الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/10/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - القضاء والمحاماة الموازين الشرعية - المكاسب المحرمة.

يتعرض الشيخ الأنصاري إلى حرمة السب، قبل أن نغادر مبحث الرشوة هذه لا بأس أن نذكر مسألتان ثم بعد ذلك ننتقل إلى حرم السب من المكاسب المحرمة التي تعرض إليها الشيخ الأنصاري.

هناك مسألة تثار دائماً وربما جماعة من المحامين في المحاكم من المؤمنين وجهوا هذا السؤال ربما قبل خمسة عشر سنة: - وهو أنه كيف المحامي المؤمن يريد أن يتقيد بالموازين الشرعية ويخوض في هذه المحاكم المدنية في البدان الاسلامية، أو يكون قاضياً فهو متشرع لكنه ملزم بالقانون المدني الموجد في البادن الاسلامية فكيف يمكن له أن يتقيد، وطبعاً بمناسبة بحث الرشوة وأنه ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله ﴾ وما شاكل ذلك فهو بمناسبة نتعرض إليه وقد اصر احد الاخوان أن نتوسع فيه، فكيف له أن يتقيد بالموازين فغن القانون الوضعي يقنّن كذا والحال أنَّ الأمر الشرعي يتقيد بكذا فكيف له أن يتقيد بالمقررات الشرعية في ظل هذا القانون الوضعي سواء كان المحامون أو القضاة؟

طبعاً هناك ضوابط لكلا الصنفين وهناك تفاصيل لكل جهة منهم، وننحن نشير إلى بعض الخطوط العامة في هذا المبحث فإنها مفيدة، وكتوصية آلية لتمكن القضاة أو المحامين من التقيد بالشرعيات وشرعنه خطواتهم وأعمالهم فهذا كألية ضرورية أما إذا لم تكن هذه الآلية موجدة فهي ممتنعة عليهم، وهذه الالية هي عبارة عن التبحّر والتضلع في البعد الديني، فإذا لم يمكنهم هذا التضلّع والتبحّر فمن الصعب الصعاب أو الممتنع عليهم أن يتقيدوا بالشرعيات في يوميات المحاماة أو القضاء، وما هما هاتان الآليتان؟ التبحر والتضلع في القانون الوضعي نفسه الذي هم مقيدون به والثاني التضلع والتبحر في القانون الشرعي، أما القانون الوضعي فلّه مصادر كقانون البلد أما القانون الشرعي فتوجد وصية أكيدة وهو أن يرجع إلى كتاب شرائع الاسلام للمحقق الحلي قسم المعاملات أو حتى قسم العقوبات الجنائية من القصاص والديات وكتاب القضاء في الشرائع، يعني تقريباً نصف الشرائع غير العبادات، فإذاً أمكنه لتضلع في كتاب الشرائع ول يسمعون دروس حوزوية فتكرار هذه الدروس تعطيهم تمرس وتضلع وتبحر ومن دون التضلع أبدًأ العلاج ممتنع، الآن فقط النقطة الأولى آلية ممهدة إنه من دون التضلع فهذا من الممتنعات، فالخطوة الأولى هي تضلعهم وتمرسهم وسيمر علينا أن المعتقين من المحامين المتشرعين أو القضاة بعد العمل الطويل بإمكانهم وبكل سهولة أن يقيدوا كل خطواتهم بالضوابط الشرعية وسيأتي بيان ذلك.

وأحد المستبصرين وكان محامياً كبيراً في مصر استطاع أن يأتي بخطوات كبيرة لتضلعه واطلاعه على الفقه الشرعي العفري والقانون الوضعي في مصر، فهو استطاع أن ينجز خطوة تبليغية عظيمة عن الفقه الجعفري، فالاطلاع الممارسي للفقه الجعفري ولمترسه في المحاماة، وهذه الخطة التي أنجزها صار لها صدى في مصر وأعقبت أن قانون الأحوال الشخصية في مصر جملة من بنود الفقه الجعفري يقررها وأنها أحد خيارات القضاء ولا تقتصر على الفقه الحنفي بل هي بالفقه الجعفري أكثر وفاقاً وأكثر انسجاماً مع متطلبات الحياة.

فالنقطة الأولى هي التضلع في القانون الوضعي والتضلع في القانون الشرعي، وهذا التضلع لا يحصل حتى في مقتبل عمر المحامي الاب أو القاضي الشاب لأنه لم يمرّ عيه مراس طويل، وإنما بعملية تكرار ومدارسة القانونيين الشرعي في كتاب الشرائع والقانون الوضعي فبإمكانه أن يتمرس بقوة، سواء قراءة أو سماعاً فهو يعطي مراس عجيب، وتوجد لفتة لطيفة باعتبار أن أحد الجامعات في مدن إيران ونحن على تواصل قوي معهم وهي كلية القانون عندهم، فهم اكتشفوا أنَّ ترجمة كتاب الشرائع للمحقق الحلي للغة الفرنسة قبل أن يكتب القانون الفرنسي بعشرات السنين وأنَّ الكثير من المواد الموجودة في القانون الفرنسي مأخوذة من كتاب الشرائع والآن توجد دراسة وثائقية بشكل كامل عن هذا المطلب، ونريد ان نقول إن كتاب الشرائع للمحقق الحلي كتاب عظيم، ويكفيك أنه الآن توجد شواهد أنَّ القانون الفرنسي قبل ان يكتب هو مترجم إلى اللغة الفرنسية، وطبعاً هذا مدير كلية القانون وهو أستاذ في الدكتوراه وهو سيد ومتدين وواعي ومتضلع ومتبحر يذكر أن الوثيقة موجودة لترجمة كتاب الشرائع وأيضاً حتى أنه توجد نسخة منه وهو مترجم باللغة الفرنسية قبل عقود من كتابة القانون الوضعي الفرنسي، وأنتم تعلمون أكثر القوانين الوضعية في البلدان العربية متأخرة بالقانون الفرنسي الوضعي.

فالمهم أن تمرّس القاضي أو المحامي في القانون الوضعي والقانون الشرعي يسهل له الأمر الذي يرد أن يصل إليه من التقيد بالقواعد الشرعية، والتمرس ماذا يعني؟ إنه يعني أنه افترض أنك قاضي في الأحوال الشخصية او قاضي في العقوبات الجنائية أو قاضي في المعاملات التجارية فإنه توجد تخصصات في القضاة، هذا الباب عليك أن تتقنه، فلك ابواب هذا القانون وذا الباب ونوافذه أزقته حاول أن تأنس بهذه المنظومة كلها بحيث كأنك أزيد من الحاسوب، فأيّ فرع معي أنت بسرعة تلتفت إلى الآفاق العديدة لهذا الباب وبنود هذا الباب، هذا معلم من معالم التبحر، وبماذا ينفع هذا؟ سنبين أنه بماذا ينفع، كيف يتم التمرس بالقانون الشرعي؟ إنه بتكرار السماع للدروس فإن تدريس كتاب الشرائع موجود وبإمكانه أن يكرره فلربما إذا كرر الانسان ربما يصير أعلم من نفس الاستاذ لأنه يحفظ المنظومة بيده وربما تغيب عن الاستاذ وهذا مجرب، فالمهم لا نبقي في هذه التوصية كثيراً وإن كان الكلام فيها طويل ولكن نقتصر على هذا لأنَّ هذا ليس هو مجال التوسع أكثر.

إذا تمت هذه التوصية في البعدين نأتي إلى العلاج نفسه وأنه كيف بإمكان القاضي أو المحامي في أي مجال من مجالات القضاء يمكنه فعل ذلك وتوجد تفاصيل كثيرة ولكن لا يسع المجال لذكرها ولكن نذكر النقاط المفصلية فقطن فالخطوة الثانية بعد التضلع في القانون الوضعي أو القانون الشرعي هي عبارة عن المقارنة والمهارة في علم القانون سواء كان القانون الوضعي أو القانون الشرعي، أنت تريد أن تصل إلى غرض معين فيمكنك أن تصل إليه بطرق قانونية متعددة ويمكن أن تصل إليه بطريق غير مشروع فلماذا تسلك الطريق غير المشروع، بل عليك أن تسلك الطريق المشروع.

ومن باب المثال توجد مسألة رياضية لها خمسة حلول مختلفة حل بعلم الجبر وحل هندسي وحل باللوغاريتم، فلعم القانون طبيعته سواء كان وضعياً أو شرعياً هو علم رياضي يعني بعد أساسي منه علم رياضيات لأن نفس القوانين هي معادلات ومنظومة نظام معادلات مترابط فإذا كانت عند الانسان المناورة العقلية قوية كالرياضي، فالمعادلات العلمية في العلوم سيما العلوم الشبيه بالرياضية هي طبيعتها كذلك فلها نوافذ متعددة وأبواب متعددة وما شابه ذلك، فإذا كانت عنده مهارة ومناورة قوية فبكل سهولة يحاول ذلك فمثلاً إذا كان هاذ القانون الوضعي الآن يتنافى أو يصادم مع القانون الشرعي فإنه يوجد قانون وضعي آخر يتناسب وينسجم مع القانون الشرعي، والقانون الشرعي ليس قانوناً واحداً وإنما اثنين أو ثلاثة و أربعة أو خمسة أو ستة، فمن حددك في قانون واحد؟ إنه عدم الممارسة ايها المحامي أو أيها القاضي أو أيها الفقيهن أما إذا كانت عنده احاطة وتمرّس فلا يقع هذا، ومعذرة الآن بعض البشر أو غير البشر حينما يريد أن يصل إلى نقطة معينة فهو يلاحظ أي طريق آمن وأي طريق أخصر في الوصول إليها، فعلم القانون أيضاً هكذا، فعادة توجد نوافذ، ولذلك في فتيا الفقهاء لا ينحبس بالقالب الذي يذكره السائل وإنما يلاحظ ما هو غرض السائل فيجد له طريق شعي أفضل من أن يتوهم السائل في مسار وقالب معين وهذا لا يأتي إلى بالتمرس فإنه تحصل عند الفقيه أو القانوني مناورة، وهذا ليس تلاعباً وإنما هي أبواب ونوافذ متعددة، هذا إجمال البحث في هذا وتوجد تفاصيل كثيرة ذكرناها في الجوبة والاستفتاءات لا مجال لذكرها الآن، فالمهم أن هاتان نقطتان مهمتان وهذا ليس فقط في المحامي والقاضي بل في الحاكم السياسي مثلاُ أنت عينت كوزير أو مديراً عاماً مقيد بقانون معين أنت أيها الوزير او المدير العام في أي حقل من حقول السلطة التنفيذية او السلطة التشريعية بإمكانك إذا تضلعت في البعدين بعد القانون الشرعي وبعد القانون الوضعي بإمكانك أن تكون كل خطواتك شرعية، فإذاً الأمر ليس مختصاً بالمحامين والقضاة بل حتى المدراء وحتى المسؤولين في السلطة التنفيذية في الوزارات والشعب الادارية فهذا بالإمكان فعله أو المشرع بإمكانه فعل ذلك.

وتوجد نكتة أخرى: - وهي نافعة ومهمة وحري أن يكتب فيها باب فقهي من أبواب فقه المستحدثات يتعرض إلى كل هذه النكات، فهنا توجد نقطة مهمة جداً وهي مرعية ايضاًن وهي أن تنافر وتنافي القانون الشرعي مع القانون الوضعي على درجات، مثلاً هذا القانون الوضعي بإمكاني أن أسلكه ولكنه منقض جداً للقانون الشرعي وهو مناقض بدرجة كونه خلاق الملاك الشرعي الكبير الخطير، أما إذا سلكت ذاك القانون الوضعي الآخر البديل له او القانون الثالث فهو ينافي قانوناً شرعياً ليس بشكل المفسدة والملاك، فعقلاً حتى أنه ذكر الفقهاء حتى من يتولى منصباً في النظام الوضعي ذكر الفقهاء أنه عليك أن تتبنى القانون الوضعي الأقل لأنه أخف تنافياً مع الملاكات الشرعية، فهو أقل مفسدة، وهذا ذكره الفقهاء فيمن يتولى ولاية أو منصب في النظام الوضعي وسيأتي بحثه، وهذا المبحث في الحقيقة تابع لتلك المسألة أو القاعدة التي ستأتينا ولكن لا بأس إذا كانت هنا توجد مناسبة وطلب منا بعض الأخوة ذكر ذلك، فهذه نكتة من المهم أن يلتفت إليها وهي أنه يمكن أن يوفّق بين الأمرين، وهذه تممة يجب الالتفات إليها في هذا المجال، فالبحث في هذا المجال واسع ويمكن تصويره بكثير، فأياً ما كان هذه نقاط يجب أن نلتفت إليها في ها المجال.

ونذكر نقطة أخرى:- وهي نقطة عامة ولست خاصة، وهي أنَّ الفقهاء أجمع تقريباً ذكروا في بحث مراتي الأولياء الذي يذكر في باب البيع أنه نعم الأصل في الولاية هي لله عزّ وجل وللرسول صلى الله عليه وآله وسلم وللأئمة عليهم السلام ثم يأتي دور نيابة الفقهاء وطبعاً نيابة عامة ولست نيابة خاصة، وهذه النيابة العامة للفقهاء كانت فعهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند نزول الآية الكريمة ﴿ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة يتفقهوا في الدين﴾[1] يعني أن دور الفقهاء غير ملغي في زمن الرسول وزمن أمير المؤمنين وزمن فاطمة والحسن والحسين وكل المعصومين وحتى في دولة الظهور فمن يتخيل أن دور الفقهاء ينتهي في دول الظهور فهذا اشتباه وإنما دورهم موجود أما أنه دور محدود وليكن ذلك ولكنه بالتالي لا يلغى، فدور موجود هذا الآية لا تنسخ، فنظام دولة المعصوم لا يعتمد غير الفقهاء وإنما يعتمد الفقهاء أما أنَّ الفقهاء كل الدور لهم فلا، بل أحد اجنحة نظام المعصوم الذي قرره الله عز وجل غير البدال وغير الأوتاد هو دور الفقهاء، والفقهاء ليس فقهاء فقه الفروع وغنما فقهاء العلوم الدينية كلها، طبعاً لابد أن يأذن المعصوم ولابد أن ينيب ولكن الباري تعالى في القرآن الكريم حدد للنبي صلى الله عليه وآله سلم وللمعصوم عليه السلام وقال له إن مواصفاتك أيها النبي وأيها المعصوم نظامك هكذا يكون وهو أن جناح منه دور الفقهاء وجناح منه دور الابدال والمتقين، فهو أجنحة وليس جناحاً واحداً فللفقهاء دور، فالفقهاء لهم دور والشجعان لهم دور والفدائيون لهم دور والعبّاد لهم دور فلك واحد له دور فنظام المعصوم فيه أجنحة كثيرة، فهي توازنات فكل واحد له دوره، فلا نفي مطلق ولا اثبات مطلق وإنما متوازن، ولو أنَّ هذا بحث مرتبط بالاجتهاد والتقليد ولكن نري أن نذكر نقطة هنا تنفع القضاة والمدنيين والمحامين أو المدراء العامّين في السلطة التنفيذية، وهذه نكتة محل ابتلاء وحساسة، ولو أنها نقطة لابد من الالتفات إليها وأنه لا يصير فيها افراط ولا تفريط، فإنَّ الافراط خطأ والتفريط خطأ أيضاً، وهي نقطة مرتبطة حتى بعموم نظام الفقه السياسي وهي نقطة خطيرة جداً، وهي ترسم حتى العلاقة في المشاريع البنيوية للدين، وهي من أسرار الفقه، وهي نقطة عظيمة ذكرها الفقهاء، والنقطة هي مراتب الأولياء، وهو مبحث عند الفقهاء بحثوه في ابواب عديدة منها باب البيع، المرتبة الأولى هي الله ورسوله والمعصومون، فيف زماننا هذا مركز الولاية لصاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وهي ولاية بالعفل وليس مجمدة، بل نحن في غفلة ووادٍ سحيق، فهو عزّ جل الله تعالى فرجه الشريف مركز كل الولايات وتنشعب وتنطلق منه كل الولايات، وهذا مر مبدّه معرفياً وعقائدياً، بعد ذلك تصل المرتبة كنيابات خاصة وكدوائر خاصة على اختلاف انظار الفقهاء قالوا تصل إلى علماء الدين في كل مجال وفقهاء العلوم الدينية سواء كان فقه فروع أو فقه عقائد أو فقه سياسي أو غير ذلك، ثم بعد ذلك تصل إلى عدول المؤمنين، وإن لم يتصدى عموم المؤمنين تصل حتى إلى غير العدول من المؤمنين فه تصل إلى حتى الفسّاق، مثلاً الفاسق يقول دهم المؤمنون داهم سياسي أو أمني أو مالي والكل غافل عن هذا الخندق، فإنَّ هذا البنك المركزي فيه حسابات فأيَّ استئذان وأي استعلام فإنَّ هذا أمر خفي وحينما يظهر فسوف تحصل مشكلة كبيرة فلا الفقهاء على اطلاع ولا عدول المؤمنين وإنما هو فقط وإذا هو لم يقم بهذه الخطوة وهي في المال العام وفي النظام المالي خطيرة فهنا من أوجب عليك الواجبات أيها المؤمن ولو كنت ليس ملتزماً دينياً فإن غيرتك الدينية تملي عليك مسؤولية التصدي لهذا الأمر، مثلاً رئاسة وزراء أو وزيراً فلا رجال الدين تصدوا ولا رجال الدين المتقين تصدوا، وهذا صار في تاريخ التشيع إلى ما شاء الله، فهذا الشخص واجب عليه شرعاً أن يتصدى ولا يترك الساحة خالية فإن هذا لا يجوز، وهذا أحد معاني ( كلكم راعٍ كلكم مسؤول عن رعيته ) وهذه هي أحد مراتب الأولياء التي يذكرها الفقهاء، وأتذكر أحد رؤساء الكتل قبل ثمان أو عشر سنين كان عنده مشروع فقلت له جزاك الله خيراً ثم ذكرت له ان ما تقدمون عليه ينفع الشباب ولكنه قال إنَّ المرجعة لم تأذن بذلك، فقلت له عليكم أن تقدموا في هذه الساحة ولا يحتاج إلى الاستئذان وشرعنة ذلك وسؤالنا سؤالكم، فلعله إذا فعلتم ذلك فسوف تذهب الفرصة، بل بالعكس إذا اقدمت أنت فسوف تجعل يد علماء الدين أوسع، فأنت الذي يمهد الطريق فإنَّ الفرصة إذا ذهبت فلا تعود، فهذه فرصة عظيمة وللأسف الظاهر أنهم لم يقدموا عليها، فبعض الميادين وبعض الفرص نفس الفقهاء بسب أو مانع لا أنه الفقيه كان متصدياً وعنده إمكانية فهذا بحث آخر أما إذا لم يتصد لسبب آخر وما أكثر المجالات في الحياة التي لا تصل إلى يد الحوزة العلمية وعموم الفقهاء والمجتهدين فإنَّ الدائرة الأوسع لأن دائرة الدين وسيعة فليس خصوص المرجع الأعلى وليس خصوص المراجع بل تصل حتى إلى الفقهاء والمجتهدين، فمراتب الأولياء تتسع، أحد الناشطين من رجال الدين قال إنه في مدينة معينة لا يمكن النسيق فقلت إن هذا واجب فإن المسؤوليات الدينية لا تتوقف ولا تنحصر على أحد، نعم إذا كان احد الأعلام متصدياً لذلك فأنعم به وأكرم، أما إذا لم يكن حد متصدياً فلا يجوز لك أن تفوت الفرصة، بل حتى المؤمن وليس برجل دين وحتى لو لم يكن مؤمنا متقياً وإنما كان لا أبالي ولكن يعرف أن مسؤوليته الدينية تحتم عليه ذلك فإن استطاع يتواصل واستطاع أن ينسق فبها ونعمت، أما أن يترك الفرصة تفوت فهذا لا يجوز، هذا ما ذكره الفقهاء كنظام عام، لاحظ الآن مثلاً امرأة زوجها جعلها معلقة وربما تراجع الأعلام فلسبب ولآخر لا يستطيع التصدي لتطليقها والأمر على الموازين لأنَّ الطلاق الاجباري في موارد عديدة صححت الشريعة هذه الطلاقات بهذا اللحاظ، مثلاً في مورد مهجر أو في مكان وهذا القاضي المدني أو عدول المؤمنين او حتى غير العدول من المؤمنين وعلى الموازين هي لا يمكنها أن تصل إلى الأعلام ولا إلى الوكلاء فإن كان ذلك فأكرم به وأنعم، أما إذا لم يحصل ذلك فلا يجوز أن تبقى معلقة، بل يحل الأمر حسب مراتب الأولياء، وهذا باب مهم في المسؤوليات الدينية والمسؤوليات المجتمعية، وهذه نقطة ثالثة وخطيرة.


[1] التوبة/السورة9، الآية122.