بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

35/12/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:قضاء الولي مافات من صلاة وصيام الميت
كان الكلام في قضاء الولي الصلاة والصيام عن الميت ووصل بنا المقام الى هذا الطلب من المتن وهو ان الذي يقضى عن الميت كل صلاته وصيامه او ان الذي يقصى عن الميت خصوص مافات لعذر، والمقصود هنا مافاته الاداء لعذر ثم تمكن من القضاء لكنه لم يقض فالاداء قد فات لعذر ولم يقض مع تمكنه، وهذا لايعني الإهمال بل باعتبار التوسعه في القضاء فلم يبادر وقد مر عليه مقدار يمكنه القضاء فلم يقض فعاجله الأجل فهنا يلزم الولي بالقضاء وكأن الماتن قد خصص اقضاء عن الميت بهذا الصورة فقط
وأما لو فات من الميت أداء الصلاة أو الصوم عمدا فهنا الماتن لايبني على لزوم القضاء وهكذا لو فات الأداء من الميت لعذر ولكن لم يتمكن الميت من القضاء فهنا أيضا ظاهر الماتن لايقضى عن الميت الاّ السفر كما استثناه الماتن وهذا بالنسبة للصيام
ثم انه يجب على الميت القضاء للصلاة والصيام اذا فوّتها عمدا فهنا يجب القضاء حتى لو لم تمر فترة يتمكن من القضاء لأنه قد مرت عليه فترة يتمكن من الأداء ولم يؤديها، لكن هذه الصورة كما يظهر من عبارة الماتن والمشهور انهم لايلزمون الولي بالقضاء استنادا الى انصراف أدلة لزوم القضاء على الولي في صورة العاصي المقصر، هذا على القول المشهور
أما على قول غير المشهور فإن ذمة الولد الأكبر لاتنشغل بشيء إنما الولي يلزمه تفريغ ديونه وهذا من الديون فلا فرق فيه بين العصيان وغير العصيان فإنها ديون تخرج من التركة، فلافرق بناء على قول غير المشهور من ان الميت ترك الصلاة عمدا أو لم يتركها عمدا، نعم اذا لم يلزم الميت القضاء شرعا فلا يلزم وليه القضاء عنه حيث انه توجد بعض الموارد الشارع المقدس قد أسقط القضاء
ففيما لو كان الأداء قد فات عمدا فيلزم ذمة الميت القضاء لكن الولي لايلزمه على القول المشهور اما لو فات الاداء بعذر ولم يتمكن من القضاء فهذا ايضا لايلزمه القضاء لا للميت ولا للولي الاّ السفر فان السفر هو عذر لعدم أداء الصوم ويلزمه القضاء وان لم تمر عليه فترة يتمكن فيها من القضاء للنصوص
والضابطة هي كلما غلب الله عليه فالله اولى بالعذر مثل طمث الحيض او المرض فهذا الشيء ليس باختيار العبد غالبا فلو فات الصوم او الصلاة بسببه ولم يتمكن المكلف من القضاء فلا يلزمه القضاء ولايلزم الولي نعم لو تمكن من القضاء ولم يقض فيجب عليه القضاء
أما لو فات الأداء بعذر وهذا العذر لم يغلب الله عليه وتمكن من القضاء ولم يقض فهنا يلزم الولي القضاء لأنه يلزم على الميت القضاء لان الفرض ان الميت تمكن من القضاء ولم يقض
وهكذا لو فات الأداء بعذر وهو السفر بعد ان تمكن من القضاء أو لم يتمكن من القضاء ولم يقض فيلزم الميت القضاء ويلزم وليه بالقضاء عنه ان لم يقض الميت لأن السفر ليس عذر غلب الله عليه فالأعذار من الاداء ان كانت أعذار غلب الله عليها، فيفصّل بين التمكن من القضاء وعدم التمكن من القضاء فان تمكن من القضاء فيلزم الميت والولي بالقضاء وان لم يتمكن فلا يلزم الميت ولاولي الميت من القضاء، اما لو فات الاداء بعذر اختياري كالسفر فهنا يلزم القضاء مطلقا تمكن من القضاء او لم يتمكن
فهذه التفاصيل ذكرناها بناء على قول المشهور الذين قالوا بانشغال ذمة الولد الأكبر، أما بناء على قول غير المشهور فيلزم القضاء مطلقا على الولي فيما الُزم الميت بالقضاء وهو فيما اذا فات الميت الأداء بعذر غلب الله عليه ولم يتمكن من القضاء
النصوص الواردة في المقام
صحيح ابي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان وماتت في شوال فأوصتني أن أقضي عنها؟ قال: هل برئت من مرضها ؟ قلت: لا، ماتت فيه، قال: لا تقضي عنها، فان الله لم يجعله عليها، قلت: فاني أشتهي أن أقضي عنها وقد أوصتني بذلك؟ قال: كيف تقضي عنها شيئا لم يجعله الله عليها، فان اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم [1] فهنا قال عليه السلام في العذر الذي غلب الله عليه في ترك الاداء ولم يتمكن من الاداء فلا قضاء عليه
صحيح أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان ، هل يقضى عنها ؟ قال: أما الطمث والمرض فلا، وأما السفر فنعم [2] فان الطمث والمرض هما عذر غلب الله عليه فلا يقضى عنها واما السفر فانه عذر ليس مما غلب الله عليه ففيه القضاء
موثقة ابي بصير، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل سافر في شهر رمضان فأدركه الموت قبل أن يقضيه ؟ قال: يقضيه أفضل أهل بيته[3]  فإن فوت الأداء هنا بعذر اختياري، وهذا التفصيل في السفر بخلاف غير السفر هو مبنى المشهور
لكن الشهيد الثاني لم يتبنى الفرق بين السفر وغير السفر حيث قال ان جميع الأعذار سواء كانت مما غلب الله عليها أو لم يغلب الله عليها فاذا لم يتمكن من القضاء فلا يلزم القضاء، ولكن هذا خلاف النصوص حتى ان صاحب المدارك قد أشكل على الشهيد الأول هذا التأويل
السيد المرتضى مع انه قال ان الصوم ولاصلة تخرج من أصل التركة واذا لم تكن تركة فيلزم الولي ان يتصدق عن الميت كل يوم بمد والمراد بالمد هو اُجرة الصيام في ذلك الزمان فان المد يبقى الإنسان حيّا 


[1]وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج 10، ص 333،  ب 23، ح 12، ال البيت.
[2]وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج 10، ص 330،  ب 23، ح 4، ال البيت.
[3]وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج 10، ص 332،  ب 23، ح 11، ال البيت.