الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

42/02/10

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: - الاستنباط بين أصول التشريع والأدلة الخاصة - المسألة التاسعة - المكاسب المحرمة.

كان الكلام في حرمة الغيبة، وأنَّ الحرمة الغيبة ليست حرمة مبتدأة في التشريع، الذي هو الاحتمال الأول الذي مرَّ وإنما هي إما تطبيق لحرمات مشرعة من قبل منشاة وإنما هذا تطبيق تنزلي أو الاحتمال الثالث وهي أنها حرمة متنزلة من أصول سابقة ولكن مع مزيد التشريع، وكان الكلام في الجلسة السابقة هو في الفرق بين هذه الاحتمالات الثلاثة، فالاحتمال الثاني تطيق يعني أنه مشير إلى نفس الأصول التشريعية ومير يعني ارشاد وليس تشريع جديد، أصل الخوض في هذه الاحتمالات الثلاثة ما هو ثمرته وفائدته؟ ثمرته وفائدته شيء طبيعي أنه هل حرمة الغيبة هي حرمة لها ملاك خاص غير ملاك حرمة إيذاء المؤمن او حرمة الخدشة في شخصية المؤمن وهلم جرا فهل ملاكه خاص أو أنَّ ملاكها وتشريعها هو نفس تلك الأصول التشريعية، لأنَّ الأحكام لها درجات في الملاك وبالتالي يوجد اهم ومهم وتشخيص، هذه فائدة، وهناك فائدة أخرى وهي أنَّ سعة وضيق الحرمة متعلقاً وموضوعاً إذا كانت هي حرمة مبتدأة كالاحتمال الأول نأخذ بالأدلة الخاصة الواردة في الغيبة والاهتمام سيكون معكوفاً تماماً عليها وأما إذا كانت هي متنزلة من أصول فوقية قد شرعت في الرتبة السابقة فلا محالة لا يصح الاكتفاء بالأدلة الخاصة بالغيبة فقط بل يجب ملاءمتها وموازنتها مع تلك الأصول التشريعية، لأنَّ المفروض أنها وليدة لها وهي تطبيق لها ليس أكثر فسيكون المدار على تلك الأصول التشريعية مع الاستعانة بالأدلة الخاصة في الغيبة، لا أن الميزان والمحور فقط سيتركز على الأدلة الخاصة بالغيبة في بحوث الشقوق والصور الموجودة في حرمة الغيبة، وهذه فائدة ثانية مهمة جداً.

وأيضاً من الفوائد الأخرى كونها كبيرة أو صغيرة، وقد وقع الاختلاف، وإن كان المشهور كما ينسب أنه حرمة الغيبة من الكبائر، ولكن ربما البعض ذهب إلى أنها من الصغائر، فعلى أيَّ تقدير إذا كانت متنزّلة من تلك الأصول فتلقائياً سيتضح ويتعين أنها مثلاً كبيرة أو غير ذلك.

وبعبارة أخرى: - إذاً آثار التشريع الموجودة في الأصول التشريعية في حرمة الغيبة هي التي ستكون مداراً هذا على الاحتمال الثاني أو الثالث بخلاف ما إذا بنينا على الاحتمال الأول يكون المدار على الأدلة الخاصة واللسان الخاص.

وهناك فائدة أخرى:- وهي انه في تحديد المتعلق والموضوع جرى اختلاف في قيود الغيبة وأنها ما هي فهل هي ذكرك اخاك بما يكره أو ذكرك معايبه أو شيء كونه مستور أنت تكشفه وغير ذلك من هذه القيود الأخرى ويوجد لغط عليم كبير في هذا المجال، إذا بني على أن حرمة الغيبة من تلك الأصول فالمدار يكون على الايذاء أو المدار على هتك شخيصة المؤمن، يعني نفس تلك ضوابط المتعلق الموجودة في الأصول التشريعية هي ستكون مفسرة لمتعلق الغيبة، إذا تنقيح أنَّ الحرمة هي من أي قسم من الأقسام الثلاثة شيء مهم، وهذا ليس فقط في بحث حرمة الغيبة كما مر وإنما في كل المسائل التفصيلية سواء في باب المكاسب المحرمة أو أبواب المعاملات أو أبواب العبادات.

ومن باب المثال التشهد الذي شرّع داخل الصلاة، فهذا التشهد الذي شرع داخل الصلاة هل هو تشريع لماهية التشهد مبتدأة مبتورة عن أبواب أخرى وفقط هذا التشريع مرتبط بباب الصلاة، وهذا كالاحتمال الأول في حرمة الغيبة، لأنَّ هذا البحث الذي أجريناه في بحث الغيبة بعينه يجري في بحث التشهد أنَّ الشهادة الثالثة في داخل الصلاة مشروعة أو لا، فهو يرتبط بهذا التنقيح الصناعي، فإذا لم ننقح هذا البحث الصناعي لم يكن هناك تنقيح للشهادة الثالثة في داخل الصلاة تنقيحاً صناعياً دقيقاً، أو أن التشهد الذي ذكر في داخل الصلاة هو التشهد المعهود في أبواب عديدة وهو ماهية وحقيقة شرعية موحدة وهو ليس تشريع مبتدأ في الصلاة وإنما هو تنزل وتنزيل لنفس التشهد المعهود، وهذا هو الاحتمال الثاني، وكذلك الاحتمال الثالث هو نفسه والكن مع بعض الخصوصيات وهو الصحيح كما هو الحال في التشهد في باب الأذان والاقامة التشهد في باب الأذان والاقامة هل هو تشهد مبتدأ بالأذان والاقامة وهذا هو الشق الأول أو أنه هو حوالة على التشهد وتنزيل وتطبيق التشهد العام الذي شرّع في باب الدخول في الاسلام والدخول في الايمان وفي خطبة صلاة الجمعة وفي تعقيبات الصلاة وفي تلقين الميت والمحتضر وفي غير ذلك.

فلاحظ إذاً هذا البحث ليس بحثاً خاصاً بحرمة الغيبة وإنما هو بحث صناعي سيّال أيها الباحث والمستنبط حينما تريد أن تلج في مسألة استنباطية التفت إلى أنَّ هذا الحكم في الأدلة الخاصة الوارد فيه هل هي تشير إلى تشريع مبتدأ معزول عن أصول تريعة سابقة أو هو تنزيل وتطبيق لها، فهذا أمر مهم جداً ينفع ثمرة كبيرة، فعلى كلٍّ كما سيأتي في الروايات والاستدلالات أنه واضح أنَّ حرمة الغيبة ليست حرمة مبتدأة مبتورة منقطعة في التشريع عن أصول تشريعية سابقة، بل في الروايات بين أن تشريع حرمة الغيبة للاستناد إلى أصول تشريعية عامة وهذا تصريح من قبل الروايات، إذاً يدور الأمر بين الاحتمال الثاني والثالث أما الاحتمال الأول قد انتهينا منعدم تأتيه، كما هو الحال في التشهد في الصلاة هل التشهد في تشهد يحتمل الباحث أن التشهد في الصلاة ليس ماهيته التشهد العام في أبواب أخرى إن هذا غير محتمل، يعني نحتمل أن التشهد في الصلاة الشهادة الأولى ليست فيه فهل هذا ممكن، كلا فإن هذا لا معنى له بل لابد اولاً من الشهادة الأولى وهي التوحيد، أو ليس فيه الشهادة الثانية؟ وهذا غير محتمل أيضاً، لأنه حتماً التشهد حتماً مأخوذة فيه الماهية العامة، يبقى ان التشهد في باب الصلاة هل أخذ فيه تغيير خاص أو لا، فلو لم يتم في الدليل الخاص في باب الصلاة دلالة على تصرف جديد فيه فالأصل فيه هو التشهد العام والتشهد العام له سقف أدنى وسقف أعلى، أدناه الشهادتين، وأعلاه الشهادات الثلاث معاً، هو هذا معنى أنَّ التشهد في باب الصلاة، وهذا كمثال لنفس هذا المبحث الصناعي، التشهد في باب الصلاة ليس حقيقة شرعية خاصة ناصّة محصورة حصراً بباب الصلاة فإنه لا يحتمل أحد هذا الشيء وإنما هي حوالة وتنزّل لأصول تشريعية من قبل، يعني بعبارة أخرى حقيقة تشريعية واحدة لأنَّ الأصل التشريعي موحّد بين أبواب عديدة، يبقى الآن الدوران في حرمة الغيبة مثلاً بين الاحتمال الثاني والثالث هل هو تنزيل محض أو فيه شيء من التشريع والزيادات، فهذا مبحث صناعي مهم أيضاً يلزم أن نلتفت إليه وهو محل ابتلاء في المسائل التفصيلية دائماً، وما الفرق بين الاحتمال الثاني والثالث؟ أما بين الأول والأخيرين الأول من جهة والثاني والثالث من جهة أخرى مرّ بنا الفرق بينها وهي فوائد، أما الآن فهل هناك فرق بين الثاني والثالث أو لا؟ لأنه في الثالث أيضاً هو تنزّل لأصول تشريعية فما الفرق بين الثاني والثالث؟ أحد الفوارق هو هذا وهو أنه في الاحتمال الثالث هناك زيادة من التشريع ونوع تصرف إما التصرف بزيادة أو بتضييق، نعم في الاحتمال الثالث التصرفات تقدر بقدرها، فما لم يثبت تصرف من الشارع فالمحكّم هو الأصول التشريعية الفوقية كالاحتمال الثاني، أما عند الشك في التصرف الزائد لا فرق بين الاحتمال الثاني والثالث وإنما المحكّم هي الأصول التشريعية، أما عند عدم الشك والوقوف على قرائن ودلالات خاصة في الاحتمال الثالث يؤخذ بالأدلة الخاصة من الزيادة في التشريع، فإذاً بين الاحتمال الثاني والثالث يوجد فرق كما يوجد اشتراك أيضاً، كذلك الحال في مثال ومسألة التشهد داخل الصلاة أو التشهد داخل الأذان أو التشهد في باب آخر الأصل الأولي أنه نفس الطبيعة العامة للتشهد ودعوى خصوصية في داخل الصلاة تحتاج إلى دليل، فلاحظ كيف ينقلب مقتضى القاعدة بين الاحتمال الأول وبين الاحتمالين الأخيرين، مقتضى التوقيفية على الاحتمال الثاني أو الثالث زيادة تغيير يحتاج إلى دليل لا أنَّ التعميم يحتاج إلى دليل وهذا عكس الاحتمال الأول، فلاحظ كيف هذا مهم تنقيح هذه الشقوق والاحتمالات الثلاث صناعياً، فإنه على أساسها ينعكس حتى مقتضى القاعدة، فعلى كلّ نكتفي بهذا المقدار في أصل حرمة الغيبة ولنقرأ الآيات والروايات إجمالاً قبل أن ندخل في البحوث التفصيلية في حرمة الغيبة.

ولو قيل: - في التشهد في الصلاة نأخذ بسيرة المتشرعة.

فنقول: - أولاً أنت عليك أن تنقح الأمر في السيرة اللفظية، فإنَّ السيرة طبيعتها مبهمة وهي مثل الفعل مبهم أما الدليل اللفظي فهو مفصح وفصيح والمجمل لا يقدم على المبيَّن، فإنَّ اللفظ مبيَّن ومبيِّن، بينما الفعل مجمل ومبهم فكيف يقدَّم المجمل على المبيَّن فإنَّ هذا لا يمكن، هذا من جانب، ومن جانبٍ آخر أنه أيَّ سيرة تريد أن تأخذ بها فهل هذه السيرة الموجودة، فهي متأثرة بفتاوى الأعلام، أو تريد أن تقول السيرة المتصلة بعهد المعصومين عليهم السلام، فإنَّ قلت هي السيرة المتأثرة بفتاوى الأعلام مع الاختلاف فهذه بالتالي هي وليدة الفتاوى، نعم إذا كانت سيرة متفقة يداً بيد إلى زمن المعصومين عليهم السلام فتلك تكون كاشفة عن تشريع المعصوم عليه السلام، فلي أيَّ سيرة كاشفة أو حجة وإنما السيرة المتصلة المتفق عليها الموحدة هي الحجة، ومع ذلك السيرة مجملة في دلالتها بالقياس إلى الأدلة اللفظية فإنَّ الأدلة اللفظية مبيَّن ومبيِّن وهو مقدم على المتشابه فإن المبهم هو درجة من درجات المتشابه، وأول الآيات ما في سورة الحجرات ﴿ ولا يغتب بعضكم بعضاً ..... ﴾ أو ﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ﴾ هنا المراد من المؤمنين ليس خصوص أهل الايمان القلبي وإنما يعم الايمان باللسان يعني الاسلام الظاهري، فهذا الحكم عام، ﴿ فإن فائت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين ﴾ بعد ذلك الآية الركيمة تقو ﴿ إنما المؤمنون اخوة ﴾ قيل هنا المؤمنون غير عنوان المؤمن الذي مرَّ في الآية السابقة مع أن هاتان الآيتان متعاقبتان متصلتان ولا مانع من تعدد الارادة الاستعمالية، فهناك المراد بالمؤمنين عموم المسلمين لا خصوص المؤمنين يعني الايمان باللسان وهنا المراد به المؤمنون بحب القلب يعني أهل الايمان لا أهل الاسلام الظاهري، وهذا بحث في نفسه خطير، ( إنما ) وهذا حصر الآن حصر ماذا في ماذا؟ ﴿ إنما المؤمنون اخوة ﴾ المحصور فيه ماذا؟ فيوجد عندنا محصور ويوجد عندنا محصور فيه، في لفظة ( إنما ) المحصور فيه هو الاخوّة والمحصور هو المؤمنون، كأنما يعني هكذا يقال المؤمنون ماذا وماهيتهم ماذا، كأنما تمام كمال ماهيتهم هي الأخوة، فحصر المؤمنون في الاخوة لا حصر الاخوة في المؤمنين، هكذا إذا قرر، أو تارة نقول إن المراد هو حصر الأخوّة في المؤمنين فإنَّ المحصور فيه هو المؤمنين والمحصور هو الأخوة، قصر شيء على شيء، فعلى أيَّ تقدير هنا يوجد حصر في البين فـ( إنما ) حصر، فقد حصرت الأخوة بالمؤمنين إذا جعلت الأخوة محصور أتسأل عمّن هم الأخوة؟ ﴿ إنما المؤمنون أخوة ﴾ أدوات الحصر يعبر عنها بالقصر مثلاً تقول كل إنسان جسم ولكن ليس معنى ذلك أن كل جسم إنسان، فإنَّ التلازم هو من طرف وليس من الضروري أن يكون التلازم من طرفين، هنا المؤمنون اخوة خصر ماذا في ماذا والحصر عين نوع من التلازم، فعلى أيّ تقدير هذه الآية الكريمة الثانية نفها قاعدة فقهية بغض النظر عن حرمة الغيبة أو حرمة السب أو حرمة السخرية أو ما شاكل ذلك، نفس ﴿ إنما المؤمنون اخوة ﴾ لماذا هي قاعدة فقهية وقاعدة كلامية؟ وما هو معنى الاخاء، فهذه القاعدة الفقهية لننظر محمولها ما هو وموضوعها ما هو وما هي آثارها عموماً وما هي آثارها في خصوص حرمة الغيبة، فلاحظ أنَّ هذه القاعدة مثل الأصول التشريعية، ﴿ إنما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين اخويكم ﴾.

وقد يقول قائل: - إنَّ ﴿ إنما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين أخويكم ﴾ هذا اقتتال بين المؤمنين فالمراد من المؤمنين في الآية السابقة مع المؤمنين في هذه الآية واحد وهو الايمان بالإسلام الظاهري.

ولكن هذا الاحتمال ضعيف: - لأنه لا أحد يحتمل أنه هناك اخوّة بين المنافقين في الاسلام والمؤمنين، فالكلام بين المنافقين والمؤمنين فلا يحتمل أن تكون هناك اخوّة بينهم، فإذاً لنبحث الأخوّة ما هي وما هو معنى الأخوّة، فإذاً هذه قاعدة مهمة وهي الأخوة الايمانية وهي ليست قاعدة اخلاقية وإنما هي قاعدة فقهية وكلامية، ولذلك هنا الفقهاء ذكروا أنه لا يجوز التآخي مع المنافق فاي تآخٍ هذا؟!!، ليس المنافق فقط بل لا يجوز التآخي مع المسلم الضال، وقد مرَّ بنا أنَّ المسلم الظاهري قد يحكم بإسلامه ليس اسلامه الظاهري فقط بل قد يحكم حتى بإسلامه الواقعي كالمستضعف ولكنه ضال، قاصر في الضلالة فهو توجد عنده ضلالة ولكن عن قصور لا عن تقصير وهناك فرق بين الضلالة عن قصور والضلالة عن تقصير، هذه شقوق ربما لم نتعرض إليها في حرمة السب ولكن هنا نتعرض إليها من اسلام ظاهري واسلام واقعي، وكذلك المستضعف عنده اسلام واقعي ولكن لا يوجد عنده إيمان أما اسلام واقعي فموجود عنده، هذا بحث أيضاً كيف أنه توجد عندنا كم مرتبة اسلام ظاهري واسلام واقعي والاسلام الواقعي ليس هو الايمان؟ كلا فقد يصوّر أنه ما دون الايمان، فمسلم واقعي ولكنه ضال، وهو ضال عن قصور أو ضال عن تقصير، والقصور درجات، والتقصير درجات، أو العناد أو الجحود هذه كل هذه الشقوق هي اقسام في التسمية بالإسلام او التسمية بالإيمان وهذه يعبرون عنها بالأسماء في علم الكلام القديم يعين هل تسميه مسلماً أو تسميه مؤمناً أو تسميه ضالاً أو تسميه جاحداً أو تسميه منكراً وهذه يسمونها الأسماء من تسمية، فـ﴿ إنما المؤمنون اخوة ﴾ هذه قاعدة، ما هو التآخي؟ إجمالاً قالوا إن التآخي هو موالاة وتولي، في زيارة عاشوراء ومن عظمتها أنَّ فيها أسرار علمية عجيبة وفيها أصول عليمة خطيرة ( وليّ لمن ولاكم ) وليس فيه ( ولي لمن آمن بكم )، فصِرفُ الايمان بهم ليس كافياً بل لابد زيادة على ذلك وهو أن يكون ( ولي لمن والاكم )، فهل يوجد عنده ولاء أو لا؟، أوالي سياسياً من والاكم سياسياً، وأوالي عسكرياً من والاكم عسكرياً، هذا موالي سياسي لأهل البيت ولكن عسكرياً ليس موالياً له فهاذ لا يجوز أن تواليه عسكرياً وتصطف معه لأنه لا يوجد عنده اصطفاف عسكري مع أهل البيت عليهم السلام، ولي أمنياً مع من ولاهم أمنياً فإن الموالاة لها ميادين ودوائر، فقد يكون ولي عقيدة لمن والاكم عقيدةً ولكن سياسياً هو لا يواليكم فكيف أواليه سياسياً؟!!، جملة واحدة في زيارة عاشوراء من جملها الكثيرة فيها قواعد فقهية كثيرة، كلمة ( ولي لمن والاكم ) وليس ولي لمن آمن بكم وليست ولي لمن عرفكم، ففي الزيارة موجود ( الحمد لله الذي أكرمني بمعرفتكم ) فالمعرفة درجة والموالاة درجة أخرى زيادة على المعرفة، هو منتسب إلى أهل البيت عليهم السلام عقيدة ومعرفة أما ولاءه السياسي فليس لهم فهل يصير أن أواليه؟ كلا لا يصح أن أواليه، ولذلك هذه التعابير عصرية أيضاً مثل تشيع سياسي وتشيع عقائدي وتشيع فكري وتشيع أمني وتشيع عسكري، فلاحظ هناك ميادين ودوائر للموالاة، ومرَّ بنا في بحث حرمة السب أوائل مبحث حرمة السب الآية الموجودة في سورة الانفال أن الذين أسلموا وبقوا في مكة ولم يهاجروا إلى المدينة، فإنَّ مكة كانت قبل الفتح تحت حكومة غير مسلمة وإنما هي حكومة قبال كافرة ولكنهم رضوا ان يبقوا في مكة فنزلت الآية الكريمة وقالت مادام قد أسلموا ولم يهاجروا فمالكم من ولايتهم من شيء إلا إذا استنصروكم في الدين، فهؤلاء الذين في مكة والذين أسلموا هم والوا الاسلام عقيدةً فنواليهم عقيدةً ولكن لم يوالوا الاسلام سياسياً ولا اجتماعياً ولا عسكرياً فلا توالوهم لا اجتماعياً ولا سياسياً ولا أمنياً ما لكم من ولايتهم من شيء إلا إذا استنصروكم في الدين، لأنهم توجد عندهم ولاية في الدين والعقيدة فبهذا المقدار أنت والهم، فلاحظ مفاد تلك الآية الكريمة من سورة الانفال وهي الآية الثانية والسبعون مع مفاد جملة واحدة من زيارة عاشوراء وهي ( ولي لمن والاكم )، فهذا زيارة عاشوراء هي من الاسرار العرشية أي من أسرار الحديث القدسي حقاً وحقيقةً.