بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/08/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:أحكام الجماعة
انتهينا من الطائفة الاولى وبيّنا وجه الاستدلال بها، وأما الطائفة الثانية الواردة في الإخفاتية فقد قرءنا الصحيحة الاولى حيث تضمنت (يكله الى الامام) وهذا يدل على النيابة وان النيابة كما مرّ مقتضاها بقاء مشروعية فعل النائب لكنه يقرأ اخفاتا
وفي هذه الطائفة سنذكر جملة من الشواهد على كون قراءة امام الجماعة عن المأموم هي نيابة وليست تبدل موضوع ومرّت الإشارة الى ان هذا المبنى يترتب عليه آثار في أحكام عديدة في بحوث صلاة الجماعة فهذا المبحث مهم في نفسه وليس فقط في المقام
صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج  قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصلاة خلف الامام أقرأ خلفه ؟ فقال: أما الصلاة التي لا تجهر فيها بالقراءة فان ذلك جعل إليه فلا تقرأ خلفه، وأما الصلاة التي يجهر فيها فإنما امر بالجهر لينصت من خلفه، فان سمعت فانصت وإن لم تسمع فاقرأ [1] ومحل الشاهد (جعل اليه) ففي كل الفرائض الامام ضامن ولايسوغ للمأموم ان يقرأ فاذا ساغ له فهذا يعني ان التعليل ليس الزامي فالتعليل هذا مناسب للكراهة وليس مناسب للمنع عزيمة وحرمة
رواية ابن الربيع البصري عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه سأل عن القراءة خلف الإمام فقال: إذا كنت خلف الامام تولاه وتثق به فإنه يجزيك قرائته، وإن أحببت أن تقرأ فاقرأ فيما يخافت فيه، فإذا جهر فأنصت قال الله تعالى (وأنصتوا لعلكم ترحمون ) [2] فالإجزاء يعني ان أداء الامام نيابة المأموم وهذا لايعني نفي المشروعية لأن النيابة نوع من التخفيف
فهذه الرواية ولو سندها ضعيف الاّ انها تدل على ان المشروعية في الإخفاتية أقوى من المشروعية في الجهرية، وان كان الصحيح ان لها معنى آخر وهو ان الصلاة جهرية الاّ ان صوت الامام واطي وخفيف فيمكن تفسيره بهذ المعنى
فتقريب دلالة الرواية على ان القراءة من قبل الامام على المأموم نيابة وانها مشروعة لما مرّ من البيان، بيان (يجزئك) وبيان التفصيل
موثق سماعة قال: سألته عن الرجل يؤم الناس فيسمعون صوته ولا يفقهون ما يقول، فقال: إذا سمع صوته فهو يجزيه، وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه [3] وان الإجزاء يعني النيابة وان إجزاء هذه النيابة غير منحصر بسماع الصوت فهذه التفصيلات مناسبة للندب
صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) إذا كنت خلف الامام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى يفرغ وكان الرجل مأمونا على القرآن فلا تقر خلفه في الأولتين، وقال: يجزيك التسبيح في الأخيرتين، قلت: أي شئ تقول أنت ؟ قال : أقرأ فاتحة الكتاب [4] فامام الجماعة مامون على القراءة يعني من جهة النيابة
وفي هذه الرواية إشعار على ان الشخص الذي يؤتم به قد يكون ثقة ولكنه ليس بمأمون على القراءة فانه وان لم يكن مأمون على القراءة الاّ انه يؤتم به كالصلاة خلف المخالفين فان المتابعة في نفسها تؤدي الى الثواب
ثم انه يمكن ان يدعى ان الصلاة خلف الثقة العادل الذي لايحسن القراءة فتكون الجماعة مشروعة وحقيقة الاّ ان المأموم يؤمر بالقراءة وسياتيبحث هذه الاثارة
صحيحة علي بن يقطين، عن أخيه، عن أبيه - في حديث - قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام أيقرأ فيهما بالحمد وهو إمام يقتدى به؟ فقال: إن قرأت فلا بأس، وإن سكت فلا بأس[5]وقد اختلف في ظهور هذه الرواية من ان المراد بها الركعتين الاولتين أو ان المراد بها الثالثة والرابعة من الرباعية
فان كان الأخيرتين فالمأموم مشروع له بين القراءة والتسبيح فيهما ولكن هذا التفسير فيه تمحل وان أصّر عليه السيد الخوئي فان الكلام أكثر شيء في الاُولتين، فالصحيح ان هذا النص ظاهر بقوة في الاولتين
مصحح علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليهما السلام) قال: سألت عن الرجل يكون خلف الامام يجهر بالقراءة وهو يقتدي به، هل له أن يقرأ من خلفه؟ قال: لا، ولكن يقتدي به، ورواه علي بن جعفر في كتابه إلا أنه قال : لا ولكن لينصت للقرآن[6] فنلاحظ التعبير هنا ايضا يدل على الكراهة فان عدم قراءءة الماموم ليس لعدم المشروعية بل لأجل ان مقتضى الإقتداء هو تنويب الامام ومتابعة الامام من قبل المأموم
فبحمد الله توجد قرائن كثيرة دون الاحصاء دالّة على ان الكراهة مطلقة، وتبقى روايات الطائفة الثالثة وسنراها هكذا أيضا    


[1]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ب 31، ح 5، أبواب صلاة الجماعة، ج 8، ص 356، آل البيت.
[2]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ب 31، ح 15، أبواب صلاة الجماعة، ج 8، ص 359، آل البيت.
[3]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ب 31، ح 10، أبواب صلاة الجماعة، ج 8، ص 358، آل البيت.
[4]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ب 31، ح 9، أبواب صلاة الجماعة، ج 8، ص 358، آل البيت.
[5]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ب 31، ح 13، أبواب صلاة الجماعة، ج 8، ص 359، آل البيت.
[6]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ب 31، ح 16، أبواب صلاة الجماعة، ج 8، ص 359، آل البيت.