بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/07/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:إذا علم بطلان صلاة الصف المتقدم تبطل جماعة المتأخر
لازلنا في ذيل المسألة الحادية والعشرون، وهي:إذا علم بطلان صلاة الصف المتقدم تبطل جماعة المتأخر من جهة الفصل أو الحيلولة، وإن كانوا غير ملتفتين للبطلان، نعم مع الجهل بحالهم تحمل على الصحة، ولا يضر كما لا يضر فصلهم إذا كانت صلاتهم صحيحة بحسب تقليدهم وإن كانت باطلة بحسب تقليد الصف المتأخر[1] فلابد من الالتفات الى هذه القاعدة وهي قاعدة تعدد الحكم الظاهري في المورد والموضوع الواحد حسب الموازين المقررة الشرعية لإشخاص متعددين بل لشخص واحد في زمانين فهذا الأمر قابل للتصوري كما مرّ بنا وهذه الموازين هي موازين شرعية مقررة
وحيثية ثانية نذكرها هنا وهي ان هذه الموازين عند كل شخص تختلف حتى شرعا في حق الشخص الآخر فإن الموازين التي عند الشخص الأول لاتشمل الشخص الثاني وغير مقررة للشخص الثاني فإنه بحسب ماقرره الشارع في حق الشخص الثاني هي موازين اخرى حسب البيئة أو المجتع أو غير ذلك بحيث لايمكن القول ان الموازين للشخص الأول هي عامة للكل فهذه الموازين لاتشمل الشخص الثاني الذي له موازينه المقررة فموازين الحكم الظاهري هي آلة للنظر وطريق للواقع
الميرزا النائيني والسيد الخوئي وجل تلاميذهما في غير هذا البحث في أبواب الاصول وأبواب الفقه في غير هذا البحث بنوا على عدم لحاظ آلة النظر والملاحظ عندهم هو المنظور اليه حيث قالوا ان الطريق الذي قام عند المأموم هو ان الواقع هو هكذا سواء عند الامام أو عند المأموم
فلو فرضنا ان المشتري يرى ان هذا المبيع نجس بينما البايع يرى طهارة هذا المبيع فهل هنا هذا البيع صحيح أو غير صحيح، أو طلقت المرأة التي ترى صحة الطلاق بينما من أراد ان يتزوجها لو كان لايرى صحة الطلاق فهل يصح زواجهما؟ قالوا ان المشهور هنا يبني على الصحة لأن ماهو الصحيح عند المرأة متحقق بينما الآخرون يبنون على ماهو الصحيح عند المكلف
هذا البحث يسري ويجري في أبواب متعددة لكن هناك جهة مشتركة في البحث وهي ان الوظيفة الظاهرية عند كل شخص حسب المقرر شرعا متعددة عند المشهور بحيث يبني كل منهما على ماعند الطرف الآخر فان المقرر الشرعي عند كل شخص متعددة شرعا فالشارع جعل المقرر الشرعي والوظيفة الشرعية لكل واحد بحسب آلة النظر التي عنده
ولكن صحيح ان الشخص الأول يكون الإحراز بكل اعماله وواقعه ولكن هذا إحراز لشخصه فهنا حيثيتان حيثية الواقع والمعلوم وحيثية الإثبات فان المشهور قالوا ان جهة الإثبات ملحوظة لاجهت الثبوت فقط فان قول الميرزا النائيني والسيد الخوئي عندما قالوا انه إحراز للواقع بقول مطلق إلاّ انه يرد عليهم ان آلة الإحراز هنا ليست مطلقة ومعه فلا يمكن التعميم
فإمام الجماعة كما هو المعروف في كلمات المشهور إنما يأتم به المأموم بما هو صحيح عنده وكذا الكلام في العدالة وكذا الحال في الصفوف في صلاة الجماعة فنرى ان كلمات الفقهاء هو كون المدار في الصحة التي هي الصحة عند المصلي نفسه لاعند من يتصل به وهذا وجه عام لابأس به
هناك وجه آخر لابأس أيضا به ذكره الأعلام هو ان صلاة الجماعة التي صلاها الائمة المعصومون (عليهم السلام) كثيرا ما في صفوف الجماعة كانوا من الابناء العامة وليس من الشيعة الامامية وكثير من الأصحاب كانوا يصلون في الصفوف اللاحقة والمتأخرة عن الصف الأول والثاني وهذه السيرة كانت عند الائمة المعصومين (عليهم السلام) وهذا يشير الى ان الاتصال ولو بغير من تصح صلاته فان هيئة الجماعة مع كون امام الجماعة صلاته صحيحة صحيحة وهذا يثبت المطلب الذي قلناه من ان البعد ليس بهذه الصورة التي يدقق فيها الأعلام وان كان السيد الخوئي يعتبر هذا الأمر هنا هو الاستثناء وهذا وجه متين
ووجه ثالث وهو لبعض الصور وهو ان البعد لو لم يكن فاصلته بعيدة ولاحيلولة في البين فحتى لو بطلت صلاة الصف المتقدم فان الصفوف المتأخرة لاتبطل الصفوف اللاحقة اذا كانت المسافات ليست شاسعة ولاتسبب حيلولة وهذا مختص ببعض الصور بخلاف الصورة الاولى والثانية


[1]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 152، جامعة المدرسين.