بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/03/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: لو شك في أنه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم
مسألة 11: لو شك في أنه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم، وأتم منفردا، وإن علم أنه قام بنية الدخول في الجماعة، نعم لو ظهر عليه أحوال الائتمام كالإنصات ونحوه فالأقوى عدم الالتفات ولحوق أحكام الجماعة، وإن كان الأحوط الإتمام منفردا، وأما إذا كان ناويا للجماعة ورأي نفسه مقتديا وشك في أنه من أول الصلاة نوى الانفراد أو الجماعة فالأمر أسهل[1]
كنا في المسألة الحادية العشر وهي لو شك في انه نوى الائتمام أم  لا؟ بنى على العدم وأتم منفردا اذا كان شاكا وليس لديه قاعدة الاحراز، وصورة ثانية وهي اذا علم حين قيامه بأنه  قد نوى الجماعة فمرّ ان قلنا ان الصحيح هو البناء على عموم قاعدة الصلاة على ما افتتحت عليه فعموم هذه القاعدة لموارد النية قبل تكبيرة الاحرام، وأما الصورة الأخيرة في المتن وهي اذا راى نفسه ناوياً وشك ان هذه النية كانت من قبل أو انها حصلت في الأثناء وقلنا ان الصحيح جريان قاعدة التجاوز
وهذا يدل على ان أصل الصلاة لابد من استمرارها حيث لايكفي في عبادية العبادية ان لاتبقى النية بقاء بل لابد من استمرارها، فان نية أصل طبيعة الصلاة وعبادية الصلاة وقربية الصلاة هي نية مستمرة من أول الصلاة الى آخرها أما بالنسبة لظهرية الصلاة وعصرية الصلاة وأداء الصلاة وقضاء الصلاة فهذه ليست ركن حدوثا واستمرارا بل هي ركن حدوثا
ففرق بين نيّة أصل قربية وطبيعة الصلاة فانها ركن حدوثا واستمرارا وأما نية نوع وصنف الصلاة فتلك ليست ركن استمرارا إنما هي ركن حدوثا ومعه فمن الواضح ان نيّة الصنف لها محل يتجاوز عنه المصلي لأن ماهو الشرط هو وجوده الحدوثي لا الاستمراري فيمكن ان تجري فيه قاعدة التجاوز
واما الصور المتوسطة في المسألة نعم لو ظهر عليه أحوال الائتمام كالإنصات ونحوه فالأقوى عدم الالتفات ولحوق أحكام الجماعة، وإن كان الأحوط الإتمام منفردا فان السيد اليزدي اعتد بظاهر الحال
وان ظاهر الحال تبعا للمشهور خلافا لترديد الشيخ الأنصاري في الاصول فإن ظاهر الحال هو امارة موضوعية لاسيما عندما توجب الوثوق النوعي عند العقلاء فيعتد بها كامارة نوعية ولابد من ضبط القرائن الحالية فاجمالا يعمل بظاهر الحال الاّ اذا دلّ الدليل بأن الشارع قد نصب في باب فقهي معين امارة خاصة موضوعية فعندها لايعمل بظاهر الحال
فهنا كذلك فان ظاهر الحال اذا أوجب الاطمينان أو الوثوق فان ظاهر الحال هو بالدقة تعاطي عملي مع الجماعة فقصد الجماعة هو ليس شيء وراء قصد آليات الجماعة، وقلنا سابقا ان قوام هيئة الجماعة بالمتابعة وقصد الائتمام بقراءة إمام الجماعة فإن الصحيح في المعاملات والايقاعات هو ان قصد الواقع المعنون الماهوي يكفي فان المدار في القصد على واقع هيئة وماهية المقصود لا على العنوان الذي تلبسه للمعنى، فالمدار في المعاملات والايقاعات ليس على العناوين بل على ماهية وهوية المقصود
ونقطة اخرى ذكره الأعلام في باب المعاملات والايقاعات حتى في باب احياء الموات من ان اللازم هو ماهية المعنون فلو حاز شخص معدن معيّن فهنا تكفي نيّة الحيازة دون نية الملك مع انه لم يلتفت ولم يقصد الملك عنوانا لأنهم قالوا ان الحيازة اما هي معلم أو قل لازم بيّن أو قل لازم أخص للملكية أو معلم بارز للملكية أو سبب للملكية فلا يشترط في قصد الشيء لاعنوانا ولا معنونا بل يكفي قصد اللازم البيّن له والسبب الموجد له الاّ النكاح والطلاق فلابد فيهما من اللفظ وهذا تعبد خاص من الشارع
ومن التطبيق للضوابط نأتي بهذا المثال فلو كان شخص يصلي سنين ولايأتي بتكبيرة الاحرام فقالوا بالبطلان ولكن لدينا تخريج للصحة من باب ان هذا الشخص عندما يأتي بتكبيرة الأذان يقول (الله اكبر) ففي الحقيقة نواها تكبيرة الأذان ولكنه بارتكازه جاء به باعتبار ما اُمر به من الصلاة فان الهيئة اجمالا يقصد بها عنوان مشير الى واقع ما قد اُمر به
حينئذ فنقول ان ظاهر الحال فيما نحن فيه عملا يتعاطى مع الجماعة ومع واقع الجماعة فهذا هو نوع من قصد الجماعة، وهذه المسألة تعتمد على قواعد نستثمرها في بحوث عديدة في مباحث النية في العبادات او المعاملات أو الايقاعات


[1]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 121، جامعة المدرسين.