الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

36/11/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: لو رفع رأسه من الركوع قبل الإمام سهوا ثم عاد إليه

كنّا في ذيل المسألة التاسعة وكما مرّ بنا فان المسألة التاسعة وردت فيها روايات في الباب الثامن والأربعون من صلاة الجماعة في كتاب وسائل الشيعة وبعض الروايات دلت على انه اذا استلزمت المتابعة زيادة الركوع والسجود فليسجد وليركع وليعد الى المتابعة، بينما في موثقة غياث ورد النهي عن الزيادة

وقد حمل الشيخ الطوسي والسيد الخوئي ذلك على العمد وقد استشهد السيد الخوئي لهذا بانقلاب النسبة باعتبار ان موثق ابن فضال خاص بمورد الظن وهو عدم العمد فيقلب النسبة

ولكن تأملنا على هذا الجمع وان كان انقلاب النسبة بنفسه جيد كبرويا وكليا اون الجمع الموضوعي مقدم رتبة على الجمع المحمولي لكن المؤاخذة على هذا الجمع الموضوعي هو انه كما تقدم فان الروايات كلها منصرفة عن العمد، فظهور الأدلة العلاجية في عدم العمد منصرفة عن العمد وهذا تقريبا شائع ومشهور في الأبواب فعدم شمول هذه الأدلة نفيا واثباتا للعمد مفروغ منه لأجل خروج العمد عن أدلة العلاج، وأما رواية ابن فضّال فهي:

عن البرقي ، عن ابن فضال قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) في الرجل كان خلف إمام يأتم به فيركع قبل أن يركع الامام وهو يظن أن الامام قد ركع ، فلما رآه لم يركع رفع رأسه ثم أعاد الركوع مع الامام ، أيفسد ذلك عليه صلاته أم تجوز تلك الركعة ؟ فكتب ( عليه السلام ) تتم صلاته ولا تفسد صلاته بما صنع [1] ومورد هذه عدم العمد

فالمتابعة التي تسلتزم زيادة الركن أو زيادة جزء فان هذا مرتكز عند الراوي بأن العمدية مبطلة لكن هنا باعتبار انه لأجل المتابعة قد يكون مغتفر لو لم تكن عمدية، وان صرف ترك المتابعة لايوجب بطلان الجماعة عند المشهور لأن المشهور قال في المتابعة انها على ثلاث مراتب وضعية وتكليفية لزومية وندبية وقد وافقناهم على ذلك

ومثال بارز عند المشهور على المتابعة الالزامية التكليفية دون الوضعية هو قراءة المأموم لسورة الحمد والسورة مع سماعة لقراءة الامام فعدم تركه للقراءة يعني عدم المتابعة فليس كل خلل في المتابعة مخل بصحة الجماعة

وان الجمع يمكن ان يكون بوجهين، الأول: حمل موثق غياث على مورد لايطمئن فيه انه سوف يدرك الامام لو رجع من ركوعه وسيأتي ان هذا مبطل للصلاة، لذا فحمل جملة على التخيير هو وجه آخر في المسألة

ومما يعضد هذا الجمع للمشهور هو وجود رواية في الباب التاسع والأربعون تقول ان المأموم يلحق بالامام في أي موضع كان الامام، وهذا شاهد على مدعى المشهور من انه ليس كل عدم المتابعة يوجب الخلل الوضعي بل بعض المتابعة تكليفية، والرواية هي: عن محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - قال : إذا وجدت الامام ساجدا فأثبت مكانك حتى يرفع رأسه ، وإن كان قاعدا قعدت وإن كان قائما قمت [2]

محمد بن علي بن الحسين باسناده عن معاوية بن شريح ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا جاء الرجل مبادرا والامام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة والركوع، ومن أدرك الامام وهو ساجد كبر وسجد معه ولم يعتد بها، ومن أدرك الامام وهو في الركعة الأخيرة فقد أدرك فضل الجماعة، ومن أدركه وقد رفع رأسه من السجدة الأخيرة وهو في التشهد فقد أدرك الجماعة، وليس عليه أذان ولا إقامة ومن أدركه وقد سلم فعليه الأذان والإقامة[3] حينئذ فيكون العمد خارجا عن محل البحث لأن الأدلة لاتشمله مع ان مجرد العمد في ترك المتابعة لايبطل الجماعة فلابد من التفكيك بين ترك المتابعة وبين انقطاع صلاة الجماعة

مسألة 10: لو رفع رأسه من الركوع قبل الإمام سهوا ثم عاد إليه للمتابعة فرفع الإمام رأسه قبل وصوله إلى حد الركوع فالظاهر بطلان الصلاة لزيادة الركن من غير أن يكون للمتابعة واغتفار مثله غير معلوم وأما في السجدة الواحدة إذا عاد إليها ورفع الإمام رأسه قبله فلا بطلان ، لعدم كونه زيادة ركن ولا عمدية ، لكن الأحوط الإعادة بعد الإتمام [4] فلا تتم له صلاة الفرادى ولاتتم له صلاة الجماعة

مسألة 11: لو رفع رأسه من السجود فرأى الإمام في السجدة فتخيل أنها الأولى فعاد إليها بقصد المتابعة فبان كونها الثانية حسبت ثانية وإن تخيل أنها الثانية فسجد أخرى بقصد الثانية فبان أنها الأولى حسبت متابعة والأحوط إعادة الصلاة في الصورتين بعد الإتمام[5] فمع ان المأموم قد قصدها متابعة وبعنوان تتمة الاولى لكنه مع ذلك تحسب له الثانية وان لم يقصدها الثانية

وهذا بحث مهم في خصوص بحث الخلل وتصحيح الخلل في جُل المركبات العبادية مما يؤدي الى تصحيح كثير من الخلل الذي يأتي به عوام الناس، والنكتة هي مايقوله الفقهاء من ان القصد التفصيلي للأجزاء التفصيلية في المركبات غير لازم بل ان القصد الإجمالي بذاته يكفي وهذا نظير الأطفال أوائل بلوغهم فهم لايعرفون الامور الشرعية لكنهم يتابعون الغير بهذا الامور مع قصدهم الاجمالي الى العبادات


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص391، أبواب صلاة الجماعة، ب48، ح4، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص393، أبواب صلاة الجماعة، ب49، ح5، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص393، أبواب صلاة الجماعة، ب49، ح6، ط آل البيت.
[4] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج3، ص159، ط جامعة المدرسين.
[5] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج3، ص159، ط جامعة المدرسين.