بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/04/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: إذا صلى اثنان وبعد الفراغ علم أن نية كل منهما الإمامة للآخر
كنا في هذه المسألة التي ذكرها السيد اليزدي في تفسير القصد التقييدي في قبال الداعي وان السيد اليزدي بنى على ان العنوان التقييدي وان لم يكن دخيلا الاّ انه يتحكم في الإرادة والقصد فهو لايؤثر في المقصود والمنوي مباشرة ولايؤثر في دواعي القصد لكنه يؤثر في نفس الإرادة والاختيار، وقد تقدم ان عملية القصد تنقسم الى ثلاثة اقسام وهي المنوي والدواعي والقصد بالمعنى المصدري ومرّ بنا ان القصد بالمعاني الثلاثة كل له درجات فالمقصود مطوي في مقاصد والداعي قد يكون مترامي الى دواعي والإرادة قد تكون إجمالية او إرادات تفصيلية متعددة
فالسيد اليزدي في مورد النية والداعي بمعنى التقييد مصر على ان التضييق يخل بقصدية الفعل في كل الأبواب
وفي قباله قول بعدم الإخلال وذلك لأن الماهية المقصودة عندما تكون متباينة أو مترامية فبالتالي ليست وحدة واحدة فان النظام التكويني في جانب الفاعل والعلل و النظام التكويني في المعلولات ثم ان الحدث واسطة بين الفاعل والمفعول به فهذا النظام التكويني ليس متربط برغبة الانسان أو عدم الرغبة بل هو نظام تكويني لابد من جريان كل الأفعال عليه ولهذا فلا نستجيب لدعوى السيد اليزدي من هذه الجهة
مسألة 13: إذا صلى اثنان وبعد الفراغ علم أن نية كل منهما الإمامة للآخر صحت صلاتهما، أما لو علم أن نية كل منهما الائتمام بالآخر استأنف كل منهما الصلاة إذا كانت مخالفة لصلاة المنفرد، ولو شكا فيما أضمراه فالأحوط الاستئناف، وإن كان الأقوى الصحة إذا كان الشك بعد الفراغ أو قبله مع نية الانفراد بعد الشك[1]فتصح الصلاة فرادى لكل منهما لأن كل منهما نوى ان يأتم به الآخر، ويوجد نص في ذلك
موثق السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه قال: قال أمير المؤمنين (عليه الاسلام) في رجلين اختلفا فقال أحدهما: كنت إمامك، وقال الآخر: أنا كنت إمامك فقال: صلاتهما تامة
قلت: فان قال كل واحد منهما: كنت أئتم بك قال: صلاتهما فاسدة وليستأنفا [2]وقد عمل المشهور بهذا الخبر على الاطلاق
أما لو عُلم ان كل منهما نوى الائتمام بالآخر فيستأنف كل منهما صلاته بمعنى ان الفرادى أيضا باطلة اذا كانت مخالفة لصلاة المنفرد عند السيد اليزدي وعند المشهور شهرة عظيمة
ولو شكا فيما أضمراه فالأحوط الاستئناف، وإن كان الأقوى الصحة إذا كان الشك بعد الفراغ أو قبله مع نية الانفراد بعد الشك[3] وان كان الشك بعد الفراغ أو قبله مع نيّة الإنفراد بعد الشك فالأقوى الصحة وان كان الأحوط الاستئناف
بالنسبة لموثقة السكوني التي عمل بها المشهور على الإطلاقه، وقد روى الشيخ الصدوق هذا الخبر في كتابه الفقيه مرسلا وقد أفتى به في المقنع ناقلا له عن رسالة والده علي بن بابويه من انه إذا نوى كل منهما ان يأتم بالآخر فالصلاة باطلة حتى لو لم يكن خلل الاّ في القراءة
وروى الشيخ الطوسي هذا الخبر في التهذيب عن كتاب الكافي وقال الشيخ الطوسي في توجيه هذا الحديث وان ذكر كل واحد منهما انه كان مأموما بطلت صلاتهما لأن كل واحد منهما قد وكل الى صاحبه القيام بشرائط الصلاة فلم تصح لهما صلاة
ولكن المراد من قول الشيخ ان كل منهما قد (وكل الى صاحبه القيام بشرائط الصلاة) بمعنى ان كل منهما لم يحرز صلاته حيث وكلها الى الآخر، وبهذا التوجيه لايريد ان يقول الشيخ الطوسي ان ائتمام كل منهما بالآخر مع بطلان الجماعة يستلزم بطلان الصلاة فرادى بل هنا بطلت الفرادى لأن كل منهما لم يحرز ولم يضبط صلاة الفرادى وليس هو البطلان المطلق كما افتى به السيد الخوئي وجماعة
صاحب الجواهر أراد هنا توجيه كلام المشهور لبطلان الفرادى توجيها صناعيا فقال اذا قلنا ان ائتمام الأول بالثاني لاينعقد لأن الثاني يأتم بالأول فلم تنعقد الجماعة ومعه فصلاة كل منهما فرادى ومعه فيصح الائتمام بالفرد فإذا صح ائتمام كل منهما بالآخر فيعود الإشكال
وغاية تصوير صاحب الجواهر هنا تمانع الجماعة فانه يلزم من عدمه وجوده ولكن هذا لبطلان الجماعة وليس لبطلان نفس الفرادى
وقد يشكل على مفاد ذيل الرواية انه موافق للعامة باعتبار ان أكثر العامة قالوا بأن نيّة الإمامة من نفس الإمام شرط في صحة الجماعة ومعه فتكون الصلاة باطلة على القاعدة، وقالوا ببطلان الفرادى مع بطلان الجماعة لأن لديهم مبنى مفاده ان أئمة الجماعة ضمناء للصلاة ويضمنون الصلاة عن المأموم، وقد ذهب بعض العامة الى صحة الصلاة مع إحراز كل منهما صلاة الفرادى










[1]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 124، جامعة المدرسين.
[2]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ب 29، ح 1، ابواب الصلاة، ج 8،ص 352، آل البيت.
[3]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 125، جامعة المدرسين.