بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/04/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: يجوز العدول من الائتمام إلى الانفراد
مسألة 16: يجوز العدول من الائتمام إلى الانفراد ولو اختيارا في جميع أحوال الصلاة على الأقوى، وإن كان ذلك من نيته في أول الصلاة لكن الأحوط عدم العدول إلاّ لضرورة ولو دنيوية خصوصا في الصورة الثانية [1]فان لم يكن من نيته من اول الصلاة انه سوف ينفرد فالحكم بالجواز واضح في حين اذا كان من اول الصلاة نيته الانفراد ففيه شيء من الاشكالية
وقد فصل السيد الخوئي وجملة من تلاميذه بأن الماموم اذا كانت من الأول نيته انه سينفرد فان جماعته باطلة بل وحتى صلاته الفرادى باطلة أما اذا طرأ عليه العدول في الأثناء فهو جائز، لكن المشهور لم يفصلوا حيث قالوا بعدم الفرق سواء كان نيته من أول الصلاة على الانفراد أو كان ذلك من نيته في الأثناء
وإن كان ذلك من نيته في أول الصلاة لكن الأحوط عدم العدول إلاّ لضرورة ولو دنيوية خصوصا في الصورة الثانية فالأحوط عند السيد الماتن عدم العدول ويسوغ العدول مع الضرورة خصوصا في الصورة الثانية وهو ان يكون من الاول نيته العدول
والوجه في التفصيل في هذا الفرع بل الكثير من فروع الجماعة هو مابنى عليه متأخري الأعصار من عدم وجود عموم لمشروعية الجماعة، ولايتبنى هذا التقرير عدم وجود عموم لمشروعية الجماعة مطلقا بل يتبنون عد وجود عموم لمشروعية الجماعة في حيثيات متعددة
فقد مر بنا ان الاطلاق او العموم قد يكون تشخيصه وتعينه الأولي سهل لكن هذا ليس تمام حقيقة العموم بل هذا جزء من العموم فان العموم يحتاج الى ثلاثة أو أربعة جزاء منها الحيثية التي سيقت اليها بلحاظ العموم
فهنا عندما يقول متأخري الأعصار من ان عمومات الجماعة غير متوفرة لمشروعية الجماعة ليس مقصودهم ان هذا العموم غير موجود أصلا كيف وقد مرّ التمسك بعموم مشروعية الجماعة لجميع انواع الفرائض بالعموم فمقصودهم هو ان العموم متوفير في جملة من الحيثيات أما في كثير من الحيثيات فالعموم في مشروعية الجماعة غير موجود
فإن الدليل الذي يتمسك به السيد الخوئي في عدم مشروعية الجماعة فما لو كانت نيته الإنفراد من الأول هو عدم توفر العموم لهكذا صلاة جماعة، فلا يسوغ نية الإنفراد من أول صلاة الجماعة فلو قصد الإئتمام ببعض الصلاة ثم يفارقه فصلاته غير صحيحة
أما لو حصل طارئ في أثناء صلاة الجماعة دعته الى ان ينوي الإنفراد فقال السيد الخوئي بصحة صلاته الجماعة وكذا صحة صلاته الإنفرادية وقد استدل لذلك بما كان لاجل القراءة فمن الأول بنى السيد الخوئي ان تركها لايوجب الخلل في الصلاة وأيضا استدل بالبراءة عن المانعية في الأقل والأكثر
لكن هذا الاستدلال غايته صحة الصلاة فرادى وليس لاثبات الجماعة لامن جهة ان البرائة لاتجري ولو بالتبع بل من جهة انه كيف يقرر السيد الخوئي وجود العموم في البين هنا فتارة يقول لعدم الخصوصية لموارد الاضطرار لحاجة أولغير حاجة فهو تام وتارة لايريد ان يعتمد علىعدم الخصوصية بل يريد الاعتماد على البرائة ولاتعاد وان البرائة ولاتعاد غاية ماتفيد أو تثبت فانها تثبت صحة الصلاة فرادى ثم ان المأموم اذا عدل في الأثناء فلا تأتي في حقه لاتعاد لأنه حاليا في الأثناء
فالظاهر ان السيد الخوئي يريد ان يقول ان التعدي من الموارد المنصوصة وهذا تام وصحيح وان الصحيح لدينا ان مشروعية عموم الجماعة من هذه الحيثية موجودة وهي صحيحة زرارة التي مرّت في أول باب صلاة الجماعة فهي بلحاظ انواع الفرائض وليست بلحاظ شرائط ماهية هيئة الجماعة
وان الدليل هو ما اشرنا اليه سابقا من ان موارد عديدة وردت لدينا دلّت على ان هيئة الجماعة في الأبعاض مجعولة ومن مواردها صحيحة جميل وهي ان الجماعة الصورية تتبدل الى جماعة حقيقية فهذه الموارد حيث ذكرنا سابقا انه أهم محصل فيها انها دالّة على ان أبعاض الصلاة يمكن فيها جماعة بمعنى ان الجماعة مشروعة في أبعاض الصلاة وقد مر انها موارد ستة دالة على ان الجماعة مشروعة في أبعاض الصلاة ومعه فلا يكون تكلف الدعوى ان مادلّ على فضيلة الجماعة شامل للأبعاض وشامل للجماعة
ومعاضد ذلك بلسان ثالث وهو ماورد من التأكيد على عضمة فضيلة الجماعة حتى للسجدة الأخيرة فمن شهد السجدة الأخيرة في الصلاة بل من أدرك التشهد الأخير في الجماعة فيستحب له ان يكبر ويتابع لدرك صلاة الجماعة، فالصحيح ماعليه المشهور من ان نية الإنفراد من الأول لاضير فيها للعموم وهو لسان رابع على الموارد الخاصة للانفراد
اما الروايات الخاصة في العموم: صحيحة علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطول الامام بالتشهد فيأخذ الرجل البول أو يتخوف على شئ يفوت، أو يعرض له وجع كيف يصنع؟ قال: يتشهد هو وينصرف ويدع الامام [2]
ومن باب الفائدة: ان اطالة التشهد مستحب ومروي وان التشهد الأخير استحباب الاطالة فيه آكد من التشهد الأول           





[1]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 127، جامعة المدرسين.
[2]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ب 64، ح 2، أبواب صلاة الجماعة، ج 8،ص 413، آل البيت.