بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

34/03/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: التسليم في الصلاة
 كنا في صدد بيان ان التسليم ليس بركن فاذا صدر حدث من المصلي بعد التشهد وقبل التسليم فهل تصح الصلاة بحسب مقتضى الصلاة او ان الصلاة باطلة بحسب مقتضى القاعدة؟
 فيمكن تقريب مقتضى القاعدة تارة على الصحة ويمكن تقريبها على البطلان أيضا
 أما تقريب القاعدة على الصحة فهو بما يقرر إجمالا من ان التسليم لم يذكر في قاعدة لاتعاد بأنه من الأركان فيندرج في غير الأركان وان النقص غير العمدي في غير الاركان ليس بمخل وهذا اجمال الاستدلال على الصحة
 أما الاستدلال على البطلان فإجماله يقرر بأن الحدث يصدق عليه انه حدث في اثناء الصلاة فاذا كان الحدث أو القاطع أو المنافي في اثناء الصلاة فهو مبطل للصلاة لأن المانع هنا ركني باعتبار ان الموانع تارة ركنية وتارة غير ركنية
 وان الموانع في الماهيات العبادية أو المعاملية على أقسام، فقسم منها يسمى قاطع وقسم يسمى ناقض وقسم ثالث يسمى منافي وان هذه العناوين وردت في الروايات
 أما الناقض فتارة يراد منه نقض ورفع الطهارة وازالتها وتارة يراد من النقض القاطع وهو الفاصل الذي يوجب فصل ماسبق من الأجزاء عن الأجزاء اللاحقة وقد يفسر القاطع بأنه يقطع الهيئة الاتصالية الموجودة في المركب
 والهيئة الاتصالية عبارة عن الآنات والمكوثات المتخللة بين الأجزاء وبما انها همزة الوصل بين الأجزاء فتسمى بالهيئة الاتصالية كالهوي للسجود أو التريّث الذي يحصل بين قراءة سورة الحمد وقراءة السورة
 وقد تفسر الهيئة الاتصالية بالهيئة المنتزعة من سياق وحداني لانضمام الأجزاء
 والفرق بين الناقض والقاطع هو كما يقال ان الفسخ ناقض للعقد أي يفكك العقلة الموجودة وهذ غير القاطع وعليه فان أقسام المانع هي ناقض وقاطع ومنافي
 وحينئذ يقال ان المانع منه ركني ومنه غير ركني وأما والناقض والقاطع فهو على الدوام ركني يعني متى حصل فهو مبطل عمدا حصل أو سهوا بخلاف المنافي فكثيرما يكون مبطل في حالة العمد
 فاذا صدر الحدث أو استدبر القبلة قبل التسليم فاذا نظرنا الى الحدث أو الاستدبار باعتباره مانع ركني فلابد ان يبنى على البطلان وأما اذا نظرنا الى التسليم باعتباره جزء غير واجب فالمفروض ان يبنى على الصحة
 مرّ بنا وجه آخر للبطلان وهو ان وجه الصحة متناقض أو متدافع أو دوري لأن الصحة بقاعدة لاتعاد محمولا موضوعها العجز عن التسليم وان العجز عن التسليم يتحقق بموضوع أسبق منه وهو حيلولة الحدث فالصحة تبتني على البطلان
 وان القائل بالصحة يقول أيها القائل بالبطلان متى يمكن ان تقول الحدث في أثناء الصلاة فإن البطلان موضوعه صدور الحدث في أثناء الصلاة فيكون التسليم مازال مطلوبا وإلاّ فإن كان التسليم ليس بمطلوب فلا يكون الحدث في أثناء الصلاة بل يكون الحدث في آخر الصلاة واذا كان التشهد في آخر الصلاة فإن الحدث وقع خارج الصلاة لا في أثناء الصلاة فالقائل بالصحة يقول ان بطلان القائل بالبطلان دوري
 فالمفروض ان يكون إجمالاً أحد الوجهين مزيف وكاذب ولكن في بعض الموارد كلا الوجهين غير مزيّف
 نكتة صناعية: اذا واجهنا في مسائل معقدة ودقيقة وجهان وقولان متدافعان أي على طرفي نقيض وعند التدقيق نرى ان كليهما صحيحان فيمكن مواجهة هذه الحالات بوجهين
 اولا: ان يكون التدقيق بمقدمات واستدلال كلا الوجهين فربما تكون مقدمات استدلال احدهما زيفية
 الثاني: ان يكون كلا الوجهين تاميّن فلابد ان نلتفت الى ان هذان الوجهان يعبر عنهما في التعبيرات الاصولية بالتوارد
 فالسيد اليزدي وصاحب الجواهر التزما بأن من نذر زيارة الامام الحسين (عليه السلام) المستحبة في يوم عرفة قبل ان تتحقق لديه الاستطاعة للحج فان هذا النذر يُعدم موضوع الاستطاعة
 وقسم قالوا انه اذا استطاع للحج فان استطاعة الحج هي التي توجب حلحلة وانعدام موضوع زيارة عرفة
 وقول ثالث في المسألة يقول هنا توارد في البين أي ان كل دليل يرفع موضوع الدليل الآخر فتكون حالة عدم ثبات وحالة اضطراب بين النذر والحج
 والفرق بين التوارد والورود هو:
 ان الورود يعني ورود أحد الدليلين معينا لرفع موضوع الدليل الثاني أي دليل يرفع موضع الدليل الثاني أو قاعدة وحكم ترفع حكم الموضوع الثاني سواء كان ورود الأحكام أو ورود الأدلة
 بينما التوارد فهو عبارة عن ورود من الطرفين وهذه ظاهره جديدة اكتشفها المتأخرون
 وان علاج التوارد يختلف عن علاج التعارض ويختلف عن علاج التزاحم ومرّ ان التوارد تارة في الأدلة وتارة في الأحكام