بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

35/11/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:إذا كان على الميت صلاة أو صوم استئجاري وكان عليه فوائت من نفسه
مسألة 8: إذا كان عليه الصلاة أو الصوم الاستئجاري ومع ذلك كان عليه فوائت من نفسه فإن وفت التركة بهما فهو وإلا قدم الاستئجاري، لأنه من قبيل دين الناس[1]فهو مديوم بمالية الصوم والصلاة والحج وليس مديونا بنفس الصلاة بخلاف ما اذا مات وعليه نفس الصوم والصلاة التي تعلقت بذمته، وان كان وهو الصحيح من ان الواجبات البدينة هي أيضا واجبات مالية
فالفرق بين الصوم والصلاة المتعلقة بذمته مع الصوم والصلاة المتعلقة بماله هو ان الصوم الصلاة والصلاة عن نفسه بالأصل هو واجب بدني وبالتبع هو واجب مالي بينما ماوجب عليه بالاجارة الأصل فيه انه واجب مالي
فلو كان الميت قد مات واشتغلت ذمته بالنمطين وان التركة لاتوفي دفع كليهما فقال السيد اليزدي يقدم دين الناس لأن دين الناس مقدم على دين الله ولكن السيد اليزدي لم يلتزم بهذا المبنى في باب الحج بل جعلهما سواسية
ولنقيح البحث نقول بالنسبة للعبادت عن نفسه تارة نقول انها ليست دين مالي وهذا مبنى مشهور المعاصرين فلاتخرج هذه الواجبات من أصل المال الاّ بالنسبة للحج والحجة المنذورة للنص ومعه فتصرف مبالغ التركة في تسديد الديون الاجارية
أما على مبنى القدماء أو السيد اليزدي فإن صلاته وصومه هي ديون ماليه وتخرج من أصل المال كالحج وكون الصلاة واجب بدني لاينافي كونها واجب مالي لأن ايجاد العمل بالتسبيب لايمكن الاّ بالمال، وعليه هنا فايهما يقدم مع عدم كفاية التركة
فالمعروف هنا تقديم دين الناس لأنه فيه حقين وهما حق الله وحق الناس وسيما انه قد يعفو الله مابينه وبين عبده كما ورد في الأخبار، هنا نذكر روايات تقول بتقديم دين الله
صحيحة معاوية بن عمار قال: قلت له: رجل يموت وعليه خمس مائة درهم من الزكاة، وعليه حجة الاسلام، وترك ثلاثمائة درهم، وأوصى بحجة الإسلام وأن يقضى عنه دين الزكاة ؟ قال: يحج عنه من أقرب ما يكون، ويخرج البقية في الزكاة [2] فهنا تقدم الحج على الزكاة
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل مات وترك ثلثماءة درهم وعليه من الزكاة سبعماءة درهم وأوصى ان يحج عنه قال : يحج عنه من أقرب المواضع ويجعل ما بقي في الزكاة
صحيح بريد العجلي قال: سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن رجل خرج حاجا ومعه جمل له ونفقه وزاد فمات في الطريق؟ قال: إن كان صرورة ثم مات في الحرم فقد أجزأ عنه حجة الاسلام، وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل جمله وزاده ونفقته وما معه في حجة الاسلام، فإن فضل من ذلك شئ فهو للورثة إن لم يكن عليه دين، قلت: أرأيت إن كانت الحجة تطوعا ثم مات في الطريق قبل أن يحرم، لمن يكون جمله ونفقته وما معه؟ قال: يكون جميع ما معه وما ترك للورثة، إلا أن يكون عليه دين فيقضى عنه، أو يكون أوصى بوصيه فينفذ ذلك لمن أوصى له، ويجعل ذلك من ثلثه [3]فهنا قد أخّر الامام (عليه السلام) الدين عن حجة الاسلام
قال صاحب الجواهر وغيره ان هذه الروايات معرض عنها، ولكن هذا الكلام غير صحيح من صاحب الجواهر فان ابن البراج قد افتى بتقديم الحج وهو دين الله وقد عمل به جماعة وقال في التذكرة ان بعض الأصحاب عملوا بهذه الروايات، فهذه الروايات الثلاث دالة على ان دين الناس غير مقدم
وقد أشكل السيد الخوئي على هذه الروايات، أولا: بأن دين الله تكليفي ودين الناس وضعي ومعه فلا مجال لدعوى الترجيح، وثانيا انه لو فرضنا ان الحج وامثاله من كونه دين وضعي ففي الوضعي لاترجيح لأنها لاتندرج في باب الأهمية والمهمية، واشكال ثالث ذكره المشهور وهو انه في دين الناس وضعي وتكليفي بينما في دين الله فقط وضعي فيرجح دين الناس
ولكن هذه الطعون غير تامة، أما أولا: فان الاشكال من السيد الخوئي هو اشكال مبنائي، ويأتي الكلام على الباقي             



[1]  العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 85، جامعة المدرسين.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ابواب تقديم الزكاة على الميراث، ب21، ح2، ج9، ص255، آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، أبواب وجوب الحج، ح2،ج11، ص69، آل البيت.