بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

34/07/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: إذا سلم مرات عديدة يكفي في الجواب مرة
 مسألة 23: إذا سلم مرات عديدة يكفي في الجواب مرة نعم لو أجاب ثم سلم يجب جواب الثاني أيضا وهكذا فهنا تفصيل في المسألة فانه ان لم يجب فيكتفي مرة واحدة في الجواب واما اذا أجاب فلابد من التكرار
 وقد يستغرب الإنسان من السبب في ذلك فإن كل سبب يحتاج الى مسبب والأصل عدم تداخل الأسباب والمسببات فالمفروض هنا التكرار مطلقا
 يقول الماتن ان التكرار مقيد في صورة عدم الخروج عن المتعارف حيث قال (قده) إلا إذا خرج عن المتعارف فلا يجب الجواب حينئذ فما السبب في ذلك
 هنا يمكن ذكر وجهين وجه عرفي ووجه ووجه روائي
 أما الوجه العرفي فان من سلم عدة مرات فإن الجواب الواحد يُعد عرفا جوابا وتحية لكل تلك المرّات
 وهذا لايعني نفي مشروعية التكرار ولاينافي رجحان التكرار فالمشروعية موجودة لكن الكلام في أنه لازم تعينا لزوما أو إنه يجزي لأنه يعد هذا الجواب منه جوابا عن الجميع
 طبعا هذا في صورة تتالي التكرار بشكل متقارب والاّ ففي تتالي التكرار بالشكل المتباعد فيكون المجيب قد عصى الفورية
 فالوجه العرفي يمكن تحليله بهذا التحليل وهو نسبت الجواب الى جميع المرات وهذا بخلاف التكرار مابعد المرات السابقة فان الجواب السابق لاينتسب الى التحية السابقة فلابد من تكرار الجواب
 هذا مضافا الى وجود النص في ذلك في الوسائل أبواب العشرة [1] مثل صحيحة أبان بن عثمان [2] عن الامام الصادق (عليه السلام) في حديث لرسول الله (صلى الله عليه واله) حيث أراد ان يصلح بين أمة وجارية ومواليها فذهب الى بيتها فسلّم عليهم حيث وقف على باب الدار وقال: السلام عليكم يأهل الدار فلم يجيبوه فعاد عليهم السلام فلم يجيبوه فعاد السلام فقالوا وعليك السلام يارسول الله ورحمة الله وبركاته فقال (صلى الله عليه واله) مالكم تركتم اجابتي في أول السلام والثاني قالوا يارسول (صلى الله عليه واله) الله سمعنا سلامك فأحببنا ان نستكثر منه
 وشبيه لهذا الموقف فان أمير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة (عليها السلام) كانا في البيت فاستحيى أن يدخل عليهما رسول الله (صلى الله عليه واله) فسلّم فلم يجيباه ثم سلّم فلم يجيباه ثم سلم الثالثة فخشيا ان يذهب رسول الله (صلى الله عليه واله) فأجاباه وأذنا له بالدخول فدخل (صلى الله عليه واله) فهنا اكتفيا (عليهما السلام) بسلام واحد
 نعم هذا التكرار بالتحية إذا خرج عن المعمول وعن الحد المألوف فيصبح إستهزاء ومعه فيخرج عن عمومات وجوب رد التحية فالتحية الواجب ردها هي التحية التي تصدر جدية وهي التي يكون فيها دعاء في الحقيقة لاالتحية الهازلة
 مسألة 26: يجب إسماع الرد سواء كان في الصلاة أو لا فان نفس الرد اسماعه مقوم لصحة الرد
 وان الإسماع ليس من الضروري ان يكون ملازما للجهر أو للإجهار فإن الاسماع أعم فانه يمكن الاسماع بالاخفات
 إلا إذا سلم ومشى سريعا أو كان المسلم أصم فيكفي الجواب على المتعارف بحيث لو لم يبعد أو لم يكن أصم كان يسمع
 هنا الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (قده) في تعليقه على العروة يبحث زاوية اخرى في المسألة ولعلها مذكورة في الجواهر وهو ان الاسماع ليس شرط صحة في الرد بل ان الاسماع هو شرط في ابتداء التحية أي هو لو سلم المسلم بالإخفات بحيث لم يسمعه الطرف فلايجب على الاخر الرد في الواقع لأن الاسماع هو شرط مقوم للصحة في ابتداء التحية وفي جواب التحية
 والدليل على ذلك هو ان التحية بالسلام هو ان التحية من المحيى وهو بداية التباشر والتلاقي بين الشخصين والتعاشر بين الشخصين هو المحيى فالتحية متقوم فيها بأنها تسمع سواء إبتداء أو ردّا فان نفس التحية تعطي البشر والبشارة وإدخال السرور وكل هذا متقوم بالاسماع فهي متقومة بالاسماع
 لكن كما مر فان تحية السلام وهي الأعم من الإبتداء والجواب ماهيتها ليست هي المحيى وتحيّة المحية فقط بل ان أحد الماهيات المتقومة بالسلم هي المحية أما بقية الماهيات موجودة ولو كانت منفكة عن بقية الماهيات
 وهنا نحن نتابع الماتن من انه يجب الجواب حتى للماشي سريعا خلافا لجملة من محشي العروة فإن جملة من ماهيات السلام هو الدعاء للمسلّم وان لم تحصل جملة من الغايات الاخرى للسلام نعم قد يقال بعدم وجوب الإسماع وان كان أفضل
 فصحيح ان الاسماع واجب في الجواب أو مقوم في الإبتداء كما قال الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء لكنه ليس بمقوم وليس بمعنى ان الماهية تنتفي تماما بدونه ومن ثم فلو مشى سريعا فنلتزم بوجوب رد السلام فلابد ان تصله كما هو وصلك بهذه التحية
 وخبر عبد الله بن الفضل الهاشمي [3] يدل على ان الاسماع مأخوذ كمقوم في تحية السلام عن أبي عبد الله (عليه السلام) في معنى التسليم قال (عليه السلام) التسليم علامة الأمن وتحليل الصلاة، قلت كيف ذلك جعلت فداك؟ قال كان الناس فيما مضى اذا سلّم عليهم وآرد أمنوا شره وكانوا اذا ردوا عليه أمن شرهم وان لم يسلم لم يأمنوا وان لم يردوا على لم يأمنهم وهذا يدل على ان السلام فيه عدة غايات وهذا ما أشارت اليه آيات عديدة في القران الكريم
 فالتحية عند البشر تعتبر سلم ومسالمة وهي ضد الحرب لذا فمن يحيى ويقتل ويغدر يعتبر عند كل أطياف البشر شخص غادر وهذا نفس مابيّنه الامام (عليه السلام) لأن التحية هي علامة الأمان والمسالمة وهذا هو أمر فطري
 معتبرة ميمون القداح [4] عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال اذا سلم أحدكم فاليجهر بسلامه ولايقول سلمت فلم يردوا علي ولعله يكون قد سلم ولم يسمعهم فإذا ردّ احدكم فاليجهر برده ولايقول المسلّم سلّمت فلم يردوا علي ثم قال كان عليّ (عليه السلام) لاتَغضبوا ولاتُغضبوا ولعل هذا هو الذي استدل به الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء بأن من لم يسمع لايجب رده
  فإجمالا الإسماع في الجواب واجب بعد الاسماع في الإبتداء وهو دخيل في صحة التحية في السلام لكي يجب رده والاّ فلايجب ردّه ولكن إذا امتنع وعجز عن الإسماع فلايسقط الجواب كما مرّ لتعدد ماهية السلام
 ولايبعد الإلتزام بأنه اذا لم يستطيع الاسماع فانه يحي بالكلام المتعارف ويشير بيديه ليفهم


[1] وسائل الشيعة، كتاب الحج أبواب العشرة، الباب 40
[2] وسائل الشيعة، أبواب العشرة، الباب 40، الحديث الأول والثاني
[3] وسائل الشيعة، أبواب التسليم، الباب الأول، الحديث 13
[4] وسائل الشيعة، أبواب العشرة ، الباب 38، الحديث الأول