بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/02/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: وجوب صلاة الجماعة إذا كان ترك الوسواس موقوفا عليها
كنّا في المسألة الاولى من موارد وجوب صلاة الجماعة ووصلنا الى بحث الوسواس حيث قال السيد المصنف والظاهر وجوبها أيضا إذا كان ترك الوسواس موقوفا عليها [1]فهل عمل الوسواس حرام تكليفا ووضعا أو ان عمل الوسواس ليس بحرام لاتكليفا ولاوضعا، وقد مرّت بنا الرواية الاولى وهي صحيحة عبد الله بن سنان
صحيح عبد الله بن سنان، قال: ذكرت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجلا مبتلى بالوضوء والصلاة، وقلت: هو رجل عاقل، فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): وأي عقل له وهو يطيع الشيطان ؟ فقلت له: وكيف يطيع الشيطان ؟ فقال: سله، هذا الذي يأتيه من أي شئ هو؟ فإنه يقول لك: من عمل الشيطان[2]هنا توجيه السيد الخوئي بأن العمل خلاف العقل لايدل على الحرمة نعم هو خلاف الإرشاد وخلاف الحكمة اما الحرام فهو العمل خلاف الشرع، فليس كل طاعة الشيطان في المعاصي ومعه فلاتدل هذه الرواية لاعلى الحرمة التكليفية ولا الوضعية
صحيحة زرارة وأبي بصير جميعا قالا: قلنا له : الرجل يشك كثيرا في صلاته حتى لا يدري كم صلى ولا ما بقي عليه، قال: يعيد قلنا : فإنه يكثر عليه ذلك كلما أعاد شك؟ قال: يمضي في شكه، ثم قال: لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه، فان الشيطان خبيث معتاد لما عود فليمض أحدكم في الوهم ولا يكثرن نقض الصلاة، فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد إليه الشك قال: زرارة: ثم قال: إنما يريد الخبيث أن يطاع، فإذا عصي لم يعد إلى أحدكم[3] ان الشيطان غير مرئي ويتكلم مع الانسان أخفى من الهمس مما يتصور الانسان انها من أفكار قواه النفسية مع ان هذا من تكلم الشيطان، هنا ايضا يشكل السيد الخوئي على هذه الرواية بانه ارشاد وليس فيها دلالة على الحرمة
لكن الحق هو ان الرواية كما قال السيد الخوئي تشير الى الارشاد الذي هو أعم من الحرمة وغير الحرمة ولكن هناك وجه تقريب في هاتين الروايتين والروايات الاخرى التي في هذه الصدد أيضا لوجه الحرمة التكليفية، وذلك:
في الرواية سيما الرواية الثانية فان الشيطان خبيث معتاد لما عود فليمض أحدكم في الوهم ولا يكثرن نقض الصلاة، فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد إليه الشك قال: زرارة: ثم قال: إنما يريد الخبيث أن يطاع، فإذا عصي لم يعد إلى أحدكم فإن ما اُشير اليه في روايات الرياء من ان الأعمال العبادية لابد ان يكون إنبعاث العمل فيها الى جهة الله محضا وخالصة له، أما اذا إمتزج العمل والتبس واشترك مع باعث لايؤدي خالصا الى الله تعالى فان الله لايقبل العمل ويتركه لغيره تعالى، لذا ورد ان ابليس سجد سجدة أربعة الأف من سنين السماوات وليس من سنين الأرض فكانت هذه السجدة تمادي في عصيان الله كما تذكره الروايات من ان عبادات المخالفين بميزان الفجور بل أفجر من الفجور
فالوسواسي اذا استفحلت عنده متابعة الشيطان فان صدور افعاله تكون متحكمه من قبل الشيطان وممتزجة بإيعاز الشيطان فلا ينبعث إلاّ بباعثية الشيطان ومعه فلاتكون اعماله صحيحة، لذا ينسب اتفاق المشهور على الحرمة التكليفية لعمل الوسواس
فالصحيح كما ذهب اليه المشهور أو الأشهر هو حرمة عمل الوسواس العبادي وبطلان عمله وان عبادت الوسواسي كالرياء فالعبادة اذا انبعثت من الوسوسة المدمنة بحيث صارت اعتياد وعادة للانسان فتكون هذه العبادة بيئة لطاعة الشيطان بدلا من ان تكون بيئة لطاعة الرحمن فتكون هذه العبادة فجور بدلا من ان تكون عبادة فالروايات تصب في الدلالة على الحرمة بحيث تصير العبادة تمحض لشيطنة الشيطان      



[1]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 114، جامعة المدرسين.
[2]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، أبواب مقدمات العبادات، ب 10، ح 1، ج 1،ص 63، ال البيت.
[3]   وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ب 16، ح 2، ج 8،ص 228، آل البيت.