بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/03/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان أنه غيره
مسألة 12: إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان أنه عمرو فإن لم يكن عمرو عادلا بطلت جماعته وصلاته أيضا إذا ترك القراءة أو أتى بما يخالف صلاة المنفرد، وإلاّ صحت على الأقوى [1]وإن التفت في الأثناء ولم يقع منه ما ينافي صلاة المنفرد أتم منفردا وإن كان عمرو أيضا عادلا ففي المسألة صورتان:
إحداهما: أن يكون قصده الاقتداء بزيد وتخيل أن الحاضر هو زيد، وفي هذه الصورة تبطل جماعته وصلاته أيضا إن خالفت صلاة المنفرد
الثانية: أن يكون قصده الاقتداء بهذا الحاضر، ولكن تخيّل أنه زيد فبان أنه عمرو، وفي هذه الصورة الأقوى صحة جماعته وصلاته، فالمناط ما قصده لا ما تخيّله من باب الاشتباه في التطبيق[2]
كان الكلام فيما اذا نوى المأموم امام جماعة بالخطأ ثم ظهر له ان امام الجماعة شخص آخر غير عادل أو غير فصيح في القراءة فبالتالي تحقق الخلل في بعض شروط امام الجماعة فهل تبطل جماعته وأصل طبيعة الصلاة أم لا؟ وكما مرّ بنا فالبحث هنا في مقامين، المقام الأول: صحة الجماعة وعدمهما، والمقام الثاني: تصحيح أصل طبيعة الصلاة
بالنسبة لتحرير كلا المقامين نحتاج الى مقدمات ومر بنا البدأ بالمقام الثاني قبل الأول، فمرّ بنا  ان الصحيح هو ان الصلاة الفرادى ليست من قبيل الماهية الصنفيّة المباينة لصلاة الجماعة فان صلاة الفرادى عبارة عن أصل طبيعة الصلاة المجردة مما ينبّه على ان صلاة الفرادى ليست ذات قالب وعنوان خاص بل هي أصل طبيعة الصلاة، نذكر هنا بعض الروايات المتعرضة الى الفرق بين هيئة صلاة الجماعة والفرادى ليظهر ان الفرادى ليست ماهيّة مباينة لصلاة الجماعة بل هو من قبيل ان صلاة الجماعة ذات هيئة وخصوصية خاصة أما الفرادى فهي الطبيعة لابشرط:
صحيحة زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن رجل صلى بقوم ركعتين ثم أخبرهم أنه ليس على وضوء، قال: يتم القوم صلاتهم، فإنه ليس على الامام ضمان [3]فهذه الرواية تنفعنا في المقام الأول وفي المقام الثاني حيث علل (عليه السلام) صحة صلاة المأمومين بأنها صلاة فرادى وزيادة فصلاة الامام غير ضامنة لأفعال المأمومين والظاهر ان هذا في قبال العامة حيث ذهبوا الى ان الامام ضامن لافعال المأمومين بمعنى ان ضبط الصلاة والحيطة على أفعالها للامام
موثق سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سأله، رجل عن القراءة خلف الإمام، فقال: لا، إن الامام ضامن للقراءة، وليس يضمن الامام صلاة الذين خلفه، إنما يضمن القراءة [4] وهذه الرواية صريحة فأصل طبيعة الصلاة يأتي بها المأموم عن نفسه، فصلاة الفرادى منطوية وموجودة في الجماعة غاية الأمر بعد انظماميّة الجماعة لا تعود طبيعة الصلاة فرادى بل منظمة
صحيحة زرارة قال: سألت أحدهما (عليهما السلام) عن الامام يضمن صلاة القوم؟ قال: لا[5]أي ان الامام ليس بضامن
فنلاحظ في هذه الروايات وغيرها ان صلاة الامام في الجماعة لاتبدل ماهية صلاة المأموم منفردة ولاينوب عنه في شيء من ذلك لاسيما الصحيحة الاولى التي قرأناها غاية الأمر الامام ينوب في القراءة فقط
ومبحث آخر مرتبط بهذا المطلب وهو ان الكثير من الأعلام ومنهم العلامة الحلي في التذكرة قالوا بأن امام الجماعة لا يشترط فيه ان ينوي الجماعة بل يكفي فيه ان ينوي فرادى
ولكننا لانُسلّم بهذا المبنى فإن الامام أيضا يقوم بهيئة الجماعة من جهته غاية الأمر مايقوم به الامام من جهته يختلف مع مايقوم به المأموم من جهته فإن صلاة الإمام بنحو الاعداد لأن يؤتم به هو بنفسه جماعة
فإن صلاة الجماعة في الامام أو في المأموم أصل طبيعة الفرادى فها مقرر غاية الأمر فيها زيادة فإن تمت الزيادة فبها والاّ فان صلاة الفرادى موجودة ومقررة وليس ان طبيعة صلاة الفرادى هوية مباينة لصلاة الجماعة، وان صلاة الجماعة ليست بالدقة في قبال الفرادى بل ان صلاة الجماعة هي صنف أو فرد أعلى من صلاة الفرادى




[1]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 122، جامعة المدرسين.
[2]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 124، جامعة المدرسين.
[3]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ب 37، ح 2، أبواب صلاة الجماعة، ج 8،ص 371، آل البيت.
[4]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ب 30، ح 3، أبواب صلاة الجماعة، ج 8،ص 354، آل البيت.
[5]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ب 30، ح 4، أبواب صلاة الجماعة، ج 8،ص 354، آل البيت.