بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:شروط صلاة الجماعة
وصلنا في قراءة الرواية الى ذيلها، صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: " ينبغي للصفوف أن تكون تامة متواصلة بعضها إلى بعض، ولا يكون بين الصفين ما لا يتخطى يكون قدر ذلك مسقط جسد إنسان إذا سجد " [1]
 وقال أبو جعفر (عليه السلام): " إن صلى قوم بينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بإمام، وأيّ صف كان أهله يصلون بصلاة إمام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة،
وإن كان سترا أو جدارا فليس تلك لهم بصلاة إلاّ من كان حيال الباب وقلنا انه في نسخة الكافي والتهذيب فان كان سترا أي مع الفاء وليس مع الواو فمع وجود الفاء يكون اندراج الحائل فيما لايتخطى فمعنى ذلك وجود الجامع يندرج فيه البعد ويندرج فيه الحائل
وبناء على الجامع فالحائل وان كان يشاهد الاّ انه لايتخطى من جهة فيكون ظهر الستر والجدار كونه مانع من جهة الحيلولة وعدم المشاهدة وأما اذا اندرج الستار والجدار فيما لايتخطى فيكون أعم سواء من جهة عدم المشاهدة أو من جهة عدم التخطي، فبنى المشهور على عموم مانعية الحائل وهو الستر والجدار في أيّ حالة من حالات الصلاة وان كان يتخطى وه لصحيح
وقد استشكل السيد الخوئي ان الستر والجدار اذا بنينا على عموم الاندراج فيما يتخطى فلايمكن ان نبني على مانعية الحيلولة من حيث هي، لكن الصحيح ماذهب اليه المشهور من ان كل منهما مانع بقرينة الذيل
ويعزز هذا الكلام تتمة الذيل، قال: وقال هذه المقاصير إنما أحدثها الجبارون وليس لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة، فلفظ الحائل وان لم يوجد فيالصحيحة لكن هذه القرائن دالة على نوع من الحيلولة ولامانع من جهة المشاهدة ومن جهة مالايتخطى
قال: وقال: أيما امرأة صلت خلف إمام وبينها وبينه ما لا يتخطى فليس لها تلك بصلاة، قال: قلت: فإن جاء إنسان يريد أن يصلي كيف يصنع وهي إلى جانب الرجل، قال: يدخل بينها وبين الرجل وتنحدر هي شيئا " [2]فهذه الضابطة والشرط ليس مختصا بالرجال بل يعم النساء فان البعد لايغتفر في النساء لذا فان فتوى المعاصرين هي ان الساتر بين المرأة والرجال مغتفر أما البُعد فهو غير مغتفر، وقال المشهور ان هذا الأمر في المرأة مستحب وان المقدار المخل هو البعد المفرط، والدليل على ذلك:
اولا: ان التباعد المفرط لايقال له جماعة فان البعد المفرط مخل لهيئة الجماعة، ثانيا: اذا كانت طبيعة الفعل أو المتعلق ذو مراتب من حيث الشدة والضعف وقد ورد في الضعيف منه استحباب فيكون الشديد فيه لزوم كطاعة الولد للوالدين، فالفعل والمتعلق اذاكان ذو مراتب فان مراتبه غير الالزامية في المراتب الضعيفة تلقائيا يفهم منه اللزوم في المراتب الشديدة، وهذا نمط استظهار مطرد
ومانحن فيه من هذا القبيل فاذا كان مالا يتخطى بمقدار جسد الانسان مستحب والزائد عنه مكروه فاذا كان البعد مفرط فيكون المانع لزومي
فلو كان العنوان ليس اعتباريا فقالوا في الفقه يؤخذ بالعرف الوسطي والمعدل الوسطي  لذا في بعض الموارد لايعتبر البعد وقد فرض الفقهاء صلاة الجماعة في السفن أو فرضوا صلاة الجماعة، أو الصلاة على سقوف البيوت وهو السطح فالبيوت متباعدة لكنها جميعا تعتبر مجلس واحد
فتلخص من صحيحة زرارة ان مابنى عليه مشهور طبقات الفقهاء هو المعتمد فالبعد بمقدار مسقد الجسد أو مربض العنزة مستحب
وقرائن اخرى لما بنى عليه المشهور هو ان نبرة هذا اللسان بعينها وردت في حكم آخر مسلم الاستحباب حيث انه يستحب للمصلي ان يتخذ السترة أي يكون أما قبلته حائل ولو كان خيط، وقد ورد في صحيح عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أقل ما يكون بينك وبين القبلة مربض عنز، وأكثر ما يكون مربض فرس [3] 


[1]   من لايحضره الفقيه، الشيخ الصدوق،  ج1، ص 386، ح 1143.
[2]   من لايحضره الفقيه، الشيخ الصدوق،  ج1، ص 386، ح 1144.
[3]   وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي،  ب62، ح 3، ابواب الصلاة، ج 8، ص 411.