بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

34/04/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الترتيب في أفعال الصلاة
 فصل في الترتيب
 يجب الإتيان بأفعال الصلاة على حسب ما عرفت من الترتيب بأن يقدم تكبيرة الإحرام على القراءة والقراءة على الركوع وهكذا فلو خالفه عمدا بطل ما أتى به مقدما وأبطل من جهة لزوم الزيادة فلابد من الالتفات في بحث الخلل الى هذه النكتة فهل البطلان المأتي به من الجزء يستلزم إبطال الصلاة أو لايستلزم وفي الحج والطواف والسعي والعقود والايقاعات فأن إبطال الجزء شأن وابطاله للمجموع شأن آخر فلا تلازم في البين بل لابد دائما من المداقة في هذا المطلب
 وان أصل الترتيب هو مقتضى جل الروايات البيانية الواردة اما في شرح مجموع الصلاة كصحيحة حماد أو الروايات الواردة في أصل تشريع الصلاة في المعراج وقد ذكرها صاحب الواسائل في أبواب أفعال الصلاة
 وعلاوة على ذلك فان الروايات الواردة في كل جزء جزء من الصلاة عندما تبين الجزء المعين كالقراءة والركوع والسجود فتبين ماقبله وما بعده غالبا فمجموع هذين الصنفين من الروايات البيانية شاهد صريح على لزوم الترتيب بين أجزاء الصلاة
 وصنف ثالث من الروايات دال على لزوم الترتيب وهي الروايات الواردة في كيفية تدارك المنسي من الأجزاء قبل الدخول في الركن أو قبله فمقتضاها مفروعية لزوم الترتيب
 وصنف رابع من الروايات وهي الروايات الواردة في الشك في الجزء فمتى يفوت محلة ومتى لايفوت محله ففي هذه الروايات بدلالة الاقتضاء على مفروغية لزوم الترتيب
 أما ماقاله الماتن فلو خالفه عمدا بطل فهذا أمر طبيعي لأن من لم يأت بالسورة قبل الحمد بل أتى بالسورة ثم أتى بالحمد فهنا السورة التي بطلت دون الحمد لأن موضع السورة بعد الحمد
 فالجزء الذي يؤتى به قبل محله ينبطل لأنه ليس وآجدا لشرطية الترتيب لكن اذا عقبه بالجزء الآخر فان ذاك الجزء وقع في محله
 ثم هل ان هذا الجزء المنبطل يبطل الكل أو لا يبطل فهنا لدينا بحث الابطال وبحث الانبطال
 فالانبطال هو ان يبطل نفس ذاك الجزء واما الابطال فهو إفساد للغير وهل القاعدة الاولية هي ان كل مافسد يفسد؟
 الصحيح ان الزيادة العمدية في الصلاة تكون مبطلة سواء في الركن او في الجزء غير الركن اما الزيادة الركنية فهي مطلقا مبطلة عمدية أو سهوية أو لغفلة وجهل فهي مبطلة مطلقا
 ثم انه هل كل جزء غير ركني اذا فسد يبطل الصلاة أو لا؟ ظاهر السيد اليزدي وبقية الأعلام ان كل جزء غير ركني انبطل وقد اُتي به عمدا فانه يُبطل الصلاة لأنه من الزيادة والزيادة العمدية مبطلة وان كانت غير ركن
 وهذه القاعدة العامة فيها تأمل صغرويا فهل تصدق الزيادة في زيادة السورة فذكر السجود والركوع والتشهد وهي الواجبات القولية في الصلاة لو كررها عمدا في الصلاة فهل يوجب ابطال الصلاة؟ ظاهر كلام السيد اليزدي الابطال
 لكن الصحيح انها لاتبطل الصلاة لأنه لايصدق عليها زيادة لأن هذه الأقوال في الصلاة من قراءة القران والتشهد كلها مع تكرارها يصدق عليها انها ذكر لله
 فان نفس الجزء المأتي به كلما كرره لايصدق لم يصدق عليه الزيادة للعموم القائل كلما ذكرت الله به فهو من الصلاة أي هو جزء مستحب ويندرج فيه كل ذكر الله عز وجل من التشهد والقراءة وغيرهما
 لايقال: انه قصد الجزئية وقصد الجزئية هو الزيادة في الصلاة
 فنقول: ان قصد الجزئية انما يكون زيادة فيما اذا تحققت الزيادة به وهنا لاتتحق به الزيادة فان ذات المأتي به هنا لاتتحقق به عنوان الزيادة ثم انه هنا حتى لو لم يقصد الأمر المستحب بل قصد الشيء الراجح في نفسه وهو ذكر الله كقراءة القران مع ان قصد الزيادة ليس مبطلا بل ان الزيادة الخارجية هو المبطل وهذا العمل ليس هو من الزيادة
 فبالنسبة للأقوال في الصلاة عدا التسليم لو أتى بها حتى لو كان بقصد الجزئية فلا يقع عليها عنوان الزيادة لأنها ليست هي من الزيادة
 ثم ان هنا مبنى التزم به جماعة من كبار الفقهاء وهو ان الطبيعة المستحبة المأمور بها بنحو مرسل كأستحباب الصوم والحج والصلاة مطلقا فهذه الطبائع المرسلة بأوامر مرسلة قال جملة من الفقهاء انها تشمل حتى الواجبات أي ان هذا الرجحان الذي هو لابشرط غير مختص بالمستحبات بل في رجحانه يشمل الواجبات أيضا وهذا يسمى المستحب الأعم من الواجب
 وهذا البحث وهو وجود الجامع الأعم بين المستحب والواجب فهذا دائما يقصده المكلف تلقائيا فهو حاصل فهنا نقول ان هذا الجزء الذي قصد به الوجوب والحال انه ليس بواجب فانه قصد الطبيعة الجامعة في ظمنه ومعه فيتحقق المستحب
 فالصحيح في الأقوال خلافا لمشهور أهل هذا العصر يبطل واجبية الجزء لكن لايبطل مستحبية الجزء فتلقائيا تقع جزء مستحب فيكون قد انبطل وجوبه لكن لم تنبطل صلاتيه هذا في الاجزاء الاقوالية غير الركنية
 أما الأجزاء غير الأقوالية كما اذا زاد سجدة عمدا فان الصلاة تبطل وعليه فتحصل هنا عدم بطلان الاقوال وبطلان الافعال
 سواء كان ذلك في الأفعال أو الأقوال وفي الأركان أو غيرها وإن كان سهوا فإن كان في الأركان بأن قدم ركنا على ركن كما إذا قدم السجدتين على الركوع فكذلك وإن قدم ركنا على غير الركن كما إذا قدم الركوع على القراءة أو قدم غير الركن على الركن كما إذا قدم التشهد على السجدتين أو قدم غير الأركان بعضها على بعض كما إذا قدم السورة مثلا على الحمد فلا تبطل الصلاة إذا كان ذلك سهوا وحينئذ فإن أمكن التدارك بالعود بأن لم يستلزم زيادة ركن وجب وإلا فلا نعم يجب عليه سجدتان لكل زيادة أو نقيصة تلزم من ذلك لذا ففي بعض روايات الخلل ان الأفضل للانسان ان يختم صلاته بالتسليم