الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - صور عصرية منتشرة للقمار - المكاسب المحرمة.

كنا في مبحث آلات القمار ومرَّ بنا أنَّ الأعلام ذكروا أربع صور الصورة الأولى اللعب بآلات القمار مع المقامرة المالية، ولا يبعد أنَّ هذه المقامرة هي مغامرة، ففي لغة العرب تبدل في بعض القبائل الغين بالقاف فهي فيها مغامرة ومخاطرة فقامر يعني غامر وهذا ليس ببعيد فإن القمار يعني الغمار والمغامرة يعني يحتمل قريباً أنها محوّلة وهذا يؤثر في المعنى اللغوي كما سيتبين الآن، إذاً الصورة الأولى هو اللعب بآلات القمار مع جعل مالي وحرمة هذه الصورة محل اتفاق، ولكن كم وجه حرمة فيه فهذا بحث آخر وأمس انتهينا إلى ثلاث لا وجوه للحرمة فيه هذا من ناحية الحرمة التكليفية فضلاً عن الوضعية، فليس من البعيد أنَّ قمار ومقامرة هي غمار ومغامرة، أما الصورة الثانية فهي اللعب بآلات قمارية من دون مشارطة مالية فهي كمسابقة، ولا ريب أنَّ المسابقة يعني العب بالقمار أو بآلات أخرى ولو لم يتشرّط بالمال نفس العب هو نوع من التعاقد والالتزام من الطرفين، أما الصورة الثالثة هي المقامرة بالمال ولكن بآلات لعب غير قمارية، وقد يسأل سائل ويقول ما الفرق بين الآلات القمار وآلات اللعب غير القمارية؟ آلات اللعب غير القمارية يعني لا يكثر العرف القمار بها إلا نادراً فتلك الآلات لا تكون آلات لعب قمارية بخلاف الآلات القمارية التي يتخذها العرف حتى القمّارين واصحاب القمار والملاهي لهم عرف وهذا العرف هو موضوع للأحكام الشرعية، كما أنه وصية سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم - وأتصور أنَّ الرواية معتبرة عند الفريقين - ( اقرأوا القرآن بحزن واقرأوه بالحان العرب ولا تقرأوه بألحان أهل الفسوق )، فلاحظ أن عرف أهل الفسوق هو عرف يتحدد فيه جملة من الموضوعات في الأبواب الفقهية وتترتب عليه حرمة شرعية أو غير ذلك، فلاحظ أنه حتى الاطلاع العلمي على عرفهم مؤثر في تحيد الموضوعات منها بحث الآلات القمارية وغير القمارية، فإذاً الصورة الثالثة يتقامر يعني يتشارط مالياً بآلات لعب غير قمارية لأجل القمار والأقوال فيها الأغلب الاتفاق على الحرمة التكليفية، أما الصورة الرابعة أن يقع اللعب بغير الآلات القمارية من دون تشارط مالي هل هذا حرام أو لا أو فيه تفصيل، ومر بنا أمس أنَّ نفس هذه الصورة الأربع في كلمات الأعلام هي بنوبتها أيضاً فيها صور وتشقيقات ستأتي فهذه الأربع صور في الحقيقة هي أكثر فكل صورة منها هي صورتين أو ثلاث، ومن خلال التتبع في كلمات الفقهاء وجدت صورة خامسة لم يذكرها هنا الشيخ الأنصاري ولا صاحب الجواهر ولا الأعلام ولكن ربما النادر من الأعلام ذكرها ولكنهم ذكروها في أبواب أخرى مرتبطة فهي صورة خامسة أو قل هي صورة أولى ، وهي أن يكون هناك مراهنة بالمال لا بتوسط آلة لعب، مثلاً يراهن على أنَّ عاصمة الدولة الفلانية هي كذا والآخر يقول إنَّ عاصمتها هي كذا فهذه ليست مربوطة باللعب أبداً وإنما هي مماراة وتحدي في العلم أو في غير العلم، أو يقول البيت مساحته مائتي متر فهو يراهنه مالياً على أنَّ مساحته أقل من ذلك، أو يقول له أتراهن معك مالياً أن غداً سيكون مطر شديد والثاني يقول أراهنك على أنه لا يوجد مطر، فهذه المراهن تارة تكون بمال وتارة تكون من دون مال، فتصير ستة صور، أربع صور متقدمة تضاف إليها المراهنة لا بألعاب وإنما بأمور واقعية إما موجودة أو غير موجودة، مثلاً الآن حرب قائمة بين جهة وجهة أخرى فيقول أحد المتراهنين أن الذي سوف ينتصر هو ألف والثاني يقول الذي ينتصر هو باء، فيتراهنان وضعان مقداراً من المال ثم ينتظران من سيتنصر في نهاية الحرب، وهذا ليس لعباً وإنما هو قضاء وقدر، يعني المراهنة على الواقعيات فتارةً يكون بمال وتارةً يكون من دون مال، فإن كان بمال فقد أفتى جل الفقهاء وحتى من المذاهب الاسلامية الأخرى أنَّ هذا أيضاً هو نوع من القمار، ولعل البعض يفتي بأنه ليس من القمار، وماذا عن التحدي من دون رهان، وما هو وجه من قال بحرمته؟، فإذاً توجد عندنا ست صور نوعية، مطلق المخاطرة ولو من دون آلات لعب، المقامرة بالمال أي المغامرة والمخاطرة، وزمن أحد المعاني اللغوية الأصلية للرهان القماري أنَّ اسمه مخاطرة.

ونأتي لكم بصورة سابعة ذكرها الأعلام وهي ليست داخلة في البحث، وهي أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في باب البيع نهى عن جملة من بيوع الجاهلية، وهذه البيوع الجاهلية بالدقة ليست لعباً ولا يوجد فيها كذا وإنما فيها اقتراع فهو يحدد المبيع بالقرعة ومعنى القرعة هنا يعني لا يوجد شيء ثابت، فمثلاً أنت تعطي ثمناً متوسطاً ولكن القرعة قد تخرج لك بمبيع باهض الثمن فيخسر البائع وقد تخرج لك بمبيع داني الثمن فالمشتري يخسر، فلاحظ أنَّ احتمال الخسران والربح موجود في البيوعات وفي الاجارة وما شاكل ذلك، بالدقة تتحول المعاملات بدلاً من أن تكون معلومة العوضين تصير مجهولة العوضين أو أحدهما بمخاطرة، هذه المخاطرة والمجهولية حين وقوع العقد أحد العوض أو كليهما غير محدد وغير متعين بحسب الواقع حين إيقاع العقد سواء في البيع أو في بقية العقود، هذا أيضاً جملة من الأعلام أفتوا بأنه قمار، لأن ضابطة القمار هي المخاطرة المالية، فالإنسان يدخل في هذه المخاطرة المالية عبطاً سيما إذا كان المبلغ المالي ضخم جداً ويعلقها على القرعة، اتفاقاً أصل القمار الموجود في الجاهلية ليس باللعب فقط ولا بالتحدث والمغالبة فقط وإنما كان بالقرعة بالأزلام حيث كانوا يستقسمون بالأزلام، فإذاً دعونا حينما ندخل شيئاً فشيئاً في المعنى اللغوي ندقق في هذه الأمور، مثلاً الآن ورقة اليانصيب هل تجوز أو لا وهذه من المسائل المستحدثة، فمن أفتى بالحرمة قال إن فهيا مقامرة وإن فيها مال يسير او دون المتوسط ولكن يمن أن لا تحصل على شيء أبداً أو يمكن أن تحصل على شيء، مثلاً إنسان يريد أن يبني مسجداً او حسينية أو مستشفى أو عمل خيري معين ولكي يدر تبرعات من المساهمين يقوم بجعل مسابقة على جائزة كسيارة وهو يعلم بأن المبالغ اليت ستصل إليه تكفي مقدار المشروع الخيري وزيادة وهذه الزيادة يشتري بها السيارة أو الذهاب إلى مكة أو الذهاب إلى زيارة سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم أو زيارة سيد الأوصياء والأئمة عليهم السلام فهل هذه عبادة تخلط بقمار؟ إن كانت قماراً فهذا شيء صعب.

فعلى كلٍّ جملة من الأعلام أفتوا بالحرمة، وجملة منهم فصّلوا في هذه المباحث المستحدثة من القمار، مثلاً السيد الكبايكاني يحرمه مطلقاً، والسيد الخوئي في فتاواه القديمة على ما ببالي يفصِّل فيقول إن كان الدفع هو تبرع للمسجد أو للحسينية أو للأيتام أو لأيّ شيء خيري من دون اشتراط الاقتراع على المسابقة وإنما هو وعد ولو أنَّ نيته هو الدخول في المسابقة ولكن ليس من باب الاشتراط فهنا أفتى هو والكثير من تلاميذه بالحلَّية، لأنه لا يوجد فهيا مشارطة، والعوض إنما بذله كصدقة للمسجد أو للحسينية أو للأيتام أو لأي عمل خيري فهنا ليس في البين مشارطة، أما إذا جعل التبرع للعمل الخيري عوضاً عن دخوله في المسابقة على الجائزة فهذا لا يجوز لأنه نوع من المشارطة القمارية لأنه فيه مخاطرة، ولعل البعض جوّز مطلاقً، ونفس الكلام في الذهاب إلى بيع سلع غذائية أو أي متجر آخر وهذا المتجر لأجل أن يرغب الناس في الشراء منه يضع على كل سلعة يبيعها رقم معين ومن يشتري منه يأخذ الأرقام في قبال أنه ستكون قرعة على سلعة ثمينة في متجه تكون هدية، فصاحب المتجر هو بالتالي رابح لأنَّ كل سلعه سوف تباع ، يعني الترغيب في الإقدام على المعاملة المالية من بيع أو إجارة أو ما شاكل ذلك فحتى في الاجارة وحتى في المناقصات مقابل مسابقة واقتراع على ربح وخسارة، فإذا كان مشارطة في البين قال الأعلام إنَّ هذا قمار وإذا لم تكن مشارطة في البين وإنما كان هناك وعدٌ مبتدأ غير شرطي قالوا هذا جائز، وإن كان السيد الكلبايكاني حتى هذه الصورة يحرمها أو يستشكل فهيا ولكن أكثر المعاصرين قالوا لا إشكال فهيا إذا لم تكن مشارطة في البين.

ومن هذا نخلص إلى أنَّ صور بحث القمار وسيعة، ولابد أن نلتفت إلى المعنى اللغوي للقمار أو الرهان أو المسابقة والزوايا الماهوية لهذا الموضوع وأنها شاملة إلى كم صورة وكم نوع وهل حيثية الحرمة هي حثية واحدة أو حيثيات متعدد - كما مر بنا أمس ثلاث حيثيات - فهذا يغطي البحث حتى في المسائل المستجدة، لا سيما الآن من خداع البشر أن يضمّون ماهيةٍ قانونيةٍ مشروعة كالبيع أو الاجارة مع ماهية فاسدة كالقمار، لأنَّ القمار حتى المشرع الوضعي البشري غير متفقين على صحته وجوازه، بل الكثير من المقننين البشريين قائلين بمنعه قانونياً لأنه يؤدي إلى دمار شعوب ودول وأُسر كما تفعل ذلك المخدرات، مثلاً خلال خم دقائق كل المالية تذهب فأيّ رشاد عقلي في هذا الأمر، وإنسان لا يملك شيئاً ولكن من دون جهد ومن دون اقتصاد البشر يصبح ثرياً باسم الحظ والتنصيب وإنما باللعب أو بشيء آخر، فإذاً الماهية لها زوايا عديدة يجب التدقيق فيها بلحاظ المسائل المستحدثة والشمائل القديمة.

دعونا الآن ندخل إلى الصور أو الآيات أو المعاني اللغوية، وأيضاً الدخول إلى الروايات والآيات لا من باب المحمول وإنما من باب نفس فهم الموضوع فما هو تعريف القمار أو الآلات القمارية؟

ذكر مبدئياً عدة معاني أول معنى ذكر للقمار هو المخاطرة يعني مثل المغامرة فاحتمال الربح أو احتمال الخسارة سيما إذا كان بمقادير مالية طائلة، فأيّ معاملة مالية كالبيوعات النهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم منها بيع لحصى وهو أن يرمي حصاة فأيّ سلعة أصابتها فهي تكون المبيع، يعني يتبايعان أولاً على مائة دينار مثلاً وهو يرمي الحصاة عشوائياً فأين ما أصابت من السلع فتكون هي المبيع، فهذا البيع الجاهلي نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنَّ فيه مخاطرة ومغامرة، وقال البعض إنَّ قول الأئمة عليهم السلام ( نهى النبي عن بيع الغرر )، وفي نقلٍ آخر ( نهى النبي عن الغرر ) والغرر هو المجهولية وذلك بأن تقدم على معاملة مالية مجهولة العوضين، ويوجد نزاع علمي بني الفقهاء هل النهي النبوي عن الغرر مقيد بالبيع فإنها قالت ( نهى النبي عن بيع الغرر ) وهذه قاعدة من قواعد البيع وهي فساد البيع الغرري فإنَّ الغرر مفسد للبيع، وقد وقع عند الأعلام بحث علمي في أنَّ الغرر المفسد للبيع هل هو مفسد لبقية المعاوضات كالاجارة والعقود الأخرى أو ليس بمفسد، فالمشهور شهرة عظيمة أن الغرر مفسد لكل المعاوضات وليس خاصاً بالبيع، بالقدة الغرر في البيع هو مخاطرة وأنك تحدد العوض أو العوضين في البيع أو في بقية المعاوضات وتجعل تحديهما غير معلوم وإنما موكول إلى الحظ والقدر مثلاً، فبالدقة هناك ارتباط ماهوي بين الغرر والقمار إذا فسّرنا القمار بمعنى الغمار أو هذا التفسير اللغوي الرهان في القمار هو المخاطرة والمخاطرة هي نفس الغرر.

إذاً المعاوضات المالية السليمة الصحيحة تشريعاً يمكن أن تمزج بمعاملات موبوءة، ﴿ قالوا إنما البيع مثل الربا ﴾[1] فهم مزجوا بين المعاملتين ولكن الشارع المقدس قال ﴿ وأحل الله البيع وحرّم الربا ﴾[2] ، وهذه نكتة مهم جداً، وهي أنَّ البشر لكي يلتف على اقتصاد السليم أو التجارة السليمة الصحيحة يخلط معها معاملات مرحمة وموبوءة وفاسدة.

ونذكر لكم مثلاً وهو من المسائل المستحدثة ولم أتردد في تشخيص الفرض أنه حرام أو كذا:- مثلاً شركة عالمية معروفة جداً وهي حقيقية وليست وهمية فهي معروفة ولها مبيعاتها بكذا مليار في السنة هذه الشركات لأنَّ له رصيد تجاري واعتبار مالي عالمي كالذهب، فترض أنها شركة ألكترونية أو غير ذلك، فهي إلى جانب معاملاتها الحقيقة تصنع معاملات وهمية أو قمارية بصيغة البيع فهذه الشركات تقول لماذا الشركات الوهمية العملاقة مثل بتكوين أو غيرها هي تأخذ وتأكل من الحرام ونحن شركات حقيقة ولا نأكل من ؟!! بل دعنا نأكل منه أيضاً فإنَّ لنا اعتبار ونحن نستطيع أن نجلب زبائننا الحقيقيين إلى نفس المعاملات الحقيقية فأيضاً نجذبهم إلى المعاملات الوهمية وغسيل الأموال من خلال مزج هذه المعاملات المحرَّمة قانونياً حتى بشرياً بالمعاملات المحللة، الآن البورصة فهل كل بورصة هي معاملات حقيقية؟ كلا، وهذه نكتة مهمة جداً، بل قسم من البورصة بل نصف البورصة إن لم يكن أكثر - ولا ترعاها دول لأنها تخاف - هي في الحقيقة معاملات وهمية فهي معاملة دين ... وهكذا وترتفع الأسعار حسب تلاعب أصحاب البورصة وهذا أكل للمال بالباطل.

فالمهم أننا يلزم أن نلتفت إلى هذه النكتة الصناعية في المعاملات:- وهي أنه توجد عندنا عدة معاملات محرّمة موبوءة تجارياً واقتصادياً في نظر الشارع إما قمار أو غسيل أموال، وغسيل الأموال يعني فيما يعنيه المعاملات المحرّمة، فأنت تجني منها أموالاً كبيرة فتريد أن تخفي أنَّ مصدر أموالك من معاملات محرّمة فبهذه الأموال التي جمعتها تمارس أعمالاً محللة بها ليكون تبييضاً لها، فهي أموال سوداء ولكن تُبيَّض بمعاملات صحيحة وهذا ما يعبرون عنه الآن في سوق التجارة بتبييض الأموال أو غسيل الأموال، وهذا محل ابتلاء، فيجب أن نعرف البيئة السوقية في الكال ما هي، هذه المعاملة المحرمة السوداء تمارس الآن يجب أن نلتفت إليها فمن احدها القمار وأحدها الربا فهذه غدد سرطانية وضع سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم أصبعه عليها وقال إنَّ هذه معاملات موبوءة مدمّرة لاقتصاد البشر ولمعيشتهم وهي موجبة للمزيد من الجريمة وانحلال المجتمع وتفككه، هذه هي آثار المعاملات المحرّمة وهي رهيبة وقد وضع الشارع اصبعه عليها، منها مثلاً شراء المخدرات وشراء الأمور الضارة وهلم جرا، فيوجد عندنا قريب من عشر معاملات محرّمة عند الشارع اشد التحريم بل حتى عند عرف الكثر من البشر هي كذلك، فخداع البشر يأتي بهذه المعاملات يغلفها بالمعاملات المحللة، وهنا يبرز دور الفقيه كيف يشم رائحة المعاملة المحرمة عن المعاملة المحللة، وطبعاً هذا في باب التجارة والاقتصاد، وإلا فلو أردنا أن نمثل في باب السياسة فالأمر هكذا أيضاً، فإنَّ التحايل في عالم السياسة كيف هو وفي عالم العسكر والأمن كيف هو، ولكن دعونا عن هذا ولنبقَ في عالم المعاملات، ففي عالم المعاملات من قديم الايام قالوا ﴿ إنما البيع مثل الربا ﴾، ولكن ﴿ وأحل الله البيع وحرم الربا ﴾.

ونذكر لكم سبب النزول حتى يصير الأمر واضحاً: - وهو أنَّ اليهود اعترضوا على سيد الرسل صلى الله عليه وآله وسلم باعتبار أنَّ الربا متجذر عندهم يعني أنَّ العمل المصرفي عندهم تجذر ولذلك هم الآن يسيطرون على البنك الدولي ومؤسسة النقد الدولي لأنهم يمتلكون خبرة خمسة عشر قرناً فقالوا يا رسول الله ما الفرق بين أن أقول للمشتري هذه السلعة أبيعك إياها بكذا إلى سنتين ولكن بالثمن هو خمسة أضعاف أليس هذا حلالاً؟ نعم هذا حلال ولا إشكال فيه، لأنك من الأول عينت المبيع وعينت الثمن الآجل، وما الفرق بين هذا وبين أن أقول بعتك هذه السلعة عاجلاً بعُشر ثمن المبيع الذي بعته لمدة سنتين ولكن كلّما تأخرت المدّة أزيد عليك زيادةً ربوية - وبالتعبير البنكي إنترست يعني زيادة مالية - فإنه لا فرق بين البيعين؟!!، والحال أنَّ هذه مغالطة، لأنه لو تأخر ثلاث سنوات أو أربع ماذا يحصل من المضاعفات ونمو للربح؟!! أما في البيع فلو حدده لعشرة أضعاف فسوف يقف عند حدّ العشرة أضعاف ولا ينمو ويربو ويتصاعد إلى ما لا نهاية، بينما طبيعة الربا التصاعد إلى ما لا نهاية، وهذا فرقٌ ماهوي موجودٌ، فلاحظوا أنهم كيف أدخلوا المعاملات المحرّمة في المعاملات المحلّلة، وهذا بحث صناعي معقّد، وهو أنه كيف نميّز في الاستنباط الفقهي ادراج المعاملات المحرّمة كمصاديق للمعاملات المحلّلة وتغطيتها بالمعاملات المحلّلة.


[1] السورة بقره، الأية 275.
[2] السورة بقره، الأية 275.