الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الرثاء والتفصيل / حرمة الغناء / المكاسب المحرمة.

كنا في مبحث الرثاء والنوح ومرَّ بنا أنَّ الروايات الواردة في النوح والرثاء والندبة والعزاء والنعي، وتوجد عندنا روايات كثيرة مستفيضة لم يتعرض لها صاحب الوسائل، كما أنَّ هذه العناوين وهذا الباب وهو باب الندبة والعزاء والنوح قد أُمِر به بشكلٍ أكيد شديد في مصائب أهل البيت عليهم السلام، حتى ورد في كل فتاوى الفقهاء أنَّ الجزع في المصاب لغير النبي وأهل البيت عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام حرام، يعني المصائب الخاصة للأسر أو العوائل أو العشائر حرام إلا الجزع على النبي وعلى أهل البيت عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام، مع أنَّ الجزع هو شدة الرثاء أو في البكاء أو في العزاء ليس عزاء فقط وإنما هو عزاء وشديد بكاء وشديد ندبة، وطبعاً في أبواب المزار هناك ما يشير إلى ذلك ولا بأس أن نقرأها بعد قراءة هذا الباب، فلاحظ الآن الفقيه إذا أراد أن يحرر هذا البحث من الخطأ أن يرجع إلى هذا الباب فقط وهو الباب السابع عشر من أبواب ما يكتسب به فإنَّ هذا ليس كله وهذا ما يوصي به الكبار وهو أنه لا تكتفي بمراجعة باب أو بابين من الوسائل في كتاب التجارة بل عليك أن تذهب إلى كتاب الطهارة في أبواب تجهيز الميت سترى أبواب، اذهب إلى أبواب المزار في أبواب الحج ولاحظ كتاب التجارة وكتاب الطهارة كتب ثلاثة في أبواب متعددة حتى تتمكن من جمع مجموع الروايات الواردة في الندب والعزاء والنعي سواء كان على أهل البيت عليهم السلام أو غيرهم، وهذا الذي يصير عليه الكبار كثيراً وهو الوقوف على الروايات لا يمكن من خلال باب واحد من الوسائل بل غالباً توجد شبكة أبواب حول موضوع واحد ولكن هذه الشبكة متفرقة في أبواب وكتب متعددة، ولذلك يجب أن يكون عند الباحث في الاجتهاد والاستنباط أنس، لأنكم تعلمون أنَّ كتاب الوسائل قد رتّبه صاحب الوسائل على نسق كتاب الشرائع وبالتالي هو منهج الشرائع وتبويبها، فبالتالي إذا لم يتعرّف على تبويب الفقه في الشرائع لا يكون تبويب الوسائل واضحاً عنده، وطبعاً القواعد نفس الشرائع، فالتبويب الفقهي يختلف من المحقق الحلي عمّن تقدمه، فمن قبل المحقق الحلي يعبرون عن الطبقة من الفقهاء بالمتقدمين إلى الصدوق، من الصدوق إلى ابن إدريس يعبر عن هذه الطبقة بالمتقدمين، وقبل الصدوق كوالده ووالد ابن قولويه يعبر عنهم بالأقدمين مثل ابن أبي عقيل وابن الجنيد والكاتب الفقيه الذي يرجع إليه الشهيد الأول في الدروس كثيراً هو من الأقدمين وهلم جرا، فيوجد أقدمين ومتقدّمين ومتأخرين، فتبويب الفقه عند المتقدمين شيئاً ما يغاير تبويب الفقه عند المتأخرين من المحقق الحلي إلى الشهيد الثاني، فإذاً هنا ثلاث طبقات، أما من بعد الشهيد الثاني كالمجلسيّيَن والشهيد الثاني والحر العاملي والسيد هاشم البحراني وكاشف اللثام يعبر عنهم بمتأخري المتأخرين، والمقدس الأردبيلي يصنف من آخر المتأخرين فهو حدٌّ بين المتأخرين ومتأخري المتأخرين، فالطبقة الرابعة يعبرون عنهم متأخري المتأخرين إلى زمن الوحيد البهبهاني فقبل زمن الوحيد البهبهاني يعبر عنهم بمتأخري المتأخرين بين الشهيد الثاني والوحيد البهبهاني، وطبعاً الشهيد الثاني في المتأخرين أما ما بعده فهم المتأخرين إلى قبل الوحيد البهبهاني وصاحب الحدائق ومن الوحيد البهبهاني وصاحب الحدائق يعبرون عنهم بمتأخري الأعصار وهذه طبقة خامسة أو سادسة، وإلى الشيخ الأنصاري من بعد الشيخ الأنصاري يعبر عنهم بالمعاصرين، يعني هذه المائة سنة التي فاتت يعبرون عنهم بالمعاصرين، فالمقصود إذا لم يكن الباحث يلم بتبويب الفقه وأنَّ المسألة الواحد يتعرض لها الفقهاء في أبواب متعددة وكتب متعددة لم يستطع أن يستقصي ويحصي أقوال الفقهاء ولا مرادهم الأصلي يعني إذا انغَّر الباحث واعتمد على كلمات المشهور في باب الواحد سوف يخدع عن الوصول إلى مرادهم الحقيقي لأنهم غالباً لا ينقحون المسألة من كل زواياها في باب واحد، وهكذا الحال في كل علم المسألة الواحدة والبحث الواحد والقاعدة الواحد ينقحون زواياها العديدة في أبواب عديدة فأنت إذا لم تلتفت إلى مجموع تنقيحاتهم ستظن أنهم نقحوها في باب واحد فكلام المشهور يفسر بعضه بعضها بلحاظ جميع الأبواب وهذه نكتة مهمة جداً، هذا هو طبيعة الفقه الآن شخص يعترض عليه أو لا فهذا بحث آخر ولكن كل العلوم هكذا فالمعرفة والاحاطة والتضلع في التبويب مؤثر في تتبع المسألة وفي وقوف الانسان على مواد الاستنباط ومنه ينجرّ هذا البحث إلى تبويب كتب الروايات ككتاب الوسائل، الآن لاحظوا تبويب التهذيب فإنه يختلف شيئاً ما عن تبويب الكافي وإن كان متقارباً، كما أنَّ تبويب الصدوق أيضاً متقارب ولكنه يختلف عن الوسائل كثيراً، وتعلمون أنَّ المجلسي في البحار أيضاً عنده عشرون مجلداً ويا حبذا أنها تطبع بطبعة مستقلة عن البحار كما تطبع مع البحار أيضاً، لأنَّ هذا يسبب غفلة علمية عند الجو العلمي من أنَّ المجلسي عنده دورة روائية كاملة وبينها وبين الوسائل عموم وخصوص من وجه، وهذا اقتراح أنه بعض الناشرين وبعض العتبات الشريفة تطبع الدورة الفقهية في البحار مستقلة لا أنه لا يطبع مع البحار بل البحار يبقى على حالة ولكن هذه الدورة الفقهية تطبع مستقلة، وكما يرجع إلى الوسائل يرجع إلى هذه الدورة وحقيقةً بينهما عموم وخصوص من وجه، بل بينهما وحتى المستدرك عموم وخصوص من وجه، فكما أنَّ المستدرك طبع طبعة مستقلة عن الوسائل كذلك الحال في البحار لو طبعت دورته الفقهية طبعة مستقلة فهذا مهم جداً، ومن باب المثال أنه في البحار لديه مجلدان روائيان في علوم القرآن، والكثير من الباحثين لا يعلم بأنَّ في البحار هذا الشيء، ولو أنَّ هذان البابان ليسا هما كل ما في البحار من قواعد علوم التفسير ولكن يوجد مجلدان روائيان مخصّصان عند صاحب البحار في علوم القرآن يشملان نظرة أهل البيت عليهم السلام.

فالمقصود إذا كان الباحث لا يتنبه إلى كيفية تبويب أبواب الروايات في البحار في جانب فقه الفروع وفي الوسائل وفي الكتب الأربعة وفي الوافي أيضاً لأنَّ الوافي في بعض الأحيان نسخه تختلف عن الوسائل، فإذا كان الباحث لا يحيط بهذا التبويب كيف يمكنه أن يراجع المسألة الواحدة في أبواب عديدة، فترى باحثاً يدخل في بحث معين يراجع روايتين فيقول لا يوجد أكثر من هذا فنجري البراءة أو ما شاكل ذلك والحال أنَّ هذا تتبع قاصر جداً ومخلٌّ بالاستنباط وبإجزاء الاستنباط وبإجزاء هذا الاجتهاد فإنَّ هذا الاجتهاد غير مجزٍ، وكيف يتوقى الانسان عن هذا النقص في الاستقصاء ؟ إنه بلزوم التنقل من الباب الأصلي الرئيسي الأساسي الذي يرجع إليه في روايات الباب ينتقل منه إلى أبواب أخرى، فغالباً في هامش الوسائل باعتبار صاحب الوسائل يقول تقدم ويأتي وفي بعض الأحيان يصرح أين تقدم وأين سيأتي، وهذا جيد لأنه يسهل المراجعة، وهذا يعود الباحث على اكتشاف الشبكية الارتباطية بين أبواب الوسائل إذا مارسها الباحث بدوام كي لا يغفل عن مجموع طوائف الروايات الدخيلة في البحث ولكن صاحب الوسائل لم يوردها، فالتتبع في الروايات للوقوف على مواد جديدة شيء عجيب، وكم رأينا المشهور ربما اقتصر على روايات الأقدمين تنبهوا إلى روايات أخرى غفل عنها طبقات أخرى من بعدهم، لأنَّ هذه الروايات الزائدة التي غفل عنها هي فيها قرينة على حلحلة البحث، فالتتبع في الروايات ليس بعداً روائياً محضاً وليس بعداً حديثياً محضاً وإن كان هو من شؤون علم الحديث ولكنب الدقة هو عبارة عن احاطة شبكية صناعية لأنَّ الحديث يفسّر بعضه بعضاً كما أنَّ كلام المشهور يفسّر بعضه بعضاً كما مرَّ بنا، فعلى كلٍّ من دون ممارسة هذا الأمر لا يمكن للباحث أن يكتسب هذه القوة في الاستنباط وأنه كيف يلتفت ويتنبه إلى تعدد الطوائف الواردة في المسألة الواحدة، وقطعاً صاحب الوسائل لا يستقصي من زوايا أخرى وبعنوان آخر وبلفظ آخر ولكنه نفس المبحث.

إذاً هذا تمهيد تقديمي حتى لا يتخيل الانسان بأنَّ روايات الرثاء والنياحة والنعي والندبة هي فقط في هذا الباب من باب التجارة أبواب ما يكتسب به الباب السابع عشر بل الأمر ليس هكذا، وأمس مرَّ بنا التنبيه والتذكير بهذا المطلب وهو أنَّ روايات النوح ليست كروايات الغناء، فإنه في الغناء بنحو التأكيد بنحو العموم أنَّ الغناء حرام ولكن استثنيت منه موارد بينما في النوح والعزاء والندبة والرثاء من البدء الشارع يفصّل فيه وهذا مما يدل على أنَّ الأصل في الندبة أو الرثاء أو العزاء هو الحرمة وإنما هما قسمان متقابلان ضابطة القسم الأول ماذا وضابطة القسم الثاني ماذا، وهذه نكتة صناعية كما مر بنا أمس عموم ثم استثناء يدلل على أنَّ موارد الشك تندرج تحت العموم.

الرواية الأولى:- وهي صحيحة يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( قال لي أبي:- يا جعفر أوقف لي من مالي كذا وكذا لنوادب تندبني عشر سنين بمنى أيام منى )، ونوادب جمع نادبة وهي امرأة، وهي في أيام منى مثل يوم العيد أو اليوم الثامن الذي هو يوم التروية الذي يسحب فيه أن يكون الحجيج في يوم منى وهو من المستحبات الأكيدة جداً ويفيضوا إلى عرفات يوم التاسع بحيث يبيتون ليلية عرفة في منى فإنَّ هذا مستحب ثم يفيضون إلى عرفة، فأيام منى اليوم الثامن واليوم العاشر واليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر والثالث عشر يعني قريب أربع أو خمسة أيام، هنا استفاد الفقهاء أنَّ الندبة على أهل البيت مطلقة أو أنَّ مطلق الندبة جائز إذا كان المضمون حق والدعوة إلى حق، وهناك نقطة ثانية في هذه الرواية الشريفة استفيد أنَّ صوت الندبة في المرأة جائز مع كونها كبيرة السن أو وجود الضوضاء فإنه لا مانع منه فإنه في منى توجد ضوضاء فالرقة في صوت المرأة لا يلاحظ من ثم إذا كانت نوادب، فأصل سماع الندبة إذا لم تكن فيه فتنة وما شابه ذلك ووجود ضوضاء وعدم تركيز فلا إشكال فيه كما تجوز الاجارة عليه، والغرض أيضاً هو راجح.

الرواية الأخرى: - وهي صحيحة أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: - ( مات الوليد بن المغيرة فقالت أم سلمة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إنَّ آل المغيرة قد أقاموا مناحة فأذهب إليهم؟ فأذن لها فلبست ثيابها وتهيأت فندبت ابن عمها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت أنعى الوليد ابن الوليد أبا الوليد فتى العشيرة حامي الحقيقة، فما عاب رسول الله ذلك ولا قال شيئاً )، والوليد بن المغيرة من بني مخزوم وأم سلمة من بني مخزوم، فبالتالي هذه ندبة ورثاء، فهي ندبت عليه ودخلت المأتم وبالتالي هذه سنَّة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنَّ تقريره سنَّة وإذنه سنَّة، فإذاً أصل الفاتحة والمآتم على الميت سنَّة مروية لا إشكال فيها، نعم فيها قيود ستأتي منها أنهم لا يقولون التبرّم من قضاء الله تعالى وقدره فإنَّ هذا غير جائز، أو الشكاية على قضاء الله وقدره فإنَّ هذا لا يصح أيضاً، فبالتالي الندبة والمآتم والنياحة فيها طور وفيها مدّ وفيها ترجيع فهذا المقدار جائز، فإنَّ المأتم الذي تذهب إليه أم سلمة ليس كلّهم معصومون ولكن هذا أيضاً جائز وأنه كما يقال التأثير الموسيقي في النوح موجود ولكن هذا المقدار ليس مهيجاً وشديداً فيكون جائزاً، سواء في وصية الباقر عليه السلام بالنوادب في منى أو إذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمأتم الذي ذهبت إليه أم سلمة.

الرواية الثالثة: - موثقة حنان بن سدير قال: - ( كانت امرأة معنا في الحي ولها جارية نائحة فجاءت إلى أبي فقالت:- يا عم أنت تعلم أنَّ معيشتي من الله ثم من هذه الجارية فأحبُّ أن تسأل أبا عبد الله عن ذلك فإن كان حلالاً وإلا بعتها وأكلت من ثمنها حتى يأتي الله بالفرج، فقال أبي:- والله إني لأعظم أبا عبد الله أن أسأله عن هذه المسألة، قال:- فلما قدمنا عيله أخبرته أنا بالمسألة، فقال أبو عبد الله عليه السلام:- أتشارط؟ قلت: - والله ما أدري تشارط أم لا، فقال: - قل لها لا تشارط وتقبل ما أعطيت)، فإذاً الاجارة قد تكون فيها كراهة باعتبار تحديد مقدار المنفعة وما شابه ذلك وإلا فأصل المناحة إذاً جائز، وهذه المناحة فيها اطوار وفيها كيفية معينة وفيها ترجيع وفيها مدّ صوت.

فهذه الرواية الثلاث كلها معتبرة السند، ولكن هذه ليس فيها جزع، إنما الجزع هو الشدَّة والجزع محرَّم إلا في مصاب النبي وأهل بيته عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام.

الرواية الرابعة: - وهي صحيحة عذافر، قال: - ( سمعت أبا عبد الله عليه السلام وسئل عن كسب النائحة فقال:- تستحله بضرب إحدى يديها على الأخرى )، يعني بالتالي فيها أجرة، فنفس هذا عمل محترم أنها تهيج الأحزان وتسيل الدمعة ويوجد عندنا في الروايات أنَّ الوجد والغم الذي يحصل عند أهل الميت ينفّس بالبكاء، لأنَّ بقاءه واختزانه في النفس ليس حالة صحية فخروجه يكون أفضل.

ومن الواضح أنَّ هذا هو أدنى شيء وإلا فلا تقتصر على هذا، فهو عليه السلام يريد أن يبين أنَّ هذا الدور من مشاركتاها في صنع جوّ المأتم على الميت هو جائز.

الرواية الخامسة: - وفيها بعض المجاهيل ولكنها مسندة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - ( من أنعم الله عليه بنعمة فجاء عند تلك النعمة بمزمار فقد كفرها ومن أصيب بمصيبة فجاء عند تلك المصيبة بنائحة فقد كفرها )، والمزمار هو الآلة الموسيقية فإنه في النوح الآلات الموسيقية محرّمة ولا تستثنى فيه، وقوله ( ومن أصيب بمصيبة فجاء عند تلك المصيبة بنائحة فقد كفرها )، يعني لم يرتضها فهذا يدل على أنَّ النوح مكروه لا أنه حرام، أو يحمل على النوح غير الجائز لأنَّ فيه تبرّم من قضاء وقدر الله تعالى فهذا غير جائز، فهو يحمل على هذا في مقابل الروايات الدالة على الجواز.

الرواية السادسة: - وهي مسندة ولكن سندها فيه مجاهيل عن حفيدة الامام زين العابدين خديجة بنت عمر بن علي بن الحسين في حديث قالت: - ( سمعت عمي محمد بن علي يقول إنما تحتاج المرأة إلى النوح لتسيل دمعتها ولا ينبغي لها أن تقول هجراً فإذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة بالنوح )، فالنوح تخفيف عن المخزون الروحي الذي يحتبس في نفس الانسان نتيجة فقد الأحبة وما شاكل ذلك، والرواية قالت ( فلا تقول هجراً ) يعني بالتالي هذا كلام باطلا التبرم على الله وما شاكل ذلك، فهذا قيد في الحليّة، فهذه الرواية مفصّلة بين النوح الحلال وهو ما إذا كانت تقول حقاً والنوح الحرام فيما إذا كانت تقول هجراً كالتبرم على الله أو اعتراض على فعل الله تعالى وما شابه ذلك.

الرواية السابعة: - وهي صحيحة أيوب بن الحر عن أبي بصير قال: - ( قال أبو عبد الله عليه السلام:- لا بأس بأجر النائحة التي تنوح على الميت )، فهذه الرواية فيها إطلاق ولكنها مقيدة بأن لا تقول هجراً.

الرواية الثامنة: - موثقة سماعة: - ( سألته عن كسب المغنية والنائحة فكرهه )، فهنا توجد كراهة وليست حرمة، والكراهة طبعاً استعملت في الروايات بمعنى الحرمة ولكن بقرينة الروايات السابقة إما تحمل على حرمة الهجر أي لا يقول ما يسخط الربّ هذا قول النبي صلى الله عليه وآله ( إنَّ القلب لمحزون والعيون لتدمع عليك يا إبراهيم ولا نقول ما يسخط الرب )، هذه هي الضابطة في النوح الحلال والحرام.

وهذه الرواية مذكورة في كتاب طهارة، فالجمع بين الأبواب أمرٌ مهم كي يطلع الباحث على مجموع الروايات، فهذه الرواية قالت: - ( سألته عن كسب المغنية والنائحة فكرهه )، وطبعاً بالنسبة إلى المغنّية حرام، ويمكن أن يحمل النوح هنا على ما تقول هجراً.

وسنواصل بقية الروايات إن شاء الله تعالى.