بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/05/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:لو نوى وكبر المأموم فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع المأموم
كنا في صدد قراءة الروايات الدالة على ان الالتحاق بصلاة الجماعة سائغ في أي موضوع من مواضع صلاة الجماعة وان لم يوجب ذلك الموضع الاعتداد بالركعة، فهناك مفادان وضعيان في صلاة الجماعة مفاد الالتحاق بالجماعة ومفاد الاعتداد بالامام وبينهما فرق، ومن الروايات التي تفرق بين أصل انعقاد صلاة الجماعة وان لم يعتد بالركعة
صحيحة الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عمن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة؟ قال: يصلي ركعتين، فإن فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل أربعا، وقال: إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة وإن أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظهر أربع [1] وهذه الرواية الشريفة تسالم الكل بأن هذه الرواية تبين ان الالتحاق بجماعة الجمعة موجود لكن وظيفة المأموم أربع ركعات لأنه لم يدرك موطن إدراك الجمعة
وهذا المفاد المتفق عليه يفيدنا في المقام وهو ان الصحيحة تتعرض الى المأموم الذي فأتته جمعة الجمعة لكنه لم تفته جماعة الجمعة فهذا هو التفريق بين الإعتداد بالركعة وبين أصل إنعقاد الجماعة
والتفسير الصحيح للرواية هو ان المراد منها هو بعد ان مضى منهالركوع وحصل منه الركوع فالأصل في الفعل الماضي هو حدوث الحدث والتصرم وان كان (ركع) في الروايات تستعمل في الحدوث مع الاستمرار وخصوص المقام واضح منه الحدوث والمضي كما هو دأب الفعل الماضي بقرينة ان ادراك الركوع هو إدراك للصلاة
أما اذا مضى ركوع الامام كما لو أدركه بعد ان رفع رأسه من الركوع الثاني أو في السجود الأول في الركعة الأخيرة أو السجدة الثانية او التشهد فهذا قد أدرك جماعة الجمعة ولم يدرك الجمعة فبالتالي وظيفته الرباعية وليست ثنائية الجمعة وهذا سائغ
صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا تعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الامام[2]فقد صرّح بان عدم الاعتداد بالركعة وليس عدم الاعتداد بالصلاة، وحمل هذه الصحيحة على الندب أمر آخر
موثق ابن فضال قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في الرجل كان خلف إمام يأتم به فيركع قبل أن يركع الامام وهو يظن أن الامام قد ركع، فلما رآه لم يركع رفع رأسه ثم أعاد الركوع مع الامام، أيفسد ذلك عليه صلاته أم تجوز تلك الركعة؟ فكتب (عليه السلام) تتم صلاته ولا تفسد صلاته بما صنع [3] فهنا قد أتى بركوع زائد بتخيل المتابعة فلا يعتد به ولايحسب له ولايضره لأنه قد أتى به بتخيّل المتابعة
وهذا كما ذهب اليه الشيخ الطوسي وأكثر القدماء خلافا لأكثر المتأخرين من التفصيل بين زيادة الركن فلايعتد به ويستأنف تكبيرة صلاة الجماعة بينما الشيخ الطوسي قال بعدم الحاجة الى التكبير
هذه مجمل الروايات الدالة على التفكيك بين انعقاد الجماعة والاعتداد بالركعة وان زيادة الركن للمتابعة الصورية غير مضر بصحة الجماعة ولابصحة الصلاة ولاتحتاج الى استئناف تكبيرة الإحرام، وهذا ما استفدناه من هذه الروايات ونتابع فيها القدماء
ثم انه ننقل هذه الدعوى من ان الروايات في تحديد إدراك الركعة نافية للاعتداد بالركعة مطلقا فيكون الركوع كالعدم مطلقا حتى للفرادى وهذا لو بنينا على عدم صحة الجماعة وعدم الأخذ بهذه الروايات
وربما يستدل بروايات معارضة لما تقدم داعمة لأكثر المتأخرين، وهي:
صحيح محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا لم تدرك تكبيرة الركوع فلا تدخل معهم في تلك الركعة[4]أي لاتنعقد الجماعة فكما لاينعقد الاعتداد بالركعة هكذا لاتنعقد الجماعة فهذه الصحيحة دالّة على الإندماج ووحدة المناط
ولكن هذه الصحيحة كما مرّ بنا محمولة على الاستحباب لأن المدار على الركوع أو القيام بلا ركوع وليس المدار على إدراك تكبيرة الركوع فهذه مبنية على ان الكثير من عموم المكلفين ينخلط عليه أصل انعقاد الجماعة مع تغاير بدأ احتساب الركعة، فهذه الصحيحة غير معارضة
صحيحة اخرى مردد بين كونها رواية أو فتوى وهي موجودة في كتاب من لايحضرة الفقيه وهي صحيحة منصور بن حازم وقد رواها الشيخ الصدوق بسند صحيح عن عبد الله بن المغيرة
روى عبد الله بن المغيرة قال: كان المنصور بن حازم يقول: إذا أتيت الامام وهو جالس قد صلى ركعتين فكبر ثم اجلس فإذا قمت فكبر[5] فبعد القيام يستأنف التكبير
ولكن هذه الصحيحة قد تكون فتوى وليست رواية فلا يمكن اعتبارها رواية ولايمكن التعويل عليها كرواية بل هي فتوى منصور بن حازم، وللكلام تتمة              


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص345، أبواب صلاة الجمعة، باب26، ح3، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص381، أبواب صلاة الجماعة، باب44، ح3، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص391، أبواب صلاة الجماعة، باب48، ح4، ط آل البيت.
[4]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ب 43، ح 4، أبواب صلاة الجماعة، ج 8، ص 382، آل البيت.
[5]  من لايحضرة الفقيه، الشيخ الصدوق، ج 1، ص 399، ح 1185.