الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/03/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حرمة الغناء واخوانه الدرس ( 9)

مر بنا في تنقيح الغناء موضوعاً زوايا عديدة :

الزاوية الأولى : ان الغناء ليس مطلق ترجيع الصوت ولا مده بل انه اذا أوجد خفة وطرباً ويعبر عنه ( بالمجون ) وهو اثارة الغرائز غير العقلية بشكل مُلح وان لم يصل الى درجة الالجاء .

الزاوية الثانية : ان الغناء من مقولة كيفية الصوت او مقولة المعنى او هما معاً او أحدهما ؟

والصحيح ـ كما مر ـ ان الغناء كل منهما وان كان في الأصل هو من مقولة المعنى .

وجدت أستعمال للشيخ الطوسي في كتابه الخلاف وكذلك العامة ـ استعمل الغناء في الجهة المشتركة ما بين صوت الادمي والات الموسيقية أي انه استعمل كلمة الغناء في كيفية الصوت الصادر من الآلات الموسيقى او من صوت الادمي وهذا الاستعمال دارج عند الاقدمين من فقهاء الفريقين .

وبعبارة أخرى الغناء يستعمل في الموسيقى أما بصوت الادمي او بصوت الآلات الموسيقية ، وقد استخدم الطبرسي في كتابه المؤتلف ذلك أيضا .

وبناءاً على هذا التقرير تكون ادلة تحريم الآلات الموسيقية هي نفسها ادلة لتحريم الغناء وبالعكس فلاحظ كيف أن تنقيح الموضوع صناعيا كيف يفذلك الأدلة فصاحب الوسائل عقد باب (99) للغناء وباب (100) للآلات الموسيقية واذا قُرر حسب ما ذكره الاقدمين ، يكون البابان باب واحد وان التغاير بينهما بالعنوان .

وباب ( 15 ـ 16 ) الباب 15 من أبواب ما يكتسب به عقده صاحب الوسائل في حرمة شراء المغنيات وليس المقصود من المغنية فقط الجواري والاماء بل يشمل المغنية الشهيرة ويكون معنى شرائها شراء منفعتها وشراء منفعتها سحت وفي ذلك الباب لسان ثالث فُصِّل فيه بين المغنية التي تغني للهو والحرام لا لكون الغاية حرام ـ كما اشتبه الامر على بعض الاعلام كالفيض الكاشاني وغيره ـ وبين المغنية التي تزف العرائس فثمن عملها ليس حرام ، فقيد ان لا تستخدم الالات الموسيقية في الغناء نعم لا مانع من استعمال بالدف .

وباب 16 عقده في النائحة والنوح فنفس النوح صوت موسيقي حزين ، فبعض الأصوات الموسيقية توجد الخفة نحو الحزن ، وبعضها توجب الخفة نحو الفرح .

وباب خامس مرتبط بالبحث ( ب101 ـ102 ـ 103 ) في آلات القمار وما هو وربطها فيما نحن فيه واي زاوية مشتركة بينها وبين الغناء ؟ الجهة المشتركة هي اللهو واللعب المجوني جهة مشتركة مع الغناء وهي محرمة بحرمة مغلَّظة من الشارع .

وفي الباب الثالث السبق والرماية حيث بنى مشهور الامامية بنو على ان المراهنة بالمال على لعبة من الألعاب في غير التدريب العسكري والأمني قمار باطل لا جدوى فيه ويوجب إبتذال وميعان المجتمع بخلاف ما اذا كان اللعب موجَّه ومرَّشد أي لأهداف راجحة كالصحة البدنية والنفسانية ، فالمراهنة تستعمل بمعنى المنافسة سواء بمال او لا ، وصلتها بالغناء أنه بلحاظ اللهو واللعب المجوني فهذه جهة جنسية مشتركة بين هذه الأبواب ، فهذه صناعة فقهية وحذاقة الباحث في الاستنباط الفقهي تكون باكتشاف الصناعية الفقهية أو يُعملها وذلك من خلال اكتشاف الماهيات الجنسية والنوعية في موضوع البحث ، فالحذر كل الحذر من الجمود على الالفاظ وعدم الغوص في المعاني .

ومن باب الاثارة العلمية للبحث نذكر مايلي :

ان المرجع الديني ( الشيخ محمد أمين زين الدين & ) ذهب ـ وكذا فقيه آخر من الاحساء ـ ذهبا الى ان الألعاب كلعبة كرة القدم وغيرها اذا جرى فيها مراهنة مالية فهي حرام فكل ربح مالي يُعلَّق على الصدفة والحظ واليانصيب تكون قمارية ، واما اذا لم تكن هناك مراهنة مالية ـ فقد تكون مراهنة بغير المال كالمناسفة بعصبية والتحدي كما في مشجعي فريق فلان وفلان الى التقاتل بدماء فهو لهو مجوني وقد ذهبا الى ان التشجيع الى الفرق الرياضية الذي يخرج عن الاتزان وقد يزج بالمتفرجين والمشجعين حرام لأنه مخمرة جديدة لسكر العقل .