بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

35/12/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 
الموضوع:قضاء الولي عن الميت
فصل في قضاء الولي
يجب على ولي الميت رجلا كان الميت أو امرأة على الأصح حرا كان أو عبدا أن يقضي عنه ما فاته من الصلاة لعذر من مرض أو سفر أو حيض فيما يجب فيه القضاء ولم يتمكن من قضائه وإن كان الأحوط قضاء جميع ما عليه، وكذا في الصوم لمرض تمكن من قضائه وأهمل، بل وكذا لو فاته من غير المرض من سفر ونحوه وإن لم يتمكن من قضائه والمراد به الولد الأكبر، فلا يجب على البنت وإن لم يكن هناك ولد ذكر، ولا على غير الأكبر من الذكور، ولا على غير الولد من الأب والأخ والعموالخال ونحوهم من الأقارب، وإن كان الأحوط مع فقد الولد الأكبر قضاء المذكورين على ترتيب الطبقات وأحوط منه قضاء الأكبر فالأكبر من الذكور ، ثم الإناث في كل طبقة حتى الزوجين والمعتق وضامن الجريرة[1] قال الماتن: يجب على ولي الميت رجلا كان الميت أو امرأة على الأصح حرا كان أو عبدا أن يقضي عنه ما فاته من الصلاة والمراد من ولي الميت هو أولاهم به من الإرث وغيره فلم يخصصه الماتن بالولد الأكبر
وتقدم ان تكليف ولي الميت أو الولد الأكبر هل هو من باب ان الواجب الواحد قد خوطب اثنان فتشتغل ذمة الولد الأكبر بعين ما اشتغلت به ذمة الميت وان مشهور المتأخرين من المحقق الحلي في القرن السابع هو هذا القول من ان الصلاة أو الصوم الذي اشتغلت به ذمة الميت بنفسه تشتغل به ذمة الولي وهذا القول هو قول معروف ويترتب على هذا القول عشرات المسائل، وقد التزم به مشهور المتأخرين فقط في الميت الأب وكون الوارث الولد الأكبر لأنه على خلاف القاعدة ففي غير هذه الصورة سجلوا فيه الخلاف عندهم ففي الصلاة المنذورة عن الميت لم يلتزموا بذلك وهكذا الصوم المنذور ونذر الصدقة فالمقصود ان المتأخرين قد التزموا بذلك في خصوص الصوم والصلاة أما بقية العبادات فلم يلتزم المشهور بذلك الاّ ان يكون راجع الى جهة مالية كالزكاة والخمس والحج   
بينما هناك قول آخر عند جماعة من القدماء ذهبوا الى ان الصوم والصلاة وغيرها مما اشتغلت به ذمة الميت لاتشتغل به ذمة ولي الميت بل يلزم على ولي الميت تفريغ ذمة الميت من تركته كما في الحج حيث ان الولي يخرج من تركة الميت مقدار من المال تكفي للحج كبقية ديون الناس وهذا مسلّم في باب الحج الاّ من شذ، فالصوم والصلاة لايختلف عن الحج بل يخرج من أصل التركة كما في حجة الإسلام فإنها لاتنتقل الى ذمة الوارث بل تتعلق بتركة الميت، بدعوى ان الواجبات العبادية هي ديون مالية وضعيّة وليست ديون تكليفية
فقد بنى القدماء على ان الصوم والصلاة يخرج من التركة والولي سواء كان الولد الأكبر أو غيره من الولد الأوسط أو من الإناث أو لم يكن الولي أصلا من الأولاد فإنه يخرج الصوم والصلاة كديون الناس من أصل التركة ومن ثم عمموا من ناحية الوارث ومن ناحية الميت
وعليه فطبقا لمبنى المتقدمين تكون الصوم والصلاة كالحج المنذور وكديون الناس تخرج من أصل التركة بل لافرق بين نذر الصوم ونذر الصلاة والعبادات الاُخرى كالكفارات فكلها تخرج من أصل التركة ففرق بين مسلك المتقدمين ومسلك المتأخرين وتترتب عليه فوارق عديدة كالسعة والضيق وغير ذلك، فالفرق بين المبنين واضح وحساس والصحيح هو قول القدماء وسنذكر شواهد على ذلك
أما المتأخرين فقد استندوا الى ان الروايات قالت في الصلاة والصوم يقضي عنه ولده الأكبر والواقع هذه ضعيفة السند وان الموجود في النصوص أولى الناس به فقد تشبثوا بكلمة يقضي عنه صلاته وصومه وهذا يعني ان ذمته مشغولة ولأن القدر المتيقن من ولي الميت هو الولد الأكبر فالمراد هو الولد الأكبر وإلاّ فان العنوان لم يرد فيه الولد الأكبر الاّ في رواية ضعيفة وقد أخذوا الولد الأكبر بعنوان مشير، ولكن أولى بالناس بميراثه لم يرد بأنه يعني الولد الأكبر لكن الأعلام التزموا به وأول من التزم به المحقق الحلي وتابعوه على ذلك، لكن الالتفات الى خطوات الاستنباط مهم جدا ولايصح متابعة الآخرين في استنباطهم ولابد من عدم التأثر بالآخرين   


[1]العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 99، جامعة المدرسين.