بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:لو ركع بتخيل إدراك الإمام راكعا ولم يدرك بطلت صلاته
مسألة 25: لو ركع بتخيل إدراك الإمام راكعا ولم يدرك بطلت صلاته بل وكذا لو شك في إدراكه وعدمه، والأحوط في صورة الشك الإتمام والإعادة أو العدول إلى النافلة والإتمام ثم اللحوق في الركعة الأخرى[1]
مر بنا في هذه المسألة الخامسة والعشرون الصورة الثانية في الشك من ان المأموم عندما ركع ادرك الامام وهو راكع أو ان المأموم عندما وصل الى الركوع كان الامام قد رفع رأسه
وان تنقيح هذا المبحث كما ذكره الاعلام هو بتنقيح قالب الموضوعات هل هو تركيبي او نعتي وهو الذي يثيره الأعلام في رسالة اللباس المشكوك وبين الأعلام اختلافات صغروية كثيرة في تشخيص الموضوعات النعتية والتركيبية وهذا مبحث طويل ومفيد ولايغفل الباحث ان ينقحه لنفسه ويخوض فيه فان طبيعة الاجتهاد لابد ان تنبي في النفس شبيه البناية الواحدة فلابد من ضبط الأساس فيها واحكام القواعد والأساس فيها
ففي المقام ورد في لسان الروايات (ان كان المأموم ركع قبل ان يرفع الامام رأسه) فان كان هذا الموضوع فيجب ان يتصل ركوع المأموم بعنوان قبل ان يرفع الامام رأسه ولكن هذا الوصف حادث كعنوان فلايمكن احرازه فان الموضوعات التركيبية يمكن احرازها باحرازات متنوعة عن بعضها البعض كان يكون أحدهما بالوجدان والاخر بالتعبد أما اذا كان الموضوع نعتي فعندها لابد من احراز النعتية
ولاباس من تنقيح القبلية والبعدية فقالوا في علم الكلام والمعقول ان النسب وجودات حرفية وخارجية تختلف عن العنوان الاسمي المتنزع منها فان النسبة هي منشأ انتزاع والعنوان الاسمي هو عنوان انتزاع ينتزع من النسبة، فمثلا هناك نسبة حرفية بين السقف والأرض بمعنى انها لاتري نفسها بنفسها بينما اذا قلت السقف فوق الأرض والأرض تحت السقف فهنا صار شيء آخر لأن التحت أو الفوق عنوان اسمي حيث ثم انتزاع عنوانا اسميا من النسبة الحرفية
فعند الإتيان بعنوان الفوق او عنوان التحث فيه يؤخذ العنوان الإسمي من النسبة الحرفية ومعه فيصير وصفا حسب ماحرره الميرزا النائيني أما اذا اُخذ واقع النسبة فهي ليست وصفا لأن الوصف هو اسم، وان اصطلاح التركيب الانضمامي والتركيب النعتي متعدد عند الأعلام فان المراد ان التركيب بنحو الأجزاء هو الانضمام وان التركيب بنحو الوصف والموصوف هو نعتي والاّ فان تعابير الأعلام منوعة ومشوشة قليلا
نلاحظ ان اليوم هو الثلاثاء وأمس يوم الاثنين وغدا يوم الأربعاء فقد انضمت الأيام الى بعضها البعض وبينها تقدم وتأخّر أي واقع التقدم والتأخّر موجود وهذا التقدم والتأخر هو بنحو حرفي فتارة نشير الى الترتيب بعنوان اسمي وتارة نشير الى الترتيب بعنوان حرفي
فيقول المستشكل هنا حصل تلاعب من قبل الاصولييون في القواعد مع ان واقعها واحد ولم تتغير النسبة ومعه فلا داعي الى هذه التعبيرات الكثيرة ولاوجه له
فنقول له ان القضية ليست تكلف صناعي فعندما تقول السقف فوق الأرض فهو يختلف عن القول السقف على الأرض والفرق بينهما هو ان النظرة ان قد تكون اسمية وقد تكون حرفية فهل النظرة والمنظور الإسمي دخيل أو يكفي الواقع الحرفي وفرق بينهما، وبعبارة اخرى ففرق بين منشأ الانتزاع وبين نفس الانتزاع
ففي المقام تقول الروايات (ركع الماموم قبل ان يرفع الامام رأسه) وهنا العنوان اسمي فلو كنا نحن وهذا الظهور للكان الحق مع السيد اليزدي والسيد الخوئي ولوجد هذا في كل الروايات الواردة
ولكن لايمكننا ان نبني على هذا الظهور في استظهار ماهو موضوع الحكم في احتساب الركعة لمامرّ من بنا سابقا من ان عنوان (ركع المأموم قبل ان يرفع الامام رأسه) ليس قيدا أصليا فإن القيد الأصلي هو ان المأموم قد ركع والإمام راكع فليس الموضوع هو ثلاثة أجزاء بل ركوع المأموم والإمام راكع فالمقارنة هنا حرفية وليست مقارنة إسمية فهو من باب التأكيد ودعم للقيد الثاني فلا يمكننا ان نماشي السيد اليزدي والسيد الخوئي، فإتضح ان المأموم عند الشك يمكنه استصحاب بقاء ركوع الإمام خلافا للماتن وخلافا للسيد الخوئي رحمهما الله لهذه النكتة الصغروية
وهذا التسائل الذي مر بنا من انه ما الفرق بين واقع النسب والاسماء وهو الفرق بين منشأ الانتزاع وبين الانتزاع
وبيان اخر فنلاحظ الاجزاء في الصلاة وفي الحج او في غيرهما من المركبات فالركوع والسجود والقيام والتكبيرة يعبر عنها بالأجزاء وان الطهارة وصف وهناك فرق حقيقي بين إنظمام الأجزاء وبين إنظمام الشرط والمشروط، والفرق بين الجزء والشرط هو ان الجزء هو داخل متن الشيء وأما الشرط والوصف فهو ليس داخل في متن الشيء ودوره مضيّق ومقيد لكنه ليس بداخل وهذا هو الفرق بين الموضوعات وهو التركب بنحو الأجزاء والتركب بنحو الشرط والمشروط
فاذا شك المأموم بانه عندما ركع فهل رفع الامام راسه او لم يرفع فللمأموم هنا ان يستصحب بقاء الامام راكعا لأن (قبل) ليس قيدا أصليا بل هو عنوان مشير
صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أدركت الأمام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة وإن أدركته بعد ما ركع فهي أربع بمنزلة الظهر[2]
صحيحة سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال في الرجل إذا أدرك الامام وهو راكع وكبر الرجل وهو مقيم صلبه ثم ركع قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدرك الركعة[3]فان عنوان (قبله) هنا هو عنوان مشير ونذهب نحن الى العناوين الاصلية لا الكنائية فان المدار على القوالب في المدلول الجدي لا المدلول الكنائي


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج3، ص131، ط جامعة المدرسين.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص345، أبواب صلاة الجماعة، باب26، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص382، أبواب صلاة الجماعة، باب44، ح1، ط آل البيت.