بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/07/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:إذا تقدم المأموم على الإمام في أثناء الصلاة سهوا أو جهلا أو اضطرارا صار منفردا
مسألة 24: إذا تقدم المأموم على الإمام في أثناء الصلاة سهوا أو جهلا أو اضطرارا صار منفردا، ولا يجوز له تجديد الاقتداء، نعم لو عاد بلا فصل لا يبعد بقاء قدوته[1] لأن تأخر المأموم وعدم تقدمه شرط واقعي في هيئة الجماعة
نعم لو عاد بلا فصل لا يبعد بقاء قدوته فان ماقرره أولا سليم ومتين بحسب الأدلة، فان اطلاق دليل الشرطية يعم موارد الاضطرار والاختيار والسهو والجهل ومقتضاه ان الخلل به مخل واقعي بهيئة الجماعة فقوام القدرة والاقتداء بالتقدم وعدم التأخر
وان استثناء الماتن قد أوجب إشكال الكثير من المحشين عليه وذلك فنقول في توضيح هذا المطلب ان المركب كالصلاة أو الطواف أو السعي أو الوقف في عرفات ومزدلفة والمبيت في منى وكل عمل مركب يحتوي على اجزاء وشراءط وجودية ويحتوي على موانع كما انه يحتوي خامسا على هيئة مجموعية ويحتوي أيضا على أكوان متخللة بين الأجزاء
وهذه الأكوان المتخللة لها حقيقة وتترتب عليها آثار متعددة كما ان هذه الأكوان المتخللة أيضا موجودة في كل المركبات فإن الوقوف بعرفات والصوم والمبيت كل آن منه جزء ولهذا الوقوف بعرفات ركن وغير ركن فان المزدلفة ليس كل الوقوف بها ركن بل الركن منه آن واحداً والباقي ليس بركن، وهكذا الكلام يجري في الطواف أيضا ففيه أجزاء وفيه أكوان متخللة كما اذا تعب الانسان ووقف للاستراحة فهذا الوقوف ليس بجزء الطواف لكنه كون متخلل من الطواف
وهنا يوجد أمر سادس وهو (الاتصال) فإن الاتصال عبارة عن نسق متعاقد بين الأجزاء كما اذا سكت الانسان في أثناء الصلاة فهذا يوجب امحاء صورة الصلاة فلابد من الاتصال في العمل
كما انه لابد من تحقق صورة الصلاة فإن العمل أو الفعل الماحي لصورة الصلاة يوجب بطلانها فلابد من مراعاة هذا الأمر
فهذه الحيثيات السبع اُمور ليست على قالب واطار واحد وهذه البحوث حساسة وليست تكلفات من الفقهاء بل هذه الامور هي قوالب استفادها الفقهاء من الادلة
فقالوا ان القاطع للصلاة كما لو استدبر المصلي او تكلم المصلي فان الكلام او الاستدبار يوجب قطع الصلاة وقطع الارتباط في الصلاة والاتصال في الصلاة، فان الاستدبار محل اعتباره الاجزاء فلو كنا نحن ودليل الشرطية لما صرنا الى البطلان لانه لم يات بجزء من الاجزاء الاّ وهي متوفرة على الشرط لأن دليل اعتبار الشرط اعتباره وظرفه الأجزاء لا الأكوان
فإن المانع الذي يعتبر مانعا في الأكوان قد يسمى قاطعا أو مانعا وقد تعبر عنه الروايات بالناقض أو القاطع، فان الفراغ من الشيء هل هو للدخول في الكون او الدخول في الجزء اللاحق وهذه الامور مرتبطة بتحليل ماهية المركبات في العبادات أو في المعاملات وهي محاور واقسام متعددة كما مرت
فان كانت شرطا فهو يعني انها قد اُخذت في الاجزاء فان الشروط الوجدية دائما يكون في الأجزاء وان أخذها في الأكوان ليس بممتنع لكنه يحتاج الى دليل، أما النواقض والقواطع فان طبعها مأخوذ في الأكوان أو الأعم من الأجزاء والأكوان فوعاء اعتبار الشرائط الوجودية هو وعاء وان وعاء إعتبار النواقض والقواطع هو الظرف وان وعاء إعتبار المانع هو الظرف
وهذه البحوث اذا التفت الباحث اليها فإنها توجب التوسع من ان العبادات تحتوي على الأقسام السبعة المذكورة فهو بحث هام في فهم الأدلة والأحكام، وان هيئة المركبات في العبادات تختلف عن بعضها البعض ففرق بين نية القاطع ونية القطع فان القطع الفعلي شيء ونية القطع شيء آخر فلابد من التفات الباحث الى هذه الامور وان ارتباط بعضها بالآخر هو أمر مهم
يقول السيد البيزدي ان تقدم المأموم على الامام لو وقع آناما وتلافى هذا الخلل من قبل المأموم فان هيئة وصلاة الجماعة لاتبطل، بالنسبة لتبني هذا الكلام وعدم تبنيه نقول:
قد مرّ بنا انه ان كان من باب الشرط فان الشرط معتبر في الجزاء فلو حصل آنانما فانه لايخل بواجدية الأجزاء، نعم اذا كان عبارة عن المانع فهنا يكون الأمر مشكل لأن دليل المانع هو أكثر اطلاقا من دليل الشرط فان دليل الشرط غاية اعتباره في الأجزاء وليس في الأكوان بخلاف دليل المانع فإنه أعم من الأجزاء ومن الأكوان
نعم مر بنا ان الغالب في الشرائط الوجودية انها معتبرة في الأجزاء ولكن بعض الشرائط الوجودية معتبرة في أصل الهيئة المجموعية برمتها مثل هذا التقدم هنا أو التأخر فإن التقدم هنا وعدم التأخر قد اُخذ في قوام الهيئة المجموعية للجماعة ولم يؤخذ للأجزاء فقط، والثمرة هي ان المانع اذا خصص بالجزء فان الذي يبطل الجزء فقط ولايبطل الكل وان الناقض قد يكون ناقض للجزء فقط وليس ناقض للكل فمع تحققه يكون ناقض للجزء فقط وهكذا الكلام في القاطع فقد يكون قاطعا للجزء فقط ومعه فيمكن إعادة الجزء فقط ولايبطل الكل 



[1]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 152، جامعة المدرسين.