بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

35/11/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:إذا كان على الميت صلاة أو صوم استئجاري وكان عليه فوائت من نفسه
كان الكلام في ان عوض الاجارة أو عوض المعملات الاخرى لاسيما من مثل الاجارة ونحوهما من العقود والمعاوضات التي تقع الى الأفعال الكلية فان هذه الدعوى تتطرق اليها من ان كل قيد أو شرط فيها محصص ومنوّع للعوض بخلاف العقود التي تقع على الاعيان كالبيع فإن القيود فيها لاتوهم انها محصصة فيها إو مقيدة لأن العين الخارجية غير محصصة للعين ولالمتعلق العقد
وهذا بخلاف الشروط والقيود التي هي أوصاف للأفعال الكلية مثل المزارعة أو المضاربة أو الاجارة أو ماشابهها فان هذه الأفعال تتطرق فيها دعوى ان كل قيد فيها محصص ومنوع، وهذه الدعوى هي حصيلة مقالة المتأخرين
ولكننا لم نوافق المتأخرين على ذلك بل نحن وافقنا وتابعنا المتقدمين من ان هذه الضابطة في الجملة وان كانت ضابطة لكنه بالدقة ان الكثير من القيود التي تذكر للأفعال في الاجارة ونحوها ليس بالضروة ان تكون منوعة ولامخصصة، وان المدار كما ذكره القدماء ان يكون القيد مما يوجب تفاوتا ماليا فاحشا أو كون الرغبات ملحة وضرورية فيه
وقد استدل بعض المتاخرين بان المتعاقد مختار بقصده وحر بارادته فان قصد من الاجارة صباغة نفس هذا الاستاذ بنفسه وليس غيره ويريد من البناء ان يتم على يد هذا الشخص بأن لم يقصد العاقد اجارة كلية بل قصد اجارة خاصة والعقود تابعة للقصود، فكل قيد يذكر في العقد يكون ذلك القيد في الحقيقة منوعا ومحصصا
وقد ذُكر هذا الاستدلال في مطلق الشروط وحتى في مثل البيع الذي الشروط فيه ليست منوعة بان العاقد لم يقصد العقد مطلقا فقصده تقييدي وليس قصده هو الداعي في الداعي
وقد اجيب باجوبة كثيرة منها الجواب الأنضج وهو: صحيح ان العقود تابعة للقصود ولكن المراد منه بحسب القصود العقلائية وليس بحسب القصود الشخصية، أو فقل بحسب القصود الشخصيةالتابعة للقصود العقلائية بمعنى ان القصود الشخصية انما يعتنى بها اذا كانت على وفق نظم وتقنين العقلاء فالقصود الشخصية هي تطبيقات لتقنينات عقلائية، اما اذا كان القصد غير معتبر وغير معول عليه عند العقلاء فهذا القصد غير معتبر ولايترتب عليه أثر
ومعه فالعقلاء يَرون ان الشرط الاجنبي عن العوض ليس شرطا صميميا بل هو شرط ضميمي فان الرغبات المختلفة تنتظم بقصد العقلاء وباعتبار العقلاء، ففي باب القصد العقلائي العقود تابعة للقصود بمعنى تبعيتها وتطابقها للتقنين العقلائي ففي التقنين العقلائي لاتكون الخياطة من أوصاف المبيع فلاتكون الخياطة قيد في صحة البيع بل قيد في لزم البيع لأن الخياطة بحسب القصود العقلائية أجنبية عن المبيع
وهكذا الحالة في الإجارة فان صباغة الدار اذا كان الوصف ليس بتفاوت مالي فاحش عند العقلاء وان كان للمهندس رغبة أكيدة فإن المرجع هو النظام العقلائي وهذا خلافا للمعاصرين خلال القرنين الأخيرين
ففي مانحن فيه من المسألة السابعة في الاجارة لو اشترط عليه ان يحج هو بنفسه او يصوم بنفسه لكنه عند العقلاء لافرق بين ان يصوم هو او عياله وبه يتم تسليم متعلق العقد وان كان مأثوما فليس كل قيد محصص
والنتيجة لهذه المسألة: فلو مات الأجير وكان قد استأجر اجارات عديدة فإن فسخ المستأجرون فلاتبقى ذمة الميت مشغولة بمتعلق الاجارة ولكن يسترجع المستأجرون أموالهم وان لم يفسخ المستأجرون الاجارة فتبقى ذمة الميت مشغولة بمتعلق الاجارة ويجب على الورثة إخراجها من أصل التركة
وبهذا التقريب مرّ بنا انها واجبات مالية، وبهذا التقريب أيضا ورد اطلاق الدين عليها، وبهذا التقريب التزمنا بأن هذه الواجبات تخرج من أصل التركة كالحج، وبهذا التقريب أيضا ذكرنا ان اللسان الوارد في الحج بعينة ورد في الصلاة والصوم، وبهذا التقريب أيضا ذكرنا ان الواجب على الولد الأكبر أو على أولياء الميت اخراج ما اشتغلت ذمة الميت من الواجبات العبادية من أصل التركة
مسألة 8: إذا كان عليه الصلاة أو الصوم الاستئجاري ومع ذلك كان عليه فوائت من نفسه فإن وفت التركة بهما فهو وإلا قدم الاستئجاري، لأنه من قبيل دين الناس[1]الملاحظ هنا ان السيد اليزدي يذهب الى ان الواجبات العبادية المحضة دين مالي وتخرج من أصل التركة لكنه خالف في هذ المطلب حيث قال ان دين الناس يقدم على دين الله
أما على مسلك المعاصرين فواضح ان صلاة وصوم الميت عن نفسه ليست من الدين فلاتخرج من أصل التركة بل هي واجبة على الولد الأكبر
وللكلام تتمة


[1]العروة الوثقى، السيد اليزدي،ج 3، ص 85، جامعة المدرسين.