بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/03/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: لايشترط في انعقاد الجماعة في غير الجمعة والعيدين نية الإمام الجماعة
مسألة 9: لا يشترط في انعقاد الجماعة في غير الجمعة والعيدين نية الإمام الجماعة والإمامة، فلو لم ينوها مع اقتداء غيره به تحققت الجماعة، سواء كان الإمام ملتفتا لاقتداء الغير به أم لا، نعم حصول الثواب في حقه موقوف على نية الإمامة وأما المأموم فلا بد له من نية الائتمام، فلو لم ينوه لم تتحقق الجماعة في حقه . وإن تابعه في الأقوال والأفعال، وحينئذ فإن أتى بجميع ما يجب على المنفرد صحت صلاته، وإلاّفلا، وكذا يجب وحدة الإمام، فلو نوى الاقتداء باثنين ولو كانا متقارنين في الأقوال والأفعال لم تصح جماعة، وتصح فرادى إن أتى بما يجب على المنفرد ولم يقصد التشريع، ويجب عليه تعيين الإمام بالاسم أو الوصف أو الإشارة الذهنية أو الخارجية، فيكفي التعيين الاجمالي كنية الاقتداء بهذا الحاضر، أو بمن يجهر في صلاته مثلا من الأئمة الموجودين أو نحو ذلك، ولو نوى الاقتداء بأحد هذين أو أحد هذه الجماعة لم تصح جماعة، وإن كان من قصده تعيين أحدهما بعد ذلك في الأثناء أو بعد الفراغ[1]فلا يشترط في انعقاد الجماعة نيّة امام الجماعة في غير الجمعة والعيدين وقال بهذا الماتن ومتأخري العصر، نعم لو نوى الامام الجماعة فعندها يحصل على ثواب الجماعة واما المأموم فلابد له من نية الجماعة والاّ فلا تتحق الجماعة بالنسبة للمأموم من دون نية الجماعة فان مجرد متابعة المأموم للامام ليس هو ائتمام
فحسب كلام الماتن ومتأخري العصر ان الجماعة لاتتوقف على نية امام الجماعة عدا جماعة الجمعة وجماعة العيدين وجماعة الاستسقاء ويتوقف ثواب الامام على نيته لصلاة الجماعة
ثم ان الجماعة هل هو عنوان توصلي بالنسبة لامام الجماعة ويكون عبادة اذا قصده بينما الجماعة للمأموم لامحالة من كونها قصد عبادي، والاحتملات هنا عديدة فتارة نريد ان نقول ان الجماعة قصد توصلي أو هي عبادة وتارة عنوان الجماعة عنوان قصدي أو عنوان غير قصدي
وان أحد معاني التوصلي الذي ذكره الأعلام في علم الاصول هو الفعل الاختياري في قبال الفعل القهري فتطهير البدن أو الاجسام من النجاسة الخبثية فعل أعم من كونه اختياري أو غير اختياري وان كان قهريا
وقد يحتمل في معنى العبارة ان الجماعة ليست عنوان وجودي من طرف امام الجماعة كدية العمد فهنا لاتترتب على عدم الاختياري
فالفعل قد يكون قربي قصدي اختياري وتارة يكون الفعل غير قربي قصدي اختياري وتارة الفعل غير قربي وغير قصدي لكنه اختياري وتارة رابعة الفعل لايحتاج ان يكون قربي أو غير قربي أو قصدي أوغير اختياري بل قهرا لو تحقق الشيء قهرا عليه فيتحقق الفعل قهرا عليه كالتطهر أو التنجس، وهذا التقسيم يواجهنا في أبواب كثيرة، وقسم آخر وهو ان نقول ان الجماعة أمر عدمي فلا وجود قربي ولاقصدي ولا اختياري بل هو شيء عدمي ينتزع من منشأ
والظاهر ان المصنف أراد بان الجماعة من قبل الامام هي ليست قصدي ولا اختياري بل هي أمر قهري لأن المصنف قال سواء كان الامام ملتفتا أو كان غير ملتفت فان الجماعة تتحق فإذا أراد الثواب يجب ان ينوي الجماعة
ولكن هذا الكلام فيه استغراب وهو منبه للخلل إجمالا وليس للنقض ووجه الاستغراب في هذا المطلب من انه كيف تكون هيئة صلاة الجماعة في الصلاة اليومية غير هيئة الجمعة والعيدين والاستسقاء، وأيضا اذا كانت هيئة الجماعة من قبل امام الجماعة ليست اختيارية او ليست شيء وجودي فان قصد هذا الفعل يكون بأي معنى لتحقق الثواب؟ وهذان الاسغرابان ينبهان على ان هذا المطلب تمحيصه غير ماذهب اليه متأخري الأعصار
بل الصحيح ان هيئة الجماعة هي فعل متضايف من الامام والمأموم و ليس هو فعل من طرف واحد فقط بل هو فعل من طرفين غاية الأمر ان فعل الجماعة من قبل المأموم تختلف حيثيته مع فعل الجماعة من طرف الامام، فلو شعر امام الجماعة ان شخصا التحق خلفه فتكون هذه الجماعة اختيارية للانسان وتكون معه قصدية
وبعبارة اخرى إذا أراد امام الجماعة ان يرتب آثار الجماعة فلابد ان يكون قاصدا وملتفتا وليس فقط الثواب وهذا ليس مثل رجوع الامام في الشك الى المأموم ولارجوع المأموم في الشك في الركعات الى الامام متوقف على صحة الجماعة لأنه سيأتي في خلل الصلاة انشاء الله ان مطلق الظن في الركعات بل حتى غير الركعات يعوّل على أي منشأ كان فالعمل يكون بادنى الظن وان الطريق ليس محصورا بالظن القوي وليس محصورا بالاطمينان فهو في الطواف كذلك وفي السعي كذلك وفي الشك في عدد ركعات الصلاة كذلك بل يكون العمل في كل هذه الموارد بأدنى الظن


[1]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 119، جامعة المدرسين.