بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

34/03/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: التسليم في الصلاة
 قال المصنف (قده): وله صيغتان هما: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، و: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أي للتسليم الواجب صيغتان
 والواجب إحداهما فإن قدم الصيغة الأولى كانت الثانية مستحبة بمعنى كونها جزء مستحبيا لا خارجا فالتسليم الواجب عند الماتن هو احدى الصغيتين فاذا أتى باحداهما استغنى عن الثانية فتقع مستحبة بالاستحباب الداخلي عند المصنف أي جزء المستحب
 بالنسبة لمسألة التسليم الواجب توجد أربعة أقوال:
 القول الأول: ان الواجب هو احدى الصيغتين وقال به الكثيرون
 القول الثاني: الواجب هو الصيغة الثانية وهي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 القول الثالث: ان الواجب هو: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
 القول الرابع: ان الواجب هو كلا الصيغتين
 اذاً في التسليم الواجب قد حصل إختلاف بين الأعلام
 وان للتسليم المستحب صيغ متعددة فربما هناك أكثر من ستة أو سبعة صيغ للتسليم المستحب فللسلام المستحب صيغ عديدة
 وأما الصيغ الواجبة فقيل ان للسجود صيغتان كما تقدم
 وقول خامس: يقول ان السلام الواجب هو: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وقد ذهب اليه ابن صاحب تفسير القمي وهو محمد بن علي بن ابراهيم بن هاشم ولديه كتاب كتاب باسم العلل وينقل عنه فتوى فقهية فقد ذهب الى ان الواجب في التسليم هو السلام على النبي والباقي مستحب وقد نقل في هذا الكتاب رواية مرسلة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ان أقل مايجزي من السلام هو: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وهذا القول محكي عن القطب الراوندي
 وان صاحب العلامة المجلسي صاحب كتاب بحار الأنوار عندما ينقل هذه الرواية المرسلة عن كتاب العلل يقول بان هذا القول غريب لدى الأصحاب لم يُلتزم به
 وكما قلنا فان المشهور هو القول الأول وهو ان الواجب في التسليم هو أحد الصيغتين
 وظاهر كثير ممن اطلق وجوب التسليم هو القول الثاني واما الصيغة الاولى فقليل وهما معا ذهب اليهما ابن طاوس وصاحب الحدائق
 أما الأدلة على التخيير فهي روايات:
 الرواية الاولى: موثق أبي بصير في أبواب التسليم الباب 3 الحديث الأول عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال اذا نسي الرجل ان يسلم فاذا ولّى وجهه عن القبلة وقال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد فرغ من صلاته وهذه الرواية الموثقة صريحة تقريبا بان السلام في الصيغة الاولى توجب الخروج من الصلاة ولو كانت صيغة منفردة أي ولو لم تعقّب بالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 وهذه الموثقة بالدقة أيضا هي بدلالة الاقتضاء دالة على ان الصيغة الثانية أيضا مخرجة من الصلاة لأنه فرض انه نسي ان يسلم وهذا يعني ان الصيغة الثانية أيضا مخرجة
 الرواية الثانية: موثقة زرارة المتقدمة في الباب 3 من أبواب التسليم الحديث 2 عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يصلي ثم يجلس فيحدث قبل ان يسلم؟ قال تمت صلاته وان كان مع إمام فوجد في بطنه أذى فسلّم في نفسه وقام فقد تمت صلاته أي التسليم المخرج من الصلاة وهو السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين والاّ فان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فانه يخاطب به الامام ويخاطب من بجنبه فالمراد من سلّم في نفسه هو الصيغة الاولى
 فهنا في هذه الموثقة اطلاق التسليم على الصيغة الثانية في صدر الموثقة وكذا اطلاق التسليم من انه مخرج على الصيغة الاولى وهذه الموثقة مثل موثقة أبي بصير تدلّ على ان كل من الصيغتين تصدق عليه طبيعة التسليم منفردا ومستقلا وانه مخرج من الصلاة
 الرواية الثالثة: موثقة يونس بن يعقوب في أبواب التسليم الباب 3 الحديث 5 قال قلت لأبي الحسن (عليه السلام) صليتُ بقوم صلاة فقعدت للتشهد ثم قمت ونسيت أن اسلّم عليهم فقالوا ماسلمت علينا فقال الم تسلّم وانت جالس؟ فقلت بلى قال فلاباس عليك ولو نسيت حين قالوا لك ذلك استقبلتهم بأيديك وقلت السلام عليكم فهذه الموثقة هي الاخرى كموثقة بن ابي بصير وموثقة زرارة ظاهرة بقوة على ان كلا الصيغتين تسليم ويحصل الخروج بكل منهما
 الرواية الرابعة: صحيحة ميسرة عن أبي جعفر (عليه السلام) في أبواب التشهد الباب 12 الحديث الأول في هذه الصحيحة يبين الامام الباقر (عليه السلام) ان عبد الله بن مسعود هو الذي أفسد على الناس صلاتهم لأنه جعل في التشهد الأول (تعالى جَد ربنّا) وهذه كلمة خاطئة أو باطلة أو جاهلة قالتها الجن عن الله في سورة الجن وهي مقولة باطلة في حق الله لكن الله حكاها عنهم والمراد به الحظ والنصيب فهي كلمة خاطئة بالنسبة لله فانها لاتناسب مقام الله فانه هو المطعم والمنعم والرازق والمحي والمميت والعالم وانه أحكم الحاكمين
 ثم ان السبب الثاني الذي به أفسد عبد الله بن مسعود الصلاة على الناس هو انه شرع في التشهد الأول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وهذا أيضا يبطل لأن التسليم مخرج من الصلاة
 والشاهد ان الامام الباقر (عليه السلام) قال ان عبد الله بن مسعود أبطل على الناس صلاتهم بالتسليم بالصيغة الاولى فانما تفسد الصلاة لأنها مخرجة والاّ فلما أفسدت الصلاة
 الرواية الخامسة: صحيحة الحلبي في أبواب التسليم الباب 4 الحديث الأول قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) كلما ذكرت الله عز وجل به والنبي فهو من الصلاة وان قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد إنصرفت وهذه صحيحة صريحة تدل على ان الصيغة الاولى بمفردها توجب الإنصراف والفراغ والخروج
 والعجيب من صاحب الحدائق انه قال ان الصيغة الاولى الإنصراف كما دلّت عليه النصوص وان الخروج من الصلاة يتحقق بالصيغة الثانية لذا ذهب (رحمه الله) الى ان المجموع هو الواجب
 الرواية السادسة: رواية أبي كهنس في الباب 4 فالسند صحيح اليه ولكنه ليس فيه توثيق قال سألته عن الركعتين الاولتين اذا جلست فيها للتشهد فقلت وأنا جالس السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته إنصراف هو؟ هو قال لا ولكن اذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الإنصراف وهذه الرواية صريحة على ان التسليم على النبي ليس هو إنصراف
 وسيأتي المزيد في البحث عن ذلك بل ان التسليم الثاني وهو الصيغة الاولى بعد التسليم على النبي هو الإنصراف