بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/06/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:شروط صلاة الجماعة
كنّا في صدد ذكر قرائن أكثر على ندبية التقدير الخاص في البُعد دعما لفتوى مشهور الطبقات المتقدمة للفقهاء خلافا لمتأخري الأعصار
فمن القرائن الداعمة لكون هذا التقدير خاص هو مربض العنز أو مربض الفرس وقد جعله السيد الخوئي ليس في الصفوف لكنه في السترة ويمكن جرّه للصفوف وهذا بنفسه قرينة على اتحاد مسألة السترة مع الصفوف، وروي في الدعائم عن رسول الله (صل الله عليه واله) أنه قال: إذا قام أحدكم في الصلاة إلى سترة، فليدن منها فإن الشيطان يمر بينه وبينها، وحُدّ في ذلك كمربض الثور[1] فنلاحظ في السترة ذكرت حدود مختلفة لها وهذه الحدود المختلفة يظهر منها بوضوح ان التحديد الموجود بمسقط جسد الانسان هو تحديد ندبي كما فهمه المشهور
وقرينة اخرى على الندبية يعتمدها الفقهاء وهي ان الدليل على مطلب معين اذا كانت هيئته وقالبه مجملا أو مبهما بعض الشيء أو كان تركيبها بنمط الشارع جعلها مرددة فالمشهور يستفيد من ذلك عدم اللزوم سواء الندبية أو الكراهة فالمهم ان المشهور يستفيد منه عدم اللزوم
يقول السيد الخوئي توجد قرينة على ان المراد بين المسجد والموقف لابين الموقفين والقرينة هي ارتكاز ذلك عند عامة المسلمين في هيئة الجماعة ومعه فيكون قد رجع في الاستظهار الى نفس الضابطة التي قال بها المشهور وهي الارتكاز
ورجع أيضا السيد الخوئي الى الرواية الواردة في السترة وهي صحيحة عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أقل ما يكون بينك وبين القبلة مربض عنز، وأكثر ما يكون مربض فرس [2] وهذه واردة في السترة وليست في الصفوف، فيستحب في السترة الدنو والقرب
فتحصل ان صحيحة زرارة يستفاد منها مانعية الحائل خلافا لدعوى السيد الخوئي لأنه قد ذكر فيها السترة والجدار سواء بلفظة الفاء أو بلفظة الواو وان عدم تخطي البعد بالحد المزبور مستحب والمدار هو البُعد العرفي
فتحصل من صحيحة زرارة مانعية الحائل ومانعية البعد المفرط عرفا لا البعد الخاص والأصح ان هذان المانعان انما أدرجهما الشارع برواية واحدة لأنهما يرجعان الى نفس التواصل ولكنها في المرأة جائز وفي الرجل غير جائز لكن البعد المفرط في كليهما سيّان
صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا أرى بالصفوف بين الأساطين بأسا [3] فالتحديد بالحد الخاص في الاتصال لايقطع، فلايتصور احد ان صحة الجماعة متوقفة على الاتصال من بعدين او ثلاثة بل يكفي الاتصال من جهة واحدة
موثق الحسن بن الجهم قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن الرجل يصلي بالقوم في مكان ضيق ويكون بينهم وبينه ستر، أيجوز أن يصلي بهم؟ قال: نعم [4] وهذه الرواية مروية أيضا في قرب الاسناد وفي نسخة بدلا من الستر المذكور شبر والظاهر هو الصحيح ويراد منه المكان الضيّق
أحدها: أن لايكون بين الإمام والمأموم حائل يمنع عن مشاهدته، وكذا بين بعض المأمومين مع الآخر ممن يكون واسطة في اتصاله بالإمام، كمن في صفه من طرف الإمام أو قدامه إذا لم يكن في صفه من يتصل بالإمام، فلو كان حائل ولو في بعض أحوال الصلاة من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود بطلت الجماعة، من غير فرق في الحائل بين كونه جدارا أو غيره ولو شخص إنسان لم يكن مأموما
نعم إنما يعتبر ذلك إذا كان المأموم رجلا، أما المرأة فلا بأس بالحائل بينها وبين الإمام أو غيره من المأمومين مع كون الإمام رجلا، بشرط أن تتمكن من المتابعة بأن تكون عالمة بأحوال الإمام من القيام والركوع والسجود ونحوها، مع أن الأحوط فيها أيضا عدم الحائل هذا، وأما إذا كان الإمام امرأة أيضا فالحكم كما في الرجل[5]فاذا كان الامام رجلا ثم بعض الصفوف نساء ثم هناك حائل ثم بعض الصفوف نساء فان الحائل موجود بين صفوف المأمومين من النساء فهنا التزموا بالصحة فان المدار كون الامام رجلا فلا مانع من الحائل في طرف النساء أما اذا كان الامام امرأة فلا يصح الحائل بينه وبين المأمومين النساء   



[1]  دعائم الاسلام، القاضي النعمان، ج1، ص150.
[2]   وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي،  ب62، ح 3، ابواب الصلاة، ج 8، ص 411.
[3]   وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي،  ب 59، ح 2، ابواب صلاة الجماعة، ج 8، ص 408.
[4]   وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي،  ب 59، ح 3، ابواب صلاة الجماعة، ج 8، ص 408.
[5]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 139، جامعة المدرسين.