بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/05/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:لو ركع بتخيل إدراك الإمام راكعا ولم يدرك بطلت صلاته
استعرضنا الشق الأول من المسألة مبنائيا ولم نخوض في الأدلة فيه ونثيرها حيث يثيره الماتن، فان ضبط قواعد وضوابط كل فصل من الأبواب الفقهية يوجب سيطرة الباحث أكثر مما لو عرف النتائج والفتاوى فإن ملكة الاجتهاد والصناعة هو ان يضبط الإنسان الضوابط وان لم تصل في عموميتها الى درجة القاعدة الفقهية فإن هذه الضوابط اذا أتقنها الباحث فإنه يسيطر أكثر على البحث وان اتقان الضوابط مهيمنة على النتائج التفصيلية
الشق الثاني من المسألة وهوان يعلم المأموم  ان الإمام قد رفع رأسه قبل ان يركع فالسيد اليزدي وأكثر المحشين قالوا هنا حكمه حكم العلم بعدم ادراك الركعة لأن موضوع ادراك الركعة نعتي مأخوذ في الأدلة وليس موضع إدراك الركعة تركيبي
وهذا اصطلاح دقق فيه متأخري هذا العصر وهو تدقيق لطيف وهو تقسيم الموضوعات المأخوذة في الأدلة الى موضوعات نعتية وموضوعات تركيبية والمراد من النعتي هو الوصف والموصوف وأما ان تكون العلاقة بينهما تركيبية يعني مثل وضع الحجر بجنب الانسان فان كل منهما ليس وصفا للآخر فالقالب الذي يأخذه الشارع للموضوع يمكن للشارع ان يقولبه بنحو التركيب أو بنحو النعتية
وان رسالة اللباس المشكوك للميرزا النائيني التي هي عبارة عن مسألة اللباس المشكوك في الصلاة فهل يكون مما يؤكل لحمه أو مما لايؤكل لحمه فقد عقد فيها الميرزا النائيني رسالة فيها وان خلاصة مبحث اللباس المشكوك هو لأجل تنقيح هذا المطلب وهو قولبة الموضوعات كيف تكون هل بنحو التركيب أي جزء وجزء أو بنحو النعتية وهو الوصف والموصوف والشرط والمشروط وماهو الضابطة في كل منهما ثبوتا واثباتا
وان مبحث تنقيح قولبة الموضوعات له آثار ثبوتية لاربط له بالشك ولا بالاصول العملية وله أيضا آثار إثباتية، ونموذج من آثاره الثبوتية
وقد شحن الشيخ جعفر كاشف الغطاء كتاب صلاة المسافر بالاحتياطات وكذا صاحب الجواهر وذلك لأن صلاة المسافر فيها تعقيدات عجيبة يصعب حلحلتها وقد قال السيد هادي الميلاني في خصوص صلاة المسافر هناك خمس مسائل لايمكن حلها وان حلحلة هذا المبحث في هذا المطلب وهو كيفية قولبة الموضوع
وهذا المبحث هو الذي يحل هذه العقد فلابد من معرفة موارد قولبة الموضوع تركيبيا جزء جزء ومعرفة موارد قولبة الموضوع نعتيا وصف وموصوف وهذا مهم جدا وهو من الصناعة الفقهية البحته، وان  جُل المباحث الثبوتية للباس المشكوك هو صناعة فقهية وليس صناعة اصولية
وهذه القولبة للموضوع التركيبي أو النعتي مهم جدا فلا نظن ان الموضوعات التي تؤخذ في الأحكام تتألف فقط من شيئين فالورطة التي وقع فيها الأعاظم في صلاة المسافر هو ان صلاة المسافر موضوعها ثمانية عناصر مثل قصد المسافة وأصل المسافة وقدر المسافر وان لاتمر على قاطع ولاتكون كثير السفر وان لاتكون نية معصية وغير ذلك، وفيها عقد صعبة أكثر الأعلام احتاطوا فيها ويصعب حلحلتها ولكن ببركات نفس الأعلام استطعنا ان نحلها جميعا وهذا من بركات هذه البحوث من البحث النعتي والتركيبي
وقد اضافت مدرسة النائيني حرفية استنباطية اخرى وهي لابد من قولبة الموضوع تركيبية أو نعتية ومعرفة تعداد العناصر في الموضوع وهذه الدقة مهمة ولطيفة ومن بركات هذه التحقيقات للنائيني يمكن حل الكثير من البحوث منها المشاكل الاُسرية والبحوث في الفقه السياسي وباب الحيض وبحوث اخرى من هذا القبيل فهذا مبحث مفيد
وثمرة هذا المبحث في المقام هكذا فلابد من ان نرى لسان الروايات هل هو نعتي أو تركيبي والثمرة لو كان الموضوع تركيبي فيمكن ان نحرز جزء بالوجدان وجزء اخر بالتعبد فاذا كان الحجر جنب الانسان فلاحاجة لإحراز النعتية لذا بُني على ان موضوع إدراك الركعة قالبه تركيبي أما إذا بنينا على ان موضوع إدراك الركعة موضوعه نعتي وليس تركيبي فياتي وصف وموصوف
السيد الخوئي والسيد اليزدي وجملة من الاعلام قالوا ان اللسان في الروايات ليس ان المأموم ركع والامام راكع فلم يجعلوا هذا الموضوع تركيبي بل أخذوا بمقطع متكرر في كل الروايات وهو اذا ركع المأموم قبل ان يرفع الامام رأسه وان (قبل) هي ظرف زماني وان الظرف في علم النحو هو من التوابع الخمسة وان المتبوع يعمل في التابع، وفي علم البلاغة التوابع هي عقلا بمنزلة الأوصاف في علم المعاني، وهناك اختلاف بين الاعلام في الآليات اللفظية على التركيب أو على النعتية بسبب الاختلاف في علم المعاني وبسبب نكات نحوية فبعض الأعلام يجعل الظرف (ركع المأموم قبل) فمن جهة نحوية ظرف ومن جهة بلاغية وصف فهنا اختلاف بين الأعلام
فمن جعل الظرف ليس وصف ومعه فيكون عنده تركيبي في المقام فيحرز احدهما بالوجدان والآخر بالأصل وأما من جعله وصف فهنا لايحرزه بأن يجعله نعتي وهذا ليس له حالة سابقة فلابد من الربط ولكن الربط حادث لاحالة سابقة له والأصل عدمه