بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

34/08/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: قول (آمين) بعد فاتحة الكتاب
 كان الكلام في المبطل العاشر وهو قول (آمين) ووصلنا الى الروايات الواردة في المقام وانتهينا الى صحيحة معاوية بن عمار
 صحيحة معاوية بن وهب [1] قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أقول آمين اذا قال الامام غير المغضوب عليهم ولا الضالين؟ قال هم اليهود والنصارى ولم يجب في هذا
 وتقريب الدلالة بها على البطلان هو انه لايخفى ان هذا تعريض وتلويح وان كان سياقها ان اليهود والنصارى هم المغضوب عليهم ولكن بمراجعة الباحث الى ملابسات الروايات عند العامة والخاصة بشكل مجموعي فتتضح دلالة الرواية بشكل جلي
 حيث ان المعروف عند العامة ان قول آمين هو شعار اسلامي متميز ففي ضل هذا المفاد عندما يقول الامام (عليه السلام) ان من يمارس هذا العمل هم اليهود والنصارى فبالواقع من يفعل هذا قد انخرط في اليهود والنصارى باعتبار ان هذا العمل هو تشبه باليهود والنصارى وحرمته في العبادة أكبر وأكثر من الامور الميعيشية فالحرمة كبيرة ومغلظة بل هو مبطل للعبادة باعتباره من الكبائر
 وهنا روايات داعمة لهذا الظهور مثل رواية الدعائم [2] حيث قال صاحب الدعائم روينا عنهم (صلوات الله عليهم أجمعين) وحرّموا ان يقال بعد قراءة فاتحة الكتاب آمين كما تقول العامة قال جعفربن محمد (عليه السلام) إنما كانت النصارى تقولها فكونهم من اليهود والنصارى بهذا اللحاظ
 فان تطابق مفاد هذه الرواية في الدعائم مع صحيحة معاوية بن وهب قوي جدا وان نفس هذا التطابق في المفاد يصعّد من عملية الاطمينان
 مرسلة اخرى مروية في كتاب الاستغاثة لأحمد بن محمد الكوفي وهذا الكتاب بنفسه كتاب قيّم فانه يتكلم عن البدع التي أسسها الثلاثة ومنه قول آمين ومن ضمن مانقل عن هذا الكتاب انه قد أجمع أهل النقل عن الائمة (عليهم السلام) ان قول آمين يفسد الصلاة ونقل عنهم (عليهم السلام) ان كلمة آمين هي كلمة سريانية فهذه الرواية فيها اشعار بذلك
 وفي صحيحة زرارة المتقدمة [3] في سياق قوله (عليه السلام) لاتكفر فإنما يفعل ذلك المجوس ولاتقولن اذا فرغت من قراءتك آمين فان شئت قلت الحمد لله رب العالمين فقد نهى (عليه السلام) عن قول آمين في سياق التكفير فيعني هما شيء واحد، وهذا داعم للتقريب المذكور في صحيحة معوية بن وهب
 أيضا رواية الحضيني صاحب الهداية الكبرى عن العسكري (عليه السلام) ان العامة ابتدعوا آمين بدلا من القنوت فمن هذه الجهة هي بدعة ادخلت في الصلاة فتكون زيادة مبطلة
 وان التعبير بكلمة ابتدعوا فان البدعة انما يكون بدعة اذا كان غير مرخص وغير مسموح به فانه لايخفى ان البدعة ليس معناها سن سنة جديدة بل البدعة هي سن السنة الجديدة التي لم تندرج تحت دليل خاص ولادليل عام اما اذا اندرجت تحت دليل ولو عام فهي ليست بدعة
 وان صاحب الجواهر لايقبل هذه الضابطة فيقول اذا دخل المصداق تحت عموم ولم يكن عليه دليل خاص ولاعام بل انّ اندراجه تحت الدليل العام من أظهر المصاديق للطبيعة فذاك الدليل العام يثبت الرخصة أو الرجحان في الخصوصية
 فيقول صاحب الجواهر صناعيا ان أشهد ان عليا ولي الله مستحبة بالخصوص كجزء مستحب يثبت من نفس الأدلة العامة الآمرة بأشهد ان عليا ولي الله
 فيقول صاحب الجواهر ان الدليل العام ولو بعيد فهو يثبت رجحان خصوصية المصداق كدليل خاص اذا كان ذلك المصداق بارزا وقد تفرد بهذا المطلب صاحب الجواهر وقلّة من فحول الفقه
 فاذا كان قول (آمين) دعاء عام فهو يندرج في الدعاء ومعه فكيف يتعلق به النهي وعليه فيظهر ان هذا مستثنى من العموم ومنهي عنه بخصوصه فهو مبطل للصلاة
 صحيحة الحلبي [4] قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) أقول اذا فرغت من فاتحة الكتاب آمين؟ قال لا ودلالة هذه عين دلالة صحيحة جميل
 فلو كانت تندرج في عموم العبادة فلماذا يُنهى عنها فمنه يظهر انها مستثناة وتكون زيادتها مبطلة باعتبارها مانعة من صحة الصلاة فهي إما ان تكون بدعة أو زيادة مبطلة
 صحيحة جميل الاخرى [5] قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب آمين؟ قال ما أحسنها واخفض الصوت بها فجملة من الأعلام قال ان هذه الصحيحة دالة على الترخيص فيحمل النهي السابق في الروايات المتقدمة على الكراهة أو كون الشيء المكروه هو شيء ملازم
 فلو دلت هذه الصحيحة على الجواز فهو دليل على رفع اليد عن النهي في الصحاح الثلاث السابقة ولاوجه للقول بالمعارضة فان المعارضة بين الصريحين أو النصيين بينما اذا كان الترخيص نص والنهي ظهور فلاتصل النوبة الى التعارض أو الترجيح كما قال به السيد الحكيم (قده)
 ولكن صحيح اذا كان هناك مجال للجمع العرفي فلاتصل النوبة للتعارض المستقر الذي هو موضوع للترجيح او للحمل على التقية أما وقد انتفى لتعارض المستقر بالجمع العرفي فلاموضوع للترجيح أو الحمل على التقية فهذا الكلام كبرويا صحيح
 ولكن التمييز بين صغريات الكبريتين يحتاج الى ضابطة فهنا سجلت المؤاخذة على المستمسك فلامجال لحمل هذا الترخيص على التقية مادام هو أصرح دلالة من الروايات الناهية فلاتعارض حتى يحمل على التقية
 ويخدش بهذا المطلب بأن الحمل على التقية في الروايات له قسمان ونوعان متباينان
 قسم في مقام التعارض المستقر كمرجح وهذا ماذكره المستمسك فالحمل على التقية كمرجح كلام متين من المستمسك فلاتصل النوبة للحمل على التقية مع الجمع العرفي
 لكن هناك قسم آخر وسنخ آخر لحمل التقية لاكمرجح فهو يخل بشرائط حجية الخبر في نفسه بغض النظر عن وجود معارض وهو الذي ذكر في شرائط أصل حجية الخبر وهو شرائط الجهة في صدور الخبر من كون الخبر قد صدر لبيان الواقع لاللتقية
 فتارة قرينة التقية لامن جهة صرف موافقة الرواية للعامة بل قرينة تلويحية فالتقية ليست من باب الترجيح كي تكون فرع التعارض، وقد أعرض جملة من المعاصرين عن هذا المطلب


[1] أبواب القراءة في الصلاة، الباب 17، الحديث 2
[2] مستدرك الوسائل، أبواب القراءة في الصلاة، باب عدم جواز قول آمين، الحديث 3
[3] أبواب القراءة في الصلاة، الباب 17
[4] أبواب القراءة في الصلاة، الباب 17
[5] المصدر المتقدم