42/03/22
الموضوع: - قبول الشهادة والعدالة الواقعية – حرمة الغيبة – المسألة التاسعة – المكاسب المحرمة.
كنا في هذا الباب من أبواب آداب العشرة الباب المائة والثمانية الخمسون من كتاب الحج، أحكام العشرة في السفر، ووصلنا إلى بحث العدالة، وطبعاً المفاد في رواية علقمة وليس فقط رواية علقمة وإنما أيضاً مفاد وصحيحة أو موثقة ابن أبي يعفور ومضمونها يقرب من هذا المضمون وروايات أخرى ستأتي وقرأناها دالة على أنَّ المدار في الشهود والشاهد هو حسن الظاهر، حتى أنه في مضمون رواية لو طلبت لمن لا يرتكب ذنباً فلا يبقى إلا الأنبياء مما ينبه على أنَّ العدالة هي درجة من المحافظة فهذه درجة من العدالة، يقول ( فهو من أهل العدالة والستر وشهادته مقبولة وإن كان في نسفه مذنباً )، وقد يفسّرها الأعلام بانها مقبولة في الظاهر ولكن في الواقع لا، ولكن خلاف الظاهر، نعم هذه وإن لم تكن عدالة ظاهرية ولكن هذا المقدار من العدالة الظهرية هو مأخوذ شرطاً ولكن الظاهرية بالمرتبة الأولى وليس بالمرتبة الثانية والثالثة، يعني صيانته عدل في العلانية هو درجة من العدالة بحيث لا يرتكب أخطاء في العلانية هذا المقدار من العدالة والاستقامة مجزي في الشاهد، فلاحظ مطلق الشهادة في باب الشهود، لأنه قال فشهادته مقبولة فهي مطلق الشهادة، فب باب الطلاق وغيره لا أنه إذا هذا كان صائناً لنفسه ولكنه في الستر افترض أنه مقيم على كبيرة ولكن شديد التحفظ عن أن يترز أو تنكشف هذه المعصية وليس هذا عدل بقول مطلق ولكن هذا المقدار هو نوع صيانة وتحفظ، فهو ليس متهتكاً بعبارة أخرى وإنما هو محافظ، وهذا المقدر هو درجة من العدالة، فإما أن نفسر العدالة مراتب ونقول إنَّ هذا المقدار هو اللازم في باب الشهادة لا أنه بحسب علم الله تعالى في الواقع أنه ليس بفاسق، ففي الباطن هو فاسق ولكن في العلن ليس لديه فسق معلن، فإما أنَّ نفسره بهذه العدالة ظاهرية وهذه العدالة الظاهرية هي الشرط كما يقول الآخوند، فالطهارة الظاهرية في الثياب هي الشرط، وهذا مر بنا الطهارة الظاهرية الأولى أو نقول إنَّ هذه درجة العدالة وهي المطلوبة، أصلاً العدالة ما هو تعريفها فهل تعريفها هو عدم المخالفة مع العمد أو عدم المخالفة، فما هو تعريف العدالة فهل هي الاستقامة على الطاعة الواقعية أو الطاعة بحسب الوسع؟ فإذا كان المعنى هو مطابقة أعماله لإرادات الله تعالى فهذا هو المعصوم عليه السلام فقط، لأنه حتى المتقين بسب الجهل أو الاشتباه قد يخالف في أكبر الكبائر، وكيف يكون ذلك؟ الآن ليس قضية أنه مثلاً قضايا مرتبطة بالفروج عن وطئ شبهة بأن يظن أنَّ العقد صحيح فيظهر أنه ليس بصحيح، أو أنه يظن أنها خرجت منه والحال أنها لم تخرج منه، وإنما يوجد ما هو أعظم من هذا فقد تكون دماء ويوجد أعظم من الدماء وهو ما يكون مرتبطاً بالدين والولاية، كأن يخص أن هذا صحيح والحال أنَّ هذا مضر جداً، فقد ثلاثين سنة أو أربعين سنة يقيم على ادارة أمر معين مرتبط بمسير أهل الايمان والحال أن هذا البرنامج مضر إلى النخاع جداً وبعد ذلك يتكشف أنَّ هذا خطأ، فالعدل بأيَّ معنى فهل بمعنى ملازمة الطاعة المعلومة أو ملازمة الطاعة في الواقع؟ ولماذا نثير هذا المطلب؟ لكي نبيّن أنَّ العدالة درجات، لأنه حتى العالم الفقيه علمه محود ظني أو غير ذلك لا أنه علم لدني إلهي، يقولون إنَّ هذا العادل أو هذا العالم الورع العادل أو هذا العالم العادل الورع الزاهد وصل علمه إلى عصمة مكتسبة، ولكن نقول إنَّ هذا مزاح كبير، كيف يصل الانسان إلى العصمة؟!! إنَّ العصمة هل عنده علم بالشبهات الموضوعية وهل يوجد عده علم لدنّي بالشبهات الحكمية؟ فإذا كان ليس لديه ذلك فكيف تحصل له العصمة الاكتسابية، ونحن نقرأ في تراجم الكبار بعضهم يشخص أنَّ هذه الخطوة هي حامية الحمى، ولكن الطرف الآخر من الأعلام يشخص بأنَّ هذه الخطوة هي مضرّة جداً، وهذه الاختلافات موجودة، وكلٌّ معذور ولكن معذور شيء وأنَّ الأمور التي ترتبط بأساس الدين شيء آخر، فإنَّ الأمور التي ترتبط بأساس الدين ليست سهلة وإنما هي أعظم من الفروج والدماء.
فعلى أيّ حال إذا كان المراد من العدلة هي مطابقة الفعل لما يرضاه الله فهذا موجود عند المعصوم عليه اللام، أما إذا كانت بمقدار ما يسعه وسعه وقدرته حتى لو كان مشتبهاً فهذه ليست ملازمة للطاعة وليست استقامة وإنما هي استقامة للتكليف المنجز وليست استقامة للتكليف بما هو هو، فإذا كان ألأمر هكذا أيضاً توجد استقامة في العلن وإن لم تكن لديه استقامة في الباطن، وتوجد رواية عن الامام الصادق عليه السلام ( من لذي يخرج عن التقصير )، التقصير مع الله، أصلاً من يتوهم أنه خرج عن حد التقصير في طاعة الله فإنَّ هذا مدلّ على الله، التقوى أن لا ترى نفسك خرجت عن حد التقصير مع الله ولو بالمقدمات البعيدة، ﴿ ولله الحجة البالغة ﴾، فإما أن نبني على العادلة درجات والمطلوب في الشهادة هو هذا المقدار يعني طهارة العلن، فوقعاً في العلن ثبوتاً هو طاهر، فمرتبة الأفعال العلنية هو طاهر فيها ولا يوجد عنده فسق أما الباطن فهذا أمر آخر، الآن الباطن ليس ارتكاب قضايا بدنية وإنما لربما ينطوي الانسان في قلبه أو فكره على طوية وشيء مضمر وسرسرة يبغضها الله اشد من الفجور كسوء الظن بالله، أو سوء الظن بالنبي أو سو الظن بالأئمة أو سوء الأدب والنفرة مع الله تعالى، أو التبرم من الله تعالى والتبرّم من سوله صلى الله عليه وآله وسلم والتبرم من الأئمة عليهم السلام ، ومرّ بنا هذا البحث في باب الكبائر جمعها صاحب الوسائل في أبواب الجهاد سبعين بالمائة من الكبائر إن لم يكن ثمانين بالمائة مرتبطة بأفعال القلوب وليست أفعال البدن، بل اكبر الكبائر كيفاً وليس كماً فقط وإنما سبعين بالمائة من الكبائر كيفاً مرتبطة بالقلوب والأفكار، أما ثلاثين بالمائة منها كماً وكيفاً مرتبط بالبدن، هذا فقه القلوب متروك وهو أخطر، ﴿ يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر ﴾، الآن نحن في دار الدنيا الأولى وسنذهب بعد عمرٍ إلى البرخ ثم سنرجع مرة بعد أخرى بعد أخرى وكرات ومرات ثم يساق بينا إلى القيامة، فيوم القيامة اشد العوالم تكليفاً، يعني كل هذه روضات ابتدائية ومتوسطة واعدادية لما أشد حساب وكتاب ومسؤولية وهو عالم القيامة، في عالم القيامة خواطر الانسان وهواجسه محاسب عليها، ميول الانسان هنا معفوّ عنها وملهى عنه ﴿ إنما الحيوة الدنيا لعب ولهو ﴾ فهنا روضة أطفال اما يوم القيامة فلا يوجد هذا الكلام إنما نمر بعالم الدنيا الأولى وعالم آخرة الدنيا هذا كله ترويضاً لنا لندخل في دورة امتحان شديدة جداً.
فالمقصود هذا المطلب وهو أنَّ الكبائر كماً وكيفاً هي متعلقة بأفعال القلوب ، فأكبر الكبائر التي يذكرها صاحب الوسائل عن أئمة أهل البيت عليهم السلام هي مرتبطة بالعقائد كالشرك بالله وما شاكل ذلك، حتى ﴿ ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها ﴾ تأويلها العمدة ومصداقها العمدة أنه يقتل المؤمن بسبب إيمانه وليس بسبب قضايا دنيوية تافهة، فلاحظ أن هذا ايضا يرتبط ببحث عقائدي، ولذلك التكليف الشرعي في العقائد أبر وأخطر أعظم وأشد حساباً من التكليف الشرعي بالفروع، أنت تتوهم أنَّ أداء الصلاة يساوي الولاية فإنَّ هذا توهم فارغ، فإنَّ العقائد أين والفروع أين، فتلقائياً لشيء الإيديولوجي داماً أخطر من القانون العملي، فالبدن شرافته عقلاً وتكويناً داني وشرافة العقل دائماً أشد وعالي وتكليف العالي أشد من تكليف الداني، هذا نطق عقلي فلا يمكن أن يكون شيء عقائدي يساوي شيء بدني فإنَّ هذا لا يمكن وهو مستحيل، وهذا استدلاله وبرهانه فيه ( ولم يناد بشيء مثل ما نودي بالولاية )، فإنَّ هذا أمر عقائدي، أما جانب فرع عملي كأدا الصلاة فليس كذلك ولذلك مر بنا أن الاعتقاد بالصلاة أعظم من الصلاة، فلو صلى مصلي صلى طوال عمره ولم يترك فريضة ولكنه لا يعتقد بوجود الصلاة فهذا يموت وهو كافر عند الله، ولو كان هناك شخص كان تاركاً للصلاة طوال عمره ولكن يقول إلهي أنا مذنب ويعلم أن الصلاة وادبة وضرورية فهذا يرجى له ولو كان مقصراً ولكن هذا اهون من ذاك فغن ذاك لم ينرك الصلاة قط ولكنهي قول هي ليست واجبة وإنما هي راجحة أو جيدة، فليس لله لزوم أو ليس لله لزوم حق أن أصلي له، العقائد لا يمكن ان تقارن بالأعمال البدنية، فلا يقول بهذا منطق عقلي ولا فلسفي ولا عرفاني وا أصولي ولا غير ذلك.
وهناك رواية أخرى لابن أبي يعفور:- وهي ورادة في باب الشهادات حتى أنَّ السيد الخوئي يجعلها هي قطب الرحى في باب الشهادات، وكذلك كل الأعلام، وهي :- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته له ما عليهم فقال أن تعرفوه بالستر العفاف )، يعني مرتبة ظاهرية ولكنها ظاهرية أولى ولو أنَّ الستر هو فعل ثبوتي، ( والفرج واليد واللسان ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار من شرب الخمر والزنا واربا وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وغير ذلك والدلالة على ذلك كله أن يكون ساتراً لجميع عيوبه )، فالرواية هنا تصرح بأنَّ الدلالة على ذلك هو حسن الظاهر، يعني جعلته أمارة، وطبعاً كل طبقة من العدالة هي كاشفة عن الطبقة التي قبلها، ( والدلالة على ذلك كله أن يكون ساتراً لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته )، وهذا نفس بحث الغيبة، ( فيحرم على المسلمين ما راء ذلك من عثراته ) يعني أنَّ الغيبة حرام، فلا يجوز لك أن تفضحه وتكشفه فإنَّ الغيبة هي كشف، واللطيف أنَّ الشهيد الثاني سمى كتابه في الغيبة ( كشف الريبة في أحكم الغيبة ) ولو أنَّ مقصوده مفاد علمي ولكنه مرتبط بأنَّ الغيبة هي كشف الستر والفضح، ( .... وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك ) فيحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك، ( ويجب عليهم توليه واظهار عدالته في الناس ويكون من المتعاهد للصلوات الخمس وحفظ مواقيتهن بحضور جماعة المسلمين وأن لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاه إلا من علّه فإن كان كذلك ملازماً لمصلاه عند حضور الصلوات الخمس فإذا سئل عنه في قبيلته أو محلته قالوا ما رأينا منه إلا خيرا ) أي خير في المعلن من أعماله وأفعاله، ( محافظاً على الصلوات متعاهداً لأوقاتها فإن ذلك يجيز شهادته وعدالته بين المسلمين )، فهنا هل الامام يجيز شهادته في الظاهر أو أنه يجيز شهادته واقعاً؟ يعني هذا المقدار هو الشرط في العالة بغض النظر وإن كان هو عله السلام في صدر موثقة بن أبي يعفور بين طبقات للعدالة طبقة كاشفة عن طبقة أخرى ولكن المأخوذ في الشهادة هي الطبقة المعلنة ( فإن ذلك يجيز شهادته ) يعني واقعاً وثبوتاً تكون مجازة، ( فإن ذلك يجيز شهادته وعدالته بين المسلمين وذلك أن الصلاة ستر وكفارة للذنوب )، حتى أنَّ هذا تعبير لطيف وهو أنَّ نفس الصلاة وإن كانت معلنة فهي كأنما تمحو البواطن الخاطئة، وهذا بالعكس هذا التعريف فيه دلالة أكثر على أنَّ العدالة في العلن هي تمحو اللا عدالة في الباطن فتصير كفارة لها، وكأنما هذا هو المدار فإنَّ العدالة في العلن هي المدار، ( وذلك أنَّ الصلاة ستر وكفارة للذنوب وليس يمكن الشهادة على رجل بأنه يصلي إذا كان لا يترك مصلاه ولولا ذلك لم يمكن أحد أن يشهد على آخر بصلاح لأنَّ من لا يصلي لا صلاح له بين المسلمين )، فالمقصود أنه حتى هذه الرواية إذا دققنا فيها نجد أنَّ مفادها لا يختلف عن رواية ابن عقبة، فلذلك ليس من البعيد أن يقال أن الاستقامة والعدالة في العلن هي المقار اللازم في صحة الشهود أما كشف الخلاف الخفي ولو بعد سنين هذا لا يضر بصحة الطلاق أو نفوذ الشهادة في القضاء في النزاعات الأخرى، لأنَّ هذا الذي يكشف لا يزعزع أنه في العلن هو مستقيم، فلا ينافيه، إما من باب أن العالة مرتب المقدار اللازم في باب الشهادة هو العدالة في الأمور العلنية أو يقال إنَّ حسن الظاهر ولو أنه أمارة لا أنه من مراتب العدالة ولكن هذه الأمارة والوجود الظاهري هي الشرط وليس الواقع بما هو واقع، بل حتى الأمر الظاهري يكتفى به كما ذهب إلى ذلك صاحب الحدائق والنراقي صاحب الكفاية في بحث الطهارة الخبثية وفي موارد عديدة، وهذا ليس ببعيد.
واللطيف أنَّ في هذه الروايات جمع وقورن بين حكمين حكم حرمة الغيبة وحكم قبول الشهادة، من حرمت غيبته هو الذي غير متهتك وإنما هو ساتر وصائن لنفسه عن العيوب المعلنة فهذا يحرم غيبته فإذاً تقبل شهادته وهذا القبول للشهادة واقعي وليس ظاهرياً وإن كان الموضع ظاهرياً، وهذه قرينة جيدة، الآن من هو مقيم على كبيرة في الباطن أما في العلن ليس مقيماً إلا على الطاعة فهل تحرم غيبته واقعاً؟ نعم تحرم غيبته واقعاً، فإذاً كيف أن الموضوع ظاهري ولكنه أخذ في الحكم الواقعي لحرمة الغيبة، هكذا في قبول الشهادة، فهذان حكمان متقارنان متوازيان عارضان طارئان على موضوع واحد وهو حسن الظاهر وهو العدالة الظاهرية، وهذا يقارب ما مرَّ بنا أنَّ نفوذ الشهادة وقبولها لا يرتبط بالواقع بما هو واقع وإنما يرتبط بالأفعال المعلنة هذا من جانب، ومن جانبٍ آخر أيضاً يقرر لنا أن حرمة الغيبة واضح فيها من المحاور العمدة في ماهية ومفهوم حرمة الغيبة هي فضح وكشف الستر فالساتر على نفسه من فعل الكبائر أنت أيها المكلف لو اطلعت عليه بالصدفة أنه مقيم عليها لا يجوز لك أن تفضحه، كما أنه لم لا أبني على عدالته وإن اطلعت على ذلك، سيما إذا كان اطلاعي ليس على المعلن وإنما كان على المستور فإنَّ هذه الصدفة لا تخدش بالعلن، وبعبارة أخرى هل يجوز له أن يغتابه؟ كلا، ولماذا والحال أنه مقيم على كبيرة؟ لأنه حينما يكون ساتراً على نفسه فلا يجوز لك أن تفضحه، فهذا الموضوع هو بنفسه موضوع واقعي لحرمة الغيبة، وهو موضوع واقعي لجواز الشهادة، كما يوجد مثال آخر وهو مهم وفي صميم البحث، وهو أنَّ من تشهد الشهادتين ولو إسلاماً ظاهرياً ولو أني أعلم بأنه من النافقين والله تعالى يعلم بأنه من المنافقين بل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلم من الطرق العادية أنه من المنافقين فهل يترتب عليه واقعاً حرمة دمه وماله وعرضه لأنه تشهد الشهادتين؟ نعم يترتب ذلك، مع أنَّ الفقهاء مجمعون على أنَّ الشهادتين أمارة، فالاسلام الظاهري أمارة على الاسلام الواقعي، فهنا المنافق يعلم بعدم مطابقة هذه الأمارة فيه ولكن مع ذلك يجب واقعاً ترتيب حرمة الدم والعرض والمال عليه، فهذا حكم واقعي رُتّب على موضوعٍ ظاهري بالاتفاق ولا مانع من ذلك، فالانكشاف ليس معنى كشف الستر، مثلاً هذا القاضي كان من أهل الكرامات مثل سلمان المحمدي فهو قد انزاح له الستار فعلم بالواقع فهل يرتّب أثاراً على هذا الانكشاف؟ كلا لا يرتب على ذلك آثار، فإنَّ هذا المقيم على كبيرة هو ساتر لعيوبه ومحافظ على ظاهره، فإذاً هذا لا يخل بأنَّ هذا الشخص ساتراً ومقيماً ومحافظاً على حن الظاهر، يعني عنده ملكة أن لا يتهتّك في العلن، وهذا نوع من الصيانة ونوع من الرقابة لنفسه موجودة عنده، بخلاف المتهتك في العلن فإنَّ هذا لا يستطيع أن يقاوم شهوته فهو منفلت، أما هذا الآخر فيوجد عنده حاجز، وهذا المقدار مطلوب وهو درجة من العدالة.