بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:إذا تمت صلاة الصف المتقدم وكانوا جالسين في مكانهم أشكل بالنسبة للمتأخرين
مسألة 13: لو شك في حدوث الحائل في الأثناء بنى على عدمه، وكذا لو شك قبل الدخول في الصلاة في حدوثه بعد سبق عدمه، وأما لو شك في وجوده وعدمه مع عدم سبق العدم فالظاهر عدم جواز الدخول إلاّ مع الاطمينان بعدمه[1]فهذه صور ثلاثة ذكرها المصنف
وخلاصة هذه الصور الثلاثة هو انه مع وجود الحالة السابقة فان المكلف يستصحبها وأما مع عدم وجود الحالة السابقة فان المكلف لابد له من الإحراز
وهذا البحث سيّال ومطرد في موانع الصلاة وفي كل العبادات وهو انه في الموانع أسهل مؤنة من الشرائط الوجودية فقالوا في الموانع ان المكلف يبني على أصالة العدم دائما أما في الشرائط الوجودية لابد من ان يحرز وجودها ويوجدها ففي الشبهات الموضوعية الشرائط الوجودية لابد من الفحص واحراز الإيجاد
أما في الموانع فقالوا يكفي استصحاب العدم وغالبا الاُمور عدمية وهو الاستصحاب العدم الأزلي فهناك فرق بين الموانع والشروط فلابد للفقيه من التدقيق من ان مفاد الأدلة هو شرط وجودي أو مانع عدمي
فلابد من معرفة ان الذي جعل هو اتصال الصفوف أو الاتصال بالصفوف وهذا شيء وجودي أو ان الذيجعل بعد الفراغ عن هيئة الجماعة هو مانعية الحائل ومانعية البُعد، فهل البعد مانع أو ان الإتصال شرط ففي المانع يكون استصحاب عدمي
وقد استثنى السيد اليزدي صورة في الموانع وهي اذا كانت الحالة السابقة غير محرزة وهي الحالتان مجهولتي التاريخ فهنا لايجري استصحاب العدم لأن الحالة السابقة يمكن ان تكون الوجود ففي هذه الصورة قال لابد من الفحص
القاعدة الأولية في الموانع هي العدم الاّ ان تكون الحالة السابقة فيه توارد الوجود والعدم فلابد من إحراز عدمها كالشرط الوجودي، فلابد من التدقيق في قالب واطار الأدلة من كونها في صدد جعل الشرط الوجودي أو جعل الشرط العدمي وبعبارة اخرى هل هي في صدد جعل مانعية المانع أو في صدد جعل شرطية الشرط، وان المانع يمكن إحرازه بسهولة وهو استصحاب العدم بخلاف الشروط الوجودية فلابد فيها من الفحص
وهنا نكتة ثالثة في البين وهي في الشبهة الموضوعية مع غض النظر عن كون الشك في المانع أو الشك في الشرط الوجودي ففي الشبهة الموضوعية قبل إجراء الاُصول العملية هل الفحص لازم ؟ وهذه نقطة ثالثة اخرى
وان مشهور متأخري العصر قالوا ان الفحص في الشبهة غير لازم، فهل كونه غير لازم اذا كان الشك في الشرط الوجودي أو في المانع أو ان يكون الشك في موضوع الحكم، فما يقال من ان الشبهة الموضوعية البحث فيها لازم أو غير لازم فإن جل نظرهم متمركز في الشك في موضوع الحكم وفيه اختلاف وقد بنينا على التفصيل تبعا للقدماء
فالشبهة الموضوعية فيما نحن فيه هي الشبهة الموضوعية في الشرط الوجودي للمتعلق أو في المانع فان المعروف ان المانع تجري فيه أصالة العدم، ومع الفحص اليسير في المانع فلا تجري أصالة العدم خصوصا اذا كان الشك في المانع مع طرو شيء خارجي كالحائل
فإذا ورد الدليل الواحد فيه تارة يأخذ الضدين مانع وتارة يأخذ الضد الآخر شرطا فأيّ اللسانين نأخذ؟ فتحل في الشبهات الموضوعية من انه هناك فرق بين الشرط والمانع فان الشرط يحتاج فيه الى إحراز وأما المانع فيكفي فيه احراز العدم كما في الصلاة فلو شك في الحائل فانه يستصحب العدم اما فيالبعد فانه وجودي فلابد فيه من احراز عدمه
مسألة 14: إذا كان الحائل مما لا يمنع عن المشاهدة حال القيام، ولكن يمنع عنها حال الركوع أو حال الجلوس، والمفروض زواله حال الركوع أو الجلوس هل يجوز معه الدخول في الصلاة؟ فيه وجهان والأحوط كونه مانعا من الأول، وكذا العكس لصدق وجود الحائل بينه وبين الإمام[2]كما لو فرض وجود جدار متحرك بمقدار نصف قامة الانسان فعند القيام لايكون عازلا بينما في الركوع والسجود يكون عازلا ولكن الفرض زواله عند الركوع والسجود
فاثناء القيام ليس هو بعازل والمفروض انه سيرتفع في الركوع والسجود وقد اُزيل هذا العازل عند الركوع والسجود فهذا لايخل بالصحة لأن الحيلولة لم تتحقق فعلا وان كان موجودا من الأول، وهكذا الكلام في العكس
ولكن المصنف احتاط في المسألة وقال يصدق وجود الحائل هنا و وجوده يمنع من اتصال الصلاة لأن هذا يصدق معه وجود الحائل بينما أكثر محشي العروة قالوا بانه هنا لايصدق وجود الحائل وتصح الصلاة
مسألة 15: إذا تمت صلاة الصف المتقدم وكانوا جالسين في مكانهم أشكل بالنسبة إلى الصف المتأخر، لكونهم حينئذ حائلين غير مصلين، نعم إذا قاموا بعد الإتمام بلا فصل ودخلوا مع الإمام في صلاة أخرى لا يبعد بقاء قدوة المتأخرين[3] فلو كان الصف المتقدم صلاتهم قصرا وتمت صلاتهم بينما الصف الثاني كانت صلاتهم تمام فتشكل صلاته الاّ ان يقوم أصحاب الصف الاول ويلحتقوا بالامام لصلاة اخرى
ففصل الماتن بين ان يقوم اصحاب الصف الأول ويلتحقوا بالامام سريعا فلا يعتبر حائل لأن عمومات أدلة الحائل منصرفة عن الحائل في الآنات اليسيرة فلايعتبر كونه حائلا بل اعتبروا في الحائل ان يكون مستقرا
وقد فصّل السيد الخوئي وقال اذا التحقوا بسرعة فتصح الصلاة اذا كان صفا واحد أو بين الصف المتأخر والصف السابق عن المتقدم كان البُعد مسافة جسد انسان، أما اذا كان بين الصفين فهنا حتى لو اسرعوا في القيام فتبطل الصلاة لأن المانعية هنا ليست من جهة الحائل فقط بل يوجد مانع ثاني وهو البعد وان البعد حتى لوكان في وقت يسير فهو مبطل ودليله على ذلك الانصراف
ولكن هنا لايوجد لدينا منشأ الانصراف بل ان الموجود هنا هو عدم صدق الحائل وهذا قد تبنيناه سابقا فعدم شمول الأدلة للحائل المتحرك بإعتباره انه ليس بحائل فلا معنى لإنصراف الأدلة فهنا أيضا كذلك فإن الصف الواحد لايضر أثناء الصلاة لكونه
وان نفس ارتكاز السيد اليزدي بأن البعد آناما ما صفين أو صف واحد هو ارتكاز منه على ان هيئة الجماعة هي هيئة واحدة وان البعد آنا ما غير مخل عرفا          


[1]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 147، جامعة المدرسين.
[2]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 147، جامعة المدرسين.
[3]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 148، جامعة المدرسين.