنين، وهكذا الحال بالنسبة إلى صاحب الأفكار والقلم فهو يزرع قنابل موقوتة بين المؤمنين والمسلمين على أسا منطق جاهلي فهل يظن أن ذلك القلم أو البوق لا يحاسب؟!! إنه سوف يحاسب بلا شك، ﴿من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ﴾ [8] ، ﴿ مثل كلمة طيبة كشجرة طبية ﴾[9] ، فيجب اصلاح ذات البين بين المسلمين لا زرع الفتنة، فإن أردت أن تخطئ مؤمناً فلا تجعل كل جوانبه مظلمة وإنما بين الجاب، الخاص فلا تزرع العداوة فإنَّ المحاسبة ليست عداوة فإنَّ زرع العداوة خطأ، وهذا كلنا سنحاسب عليه تجاه بعضنا البعض ولا نظن أنَّ القضية مفتوحة، بل القضية مسؤولة وهلم جرا.

ولذلك هنا يوجد بحث مهم عند الفقهاء أنَّ الألعاب الرياضية إذا جندت لإشعال العداوة بين فئات المجتمع الآن العالم السياسي في العالم البشري الألعاب الرياضية لأغراض سياسية أو لأغراض اقتصادية وعلى هذا لم تصر لعبة رياضية، فإذاً صارت ماهية الألعاب ماهية اخرى وليس قصة كمال الأجسام والصحة وما شاكل ذلك وإنما صارت شيئاً آخر، هنا توجد نكتة مهمة في الألعاب وهي أنه كيف يحرم الاسلام الألعاب؟ طبعاً الألعاب التي تفجر العداوات أو تستخدم لثراء مالي فاسد فاشل بخلافه فميا إذا استخدمت في اغراض جيدة، ولذلك المراهنة والتحدي في القوة العسكرية فيما بين المؤمنين يحبذها الشارع، وهذا التنافس هو تنافس مدني وليس تنافساً دموياً، مثلاً هذا عنده سلاح صواريخ وذاك عنده سلاح صواريخ عابر للقارات، فإنه في ذلك فليتنافس المتنافسون ولكن ليس بإشعال دموي بني المؤمنين، فأصلاً باب السبق والرماية هو هذا معناه، يعني هو باب أنَّ المسابقة في القطاع الخاص لتنمية الكفاءة القتالية والعسكرية والأمنية بين المؤمنين مطلوبة وليس الاشعال الدموي بينهم، وإنما كلٌّ يسابق الآخر وهذا يريده الاسلام، فالاسلام يريد القطاع الخاص أن يتسابق وما شابه ذلك في الكفاءة وفي الخبرة من دون أن تستعل بينهم أمور دموية، فمعنى تشريع باب السبق والرماية حكمته هي هذه، فإذاً الألعاب قد تسيَّس إلى أمور محرمة وتدير أموراً محرمة وهذا لا يقبل به الشارع وتارة تكون لأغراض هادفة حكيمة فهي يريدها الشرع، ففرق بين باب القمار أو اللعاب المجونية وبين الألعاب العسكرية الأمنية الدفاعية القتالية فإن هذه يقول الشارع بأنها مطلوبة فإن التنافس هنا يزيد في قوة العمق المجتمعي للمؤمنين وهذا مطلوب، أصلاً لا تخفض القوة القتالية للمؤمنين والقوة العسكرية بل لابد أن تصعد فإنَّ هبوطها يثير اطماع الأعداء في الانقضاض عليهم، فإذاً هذا باب واحد وصورة واحدة ولكن ما الفرق بين المشارطة المالية هنا في باب العسكرة وباب الأمن وباب الدفاع القتالي وبين القمار، فهناك ملاهي حمراء ليلية فجورية دعارية حرمها الشارع وعداوات ما أنزل الله بها من سلطان حرمها الشارع، أما هنا إلهاب التنافس من دون أن يكون دموياً فهذا يحبذه الشارع، فلاحظ هذه مساران وبابان، باب تشريعي اتفق عليه كل فقهاء المسلمين فضلاً عن علماء الامامية، فهذا باب مفتوح على قدم وساق وغير مرهون حتى بولاية رسول الله صلى اله عليه وآله وسلم فضلاً عن ولاية من دونه - وهو باب السبق والرماية - بفتاوى كل الفقهاء، ففرق بين باب الملاهي والمجون والدعارة والاباحة الجنسية وهلم جراً وبين، فهما مساران مختلفان.


[1] السورة بقره، الأية 191.
[2] السورة فاطر، الأية 6.
[3] السورة منافقون، الأية 4.
[4] السورة یوسف، الأية 76.
[5] السورة آل عمران، الأية 159.
[6] السورة نحل، الأية 125.
[7] السورة کهف، الأية 70.
[8] السورة زلزال، الأية 8.
[9] السورة ابراهیم، الأية 24.