بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

35/03/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:قبول توبة الكافر
كان الكلام في المرتد وقد فرض الأعلام بان المرتد لاتصح عبادته قبل توبته فعليه ان يتوب لأجل ان تصح عبادته
ومن جانب آخر فقد مرّ بنا ان الارتداد زيادة على ماذكره الأعلام من ان المرتد تارة فطري وتارة ملي فإن الإرتداد على أقسام وان المشهور كما مرّ هو ان المرتد الفطري الذي أنكر أحد الأصلين أو كليهما لاتقبل توبته في الظاهر، أما الذي أنكر وجوب الصلاة أو أنكر وجوب الحج أو غير ذلك فظاهر القدماء ان من أنكر ضروريات أو الاصول الاخرى اذا أنكرها ورجع وتاب ولوكان عن فطره فلايكون حكمه حكم المرتد الفطري الذي لاتقبل توبته بل تقبل توبته حتى في الظاهر
وهذه نقطة مهمة غير مذكورة صريحا في بيانات المعاصرين أو بيانات متأخري الأعصار والحال ان البحث حساس وابتلائي فان الكثير من المسلمين بالفطرة ونتيجة للشبهات قد ينكر ضرورة من الضرورات فيكون مرتدا فطريا ولكن لاتترتب عليه كل أحكام المرتد الفطري، بل ان ظاهر كلام القدماء ان هذا المرتد الفطري الذي لم ينكر أحد الأصلين فإنه لايقتل الاّ بعد استتابته وان الذي يقتل هو المنكر لأحد الأصلين، ولذا نسبنا الى القدماء انهم يبنون على ان المرتد الفطري الذي لم ينكر أحد الأصلين فهو منتحل للاسلام فاذا انتحل الاسلام وان كان مرتدا ولم يتوب لكنه لايكون حكمه كسائر الكفار بل ولايكون حكمه كأهل الكتاب بل حكمه عندهم ترتب بعض أحكام المسلمين وبعض أحكام الكفار فهم ليسوا كسائر الكفار يحُاربون بل يُسالمون كالمسلمين وهم الفرق التي يحكم بارتدادها بولكنها منتحلة للاسلام بمعنى انها لاتنكر الشهادتين وان انكرت امورا اخرى وهذه الفرق كثيرة في الحال الحاضر كالدروز والوهابية والسلفبة الذين يجسمون الله جهارا
أما الاحكام التي ترتب على المرتدين من فرق المسلمين المنتحلين للاسلام فقد نقلنا عن القدماء انهم يبعضون في ترتيب الأحكام عليهم وهذا البحث مغفول عنه تماما عند متأخري الأعصار، فمن حيث الحكم الاجتماعي السياسي يحكم عليهم بحكم المسلمين لكن من ناحية الأحوال الشخصية فانه يرتب عليهم حكم الكفار فلايجوز التزاوج منهم ولايجوز أكل ذبيحتهم وغير ذلك
ولتفصيل البحث نقول ان من أنكر ضروري من ضروريات أكان الدين أو الاصول الاعتقادية فقد مرّ بنا ان هذا الإنكار على درجات فان كان جلي وصارخ فهذا يعتبر مرتد لكنه منتحل للاسلام لذا فان الناصبي المعلن للعداء لمسار أهل البيت (عليهم السلام) هو من الانكار الجلي فيعتبر مرتدا فعند تبني هذه الامور جهارا نهارا علنا فهو من الانكار الجلي الذي يوجب الارتداد اما هؤلاء وغيرهم المنكرين لضروري من ضروريات الدين لكن الانكار كان بشكل دون الجلي فلا يحكم بالارتداد هذا بالنسبة لمن كان مسلما
وأما من كان مؤمنا وقد أنكر هذه الاُمور بصورة غير علنية وغير جليّة فهؤلاء حسب مسلك القدماء يعتبرون مرتدون عن الايمان وليس بمرتدون عن الاسلام فهؤلاء يطبق عليهم أحكام المسلمين كافة ولايطبق عليهم أحكام المؤمنين أما اذا كان إنكارهم لهذه الامور كعدم الجبر بدرجة خفية أو أشد خفاءا وليست قطعية فهذا لايخرج عن الايمان فضلا عن الاسلام فهذا نوع من الضلالة وعدم تمام الايمان، ففي المعارف العقائد الحقة على درجات والعقائد الباطلة على درجات
وان المرتد الفطري والمرتد الملّي اقسام عند القدماء فهل هو مرتد او غير مرتد واذا كان مرتدا فهل هو مرتد عن الاصلين او عن غير الاصلين ثم اذا لم يكن مرتدا عن الاسلام فهل هو مرتد عن الايمان او غير مرتد عن الايمان كما انه يوجد من لايرتد لاعن ظاهر الاسلام ولاعن الايمان وهو الاسلام الحقيقي وهو اذا أنكر شيء متوغل جدا في النظرية فهذا ليس بمرتد اصطلاحا بل هو مرتد عن كمال الايمان بمعنى ان ايمانه قد كمل ثم ارتد فهنا درجات وتقسيمات عديدة
فتحصل وهو الصحيح ان المرتد الفطري فضلا عن المرتد الملّي اذا لم ينكر الأصلين فلاترتب أحكام الارتداد كلها بل ترتب عليه أحكام المنتحل للاسلام وان من فوارق المنتحل للاسلام عن المرتد الفطري عن الشهادتين ان توبته تقبل ولاتبن منه زوجته ولايجرى عليه حد القتل ولاتقسم أمواله