42/02/08
الموضوع: - بحث الغيبة - المسألة التاسعة ( حرمة السب ) - المكاسب المحرمة.
في مبحث حرمة الغيبة بكسر الغين توجد عدّة جهات أثارها الشيخ الأنصاري، فيقع الكلام في أصل الحرمة ومن جهة أخرى يقع الكلام في كونها من الكبائر، وهناك جهة أخرى أثارها الشيخ والأعلام عموماً وهي اختصاص حرمة الغيبة بالمؤمن دون مطلق المسلم بالإسلام الظاهري، وهناك جهة أخرى وهي شمول حرمة الغيبة للمميز، وهناك جهة أخرى في تعريف وحقيقة الغيبة، وهناك جهة أخرى في كيفية التكفير عن الغيبة، وهناك جهة أخرى في استثناء من حرمة الغيبة التي هي قاعدة أهل البدع والري بوقد طوينا هذا المبحث الأخير، ولا نحتاج إلى تكراره فالمهم هذه جهات ذكرها الشيخ الأنصاري.
ويوجد تساؤل مهم نثيره في بداية مبحث حرمة الغيبة: - وهو هل حرمة الغيبة حرمة مستقلة تشريعاً ولها كيان بإزاء نفسها أو أن حرمة الغيبة منشعبة ومتولدة ومنحدرة من نفس حرمة إيذاء المؤمن أو حرمة اهانة المؤمن أو حرمة ظلم المؤمن أو حرمة تعيير المؤمن هذه حرمات متعددة موجودة في الآية الكريمة في سورة الحجرات التي سنقرؤها، فهل حرمة الغيبة ترجع إلى تلك الحرمات ككشف سر المؤمن وكشف عورته ونظر المؤمن لعورة المؤمن حرام؟ يعني الأدلة التي استدل بها الأعلام لحرمة الغيبة أو حتى الروايات الخاصة الواردة في حرمة الغيبة تعلل الحرمة بهذه الأصول التشريعية الفوقية، فهذه الحرمة هل هي حرمة مستقلة أو أنها في الحقيقة مجمع لحرمات مفروغ عنها في الأصل كإيذاء المؤمن واهانته واذلاله والتشهير به واسقاط خصيته بين المجتمع والسخرية به وتعييره واستنقاصه وكشف عورته فإذا كانت هكذا ففي الحقيقة ترجع إلى تلك الحرمات؟ ظاهر كلمات الفقهاء أنَّ هذه الحرمة لا شك أنها منبثقة من تلك الحرمات ولكن ظاهرهم ايضاً أن هذ الحرمة قد يكون فهيا مزيد خصوصية وعناية من الشارع فهو حدّد لها حدود شرعية، وهذه نكتة مهمة جداً، فلاحظ نحن أثرنا احتمالان وهذا احتمال ثالث في الصياغة الصناعية لحرمة الغيبة فهل حرمتها حرمة خاصة وهذا هو الاحتمال الأول، والاحتمال الثاني أنَّ حرمتها ترجع إلى نفس الحرمات التشريعية وليست شيئاً جديداً، والاحتمال الثالث هو أنها منبثقة من الحرمات الفوقية ولكنها هي مزيد التشريع فهيا مجمّع لتكل الحرمات، فللشرع تشيع صياغة في التنزّل، يعني في حين أن حرمتها غير منقطعة عن الحرمات الفوقية الأصيلة في التشريع إلا أن فيها أيضاً مزيد عناية تشريعية من الشارع، وهذا الاحتمال الثالث هو ظاهر الفقهاء وهو الصحيح، ولكن دعونا نتوقف أكثر في هذا المطلب لأنه أساس لهذا البحث ليس فقط في بحث حرمة الغيبة وأدلتها وراياتها بل هذا المطلب نجده في أبواب عديدة من الفقه وهو مهم وهو أن نجد تشريعات في الحقيقة لها أصول تشريعية فوقية ومع ذلك هناك لمسات تشريعية خاصة بها أيضاً من الشارع فلا هي مبتدأه في التشريع من رأس ولا هي متمحضة في أصول التشريع، فلها هي منقطعة عن أصول التشريع ولا متمحضة مع اصول التشريع وإما هي أصول التشريع متنزلة مع شيء من الرتوش والزيادات التشكيلية الشكلية في التشريع.
ودعونا نتوقف على هذا الوجه الثالث لنرى كيف هو وجهه الصناعي ما هو لأنه ينفعنا في أبواب فقهية كثيرة جداً إذا التفتنا إليه:- وهذا في البحث هو من علم أصول القانون بامتياز الذي هو أحد علمي علم أصول الفقه، فإن علم أصول الفقه فيه علمان من أوله إلى آخره يسيران بخطين متوازيين علم الدلالة التصورية والتصديقية ألفاظ وحجج وكاشفية واثبات وطريقية وهذا هو المشهور في تعريف علم الأصول، ويوجد علم آخر في علم الأصول وهو المبادئ الأحكامية، ومبدأ يعني أصل وأحكام يعني قانون، يعني أصول قانون، امتلأ علم أصول الفقه من بحوث المبادئ الأحكامية من أوله إلى آخر ويعبر عنه الأصوليون بالأصول الأحكامية حسب تعبير الميرزا النائيني، فمبدأ يعني أصول وأحكام يعني قانون فهو أصول قانون أو أصول تشريع ما شئت فعبّر، هذا المبحث بامتياز هو من علم أصول القانون ومن المهم أنه في علمية استنباط الفقيه أن يلتفت غلى أنظمة صول القانون فهي مفيدة في مواكبة الفقه لكل مستجدات الحياة والبيئات الجديدة، لأنَّ أصول القانون يؤهل الفقيه إلى أن يلتفت إلى طبقات القانون.
فإذاً الاحتمال الثالث صياغته الصناعية والذي ندّعي أنه في غالب التشريع هو هكذا، فحرمة الغيبة لا هي حرمة مبتدأة من رأس وهذا هو الاحتمال الأول، وربما يحسب جملة من الأعلام هذا القول صحيح ويتبونه، ولكن بالدقة هو غير صحيح، بل المشهور نستطيع أن نقول إنَّ المنسوب لهم هو الثالث، ولا الاحتمال الثاني صحيح وهو أنها نفسها أصول تشريعية فقط كحرمة التعيير وحرمة كشف العورة وغير ذلك وليس شيئاً آخر، كلا بل هي هنا مجمع لتلك الأصول التشريعية مع زيادة لمسات تشريعية نعبر عنها بالرتوش أو الشكليات، ولماذا هذا البحث عام ونافع في المقام ومفيد في أبواب عديدة فما هو هذا البحث؟ في هذا البحث يتم التدقيق في أن حرمة الغيبة كمثال نموذج وإلا الأحكام الأخرى هكذا أيضاً هذا الحكم التفصيلي - لتقريبه إلى الذهن - مثل قانون برلماني أو قانون وزاري القانون الوزاري أو البرلماني لا هو قانون وتريع مبتدأ به من رأس منقطعاً ومنبتراً عن القانون الدستوري، ولا أن يقال إنَّ هذا القانون الوزاري أو البرلماني أو البلدي هو عين ما في الدستور وليس فيه شيء زائد، وطبعاً الزيادة عن الدستور هي بأي معنى؟ فالتقنين الوزاري هل هو نفسه التقنين الوزاري وزيادة والزيادة من أين جاءوا بها فإذا كانت الزيادة لا تستند إلى الدستور وإلى قوانين البرلمان فهي غير مشروعة وتكون غير موزونة وغير صحيحة فمعنى الزيادة ما هو؟، فهنا توجد ثلاث احتمالات صناعية في التقنين والتشريع ليس فقط في حرمة الغيبة بل كل تفاصيل التشريعات في الأبواب الفقهية فيها ثلاث احتمالات في التفصي، فإنَّ كلامنا في التشريعات التفصيلية طبقات التشريعات المتنزلة التفصيلية فإنَّ فيها ثلاث احتمالات، احتمال أن يقال هي تشريعات من رأس ومقطوعة عن تشريعات أصول التشريع، وهذا لا يمكن التفوّه به، والاحتمال الثاني أن تكون هي الأصول التشريعية وليس غيرها، وهذا الاحتمال لا يلتزم به الأعلام الكثير منهم، والاحتمال الثالث أنها أصول التشريع مع زيادة قالب وقولبة وإطار وتأطير وشاكلة فهذه زيادة فيها، وكيف تكون هذه الزيادة دستورية أو كيف تكون مطابقة للكتاب والسنَّة؟ وهذا البحث شبيه ما يطرح من تساؤل وهو أنه إذا كانت تشريعات الله تعالى كاملة وافية تامة فما الحاجة إلى تشريعات سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وما هو دور تشريعات سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم؟، وهذا ليس في عرض تشريعات الله فإنَّ الله ليس له شريك لا في التشريع ولا في شيء من شؤونه فإنه أحد صمد فرد أحد فإذاً انضمام المخلوق وهو سيد الرسل أعظم المخلوقات إلى الله ما هو معناه؟ إنه شفيع وليس شريكاً هذه الشفاعة التشريعية لرسول الله ماذا تعني؟ وهذا بحث طرحناه وذكرنا أن الشفاعة لها وسع وسيع في كل الأمور الكونية التكوينية قبل الخلق وبعد الخلق ومع الخلق، مثل الحجة فإنَّ الحجة قبل الخلق وبعد الخلق ومع الخلق فالشفاعة هي من أحد شؤون الحجة وليس محصورة بعالم يوم القيامة ولا نريد الدخول في هذا البحث بل الشفاعة موجودة حتى في عالم الدنيا وقبل عالم الدينا موجودة أيضاً، ولو في التعبير شفعاء دار الفناء شفعاء دار البقاء ومن هذا التعبير، فعلى كلٍّ فشفاعة سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم في التشريع لماذا؟، وقد سمعتم بهذا المذهب الذي يسمونهم القرآنيون وما أنتم ايها القرآنيون يقولون حسبنا كتاب الله فإن القرآن كامل ولا نحتاج إلى سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا بسنة المعصومين، ولكن نقول إن القرآن الكريم يقول لكم ﴿ ما آتاكم الرسول فخذوه ﴾ ويقول ﴿ ولكم في رسول الله أسوة حسنة ﴾، ﴿ وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ﴾، فكيف تقولون هكذا فإنَّ القرآن الكريم نفسه يقول ليس حسبك الكتاب ولكنك تقول حسبي الكتاب وهذا يخال فالكتاب، فهو أوّل من يخالف الكتاب قبل أن يخالف النبي صلى الله عليه وآله، فهو باسم الكتاب يتمرّد على الكتاب وباسم الكتاب يعصي الكتاب ويكفر به وباسم الإيمان بالكتاب يجحد الكتاب، لأنه في الكتاب موجود ﴿ ما آتاكم الرسول فخذوه ﴾ وفي الكتاب موجود ﴿ لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ﴾ فكيف ترفع صوتك في آخر لحظات حياة سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم وهو مسجى وهذا اللغط وهذا السب في اللسان ليس فقط اللغط فهو يسب باللسان سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم وهو مسجّى والحال أنه ليس لكم أن تختلفوا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذه هي رزية الخميس التي قالها ابن عباس، فالكتاب يقول لك ﴿ أطيعوا اله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ﴾ يعني توجد جماعة بعد سيد الأنبياء عليكم أن تطيعوهم وهم ﴿ وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ﴾، فإنَّ القرآن الكريم يرشدك إلى ذلك فكيف تقول أنا اتمسك بكتاب الله، قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( كذب يا علي من جحدك وزعم أنه يؤمن )، ولماذا كذب؟ لأن القرآن الكريم يقول ﴿ أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ﴾ ويقول ﴿ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون ﴾ أي علي بن أبي طالب، فـ( كذب من زعم أنه يؤمن بي ويكفر بك )، لأنه عنده القرآن وعنده سنَّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من يكفر بما أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في علي عليه السلام فهو بأيَّ كتاب يلتزم؟!! فهل يلتزم بكتابٍ آخر، فإن كان يلتزم بكتابٍ آخر فهذا بحث آخر، أما إذا كان يلتزم بهذا الكتاب فهذا الكتاب يقول ﴿ إلا المودة في القربى ﴾، وهذا الكتاب يقول ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ﴾ وعشرات بل مئات الآيات، فأيَّ كتابٍ تتمسّك به.
فعلى كلٍّ يقال: - إنَّ الامامة في عرض الصلاة.
ولكن هذا غير صحيح:- بل الامامة هي أصل الدين بعد التوحيد والنبوة النبوة، فهي من أصل الدين ومنها انبثق كل شيء، هذه هي الخارطة، أما أنك تريد كتاباً آخر فاذهب إلى كتابٍ آخر فليس هي قوة ادراك هندسة لما في الكتاب أو خارطة الكتاب فهذا بحث آخر، وهذا يلتفت إليه الانسان ولو بفطرةٍ يسيرة.
فالمقصود أنَّ تشريع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما الذي يزيد على تشريع الله تعالى، وهذا هو نفس السؤال، وكذلك تشريع هل البيت عليهم السلام بماذا يزيد على تشريع الله تعالى، فإن الكتاب فيه تبيان لكل شيء وفيه تشريعات الله تعالى وتشريعات النبي صلى الله عليه وآله وسلم تغطي كل شيء فما الحاجة إلى تشريعات الأئمة عليهم السلام، فأيّ زيادة فيها ثم هذه الزيادة هل هي من تشريعات الله ورسوله، فإن كانت كذلك فإذاً كيف نحتاج إلى تشريعات زائدة؟ هذا التساؤل يطرح في علم الكلام أو في العلوم الدينية وأنه كيف يلتزم بالولاية التشريعية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الولاية التشريعية لأئمة أهل البيت عليهم السلام.
ولكن جواب هذا التساؤل هو الجواب عن التساؤل الذي يقال في أنه ما الحاجة إلى تقنين البرلمان وراء الدستور:- ولذلك لماذا يوجد عندنا قانونيون دستوريون وفقهاء القانون الدستوري وفقهاء القانون البرلماني النيابي وفقهاء القانون الوزاري، فما الحاجة إلى تقنينات الوزارات زيادة على تقنينات المجالس النيابية البرلمانية والدستورية وما الحاجة إلى تقنينات البلديات زيادة على الدستور وعلى القوانين البرلمانية وعلى القوانين الدستورية، فلماذا البلديات وغيرها والمحافظات والأقضية تحتاج إلى قوانين ولا تكتفي بالقوانين الدستورية أو القوانين البرلمانية أو الوزارية، وما هو دور هذه القوانين وما هي الزيادة فيها، فإن كانت الزيادة خارجة عن الأصل فهي مردودة، وإن كانت من الأصل فما الداعي إليها؟ هذا شقان لا ثالث لهما، فإنها إن كانت زيادة فهي مردودة وهي ردٌّ على الكتاب الكريم، فإذاً كيف تصير زيادةً وكيف هي الحاجة لها؟، وهذا البحث ليس خاصاً بالشريعة السماوية والدين السماوي، بل هذا البحث من طبيعة علم القانون، فحتى في القانون الوضعي يحتاج علاوة على أصول التشريع نحتاج إلى القوانين البرلمانية والوزارية البلدية، سواء كان هذا في القانون العلم البشري أو القانون السماوي فما الحاجة إلى ذلك؟ هنا علم القانون سواء كان قانوناً وضعياً بشرياً او شرعياً، وهذا بالحث نثيره بكل قوة لأنه يثمر لنا ضوابط مهمة نه مر بنا أنَّ حرمة الغيبة إما أنها حرمة مبتدأة من رأس أو هي حرمة نفس الأصول التشريعية الفوقية او أنها تشريع بين بين - نسميه بين بين لا نريد أن نذكر اصطلاحاً - وهذا ليس فقط في حرمة الغيبة وإما في موارد عددية كثيرة في الأبواب الفقهية الأخرى ففي مورد الأحكام التفصيلية تشريعها أين يقع، فهذا البحث سيال ومهم ومن بحوث أصول القانون بامتياز وما هو دوره.
أجابوا بعدة أجوبة كلها متينة ورصينة ودقيق سواء كانت من علماء القانون الوضعي أو من علماء الشريعة: -
فأجابوا: - بأنَّ التقنين البرلماني هو تفسير تفصيلي للقوانين الدستورية والقوانين الوزارية ه تفسير تفصيلي للقوانين البرلمانية فهي تفسير التفسير وهكذا القوانين البلدية فهي تفسير وتفصيل التفصيل، ولكن قالوا إنَّ هذا التفسير ليس بمثابة التفسير اللغوي وإنما هو تفسير قانوني، يعني كما أنك ملزم بالأخذ بالمفسَّر كذلك أنت ملزم بالأخذ بالتفسير، وهذا بلا تشبيه كاليهود فإنه يوجد عندهم التوراة وهو كتاب كالقرآن الكريم، كما يوجد عندهم التلمود، وما هو التلمود؟ التلمود هو موسوعة تشريعية عريضة عجيبة عند اليهود وهي أكثر تفصيلاً، يعني اليهود في البعد الفقهي والقانوني أوسع من المسيحيين بأضعاف، وطبعاً النبي عيسى عليه السلام اقر شريعة النبي موسى إلا ما استثني مما نسخه النبي عيسى، لأنَّ الأصل أنَّ شريعة النبي موسى عليه السلام جارية وسارية في شريعة النبي عيسى عليه السلام إلا استثناء فمن ثم على النصارى أن يدرسوا التوراة والتلمود والانجيل، فالبعد القانوني الفقهي عند اليهود أكثر بأضعاف من النصارى بهذا اللحاظ، وترى أنَّ علماء النصارى ديدنهم على دراسة التوراة والتلمود والانجيل ولا يدرسون الانجيل فقط، هذه الحوزات الدينية للنصارى سواء المذهب الكاثوليكي أو البروتستانتي ديدنهم هكذا أنَّ الدراسة الدينية عندهم لا تقتصر على الانجيل بل يدرسون التوراة مع أنَّ التوراة في عرض الانجيل ولكنهم يدرسونه لأنَّ الانجيل أمضى ما في التوراة إلا ما استثني، فيضطر متّبع الانجيل أن يذهب إلى التوراة ولذلك علماء النصارى بجميع مذاهبهم يدرسون كلا العهدين والتلمود إلا ما استثني، وطبعاً انحراف النصارى ادّعوا أنَّ النبي عيسى عليه السلام حلل الكثير من المحرمات الموجودة في شريعة النبي موسى، وطبعاً هذا تقوّلٌ على النبي عيسى عليه السلام فإنَّ الخمر ولحم الخنزير وغيرهما محرم، مع أنَّ الانجيل الموجود الآن يحرّم الخمر والزنا ولحم الخنزير، وأما التلمود فهو عبارة عن تفسير التوراة تفصيلياً ومن الذي فسّره؟ الذين فسروه هم الانبياء أو الأوصياء الذين أتوا بعد النبي موسى عليه السلام وقد العلماء والأحبار الكبار الذين يؤخذ عنهم العلم، فالتلمود سعته اضعاف أضعاف التوراة، وما هو دور التلمود فهو ليس في عرض التوراة وإنما هو تفسير وحياني - هذا بناءً على كون جملة من هي من الأنبياء التالين لموسى عليه السلام -، فهو تفسير وحياني للوحي، فلاحظوا القرآن الكريم ماذا يشير؟ إنه يقول عن القرآن الكريم ﴿ وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ﴾ أي ما يعلم تأويل الوحي إلا الوحي، فإن ﴿ وما يعلم تأويله إلا الله ﴾ يعني الوحي، أيها القائل حسبنا كتاب الله ولا نحتاج إلى حديث المعصومين عليهم السلام فهذا هو القرآن الكريم يقول لك عن تفسير الوحي أولاً بالوحي لا أنَّ تفسير الوحي بقدرة البشر وعلمهم وإنما تفسير الوحي يكون بالوحي، والتلمود أيضاً هكذا، وقد يقال هل يصح تفسير الوحي بالوحي فإن هذا من باب ( وفسَّر الماء بعد الجهد بالماء )؟ كلا بل نقول إنَّ هذا لس من هذا القبيل وإنما يوجد ماء مبهم ويوجد ماء تفصيلي، فهناك وحي إجمالي يفسَّر بالوحي التفصيلي، وهناك وحي ثالث وهو تفصيل التفصيل وهناك وحي رابع وهو تفصيل تفصيل التفصيل ونحن ملزمون بالأخذ بكل هذا، وهناك امثلة كثيرة، مثلاً أليس سورة الحمد وهي تعدل كل الكتاب فإنها أمُّ الكتاب فلنستغنِ عن سورة الحمد عن بقية القرآن الكريم أو نستغني ببقية القرآن الكريم عن سرة الحمد، كلا لا هذا ولا ذاك وإنما نأخذ بسورة الحمد وببقية السور وهذا شبيه أخذنا بقوانين الدستور والقوانين البرلمانية وبالقوانين الوزارية لا أن نستغني بالقوانين القوانين الدستورية عن النيابية ولا ستغني بالقوانين البرلمانية عن القوانين الوزارية، بل نأخذ بهذه الشجرة والطبقات والهرم كله، لماذا وما الفائدة؟ إنَّ لهذا تتمة.