بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/08/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:تجوز الجماعة بالاستدارة حول الكعبة
كان الكلام في صلاة الجماعة المستديرة أو الدائرية وان الاصحاب منقسمون فيها على قسمين فقسم يصحح هذه الصلاة وقسم لايصححها
وأما أدلة التصحيح كالشهيدين وجماعة حيث قالوا بتصحيحها فقالوا ان هناك سيرة عمليّة لدى المسلمين الى زمان المعصومين (عليهم السلام) على وجود هذه الصلاة فبالتالي هذه السيرة دالة على امضاء من المعصومين (عليهم السلام) والاّ لنهوا عنها وبيّنوا فسادها
ووجه آخر لتصحيح هذه الصلاة هو ان اطلاقات صلاة الجماعة شاملة لهذه الصلاة غاية الأمر ان التقدم ليس بحسب الخط الاُفقي كما تقدم بل هو بحسب الخط الدائري أو بحسب القرب والبعد من الكعبة المكرمة
أما وجه من ذهب الى بطلان هذه الصلاة فقد منع اتصال هذه السيرة الى زمان المعصومين (عليهم السلام) حيث ادعى ان هذه السيرة حادثة وغير متصلة بزمان المعصومين (عليهم السلام) ومعه فلا يمكن ان يتحقق الإمضاء
ووجه آخر للمنع هو ان السيرة على فرض وجودها فإن منع الائمة (عليهم السلام) مع وجود السلاطين العتاة الظالمين لاينفع فان عدم المنع لايمكن ان يستكشف منه الإمضاء سيما ان الأمر مرتبط بالسلطة وممارسات السلطة، أما منع اطلاقات الأدلة فقالوا ان ظاهر الأدلة هو الخط الاُفقي
وهناك نقوض اخرى للمانعين وهو انه لو اقيمت الجماعة داخل الكعبة فعلى هذا ليس من الضروري ان يكون إتجاه المأومين بإتجاه الامام لأن كل جدران الكعبة قبله فيمكن ان يصير بعض المأمومين بإتجاه الامام والبعض الآخر في اتجاه آخر وهكذا وهذا الأمر لايلتزم به أحد، هذا ماذكره الأعلام طبقا للقولين
لكن القول بالجماعة الدائرية لايخلو من وجه ويمكن تقريبه كما انه يمكن دفع هذه النقوض والموانع ولانريد ان نقول ان هذا التقريب قالب جزمي الاّ انه غير بعيد عن اطلاقات الادلة
ولتقريب هذا المطلب فان الكلام يكون في عموم القبلة باعتبار ان الصلاة يشترط فيها الاستقبال و ان الاستقبال في جميع مناطق الأرض طبيعته نحو إتجاه واحد ولكن في بعض منطق الأرض أو داخل الكعبة المشرفة أوحوليها يكون الاستقبال تلقائيا يختلف ولايكون بإتجاه افقي
وهذه الضابطة صحيحة وليست استحسانية ولاتنحلية وان الجميع يلتزم بها فإن الاستقبال والقبلة تتخذ طبيعة واتجاهات مختلفة فمع كون الاستقبال والقبلة شيء واحد فإن طبيعة الاستقبال يتخذ في بعض المناطق بُعد افقي وفي بعض المناطق يتخذ بُعد دائري وفي بعض المناطق يتخذ بُعدين وفي مناطق يتخذ ثلاثمائة وستون درجة كما في داخل الكعبة أو حولها، فالقبلة والاستقبال حقيقتا يتعدد وهذا الشيء يلتزم به كل الأعلام جزما ومعه
فنقول هنا ان جنوب أفريقا قبلتها شمال شرقي أو شمال أما العراق فان قبلته الجنوب وهو عكس قبلة افريقيا مع ان العراق أقرب الى الكعبة من افريقيا وهذا يصح فالقرب والبعد من الكعبة أو الحرم المكي أو من المسجد الحرام وان اختلف الإتجاه فهناك قرب وبُعد
فلو أتى شخص الى الحرام المكي من الجنوب وهو أدنى الحل فان الواجب عليه ان يحرم من دويرة أهله، وهذا البحث ياتي في عالم الرياضة فان المتسابقون في الجري أو في السباحة فقد يكونوا واقفون على خط دائري واحد ويريدون ان يجروا المسابقة باتجاه المركز فهم على خط متساوي للتسابق وهذا الفرض ليس فيه تكلف ولاتمحل بل فيه مقاسات هندسية صحيحة
مع هذا فان ادلة اطلاقات ان المأموم لايتقدم على الامام في غالب الموارد يكون الخط اُفقي لكن من الواضح ان التقدم والتأخر حتى في الخط الاُفقي يكون باتجاه الكعبة، فالتقدم والتأخر الجغرافي ملحوظ فيه الاتجاه أو ملحوظ فيه القبلة والاستقبال أو ان طبيعة الاستقبال ليس على وتيرة واحدة فان طبيعة الاستقبال تارة شرقي وتارة شمالي وتارة جنوبي وتارة افقي
فمسير الاتجاه وهو الاستقبال هو الفيصل والفاصل والميزان في التقدم والتأخر وهو أمر يتبدل ويتشكل بلحاظ المناطق فيصح حيئنذ هذه الدائرة الواقفة أمام الكعبة ان يقال ليس أحدهم متقدم عن الآخر الى القبلة لأن المفروض ان القبلة في بيت الله الحرام دائرية وليست باتجاه واحد وقد ذكر الأعلام هذا الكلام في الطواف
فاذا تم تصوير التساوي بين المأمومين فانه يتم التصوير بين الامام والمأمومين فيكون الأقرب الى الكعبة هو الامام والبقية يقعون في خطوط متأخرة عن امام الجماعة، وهذا التقريب هو لشمول الاطلاقات لصلاة الجماعة المستديرة
وأما السيرة والمنع عن السيرة فلايبعد ان السيرة كانت متقادمة والظاهر ان هذا ليس هو أمر مستحدث فنحن نحدس انها كانت موجودة في زمان المعصوم (عليه السلام) فاجمالا دعوى شمول الاطلاقات له وجه قريب