الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/03/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حرمة الغناء واخواته الدرس ( 15)

مرَّت بنا الرواية التي وردت عَنْ يُونُسَ قَالَ: سَأَلْتُ الْخُرَاسَانِيَّ ـ أي الامام الرضا × ـ عَنِ الْغِنَاءِ وَ قُلْتُ إِنَّ الْعَبَّاسِيَّ ذَكَرَ عَنْكَ أَنَّكَ تُرَخِّصُ فِي الْغِنَاءِ فَقَالَ كَذَبَ الزِّنْدِيقُ مَا هَكَذَا قُلْتُ لَهُ سَأَلَنِي عَنِ الْغِنَاء فَقُلْتُ إِنَّ رَجُلًا أَتَى أَبَا جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنِ الْغِنَاءِ ؟ فَقَالَ يَا فُلَانُ إِذَا مَيَّزَ اللَّهُ بَيْنَ الْحَقِّ

وَ الْبَاطِلِ فَأَيْنَ يَكُونُ الْغِنَاءُ ؟ فَقَالَ مَعَ الْبَاطِلِ فَقَالَ قَدْ حَكَمْتَ.[1]

هذه الرواية دليل على ان الائمة لم يكونوا يستطيعون التصريح بالحرمة ، نظرا للمارسة السلطة الاموية والعباسية للغناء والملاهي لا سيما مع ما ينسب الى جُل فقهائهم من عدم حرمة الغناء إلا بلحاظ ما يصاحبه من محرمات أخرى ، اذن فهناك قرائن كثيرة واضحة على ان الائمة لم يكونوا يستطيعوا التصريح بذلك ، نظراً لأن السلطة تمارس الغناء، لاسيما وهم يروون ذلك حتى عن سيد الأنبياء فما بالك بغيره.

وصاحب الوسائل & لأن في زمانه كان الفيض الكاشاني & واستاذه الشيخ ماجد البحراني & حاول ان يرجح الروايات التي تحرم الغناء لما يصاحبه من محرمات ، فجعل روايات التقية هي الأصل وجعلا روايات الأصل مؤولة ومعطوفة ، ولصاحب رسالة في الرد على هذا التوهم ويذكر فيها ان الروايات الواردة في تحريم الغناء قرابة ( 300 ) رواية [2] دالة على الحرمة ومبينة لمفاد الآيات الكريمة فالمسألة ليست قابلة لتوهم تقديم روايات التقية على روايات تحريم الغناء ، وهذه المسألة وقع في غفلتها نظير ذلك الفيض الكاشاني في مسألة ( إنفعال الماء القليل ) فعند العامّة انه لا ينفعل إلا بالتغير ، كالماء الكثير ولا ينفعل بمجرد ملاقاته للنجاسة ، وسبب ذلك هناك اثنا عشر رواية صحيحة تُوهِم هذه الدلالة ، ولكن في مقابلها ( 300 ) رواية ـ كما يقول السيد محمد مهدي بحر العلوم ـ دالة على إنفعاله بمجرد الملاقاة وان لم يتغير ، فكيف يترك الانسان 300 ويعمل بـ (12) ؟!

ان هذا لا يجوز في نظام الحجج والدين مع أنَّ هذه الروايات ال ( 12 ) بحسب دراية الحديث وجدناها مقطّعة وهذا هو سبب الايهام وتتمة هذه الروايات لو وقفنا عليها وجدنا أنها ليست في صدد اثبات عدم انفعال المال بالملاقاة .

من سلبيات تقطيع الاحاديث :

ان تقطيع الحديث يُوهم الفقيه بالدلالة الحقيقية للرواية ، والفقيه الذي ليس لديه تضلّع في التنقيب في مصادر الروايات وسلامتها من التقطيع ، وكيفية إيجاد الجزء المقطوع منها ، لا محالة تكون نتائج الاستنباط عند ذلك الفقيه تكون خاطئة ، وهذذا ليس خاصا بعلم الفقه بل يشمل علم التفسير والعقائد والأخلاق .

فالحاجة الى دراية الحديث ككيف تفهم كتاب الوسائل وإشاراته ، او كتاب الكافي والتهذيب والفقيه وما هو منهجه ، وأكثر أصحاب الكتب الأربعة تقطيعاً للروايات هو الكليني حسب إجتهاده مثلا يقول ان هذه القطعة من الرواية مرتبطة بهذا الباب والقطعة الأخرى مرتبطة بباب آخر وعندما ينظر الانسان الى الرواية كاملة يكون ظهور قطع الرواية مختلف ، مثلا الأدلة التي استند اليها الفقهاء المعاصرين في العصر الأخير الى القول بطهارة الكتابي كلها مقطّعة [3] وهي أدل على النجاسة من أدلة النجاسة ولكن بسبب التقطيع أوهمت الطهارة ، والمسألة ليست مسألة التقطيع بل حتى صاحب الوسائل يقطع الروايات إجتهاديا وكذا الصدوق يقطع بنحو متوسط ، والوحيد الذي لا يقطع إلا نادرا هو الشيخ الطوسي وهو أضبط الثلاثة في متن الحديث خلافا لما هو المعروف من كونه أقل ضبطا من الصدوق والكليني .

والفقيه اذا كان غير ملتفت الى هذه النكات وليس لديه تضلع في كتب الحديث ولا ممارسة له في ذلك حاله حال الذي يرجع الى القرآن الكريم للبحث عن موضوع معين وهو غير ملتفت الى أنه يتعرض لذلك الموضوع في عشر سور مثلا أو في السورة الواحدة في عدة مواضع ، فليس لديه نباهة غستخدام المعجم الفهرست ثم هذا المعجم يراجع اشتقاق معين للمادة الواحدة أو اشتقاقات متعددة ثم مرادفات المادة ، واشتقاقات المرادفات فتتكون منظومة من الآيات حول موضوع واحد ، وهذه الأمور على فرض التسليم بكونها ليست صناعة إلا أنها بالتالي اذا لم يكن الفقيه او المفسر أو أي باحث في العلوم الدينية اذا لم يكن عنده تضلّع في دراية الحديث او بعض علوم التفسير لا تكون مواد الاستدلال ـ سواء أكانت رواية او آيات قرآنية ـ سالمة لديه فتكون النتيجة خاطئة لا محالة ، وتنجم من هذا غفلات الى ما شاء الله الشيخ حسين الحلي & من رموز مدرسة النائيني المعروف عنه أنه كان يُلِمْ بأسماء عناوين أبواب الوسائل الواجبة والالزامية كلها عن ظهر قلب لأنه لو لم يحفظها لم يستطع استخراج المواد والروايات والاستدلالات ، وأكثر من هذا بحسب ما يذكر بعض تلامذته أنه يحفظ أيضا عدد روايات كل باب ، وذلك لأنه لو لم يُلِم بالمصادر تكون استنتاجاته هوائية فضائية .

السيد هادي الميلاني& ـ أنبغ تلميذ للنائيني والاصفهاني رحمهما الله ـ والعلامة الطباطبائي تباحثا في النجف الاشرف في كتاب الوسائل من أوله الى آخره ، واستعرضا نسخ الحديث المختلفة واسانيده ومتونه فإنه اذا لم يكن الميلاني & هكذا كيف يكون فقيها ومرجعا ، وكذلك العلامة الطباطبائي & ان لم يكن هكذا كيف يكتب دورة تفسيرية تمثل فكر الإسلام وهو غير ملتفت الى الوسائل والمصادر .

وكما يقول تلامذته أنه قرأ كتاب البحار مدارسة بينه وبين نفسه مرتين وقد لخصَّ البحار ، وكتب كتاب تفسير البيان ، وهو ست مجلدات وقد ألفه قبل كتاب الميزان .

والشيخ الانصاري عندما يذكر العلامة المجلسي ـ في المكاسب او الرسائل ـ ويكون المجلسي قد عين للحديث معنى يعتني باستظهار المجلسي ويقول عنه غوّاص بحار الانوار فليس الاجتهاد كله صناعة فقهية وأصولية من دون التضلع بعلم الحديث وعلومه والقرآن وعلومه .

وذكر الكثير من الكبار ـ وهو صحيح ـ ان أكثر حالات التعارض بين الروايات في كل العلوم الدينية ـ من الفقه والعقائد والأخلاق وغيرها ـ حلها يكون بالتتبع في نفس الروايات لأن الحديث يفسر بعضه بعضا ، فأكثر التعارض المتوهم بين الروايات ـ في النظرة الأولى ـ سببه عدم الالمام الوسيع بمنظومة الروايات المرتبطة بهذا المبحث نفسه ، سواء في علم التفسير والعقائد والأخلاق .

والخلاصة : ان الاطلاع ولو بدرجة متوسطة على كتب الحديث ومنهجها كمعرفة منهج الكليني والصدوق والطوسي مؤثر جدا فان عدم الالمام بمنهجة كتاب الكليني مثلا وأنه لماذا منهجه وشجرته العلمية في المجلد الثاني من الكافي مختلفة ثم الثالث الى الثمن أو السابع ثم الثمن على حدة ، ومن دون التمرس لا يصل اليها الانسان .

وماهو معنى مشيخة التهذيب والصدوق في الفقيه ، ان هذا نظير من يريد أخذ وقود من مخزن وهو لا يعرف أبواب المخزن وطرقه ومفاتيحه فكيف يأخذ منه الوقود ؟!

كم كتاب حديث الان من الكتب والمصادر الاصلية طبعت بطبعات حروفية ولو سألنا انفسنا لما عرفنا عددها والى الان ليس لدينا موسوعة بحث الكترونية جامعة لكل الكتب الحديثية المطبوعة وهذا نقص عجيب ، فضلا عن المصادر الأخرى كمصادر التاريخ وسيرة الائمة والمقتل ، والعجب من البعض ينفي بعض الأمور بقوله لم تثبت والحال ان الموسوعات الالكترونية غير جامعة لكل التراث فما بالك بغيرها فالترجلات سريعة وخاطئة الى ما شاء الله .

اذن صاحب الوسائل يقول ان الروايات الدالة على حرمة الغناء ( 300 ) رواية في مقابل بعض الروايات الموهمة للحلية في بعض الصور .

ووصل كلامنا الى الرواية الخامسة عشر : وهي موثقة

وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ × عَنِ الْغِنَاءِ- وَ قُلْتُ إِنَّهُمْ ـ أي العامة ـ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ’ رَخَّصَ فِي أَنْ يُقَالَ ( جِئْنَاكُمْ جِئْنَاكُمْ حَيُّونَا حَيُّونَا نُحَيِّكُمْ ) فَقَالَ كَذَبُوا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ﴿وَ مٰا خَلَقْنَا السَّمٰاءَ وَالْأَرْضَ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا لٰاعِبِينَ لَوْ أَرَدْنٰا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا إِنْ كُنّٰا فٰاعِلِينَ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبٰاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذٰا هُوَ زٰاهِقٌ وَ لَكُمُ الْوَيْلُ مِمّٰا تَصِفُونَ﴾ ثُمَّ قَالَ وَيْلٌ لِفُلَانٍ مِمَّا يَصِفُ رَجُلٌ لَمْ يَحْضُرِ الْمَجْلِسَ.[4]

وقوله :

( وَ قُلْتُ إِنَّهُمْ ـ أي العامة ـ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ’ رَخَّصَ فِي أَنْ يُقَالَ ( جِئْنَاكُمْ جِئْنَاكُمْ حَيُّونَا حَيُّونَا نُحَيِّكُمْ ) هنا الترخيص في مضمون الكلام ، وليس في كيفية الكلام وهنا الامام ينكر أشد الانكار أن رسول الله رخص أي اباح ، وهنا الامام ينكر أشد الانكار ما نسبوه الى رسول الله ، والذي نسبوه الى رسول هو مضمون كلام أجوف لغو ، وهذا يؤكد على ان الغناء في الأصل اللغوي مضمون الكلام واما كيفية الصوت فهو ركن آخر بديل فليس الغناء فقط كيفية صوت فالغناء حتى كتابة حرام ، ولذا يكون الغناء من خلال إنشاء كتابة هو حرام .

واللطيف في الآية ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾[5] فكلمة إجتنبوا أي تباعدوا سواء انشاءاً او تكلماً او سماعاً فكل هذا إقتراب من الغناء من جهة المنشد او السامع او التكلم ، فلا يتحقق الاجتناب عن الغناء الا بترك بهذه الأمور الانشاء والتكلم والسماع فالاية تحرم العناوين الثلاثة ( الانشاء والتكلم والسماع ) .

وبتعبير الفقهاء والمفسرين ان النهي اذا اسند الى عنوان معين من دون تقدير فعل معين فحذف المتعلق يفيد العموم نظير ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾[6] فما الفعل المناسب له هل هو الجماع فقط ؟ كلا ، هل هو التلذذ ؟ كلا ، أحد الأفعال التي تناسب الفرج هو منشأ لتكثير النسل ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾[7] فـ ﴿نِسَاؤُكُمْ﴾ لا الاجنبيات حرث لكم فلا يجوز وضع نطفة الرجل في فرج إمرءة أجنبية ، فالقران لما يقول ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ فالحفظ ليس من فعل واحد لأن حذف المتعلق يفيد العموم فنفس القرآن الكريم يبين أنَّ هذا الفرج قد يستخدم في التنسيل وهذا الفرج قد يستخدم في اللذة الشهوية فهما فعلان متميزان وكذا النظر وغيره فهناك أفعال متناسبة للفرج وعندما لم يقيد الحفظ عن أي شيء تكون كل هذه مقدرّة ومحرمة إلا على أزواجهم ، فالآية حاصرة للتنسيل او للتلذذ او النظر او اللمس أو لأي شيء بالزوجين وما ملكت اليمين .

وهي نظير ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾[8] فهل المتعلق هو فعل الزنا ؟ الاعداد لها أو التهيء لها ؟ ان كل شيء مرتبط وقريب للزنا فهو ممنوع منه .

وهنا أيضا كذلك ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ فاجتنب أي ابتعد عن كل الأفعال الملامسة والملابسة لهذا الشيء وليس عن فعل واحد .

هذه كلها شواهد على أنّ المضمون أيضا محرم ولذا المفسرين فسروا قوله ﴿وَمِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّٰهِ﴾ بكيفية الصوت أو المضامين سواء فبعض الأحيان المضامين أيضا تشد الناس الى التوجه الى المدسة الاباحية مثلا او الانفلاتية في الاخلاق او الى دفع المجتمع الى الانحلال الخلقي بدل المثابرة والجد في بناء نفسه ووطنه .

عود الى الرواية :

وَ قُلْتُ إِنَّهُمْ ـ أي العامة ـ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ’ رَخَّصَ فِي أَنْ يُقَالَ ( جِئْنَاكُمْ جِئْنَاكُمْ حَيُّونَا حَيُّونَا نُحَيِّكُمْ ) فَقَالَ كَذَبُوا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ ﴿ وَ مٰا خَلَقْنَا السَّمٰاءَ وَالْأَرْضَ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا لٰاعِبِينَ لَوْ أَرَدْنٰا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا إِنْ كُنّٰا فٰاعِلِينَ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبٰاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذٰا هُوَ زٰاهِقٌ وَ لَكُمُ الْوَيْلُ مِمّٰا تَصِفُونَ﴾ يدل استدلالهم بهذه الاية على أن الامر إلزامي وليس كراهتي .

ثُمَّ قَالَ وَيْلٌ لِفُلَانٍ مِمَّا يَصِفُ رَجُلٌ لَمْ يَحْضُرِ الْمَجْلِسَ.

نكتة صناعية :

تقدم انه من الخطأ ان يبني الفقيه على أن حرمة الغيبة حرمة بسيطة ، بل هي مركبة من حرمات وفائدة ذلك انه اذا انتفت أحد جهات الحرمة ولم تنتفي بقية الحرمات بقيت الحرمة للغيبة وذلك لأن طبيعة حرمة الغيبة مركبة من عدة حرمات .

والبعض في حرمة اللعب بالآلات القمارية ـ لا المشهور ـ بنوا على أن الحرمة فيها حرمة بسيطة فوجدوا ان هذه الجهة تنتفي في بعض الموارد كما لو لم تكن هناك مراهنة فقالوا بالحلية ، والحال ان الحرمة للقمار ليست بسيطة بل هي مجمع للحرمات وبالتالي مع إنتفاء إحداها لا تلتفت البقية .

فهذه نكتة مهمة جدا وهي ان يلتفت الى أن حرمة الغيبة مثلا وإن كانت حرمة مجعولة ـ كما مربنا ـ فلا ينافي كونها متنزّلة من حرمات متعددة شبيه ما مر بنا ان القانون الدستوري قانون وكذلك القانون البرلماني والوزاري فمسألة وزارية تكون مجمع لتقنينات متعددة برلمانية ومجمع لتقنينات متعددة دستورية مع ان القانون الوزاري أيضا تقنين ولكنه ليس تقنين بسيط وفرد ، مع أن طبيعة طبقات القانون واحدة في القانون الوضعية والشرعية فلغة القانون واحدة .

والحاصل : ان القوانين المتنزلة أبدا لا تكون بسيطة بل تكون مجمع غالبا لقوانين متعددة فوقية فلا نغر بهذا المبحث من كونه ذو جهة واحدة .

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج17، ص306، أبواب ما يكتسب به، باب99، ح13، ط آل البيت.
[2] قال في معرض رده على التمسك ببعض الاحاديث في حلية التغني بالقرآن الثاني : إنّه ضعيف أيضا بمعارضته للسنّة المطهّرة المنقولة عن النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام في أحاديث كثيرة صحيحة متواترة معنى، و قد اعتبرتها في جميع كتب الحديث التي و صلت إليّ فوجدتها قريبا من ثلاثمائة حديث، و كثرتها و شهرتها تغني عن الإطالة بنقلها منها، و يأتي بعضها كما يقتضيه المقام إن شاء اللّه تعالى؛ فلا يجوز العدول عن الأحاديث الصحيحة المتواترة إلى الأحاديث الشاذّة النادرة، فكيف إلى حديث واحد.المصدر : رسالة في الغناء (للحر العاملي)؛ ص: 5.
[3] راجع كتاب شرح العروة للشيخ الأستاذ دام ظلة مبحث نجاسة الكتابي وهو مطبوع.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج17، ص307، أبواب ما يكتسب به، باب99، ح15، ط آل البيت.
[5] سورة الحج، الآية 30.
[6] سورة المؤمنون، الآية 5.
[7] سورة البقرة، الآية 223.
[8] سورة الاسراء، الآية 32.