بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

35/12/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:يجوز للولي أن يستأجر ما عليه من القضاء عن الميت
كان الكلام في المسألة العاشرة وخلاصتها ان الوجوب في الأصالة على المنوب عنه وهو الميت فقيامه بالوصية والتسبيب واجب عيني عليه وهو مقدم على الولي والولد الأكبر، هذا من جانب ومن جانب آخر ان الوجوب على الولي والولد الأكبر بعد موت الميت لايسقط وان كان طوليا فلايسقط بمجرد الوصية، ونقطة ثالثة وهي لوبنينا على الوجوب العرضي فلا يصح ان نظن ان هذه الأقسام من الوجوب العيني والكفائي والتخييري حصرية بل ان أقسام الوجوب قابلة للتنوع في أبواب الفقه الى ماشاء الله ومن الخطأ ان نحمل قناعات معينة في لاستظهار ونحمل الظهور عليه سواء في باب الأحكام التكليفية أو باب الأحكام الوضعية
قفالوا في الفرق بين الوجوب الكفائي والعيني هو انه في الوجوب الكفائي المبادرة تحرك الوجوب في الكل وان كانوا يقولون الأقرب فالأقرب أشد تحريكا وإذا امتثل البعض سقط عن الآخر بينما الوجوب العيين يحرك الكل ويريد الإمتثال من الكل، وليكن هناك قسم ثالث ليس هو كفائي وليس هو عيني بل هو توليف بين القسمين
فالأمر الذي نريد ان نصر عليه هو ان استظهار شاكلة وقالب معين من الوجوب التكليفي هو أول الكلام فمن قال بأنه لابد من وجود شواكل واقسام معهودة ومعروفة عندنا بل يمكن ان تكون صياغات متعددة للحكم التكليفي حسب مايراه الشارع وبآثار متنوعة، فلابد من مراعاة القالب والآثار في الأدلة الخاصة في هذا الباب لهذا الحق في هذا المجال
ففي باب الحكم الوضعي وباب الحكم التكليفي حصر الأنواع في الأنواع المعهودة هو أول الكلام فكثير من الموارد التي يدعى فيها التعارض سواء في الحكم الوضعي في الروايات أو الحكم التكليفي سببه هو مايدعى من عدم الانسجام فتكون نتيجة الأمر التعارض مع انه أول الكلام
مسألة 11: يجوز للولي أن يستأجر ما عليه من القضاء عن الميت[1]وعلى قول غير المشهور فهذا هو اللازم والمتعين بمعنى ان اللازم عليه ان يستأجر ويجوز له ان يتبرع ويقضي، فعلى قول غير المشهور وهو المنصور لدينا ان قضاء الصلاة والصوم كقضاء حجة الاسلام تقضى من أصل التركة
نعم على قول المشهور من ان ذمة الولد الأكبر مشغولة بنفس صلاة وصيام الميت يجوز للولد الأكبر ان يستأجر من مال الولد الأكبر من يقضي عن الميت أو يستأذن من الورثة ويخرج من التركة
هنا نلاحظ ان الولد الأكبر يستاجر نيابة عن الميت لا ان الولد الأكبر يستأجر من يصلي عنه عن الميت بل يستأجر من يصلي عن الميت
وتقدم ان المتبرع الأجنبي لو صلى عن الميت وكان قد اُستاجر عن الميت فلو كان الأجنبي يصلي عن الميت أداء عن الأجير فإن الأجير يستحق الاُجرة، وهذا من العنعنة الطولية فان الصلاة عن الميت لكن هذه الصلاة التي هي نيابة عن الميت هي نيابة في النيابة عن الأجير                
مسألة 12: إذا تبرع بالقضاء عن الميت متبرع سقط عن الولي[2]وهذا واضح على كلا القولين وهو دليل على ان الذي يجب على الولد الأكبر ليس نفس الصلاة بل ان الواجب على الولد الأكبر هو تفريغ ذمة الميت وإدارة شؤون الميت، وهذا يعزز القول المختار وهو قول غير المشهور
مسألة 13: يجب على الولي مراعاة الترتيب في قضاء الصلاة، وإن جهله وجب عليه الاحتياط بالتكرار[3] وهذا مبني على قول القدماء من لزوم الترتيب في قضاء الفوائت وقد اتضح سابقا ان الترتيب غير لازم نعم الترتيب مستحب
بل ان اللازم في القضاء هو ان الصلاة الفائتة يلزم الفور في قضائها في الوقت اللاحق الأول للقضاء فلو فاتت صلاة الصبح فيجب المبادرة قبل الزوال وهذا قول أحد القدماء وهو الصحيح، ونفس الحالة في الظهرين فلو فاتته صلاة الظهر والعصر فتجب المبادرة للظهر والعصر في النصف الأول من الليل الملاصق لوقت الفوت ولو فوته أيضا فيكون القضاء موسع بشرط عدم التهاون في القضاء، فان الإهمال والتفريط المفرط في قضاء الصلاة والصوم حرام
بل ذكرنا ان تقديم الظهر الأدائية على العصر الأدائية لايبعد ان يكون تكليفي وليس وضعي وان كان هذا القول خلاف المشهور وليس على نحو الجزم لأن لسان ماورد في الظهرين الأدائيتين عين لسان الفوائت من حيث الترتيب فان الترتيب لم يقل أحد انه وضعي بل هو تكليفي ولايبعد ان يكون ذلك في الظهرين والمغربين فلايبعد ان يكون الشرط الذكري تكليفي بمعنى انه لايخل بالصحة وان أخل بالطاعة
مسألة 14: المناط في الجهر والإخفات على حال الولي المباشر لا الميت فيجهر في الجهرية وإن كان القضاء عن الأم[4]وليس في الولد فقط بل حتى الأجير نفس الكلام وذلك لما تبيّن سابقا ان هناك في الواجبات شرائط وأجزاء مرتبطة بالأداء وبحال ووصف المصلي والصائم وهو نفس المؤدي كما في الحج فان الواجب في ذمة الميت الذكر استمرار الوقوف في مزدلفة الى مابين الطلوعين بينما النائبة عن الميت تفيض من مزدلفة ليلا فهو جائز ومجزيء عن الميت
طبعا ان هذا أحد الشواهد التي تبنينا فيها ان الركن في موقف مزدلفة لايحصر فيما بين الطلوعين كما ادعاه السيد الخوئي وتلاميذه بل الركن ليلي وهذا أحد الشواهد فإن الباقي واجب لكنه لايبطل الحج اذا تركه عمدا مع الإتيان بالركن ليلا، فهناك أجزاء وشرائط مرتبطة بأصل الماهية وهناك أجزاء وشرائط مرتبطة بالمؤدي وتمييزها بأن يقول الدليل المصلي يفعل كذا ولباس المصلي كذا فهنا يؤخذ في الأداء ومثله اعمال منى عدا يوم العيد ليست هي جزء الاداء كما انها ليست جزء الماهية فلا صلة لها بماهية الحج بل هي واجبات مستقلة تبعا للحج كالمبيت بمنى ورمي الجمرات، فلابد لباحث الفقه ان يكون فطنا            


[1]العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 105، جامعة المدرسين.
[2]العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 105، جامعة المدرسين.
[3]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 105، جامعة المدرسين.
[4]العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 106، جامعة المدرسين.